الجمعة، 29 يناير 2010

مصر والأردن في الصحافة الإسرائيلية


كتب : عريب الرنتاوي

رسمت الصحف الإسرائيلية خلال العشرة أيام الفائتة، صورتين مختلفتين، حد التناقض، واحدة للأردن، والعلاقات الأردنية الإسرائيلية استتباعا، والثانية لمصر وطبيعة العلاقة المصرية الإسرائيلية في لحظتها الراهن، ومن المثير حقا، تصفح الصورتين، ووضعها في مقابلة إحداهما الأخرى، أقله لأن كلتا الدولتين، الأردن ومصر، تنتميان لما يعرف بـ"معسكر الاعتدال" العربي، وهما إلى جانب ذلك، الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتان وقّعتا معاهدتي سلام مع إسرائيل، طبعا مع فارق الحجم والوزن الذي لا يخفى على أحد.
صحف تل أبيب ضجت بالمقالات والتصريحات والتعليقات التي تصف العلاقة الأردنية – الإسرائيلية بالفاترة والباردة، والتي تتحدث عن "قطيعة" بين بينيامين نتنياهو والملك عبد الله الثاني، و"توقف شبه تام" في الاتصالات بين الجانبين، وتراجع في وتيرة الاتصالات رفيعة المستوى، وحتى عندما رد مكتب نتنياهو نافيا هذه التقارير، مستشهدا بزيارة عوزي آراد مستشار الأمني القومي الإسرائيلي لعمان، جاء التوضيح الأردني ليقول أن الرجل زار عمان فعلا، مرتين وليس مرة واحدة، ولكن في تاريخ سابق للتاريخ الذي أوردته "التسريبات"، ولم يلتق الملك، ولم يترتب على زيارتيه شيئا.
في المقابل، تحدثت الصحف ذاتها، بالمقال والتصريح والتعليق، عن العلاقات المصرية – الإسرائيلية بكثير من الارتياح البالغ حد الإشادة والثناء والرضى، فالدولتان شريكتان في فرض الحصار على غزة، والتضييق على حماس، وملاحقة الأنفاق وتدميرها كل بوسائله الخاصة، إسرائيل بقنابل الطائرات وصواريخها، ومصر بخراطيم المياه وأنابيب الغاز والتفجيرات الارتدادية الكفيلة بدفن العاملين في الأنفاق أحياء تحت ركام رمالها وترابها.
في معرض تفسيرها لأسباب "الفتور والقطيعة" بين عمان وتل أبيب، تسرد صحف تل أبيب قائمة لا منتهية من العناوين، من "الرصاص المصهور" على غزة، وانتهاء بلفائف البحر الميت، مرورا بعرقلة عملية السلام والتوسع في الاستيطان والتهويد الزاحف على القدس والمقدسات، عطفا على الحفريات المهددة لسلامة الأقصى والقيامة، إلى غير ما هنالك من عنواين يعد كل واحد منها لوحده، جريمة حرب، أو جريمة ضد الإنسانية.
أما في معرض تفسيرها للحرارة غير المسبوقة التي تدب في عروق العلاقات المصرية الإسرائيلية، فإن هذه الصحف تتحدث عن مروحة واسعة من الأسباب، تبدأ بالعداء المشترك لإيران، القوى الإقليمية الطامعة والتدخلية، ومصلحة الطرفين في عدم تمكينها من امتلاك أنياب نووية، مرورا بالرغبة في عزل حماس وإضعافها وإسقاطها، عطفا على "حربهما المشتركة ضد التهريب والأنفاق والإرهاب" وانتهاء بالجدار الفولاذي الذي ينهض كشاهد على "الخدمات التي تقدمها مصر للأمن الإسرائيلي" وفقا للبروفيسور الإسرائيلي إياه.
إسرائيل سربت، والأردن نفى أن يكون تلقى عن طريق عوزي آراد "منحة" من نتنياهو بتوسيع دوره الأمني في الضفة الغربية، إسرائيل لم تتقدم والأردن لم يقبل، بل أن إسرائيل لم تتقدم بالعرض لإدراكها المسبق بالرفض الأردني الحاسم له، خصوصا بعد أن وضع الملك النقاط على الحروف ذات لقاء مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى البلاط الهاشمي، حين شدد التزام الأردن بعدم استبدال الدبابة الأردنية بالدبابة الإسرائيلية.
في المقابل، إسرائيل سرّبت، ومصر لم تنف، والسلطة اشتكت، من ضغوط مصرية – إسرائيلية مزدوجة على الرئيس عباس للإلتحاق بمائدة المفاوضات من دون الحصول على تعهد إسرائيلي بتجميد الاستيطان بصورة شاملة، وفي معرض تغطيتها لزيارتي نتنياهو ولاحقا باراك لمصر، ورد الحديث بلغة "الشركاء في المساعي لجلب عباس إلى مائدة المفاوضات"، وهي المعلومة التي أكدتها مصادر أخرى، وصدرت على لسان محمود عباس على شكل بوح وشكوى و"شد شعر الرأس".
صورتان مختلفتان، لم نتدخل في رسم أي منهما، نعرض لهما من دون تعليق، و"فهمكم كفاية"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق