رياض الحوار حمام سوسة
فالقراءة المتأنية و الموضوعية للمقال تضفي حتما إلى القول بأن الأخ رامي و خلال صياغته لمقاله فقد السيطرة على منهجيته حتى غدى التداخل واضحا بين القضية الأصل و القضايا الثانوية و بات الفصل بينهما غير ممكن أو صعب المنال ( الدعارة و المقهى ) ، فإذا كانت القضية الأصل أو الأم هي المقهى باعتبارها كما جاء في المقال " فضاءا للدعارة و تجارة الجسد " فإن الإعلام بنبل رسالته ( و هو رسالي أو لا يكون) يقتضي الموضوعية و الشفافية و الدقة . فالمقهى المسمى لا يعد بأي شكل من الأشكال إنفرادا أو تميزا في علاقة " بعشاق اللذة " فكل مقاهي المنطقة السياحية بحمام سوسة و خارجها تعد فضاءا حيويا لاحتضان مثل هذه الظواهر و إنعاشها و ذلك لأسباب عديدة و متعددة ، و كل أصحاب المقاهي يتعاطون مع هذه الظاهرة بأشكال و صيغ و نسب مختلفة ، لذلك فتخصيص الخطاب لمقهى دون سواه يفقد المقال موضوعيته ، كما أنه في تقديري يفرغه من أبعاده الرسالية و الاصلاحية و يفوت على صاحبه فرصة النقد و التقييم الجاد و الموضوعي لبعض الآليات ( المقاهي السياحية ) التي ما فتأت تنعش ظاهرة الدعارة و تسهم في تناميها .
أما إذا كانت القضية الأصل هي الدعارة في حد ذاتها و هذا ما لم نلمسه إطلاقا في المقال حيث لم يشر الكاتب إلى الأسباب الحقيقية التي أنبتت هذه الظاهرة الاجتماعية و كيفية انتشارها بهذه السرعة المذهلة . فإن المسألة تصبح أكثر تعقبدا حيث يغامرنا الشك في أن صاحب المقال استغل حساسية الموضوع و تداوله بين الناس لاستهداف المقهى و صاحبه ، و يتعمق هذا الشك في الفقرة الأخيرة من المقال حيث يعتبر رامي أن الحل الأمثل لهذه الظاهرة المستشرية يكمن في المراقبة الأمنية الحازمة و هي دعوة ضمنية للمؤسسة الأمنية بالتدخل لغلق المقهى و الزج بحريفاته في السجن ، دعوة في تقديري مرفوضة شكلا و مضمونا باعتبار أن المعالجات الأمنية هي خيار الأنظمة المستبدة و هي لا تحل المشاكل و لا يمكن لها أن تكون حلا لها بل تزيدها تعقيدا و تعكيرا . كما إن إغلاق هذا المقهى أو غيره و الزج ببعض الفتيات اللواتي لظروف متعددة إمتهن الدعارة في السجن لن يكون الوصفة الملائمة لعلاج مثل هذه الظواهر و في المحصلة نقول أن الجرأة مطلوبة و ضرورية طالما لا تلغي الموضوعية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق