الجمعة، 2 أبريل 2010

نشرة التحرك للثورة في سورية ليوم الجمعة 02/04/2010


المهندس سعد الله جبري

سيئاته واخطاره حتى عن الإحتلال الأجنبي الكريه المرفوض!
  فلنتحدّث ونتفكّر ونقرر بمنطق وعقل ومسؤولية في أوضاع بلادنا، ماضينا ومستقبلنا:
 مناقشة إبداع الطرطور – العطري – في حديثه في طرطوس
 نشر موقع نوبلزنيوز خبرأ بعنوان: عطري: تفاءلوا بزيادة الرواتب تجدوها 4.5 ملايين أعداد المستفيدين من دعم المازوت  . ويمكن قراءته من العنوان التالي
 أو الإطلاع على كامل النص في نهاية النشرة!
 1. لقد قيل بأن الكذب هو أخطر الخبائث، وأقول إن ما تفوّه به الطرطور العطري ما هو إلا جملة من الأكاذيب التي لا تليق إلا برئيس حكومة لرئيس واحد وحيد أسمه بشار الأسد!!
وسأفند أكاذيبه واحدة فواحدة :
 فمن أين نأتي بالموارد؟؟
يتساءل المنافق الطرطور، بالتساؤل المذكور الذي كرره كثيرا خلال السنين الأخيرة!! وهذا ما يُمكن إعتباره محاولة استحمار الشعب، في حين أنه هو الذي ارتكب ما يشكو منه الآن!! وهو يتساءل ويتذمر الآن، وأجيبه:
  1.1 لقد هدرتَ أنت بالذات معظم خزينة الدولة في عقود الفساد التي وقعتها طاعةً لأوامر بشار الأسد وأقربائه، ولازال جارٍ دفع استحقاقات العقود المذكورة منذ توقيعها قبل سنوات وحتى اليوم، إلى رموز الفساد والتسلط من أقارب بشار الأسد وشركاهم بأفضلية أولى!! فكيف يكون هناك بواقي في خزينة الدولة لتستعملها في المشاريع التي تتأسف وتتأوه وتتباكى على عدم قدرتك على تنفيذها لعدم وجود أموال في الخزينة، رغم أنك أنت بالذات من وقّع عقود الفساد المذكورة التي استنزفت خزينة الدولة استنزافا خطيرا غير مسبوق طيلة سنوات ولايتك المشؤومة؟؟
  1.2. كانت مصانع وشركات القطاع العام تؤمن قبل تشريفك وشريكك المجرم الدردري 30% من موازنة الدولة السنوية طيلة سنوات العقود الماضية، ولما قام شريكك الدردري بتخريب مصانع وشركات القطاع العام تلبية لأوامر أسياده في البنك الدولي الصهيوني، بأساليب ومُعيقات كثيرة منها رفع سعر البنزين بنسبة 400% فقد انخفضت أرباح بعضها، وانعدمت أرباح بعضها الآخر، وهكذا – وأنت سيد العارفين – فقد أصبح بند موارد خزانة الدولة من شركات ومصانع القطاع العام مساويا للصفر، وهذا هو - يا شاطر - السبب الثاني في عجز الموازنة الذي تتساءل بذكاء  تُحسد عليه: " فمن أين نأتي بالموارد؟"
  1.3. ونتيجة قرارات حكومتك الدردرية فقد توقف أو أفلس أكثر من 2550 مصنع للقطاع الخاص في سورية، كانت تربح وتؤدي ضرائب دخلٍ معتبرةٍ لخزينة الدولة. والآن وبعد إفلاسها أو توقفها، أصبح رقم الوارد الضريبي منها صفرا مكعبا!
  1.4 وهذا ينطبق على الزراعة الواسعة التي كانت تدرُّ أرباحا عالية من إنتاج وبيع القمح السوري، ولما قام المخرّب الدردري برفع اسعار المازوت بنسبة 400%، فضّل نصف المزارعين عدم حصاد قمحهم عام 2008 تجنبا لخسارة أكبر، وبالتالي انعدم أي دخل وأرباح منها، وبالتالي أية ضرائب مستحقة لعام 2009، ومن جهة أخرى فإن ذات المزارعين قرروا عدم مواصلة الزراعة في السنوات التالية، لاحتمال الخسارة أو تحقيق مجرد ربح بسيط لايتناسب وكلفة الإنتاج، وهكذا خرّب الدردري تحت رآستك الزراعة السورية تنفيذا لتوجيهات البنك الدولي الصهيوني!! وانخسفت بذلك أيضا موارد الخزينة!!
  1.5. أما بالنسبة للذين لا يدفعون الضرائب، فأنت تعرف أن أقارب بشار الأسد،  ورغم أنهم يستولون على أعلى الأرباح والثروات في سورية، فهم لا يدفعون الضرائب إطلاقا ولن يدفعوا، ولن تجرؤ حكومتك ولا الدكتور محمد الحسين عضو القيادة القطرية وزير المالية، على مطالبة أي واحد منهم بدفع الضرائب الهائلة المترتبة عليهم منذ سنوات طويلة. لا هم ولا شركائهم المشمولين برعايتهم!
  1.6. ونتيجة الفساد الهائل وعقوده التي أزكمت روائحتها المواطنين، فلقد فضل المواطنين الشرفاء عدم دفع ضرائبهم أيضا، والإحتفاظ بها لأنفسهم، تجنبا لقيام حكومتك الشريفه جدا بدفعها فوراُ إلى رموز الفساد والتسلط من أقارب بشار الأسد: نهبة ولصوصية!!!
  هل عرفت أيها الفهيم العارف للحقيقة، والمستعبط كأنها لا تعرفها، أين تذهب موازنة الدولة فلا يبقى منها شي ء للأمور التي تكلمت عليها؟؟
  وهل عرفت الآن أيها العطري، السُبل التي يُمكنك أن تستعيد منها الفاقد الضريبي الذي أضاعة وهدره الخائن الدردري تنفيذا لتوجيهات أسياده في البنك الدولي الصهيويني، أو العمل لإيقاف مدفوعات عقود الفساد "الخلّبية" التي وقعتها أنت بالذات!!
فافعل إن كنت تجرؤ! ولن تجرؤ بالتأكيد، لأن هكذا جرأة تحتاج لرجل، وانت لست رجلاً بالتأكيد إلا بالشكل الخارجي!!!
 2. الإحتياطي الإستراتيجي: قوله: وضعنا نصب أعيننا محاذير أهمها ألا نمد يدنا إلى الاحتياطي الإستراتيجي فهو أمانة للأجيال القادمة
 التعليق: كذبت، فقد قامت حكومتك بتخفيضات للعملة السورية تجاوزت نسبة 100% من سعرها لعام 2004، أي أنها خُفضت إلى نصف سعرها بالقياس للعملات الأجنبية (ما عدا الدولار الذي انخفض هو أيضا بذات النسب تقريبا) وبالتالي إلى نصف قوتها الشرائية، فأصبحت أسعار كلُّ شيءٍ أكثر من ضعف أسعارها لعام  2004. إن إجراء الحكومة المذكور ليشكل سرقة مكشوفة لنصف أموال الشعب ورواتبه كاملة!! أليس هذا صحيحا؟
  3. 6000 منشأة بحاجة إلى طاقة
ولماذا لم تقدم بتأمين الطاقة الكهربائية أولا بأول خلال سنوات حكمك المشؤوم؟ إنك لو كنت  خصصت لكل سنة مخصصات خاصة بالتنمية الكهربائية، ونفذتها لما كان عندنا أزمة كهرباء، لا على المواطنين ولا على المنشآت الصناعية وغيره!! أنت المقصر المهمل الجاهل، والآن تشكي وتظن الناس حقيقة الأزمة وأسبابها، ومن الذين تسببوا بها؟؟
 4. الزيادة السكانية ستلتهم كل الموارد المتاحة إذا بقيت على حالها:
أرجو الإطلاع على معلومات أساسية محدودة لدولتين غير بلادنا، وإجراء المقارنة وإدراك اسباب التباين بيننا وبينهم، رغم أن كثافته السكانية أضعاف ما عندنا!!
 إن الكثافة السكانية بذاتها هي ثروة وطنية، بل هي أهم الثروات الوطنية إطلاقا، وذلك إذا أحسن النظام والحكومة الإهتمام بها، تدريبها وتعليمها وتوجيهها، وتوفير شروط ظروف العمل والتنمية في البلاد!
وأضرب لك مثلا، كنت قد ضربته لك في نشرة سابقة، والآن أعيده عليك لعلك تتعلم وتفهم.
سويسرة
 عدد سكانها 7,600,000 نسمة  ومساحتها:  41,277 :كم2  فتكون الكثافة السكانية فيها: 184 نسمة بالكيلومتر الواحد (أعلى من الكثافة بسوريا ب 1.71 ضعفا)
عدد عمالتها: 4,08 مليون نسمة
ثرواتها الطبيعية: هي صفر تقريبا
دخلها القومي: $316 مليار في عام 2009 وينتج عن الصناعة بنسية 34% والخدمات المختلفة 65%، والزراعة أقل من 1% (لآنه لا توجد لديها أراضٍ زراعية كافية كما هو عندنا!!). ونصيب الفرد من الدخل القومي: هو41,579$ في العام المذكور

اليابان
عدد السكان: 127,000,000، وعدد القوة العاملة يقارب 66 مليون نسمة!
مساحتها375,000: كيلو متر مربع، والكثافة 339 نسمة بالكيلو متر، (أعلى من الكثافة بسوريا ب 3.14 ضعفا)
معدل دخل الفرد السنوي  $32,600  لعام 2009
موازنتها السنوية  1,614$ تريليون (مليون مليون)
ثرواتها الطبيعية، لا يُشكل إلا نسبة محدودة من دخلها القومي الناتج أساساُ عن الصناعة والزراعة، وتستورد معظم حاجتها من النفط والغاز من الخارج!

سورية
عدد السكان 20,000,000  والمساحة: 185,180 كم2 والكثافة السكانية: 108 نسمة للكيلو متر المربع وهي تساوري 58% من الكثافة في سويسرة، و32% من الكثافة في اليابان،
الثروات الطبيعية:  وأهمها الفوسفات، والنفط  ودخله السنوي 8000 مليون دولار في عام 2008، ولكن للأسف مدخول النفط يسرقه بشار الأسد وأقربائه بالكامل!!
 تدل المقارنة بين سورية وكل من سويسرة واليابان على ما يلي:
1. ليس في اليابان وسويسرة رئيس دولة وأقارب له لصوص فاسدين متسلطين على الحكم في ظلٍ استبداد مُدمّر! كما لا يوجد حكومة فاشلة، كلُّ جهدها هو إرضاء عائلة الأسد ومصالحهم الفاسدة جدا، بدل خدمة الشعب، ورفع مستواه المعيشي، وتطوير الوطن!
2. ليس في اليابان وسويسرة سلطة تستعين بالشركات الأجنبية، وتقوم بكل وسيلة غير شريفة، بتهجير فنّيي ومهندسي وخبراء وأطباء بلادها، بذرائع وقوانين مشبوهة كما لدينا!
3. سوريا تملك ثروات طبيعية كثيرة ومنها النفط  والفوسفات وأراضٍ زراعية واسعة، كما تملك  إمكانيات صناعية وسياحية هائلة، ولكن سوء الإدارة الحكومية المُتجسّد في
·       معالجة وتطوير التنمية الإقتصادية والزراعية والصناعية خاصة،
·       والتقصير الفظيع في مشاريع البنية التحتية،
·       والعمل على تدمير الزراعة والصناعة القائمة، وذلك في كلا  قطاعيها العام والخاص بدل دعمها، وبوسائل تآمرية غير مباشرة،
·       وإعاقة إنشاء أية صناعات جديدة،
·       والبدء في تطبيق مرسوم الإستثمار التخريبي 100% ،
·       وعدم إصدار قانون السوق الإجتماعي بشكل مكتوب ورسمي، بل الإعتماد على إرتجالات الدردري المبنية عى توجيهات البنك الدولي الصهيوني!
 كان هذا كلّه – وما زال - من نتائج توجيهات البنك الدولي الصهيوني، وتنفيذ الدردري ورفاقه، مما  أوصل الوضع الإقتصادي والمعيشي إلى ما يلي:
1. تراجع  الثروة الوطنية ونسبة النمو وأقدرها 20%- (بالسالب وليس بالزائد) كما يزعم ويُلفّق الكذاب الدردري، متجاهلا نقصان سعر الليرة السورية إلى نصف ما كانت عليه 2004
2. إزدياد البطالة إلى نسبة 42% وهو من أخطر نسب البطالة في العالم!
3. تفاقم الفقر، وانخفاض دخل معدل دخل المواطن السوري في أكثريته الساحقة لأرقام مُخجلة، أما معدل الدخل السنوي للمواطن فلا يُمكن حسابه بتقسيم الدخل العام على السكان بشكل متساوي، لأن مدخولات رموز الفساد والتسلط من الأقرباء وشركاهم وعددهم قليل جدا قياسا لعدد سكان سورية، هو كبير جدا جدا، حيث يحصلون على النسبة الأكبرمن الدخل العام!! (مثال: دخل رامي مخلوف من احتكار الهاتف الخلوي لوحده في شركته سيرياتل لوحدها تجاوز 7300 مليون ليرة في السنة الماضية، وهذا خلاف عقود مشاريع الفساد الأكبر من ذلك بكثير جدا)  قارن هذا بدخل الموظف والعامل الشريف!!! (مصدر المعلومات موقع بانوراما بعددها  30/3/ 2010 http://www.panoramasouria.net/index.htm
 4. تدمير الطبقة الوسطى، وانتقالها إلى الطبقة الفقيرة، وانتقال الطبقة الفقيرة إلى طبقة جديدة هي طبقة المعدمين وشديدي الفقر
وعاش البعث بقياداته التي يُمكن تصنيف أفرادها: إما  خونة متآمرين وفاسدين بقصد تخريب البلاد وسكانها، والمشاركة في نهب ثرواتها في توجهاتهم في انحراف التشريع والتقرير لكي يخدم مصالحهم، بدل مصلحة الشعب والوطن، أو هم مُجرّد جهلة لا يفقهون ولا يحسنون صنعا!!! أو كلا الأمرين والله أعلم!!!
وبالتالي فإن حالة الفقر والتراجع الإنمائي، ليست ناتجة من الكثافة الطبيعية في سورية يا سيد عطري، يا فهيم، ولكن من فشل الحكومة في معالجة أمور وحاجات سورية واقتصادها وتوفير الشروط والإمكانيات للتطوير الصناعي والزراعي بشكل صحيح، يتيح أستثمار الموارد بأمانة وريعية وتنمية صحيحة، ويتيح بناء مشاريع البنية التحتية، ودعم إنشاء المصانع والطاقة وتوفير نقل المياه وزيادة المساحات المزروعة، ودعم المزارعين جديا لا بمحاربتهم وتدمير نشاطهم بوسائل إجرامية دردرية خائنة!
ويبقي هناك سبب أساسي آخر وهو، عدم العمل على إعداد ومناقشة نظام السوق الإجتماعي مع الجهات المختصة ذات العلاقة به، ومن ثم نشره رسميا كقانون مُلزم لجميع جهات النشاطات الإقتصادية، بما فيها الدولة. وإنما تُركت الأمور للمجرم الدردري ليفسدها إرتجاليا كما يشاء البنك الدولي الصهيوني، وهذا ما حصل فعلاُ!!!
 المفارقة المُضحكة المُبكية، الفاضحة لحكومة العطري ونظام بشار الأسد:
 كيف تكون نسبة التنمية متزايدة سنويا بحوالي 7% كما يزعم الدردري، وفي ذات الوقت أنت - يا رئيس الحكومة - لا تجد مالا لتنفقه على مشاريع البلاد ورفع رواتب العمال والموظفين؟ وكيف يتفق إدعاء ارتفاع نسبة التنمية المزعوم مع القول: فمن أين نأتي بالموارد؟
أيها المواطنين العرب السوريين بجميع اتجاهاتهم
 ü  هل يستقيم ويصحُّ أن يكون رئيسكم مجنونا أو عميلا أو مجرّد لصٍّ فاسد؟  وذلك ثابت عليه بأفعاله وأقواله بالذات، ونتائجها الواضحة لكلّ ذي عينين؟؟
ü  وهل يستقيم ويصحُّ أن يكون رئيسكم حاكما عليكم بعكس توجهاتكم السياسية والوطنية والقومية والأخلاقية والتنموية والإقتصادية والمعيشية....؟
ü  وهل تتصورون درجة مخاطر ذلك عليكم وأجيالكم ومعيشتكم فضلا عن بلادكم؟
ü  وهل تقبلون بذلك؟ وإلى متى الإنتظار، وكلِّ الإرتكابات والجرائم تتزايد وتتفاقم؟

لا أظن أن مواطنا عاقلا شريفا مخلصا لسوريا وشعبها ولنفسه وعائلته يقبل ذلك!!
 فما العمل؟؟ ما العمل، وقد وصلنا إلى ذروة الإختناق والفساد والتخريب والتراجع ثم الخيانة مع اسرائيل علنا وعلى المكشوف، وبوقاحة لا تجرؤ عليها حتى الداعرات؟؟
 §      لقد جرّب أحرار ومفكرو وخبراء البلاد، مختلف صنوف الرأي والنصح والإرشاد والتنبيه والنقد، فما نَفعَ أيٌّ منها وما ازداد إلا عنادا واستهتارا واستكباراً وخيانة.
§      وإذن فما الحل بعد اليأس الكامل من أي استجابة وطنية وقومية وأخلاقية ودستورية وأي اهتمام بالإصلاح – أي نوعٍ ودرجةٍ من الإصلاح؟؟؟ 
§      لم يبق أمام الشعب الذي تسعى عصابة بشار الأسد لسحقه في جميع المجالات إلا حل وحيد، وهو الثورة ولا شيء غير الثورة الشاملة! وذلك لخلع الديكتاتور المجنون العميل السارق الناهب – هو وأقربائه - لثروة بلادنا، والمخرب لاقتصادها ومصانعها، والمخرب لحضارتها وتقدمها، هو وكامل عصابته الفاسدة المُتآمرة معه، وذلك قبل أن يجهزوا على ما تبقى من سورية وشعبها!
 فإلى الثورة أيها المواطنون، إلى الثورة اليوم قبل غدا لانقاذ سورية وشعبها، والخلاص من أسوأ وأفسد وأخون حكمٍ مرَّ على سورية في تاريخها إطلاقا!!

مع تقدم الأيام، نفهم ونتعلّم أشياء كثيرة، منها:
كم من الأمور والتصرفات والزعامات يُمكن إدراجها تحت عنوان من كلمة واحدة:
" الخيانة"،  بل هي الخيانة العُظمى!!!
أيها المواطنون، أيها الشعب العربي السوري الأصيل،
فلنضعها في ضميرنا: إلى متى الصبر على حكم الفساد والتخريب والإفقار والخيانة؟
ولنتعاهد، ولنعمل على إنقاذ بلادنا وشعبنا من عصابة اللصوصية والتسلّط! ولنتعاهد على العصيان المدني والثورة للخلاص، وإعادة بناء بلادنا سياسيا واقتصاديا ومعيشيا وقضائيا، وإحالة الفاسدين والمنحرفين إلى القصاص الحقّ،  ولنواصل، ولنزيد، في الإمتناع عن دفع الضرائب إلى حكومة الفساد والتخريب، ولنتحضّر للسير في العصيان المدني الشامل لتحقيق:
v  نظام حكم ديموقراطي أمين لسورية العربية وفقا لتقاليدها وقِيَمها ومعتقداتها!
v  التركيز الفعّال على التنمية الإقتصادية الشاملة لرفع مستوى معيشة جميع الشعب ومعالجة أزماته في الدخل والبطالة والسكن والصحة والتأمين الإجتماعي.
v  المساواة الشاملة بين جميع أبناء الشعب: سياسيا وإقتصاديا وحقوقٍ وواجبات!
v  تحرير الجولان، وعدم الإعتراف بإسرائيل والعمل لتحرير الجولان وفلسطين!
v  العمل الجّاد المُخلص لتحقيق دولة الإتحاد العربي التي ستكون قوّة عالمية كبرى!

ولنجعل الحديث عن العصيان المدني محور حياتنا وجهودنا ونشاطنا وحواراتنا اليومية، ولنعمل على تنفيذه وإستمراره حتى نقذف بنظام الفساد إلى مزابل التاريخ وقبور اللعنة الأبدية، ولتستعيد سورية وجهها الحقيقي القومي العربي، المتمتع بديموقراطية حقيقية أمينة أخلاقية، وتنميةٍ جادة مُخلصة لصالح الوطن والشعب جميعا، وتطوّر علمي وحضاري يليق بسورية وشعبها الكريم على مر التاريخ.

أيها المواطن العربي السوري، عهدَ الله، وعهدَ الإخلاص لوطنك وشعبك وأسرتك، وإلى حين انتهاء الثورة الشعبية:
ü   الإمتناع الشامل الكامل عن دفع أيٍّ من الضرائب والرسوم إلى حكومة الفساد والتخريب والخيانة، فهو الطريق الحق الآمن السلمي والأكيد للخلاص نهائيا من عصابة التسلط والفساد والتخريب والخيانة.
ü   هو عهدٌ مع الله، فالتزمه كرجل وكمؤمن، وحتى إنحسار حكم الإستبداد والفساد والفشل والجهل عن البلاد، وعن صدر الشعب نهائياً، وإلى الأبد.
ü   وإننا لمنتصرون، بعون الله تعالى، وثباتنا ووحدتنا الشعبية، إنشاء الله.

بكل احترام
المهندس سعد الله جبري

متى تندلع الانتفاضة الثالثة؟


عوني صادق     


تسببت الحرب الإجرامية التي شنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة في نهاية كانون الثاني/ديسمبر 2008 في توقف المفاوضات المباشرة التي كانت تتواصل بين قادة العدو والسلطة الفلسطينية في رام الله، ومع توقف المفاوضات واستمرار الحرب، التي تحولت إلى محرقة كشفت ليس عن مدى العدوانية والحقد المعروفين عن المغتصبين الصهاينة وحسب بل عن زيف وكذب ما يتشدق به قادة هذا الكيان العدواني عن السلام ورغبتهم فيه وسعيهم إليه، ما أكد بدوره عبثية المفاوضات معه، الأمر الذي جعل الكثيرين يتوقعون اندلاع انتفاضة ثالثة تمثل ردا على مسلسل الاعتداءات وفشل المفاوضات معا، مثلما كانت الانتفاضة الأولي في العام 1987 ردا على فشل مشاريع التسوية منذ حزيران 1967، ومثلما كانت انتفاضة الأقصى ردا على فشل محادثات كامب ديفيد 2000.

لكن الحرب على غزة توقفت ولم تندلع الانتفاضة المنتظرة. وظلت المفاوضات متوقفة، وازدادت الاعتداءات التي أقدم عليها العدو الصهيوني في كل الاتجاهات، سواء أتعلق ذلك بمصادرة الأراضي أو هدم المنازل أو توسيع المستوطنات، أو بناء مستوطنات جديدة، حتى وصل الأمر إلى بناء (كنيس الخراب) تمهيدا لهدم المسجد الأقصى، الذي كان مجرد دخول المجرم شارون إليه في العام 2000 سببا كافيا لاندلاع الانتفاضة الثانية، دون أن تندلع الانتفاضة الثالثة مع توفر كل الأسباب والظروف الموضوعية لاندلاعها وعلى نحو أكثر مما كانت متوفرة في الانتفاضتين السابقتين. ذلك جعل السؤال عما يجري، وكيف، ولماذا لم تندلع الانتفاضة الثالثة يفرض نفسه، ويفرض على الكثيرين أن يحاولوا الإجابة عنه.

وفي تلخيص للأسباب والظروف المسوغة لاندلاع الانتفاضة، كتب خالد خليل متسائلا يقول:
" ما الذي حدث؟ الاحتلال ما زال جاثما على صدور الناس وأرضهم، والأوضاع المعيشية أصعب  كثيرا من ذي قبل بما لا يقاس. المواطن الفلسطيني وفقا لاستطلاعات الرأي خاب أمله من التسوية ولا يرى بوادر أمل لحل ممكن في الأفق... الجيش الإسرائيلي يصول ويجول في المدن والقرى والمخيمات متى شاء وأينما شاء ودربه (خضراء ومسهلة) بدون مواجهة تذكر" (1) فلماذا لم تندلع الانتفاضة؟

لقد فاجأت الانتفاضتان، الأولى والثانية، ربما الجميع، بالرغم من أن تاريخ الشعب الفلسطيني على مدى قرن كامل لا يترك هامشا كبيرا للمفاجأة، بل يترك هامشا معقولا للتوقيت، ذلك لكثرة ما عرف هذا الشعب من هبات وانتفاضات وثورات، لعل أولها كانت انتفاضة 1920 وجاءت احتجاجا على وعد بلفور، و سقط  فيها تسعة شهداء و251 جريحا(2)، ثم توالت المواجهات في عقد العشرينات فكانت هبة أو انتفاضة البراق 1929، وصولا إلى الشهيد عز الدين القسام الذي مهد بخروجه ضد القوات البريطانية لاندلاع الثورة الكبرى 1936- 1939 التي وضع الملوك والرؤساء العرب نهاية لها، ولم تختف أشكال المقاومة في عقد الأربعينات حتى وقعت نكبة 1948.
من هذا التاريخ المقاوم ولد أكثر من فصيل فلسطيني مقاوم منذ منتصف الخمسينات، ولم يكن مصادفة الاتفاق بين كل تلك الفصائل على المقاومة، خصوصا المسلحة منها، كوسيلة للتحرير واسترداد ما اغتصب من أرض وحقوق، مع اختلافها من حيث خلفياتها ومنابعها الأيديولوجية والسياسية والفكرية، وهو ما أكد عليه وكرسه ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية التي خرجت إلى الوجود في العام 1964. لقد استمدت تلك الفصائل دائما عزيمتها، خصوصا في الأوقات الصعبة، من استعداد الجماهير الشعبية الدائم للتضحية دفاعا عن قضيتها الوطنية، وأيضا عن قادتها الوطنيين، فاستمرت الفصائل كما استمرت القيادات بفضل تلك الجماهير، مدينة بوجودها لما تمنحها من قوة وعزم وقدرة على البقاء، حتى بعد ما أصبحت المفاوضات هي الأسلوب المفضل لتحقيق الأهداف الوطنية لدى قسم من تلك الفصائل والقيادات. لكنه مع انكشاف أسلوب المفاوضات وعبثيته مع تسارع عمليات المصادرة لما بقي من الأرض في الأيدي العربية والتهويد وبناء وتوسيع المستوطنات، بدأت العلاقة بين الجماهير من جهة، وبين القيادات والفصائل الوطنية من جهة أخرى، تأخذ منحى آخر، منحى يعيد طرح السؤال: لماذا لم تندلع الانتفاضة الثالثة؟

ولم يكد شهر آذار/مارس الماضي أن ينتصف حتى بدأت مدينة القدس تشهد مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والمواطنين المقدسيين، متزامنا مع تدشين (كنيس الخراب). وكان الأمل يداعب البعض بأن تكون تلك المواجهات شرارة الانتفاضة الثالثة، لكنها هدأت وانطفأت بعد أسبوع واحد وانطفأ معها أمل المتأملين، ما أعاد السؤال إلى الواجهة من جديد: البعض يسأل، والبعض يحذر، وبعض ثالث يجيب.
                                             
                                           ****

في إطار التحذير من انتفاضة ثالثة، جاء تحذير الرئيس الفرنسي، نيقولا ساركوزي، في مؤتمر صحفي جمعه مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في باريس، بعد أن أكد على ضرورة استئناف المفاوضات وجاء فيه قوله: "إذا لم يكن هناك مفاوضات... فإننا جميعا، المجتمع الدولي، نجازف باندلاع انتفاضة ثالثة، معتبرا اندلاعها كارثة، قائلا: "إذا لم نفعل شيئا، فستكون الكارثة"! (الجزيرة نت- 22/10/2009).
لكن صحيفة (لوس أنجلوس تايمز- 10/1/2010) لا بد طمأنت الرئيس ساركوزي من خلال تقرير مراسلها من مدينة نابلس، الذي استبعد اندلاع الانتفاضة، لأن "الظروف في الضفة الغربية ليست مهيأة لاندلاعها في ظل ضعف القيادة الفلسطينية وقوة القبضة الإسرائيلية، فضلا عن الاقتصاد الفلسطيني الناشيء". ونسب المراسل إلى الدكتو عبد الستار قاسم استبعاده، أيضا، اندلاع انتفاضة جديدة بسبب "تدهور المعنويات وغياب الحافز أو القيادة التي تتولى توجيه الانتفاضة، كما أن الناس لا يضمنون ما سيحدث ويعتقدون أنهم سيخسرون الكثير". وترى الصحيفة الأميركية أن "الخبراء" يرون "أن ضعف وانقسام القيادة الفلسطينية يسهمان في تعزيز الفكرة التي تستبعد اندلاع انتفاضة ثالثة"، بينما رأى "الناشط حسام خضر أن اندلاع الانتفاضة هو مسألة وقت".

وفي نهاية أسبوع المواجهات التي وقعت في مدينة القدس، بعث مراسل صحيفة الأخبار اللبنانية (28/3/2010)، فراس خطيب، يصف وضع الناس في المدينة المقدسة ويقول: " هل ستكون هناك انتفاضة ثالثة؟ الناس يتحدثون كثيرا عن هذا السؤال وحيثياته، لكن أحدا لا يستطيع تحديد ملامح معنى الانتفاضة. إنها تعبير لا يمكن توقعه... لكن الفرق بين ما كان (في الانتفاضتين السابقتين) وبين ما هو اليوم أن اللحمة الفلسطينية كانت أقوى في الانتفاضتين، والمرجعية موحدة نوعا ما، والمطالب واضحة للعيان. النقاش لا يهدأ، والإجابة لا تحسم، ليترك السؤال مفتوحا على مصراعيه أمام الحدث".

فماذا عن الفصائل الفلسطينية؟
لا يبدو أن لدى الفصائل الفلسطينية، خصوصا المعارضة منها، أي شيء زيادة عن ما تقوله الأطراف الأخرى، عدوة كانت أو صديقة، شخصيات اعتبارية أو أفرادا. فقد جاء في تقرير  جديد لفضائية "الجزيرة"، "اعتبرت فصائل فلسطينية أن الانقسام الذي تعانيه الساحة الفلسطينية الداخلية يشكل حجر عثرة أساسية أمام اندلاع انتفاضة شعبية جديدة في وجه الغطرسة الإسرائيلية". ويرى خضر حبيب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أن "إسرائيل تخشى اندلاع انتفاضة جديدة لكنها في ظل تواصل الانقسام الفلسطيني باتت مطمئنة وموقنة بصعوبة تحقيق ذلك"، مشددا على أن المطلوب هو إنهاء الانقسام القلسطيني... ومؤكدا على ضرورة اللجوء إلى "كل أساليب المقاومة وعلى رأسها الكفاح المسلح".
أما إسماعيل رضوان، القيادي في حركة حماس، وحسب التقرير نفسه، فيرى أن الشعب الفلسطيني "في انتفاضة مستمرة ومعركة متواصلة مع الاحتلال الإسرائيلي، تمر بموجات من التصعيد والتهدئة"، مشيرا إلى ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة ضد الاحتلال.
وعلى الجانب الأخر، أوضح الناطق باسم الحكومة في رام الله، غسان الخطيب، في اتصال هاتفي مع "الجزيرة"، "وجود توافق رسمي وشعبي فلسطيني على المقاومة الشعبية السلمية، مشددا على عدم الانجرار وراء أشكال المواجهة المسلحة التي تريد إسرائيل جر الفلسطينيين إليها".

هنا لا بد من استباق التسسل المنطقي لهذه المقالة ولا بد من سؤال يوجه للكل من "الجهاد" و "حماس"، وملاحظة على أقوال الناطق باسم حكومة رام الله. السؤال الأول: إذا كانت "الجهاد" ترى أن العقبة في طريق الانتفاضة هو (الانقسام الفلسطيني)، و"لا بد من إنهائه"، فلماذا لا ينهونه... وكيف ذلك... ومتى، إذا كان الجميع يعرف حق المعرفة أن أحدا لا يرغب، ولا يقدر على إنهائه؟! والسؤال الثاني: إذا كانت "حماس" ترى أن "الشعب الفلسطيني في انتفاضة مستمرة"، فلماذا دعا خالد مشعل مواطني الضفة الغربية لإشعال الانتفاضة الثالثة، ولماذا لم يستجب لدعوته أحد؟! أما الملاحظة على ما قاله غسان الخطيب، فهي: إذا كانت حكومته مع  "المقاومة الشعبية السلمية"، فلماذا منعت الناس في رام الله من الخروج بحجة أن "المواجهة تكون مع الاحتلال، ولا احتلال في رام الله"؟ الخطيب قال ما قال بثقة يحسد عليها وكأن كل الأبواب مفتوحة أمام "المقاومة الشعبية السلمية"، ويكفي لدحض هذا الإدعاء تصريحات حاتم عبد القادر حول موقف الحكومة أثناء مواجهات القدس الأخيرة.

                                                   ***

إذا تركنا الدول والفصائل، ماذا نجد أجوبة عند الكتاب والمحللين الفلسطينيين وماذا يقولون حول الموضوع؟ في ما يلي قليل مما وجدت، وهي عينة صغيرة لا أكثر:
*في تقرير "الجزيرة" التي سبقت الإشارة إليه، يقول الكاتب الصحفي طلال عوكل: إنه يستبعد اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة، رغم التحركات على الأرض "لأن الوضع الفلسطيني الداخلي غير ملائم في ظل الانقسام". وهو هنا يكرر ما تقوله الفصائل. لكنه عاد ليقول: إن "الشارع الفلسطيني يشعر بالإحباط وخيبة الأمل، لذلك فهو يؤيد اندلاع انتفاضة ثالثة بكافة أشكالها وأنواعها من أجل التعبير عن غضبه". ولكن إذا كان ذاك حال الشارع في تأييده لاندلاع الانتفاضة، فعلى أية أسس استبعد عوكل اندلاعها؟ هل هو (الانقسام الفلسطيني) وحده يجعل الوضع (غير ملائم)؟ وإذا كان لا حل في الأفق لهذا الانقسام، هل يظل الوضع غير ملائم؟ ولماذا لا تكون الانتفاضة هي الرافعة المطلوبة لإنهاء الانقسام وعلى أسس وطنية أيضا؟
* لقد أعاد الكثيرون عدم اندلاع الانتفاضة لعدة أسباب، الانقسام الفلسطيني، قمع الاحتلال وقمع سلطة رام الله، تحسن الوضع الاقتصادي...الخ لكن خالد خليل، في مقاله المشار إليه سابقا، يقول تعليقا على مواجهات القدس الأخيرة: "الشعب الفلسطيني... هذه المرة قرر أن لا ينتفض وأن لا يحرك ساكنا حتى لو أتيحت أمامه الفرصة لذلك، وحتى لو كان مقتنعا مائة في المائة بخطايا وأخطاء السلطة وعبثية الحلول المطروحة، حتى لو توفرت كل الأسباب والمقدمات لحالة احتقان شاملة". لماذا إذن؟ إنه يقول: "الصلة بين حالة الإحباط والركود والاستنكاف وبين غياب قيادات حقيقية معارضة" هو السبب الحقيقي، مضاف إليه عدة أسباب أخرى كالقمع والتنسيق الأمني والدعم الأمني والمالي الأميركي لسلطة رام الله. إن الكاتب بذلك، يضع كامل المسؤولية على الفصائل والقوى المعارضة للسلطة ولنهج المفاوضات، وكأني به يقول: السلطة ميؤوس منها، ولا توجد قيادات معارضة حقيقية. ولا أظنه ابتعد عن الحقيقة.
*لكنني صادفت اجتهادا من نوع أخر، حيرني قليلا لأنني قرأت لصاحبه، في الشهرين الأخيرين، أكثر من مقال كاد أن يغير صورته في ذهني. ففي مقال له بعنوان"عندما تنكسر الموجة قبل أن تتحول إلى انتفاضة"(3)، يكشف زكريا محمد عن (رفض) صريح لفكرة الانتفاضة، محاولا في الوقت نفسه أن يضع مبررات لهذا الرفض وكأنه يعدد أسباب رفض (الناس) لها. إنه يقول: "يمكن للمرء أن يقترح أسبابا عدة لانعدام شعبية الانتفاضات، من بينها أن الناس قد أنهكت بعد الانتفاضة الثانية... ومنها أن الناس لا تريد أن تتخلى عن التحسن الاقتصادي بعد سنوات تشبه سنوات الجوع في ظل الانتفاضة إياها. ومنها أيضا (اليد الثقيلة) لأجهزة السلطة، والأقواس من عنده! ويضيف: "لكننا نعتقد أن السبب الأهم وراء خشية الناس من الانتفاضات، ووراء عدم رغبتهم فيها، يكمن في الطريقة التي أديرت فيها الانتفاضتان السابقتان... ثم جاءت الانتفاضة الثانية كي تزيد الأمور سوءا، ففي جانب منها كانت هذه الانتفاضة مفروضة، (وبسبب موضوعية الكاتب)، أو قل نصف مفروضة نصف مرغوبه، وقد أطيلت حتى أنهكت الناس"! ويختتم زكريا محمد مقاله بالقول: إن الانتفاضة تعنى الفوضى والعنف و"هذا هو سبب سمعتها السيئة. فهي عند الناس فوضى وعنف ومواجهة يتم مطها إلى ما لا يطيقون"!
*لكن هناك من يرى الأمر بطريقة أخرى، منذ أيام بداية تراجع الانتفاضة الثانية، لكنه ينفع اليوم لتقديم نوع من الجواب على السؤال المطروح، فبعض الحقائق لا تتغير. ففي مقال له بعنوان "هل ماتت الجماهير حقا؟"، كتب ياسر الزعاترة في ما يشبه الدفاع عن جماهير الانتفاضة يقول: التراجع الذي يظهر على فعاليات الانتفاضة " لم يحدث لأن الجماهير بائسة وسيئة أو قصيرة النفس، ولكن لأن المسار السياسي هو الذي انحرف عن جادة الصواب، حيث عاد إلى المفاوضات الأمنية والسياسية أو لنقل إلى المراوحة بين التفاوض والانتفاضة، وهنا لم تعد الجماهير على قناعتها القديمة فعادت إلى السكوت من جديد". ويؤكد الزعاترة على فكرته هذه بأن يقول:" عندما عادت الأوضاع إلى التصعيد وبدا أن خيار المقاومة قد حسم خلال الأشهر الأولى من عام 2002 وصولا إلى معركة مخيم جنين البطولية، عاد الشارع من جديد إلى التحرك الواسع والقوي، غير أن المسار السياسي عاد لخذلانه من جديد أيضا وذلك من خلال (صفقة المقر)، وما بعدها، حيث بدأ مسلسل التراجعات المعروف". ويصل الزعاترة إلى استنتاجه الرئيسي، والصائب، عندما يقول:" تتميز الجماهير العربية بأنها لا تسير خلف أي قضية، بل إنها تحتاج إلى قناعة حقيقية بالبوصلة والهدف كي تتحرك. وفي الحالة الفلسطينية، كان التحرك دائما خلف البوصلة الصحيحة للجماهير ممثلة في خيار المقاومة...".
***

لقد حاولت، من خلال هذه المقالة، ومن خلال العينة المستخدمة، أن أضع بين يدي قارئي الكريم معظم الأسباب التي يتم تداولها، جاءت أحيانا بطريقة صريحة وأحيانا أخرى بطريقة ضمنية، في الاقتباسات المأخوذة من التصريحات والمقالات المنشورة على حد سواء، والتي حاولت أن تجيب على سؤال: لماذا لم تندلع الانتفاضة الثالثة؟ لكنني أرى أن السؤال الحقيقي لا بد أن يكون: متى تندلع الانتفاضة؟ قد يقال: إنه السؤال نفسه بصيغة أخرى. وهذا صحيح في أول نظرة، لكن الفرق هو أن الجواب عن السؤال الأول يذهب إلى تحديد أسباب عدم اندلاع الانتفاضة ، وربما ينتهي عندها.  لكن الجواب عن السؤال الثاني يذهب إلى توفير شروط اندلاع الانتفاضة، والفرق  بينهما واضح. في كل الأحوال، ما جاء في ذكر الأسباب (بعد الغربلة والتجميع) فيه الكثير من الصواب. لكنني أعتقد أن المحرك الذي تفتقده جماهير الانتفاضة، هو الكنز الذي أضاعته القيادات على الطريق في الأربعين سنة أو يزيد الماضية، والذي هي في أمس الحاجة إليه، ألا وهو عنصر خلق الثقة بين تلك الجماهير وبين قيادة قادرة على توفيرها. هذا العنصر بالغ الأهمية لن يتوفر ما لم تتوفر أولا قيادة وطنية ببرنامج سياسي وطني، تمارس المقاومة بكل أشكالها، وأولها المقاومة المسلحة، وترفض نهج المفاوضات والمساومة جملة وتفصيلا، وتؤمن حقا بالميثاق الوطني (قبل العبث الذي طاله قبل وبعد أوسلو)، ولا تطلب دعما إلا من الشعب ولا تحتمي إلا به. هذه الثقة، على هذه الأسس فقط، هي التي في استطاعتها أن تنهي الانقسام وتقيم الوحدة الوطنية على الأسس الوطنية، وهي القادرة على نزع الخوف واللامبالاة والإحباط واليأس الذي استولى على قلوب الفلسطينيين، القادرة على تنظيف المجتمع الفلسطيني ومحاسبة العملاء والمستسلمين والأذناب. في وضع كهذا يزهر الأمل وتتفتح وروده وتعظم أحلامه، ويتحول الموت المجاني إلى استشهاد مضمون النتائج، لن ينفع معه كل ما يقدر عليه اللصوص من المستوطنين أو مناصريهم.
هوامش
1) مقال "الحسم الإدراكي أم غياب القيادة النموذج؟ خالد خليل- عرب 48- 26/3/2010

2)مقال "المقاومة الفلسطينية... ثورة الإنسان والحجر" – محمد عبد العاطي/ الجزيرة نت –أكتوبر 2010 
  
 3) مقال "عندما تنكسر الموجة قبل أن تتحول إلى انتفاضة" – زكريا محمد / عرب 48 /27-3-2010


4) مقال "هل ماتت الجماهير"- ياسر الزعاترة – الجزيرة نت- أكتوبر 2004

ملكية الأرض بين الحق التاريخي والقانون الوضعي


زهير الخويلدي
"إن الأرض إنما هي ملك أولئك الذين وحدوا بين قواهم للذود عنها"[1]
  احتفل العرب بذكرى يوم الأرض وتعرض البعض من المحللين إلى النكبة وما حل بنا من تفريط وتضييع بفعل الاستعمار والاستيطان والأطماع الخارجية وتذكروا المناطق والأقاليم العربية التي مازالت منهوبة ومستعمرة من دول الجوار في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب، وكشفوا عن النتائج الكارثية التي سببها مثل هذا التغافل عن الحقوق التاريخية والثوابت القيمية وأبانوا عن لوحة سوداوية تجاه المستقبل حيث تعم التجزئة ويغيب عن الوعي أي توجه نحو التوحد ويتفرق العرب إلى طوائف وملل.
غير أن الأمر المهمل في كل هذا هو التساؤل عن سبب التقاعس عن الدفاع عن الأرض وعن علة العزوف عن التمسك بالسيادة على الموطن، وهو نقيصة لا يمكن للعقول الباحثة عن الإصلاح والتغيير أن تسقطها من حسابها والطامحة إلى الاستعادة والانتفاض.
من هذا المنطلق حري بنا أن نطرح بأنفسنا مثل هذا المشكل وأن ننقله من دائرة الاستعصاء إلى دائرة الاستمعان ومن وضع الإمهال إلى حال الاستحضار. وقد تسلحنا بالفقرة 19 للفيلسوف المستنير اسبينوزا مقتطعة من الفصل السابع من كتاب السياسة حيث نجد مقارنة لعلاقة الإنسان بالأرض بين حالة الطبيعة والحالة المدنية والتي يستخلص منها ما يلي:"لا شيء يمكن امتلاكه والدفاع عنه في الحالة الطبيعية أقل من الأرض"[2]، والمقصود هو أن الإنسان في الحالة الطبيعية يتصرف بكل طواعية في جل ما توفر له الأرض ولا يجد مانعا أمامه يصده وهو قادر على إشباع حاجياته وبالتالي هناك نوع من المشاعية والوفرة والاكتفاء وذلك لغياب مفهوم الملكية نفسه.
على خلاف ذلك ترتفع قيمة الأرض مع الانتقال إلى الحالة الحضرية وتكون المدن ويزيد حب امتلاكها والرغبة في الاستحواذ عليها سواء من أجل الاستقرار فوق مسطحها أو للاستفادة من الخيرات المدفونة في باطنها أو المستفلحة على آديمها. وفي هذا الأمر يقول اسبينوزا:" إن الأرض وكل ما يتبعها في الظروف التي ذكرت إنما هي ملك للمدينة"[3] ويشير أيضا إلى أن شخص واحد يمكن أن يحتكر ملكيتها إما بالغلبة أو إذا ما فوض له الجميع القدرة على ذلك. ويؤكد على أن المدينة إذا ما تغلبت على هذا الاحتكار الأناني للأرض وشرعت للملكية المشتركة لها فأنها تجني فوائد عظيمة ويعم الخير على الجميع وتنتفي الانقسامات وتزول الرذائل مثل الطمع والسرقة والاستحواذ.
ما يهم من هذه الفقرة وما يمكن الاستفادة منه في تحليل علاقة العرب بأرضهم هو التالي:
-         احتباس العرب في المرحلة الإقطاعية وتشتت الملكية وهيمنة فئة قليلة من السماسرة وتجار الألم على الأراضي الصالحة للزراعة والتي تحتوى على ثروات هامة.
-         التعامل الرعواني والتقليدي مع الأرض وتعثر التنمية والعصرنة بما يوحي بالبقاء في مرحلة حالة الطبيعة وعدم إدراك مرحلة التمدن  اكتساح الحزام القصديري والبناء العمراني في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية للمناطق الخضراء.
-         غياب الإجماع والاشتراك في التعهد بصيانة الأرض وحمايتها وهو ما يسهل عملية نقلها وإخفاء هوية المالكين الشرعيين لها.
رأس الأمر أن العرب أضاعوا أرضهم لأنهم:
-         لم يوحدوا صفوفهم للدفاع عنها ولم ينظروا إلى تراب أوطانهم على أنه حق مشترك يجب الذود عليه.
-         أثبتوا للعالم أنهم لم يعودا في حاجة للاستقرار عليها وباتوا يحلمون بالهجرة.
-         تخلوا عن مبدأ السيادة في مقابل توفير لقمة العيش من طرف المستثمر الأجنبي.
الخطأ الكبير الذي اقترفه العرب في حق الأرض أنهم باتوا يتعاملون معها من زاوية ما يمنحه القانون الوضعي وانصرفوا عن اعتبارها حق تاريخي مقدس غير قابل للتفريط مهما كان المقابل ومهما كانت الظروف. ما يبينه اسبينوزا أن أصل الداء في غياب الديمقراطية وعدم تمكين السكان من التمتع والاستفادة من خيرات الأرض التي يسكنون عليها ومساعدتهم على تدبيرها وتعميرها وفلحها وأنسنتها ونراه في ذلك يقول:"يجب أن تكتسب الأرض وما يتعلق بها في نظر المواطنين قيمة تقاس بمدى حاجتهم إلى الاستقرار بها والذود عن حقهم المشترك أي عن حريتهم."[4]
إن ملكية الأرض ليست مسالة شخصية أو عشائرية ولا تتوقف على القانون والعرف بل هي مسالة جماعية مشتركة وذات رمزية محفورة في الذاكرة والمخيال ومرتبطة بالثقافة والعقيدة وتصل إلى حد القداسة ولا يجوز التفاوض بشأنها بسهولة والتعاطي معها دون مسؤولية.
لكن كيف نطالب الناس بالدفاع عن أرض لا يشعرون فيها أنهم أحرار ولا يمتلكون في مدنها قيمة المواطنة؟ أليس الإجماع الديمقراطي في تسيير الشأن العام هو المدخل الأساسي من أجل التمسك بمطلب السيادة على الأرض؟ فمتى يفهم العرب أن الدفاع عن الأرض العزيزة والمطالبة باستعادة ماهو مفتك منها يمر لامحالة عبر توفير شروط الحياة الحرة والكريمة فوقها؟
المرجع:
اسبينوزا ، كتاب السياسة، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب للنشر، تونس. 1999
كاتب فلسفي



[1]  اسبينوزا ، كتاب السياسة، ترجمة جلال الدين سعيد، دار الجنوب للنشر، تونس. 1999. ص77.
[2]  اسبينوزا ، كتاب السياسة،. ص77.
[3]  اسبينوزا ، كتاب السياسة،. ص77.
[4]  اسبينوزا ، كتاب السياسة،. ص77.