إبراهيــم مهــدي الفاخــر
تعتبر الأيام الوطنية المفرحة منها و الأليمة أياما ذات تأثير بالغ على عقلية و مشاعر الإنسان تجاه وطنه و قوميته، لذلك جميع الدول تركز عليها و تحييها و تحتفل بها و تعتبرها فرصة ثمينة لزيادة اللحمة الوطنية و تجديد العهد و الولاء للوطن.
و الشعب العربي الأحوازي كسائر شعوب العالم لديه أيام وطنية ذات أهمية خاصة، لذلك يحتفل بها و يحييها و يحاول إضفاء القدسية عليها. و التاريخ السياسي الأحوازي حافل بهذه الأيام، كذكرى احتلال إمارة القواسم عام 1887 م و احتلال إمارة المرازيق عام 1922 م و احتلال إمارة العبادلة عام 1923 م و احتلال إمارة آل علي عام 1924 م أو ذكرى انتفاضة المحمرة(مجزرة الأربعاء السوداء) في تاريخ 29 – 5 - 1979 م و ذكرى إستشهاد القادة العروبيين الأحوازيين (القائد الشهيد محيي الدين آل ناصر و القائد الشهيد عيسى المذخور و القائد الشهيد دهراب شميل آل ناصر) في تاريخ 13 – 6 – 1964 م و ذكرى انتفاضة 15 نيسان المجيدة.
و لكن رغم أهمية و قدسية هذه الأيام يبقى تاريخ 20 نيسان 1925 م يوما يتمتع بقدسية و أهمية استثائية عن جميع الأيام في العقل الجماعي الأحوازي و يقع في أعلى سلم اهتماماته، باعتبار أن في هذا اليوم اغتصبت من قبل الفرس كامل الأراضي العربية الأحوازية الواقعة على الضفة الشرقية للخليج العربي و انتهت السيادة العربية على هذه الأراضي و أصبحت جزءا من الكيان الإيراني المسخ، و باعتبار إن هذا اليوم نكبة للعرب عامة و للأحوازيين خاصة لأنه فتح الباب على مصراعيه للمشاكل و المصائب والتمادي الإيراني تجاه الأمة بأكملها.
الكثير ممن مارسوا السياسة و عرفوا دهاليزها يرون إن في هذا اليوم الوطني فرصة ثمنية من المفترض أن يغتنمها الشعب العربي الأحوازي ليتعلم و يعتبر منها لدفع عجلة النضال الأحوازي بالاتجاه الصحيح و إلى الأمام.
فهذا اليوم له أسباب عديدة أدت أو عجلت في وقوعه و منها أسباب أحوازية تستحق التمعن. إن التفكير السائد و الحاكم في الأحواز آنذاك عند قادته و أصحاب النفوذ لم يكن تفكيرا وطنيا بحتا حتى يصون الوطن من الأعداء و شرورهم و إنما كان تفكيرا قبليا ضيقا مستخدما ميزان القبيلة كمقياس للحكم على الظواهر و المشاكل الوطنية مما ساهم إلى حد بعيد في ضياع البلاد.
و هذا يُلمس عندما تحرك الفرس باتجاه الأحواز و أحتلوها إمارة تلو الأخرى لم ينهض إمرائه للتعاون و التضامن مع البعض لصد هذا العدوان و إنما اعتبروا هذا العدوان قضية و مشكلة خاصة تحدث بين الإمارة العربية المعتدى عليها و الدولة الفارسية المعتدية، و من جانب آخر عندما يغزو الفرس إمارة و يحتلوها لم ينهض الشعب بكامله ليقاوم العمل العدواني الفارسي و إنما اختصر الفعل المقاوم على جزء من مواطنين هذه الإمارات لأن باقي أفراد الشعب يعتبرون هذا الغزو كالغزو القبلي مشكلة بين القبيلة(القبيلة الحاكمة) و الدولة الفارسية. فساهمت هذه العقلية و هذه الثقافة في تسهيل أو تعجيل احتلال الأحواز و سلخها من الأمة العربية. كما إن عدم وجود أهداف إستراتيجية و طموح سياسي لمعظم المؤثرين في الساحة الأحوازية و إكتفائهم بالحدود القبلية أو أكثر بقليل أدى إلى أن تكون بلاد الأحواز جزءا من مخططات و أهداف الأجانب. لذلك يعتبر التفكير القبلي و الاكتفاء بأهداف محدودة و عدم وجود تفكير وطني و عدم وجود أهداف إستراتيجية و طموح سياسي ساهم في احتلال الأحواز و ضياعها.
و هذا يستدعي من نخبة الشعب الأحوازي و ساسته أن لا يقعوا في نفس هذه الأخطاء - حتى و إن كان ظاهرها مختلفا - في إدارة النضال الأحوازي. فإنماء الثقافة الوطنية بين أوساط الشعب و جعل الفكر الوطني هو المصدر و المرجع النهائي للنضال الأحوازي و رسم الأهداف الإستراتيجية الوطنية و وضعها في سلم أولويات التنظيمات الأحوازية و التركيز على الهدف الجوهري و الإستراتيجي، أي محور القضية الأحوازية (تحرير الأحواز) و صب جل الإهتمام لتحقيقه. كل هذه النقاط ستلعب الدور الحاسم في تحرير الأحواز بالمستقبل.
إن السياسيين يرون في هذا اليوم العظيم إضافة على العبر التي يمكن أن تستفيد منها طليعة و نخبة الشعب فإحيائه و الاهتمام به يعد تجديدا للعهد و صقلا للانتماء الوجداني الوطني من الشوائب و رفعه فوق الانتماءات الأخرى و تقوية للولاء السياسي الأحوازي. و اعلانا للعالم عن الرفض الأحوازي لجميع تصرفات و سياسات الفرس الإجرامية و على رأسها الإحتلال و نتائجه و عدم الخضوع للأمر الواقع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق