الجمعة، 6 نوفمبر 2009

كيف يقرأ العرب؟

محمد فوزي عبد الحي

اختلاف القراءة هو المحك الأول لصناعة الرؤى المختلفة، ومن ثم إطلاق الأحكام المتباينة على الحالات المتماثلة، وهذا يوضح تباين فهم القراء للمقال الواحد وللقطعة الواحدة، وتفاوت تحليل المفكرين للحدث الواحد، والحركة الواحدة، اختلاف استنباط العلماء من نصوص الأحكام، وتباين تقييم البشر لما يشاهدونه ويعاصرونه من أحداث، وهذه كلها أنواع من القراءات للنصوص والأحداث والوقائع والثورات والمعارك والدعوات الإصلاحية والتسويقية والخداعية، بل والمسلسلات والأفلام والبرامج والإعلانات وأدواتها المستخدمة.

ولذلك يختلف القراء في تقييم الحدث الواحد وتفسير الخطاب الواحد، وينقسمون بين معارض ومناصر، ومن الجلي أن هذه الأمور طبيعية لا غبار عليها، بل هي من سنن الله المنثورة في الخليقة: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" القرآن الكريم (11/118)

الكارثة الحقيقية عندما يصاب جمهور الأمة بالقراءة الزائفة للنص والواقع، فعندما يكتب كاتب ثقة مشهود له بالموضوعية والاستقلال ضد عناكب الظلام وأفاعي الحقل المسروق ممن يسكنون سلة مهملات الثقافة العربية، ويتغذون - كما الحشرات - على فضلات أدبيات العقل العربي والمسلم، ويترعرعون كما الجرذان على أكوام القمامة والمخلفات الثقافية التي تعرفها كل أمة في أدوار نهضتها وتخلفها على السواء، وهذه البقع الثقافية لا تحمل إلا السموم والجراثيم بطبيعة الحال لأنها فضلات – ثم يختلف القراء في قراءة النص؛ فبينما يراه أنصار المشروع العربي الإسلامي واجبا من الواجبات، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وفضحا للإفك والكذب، يراه آخرون حربا على الإبداع، وتسلطا على الحرية، ومحاربة للعقل، إلخ تلك القصيدة المكذوبة.

ربما يرد قائل بأن هذا طبيعي؛ طبيعي أن يجد هؤلاء أنصارا لهم كما يجد أولئك أنصارا، ولكن هذا ليس طبيعيا بل شاذا، عندما تنقسم أمة على قراءة نص كتبه محامي الدفاع عن قضيتها وقلعتها، وتختلف على إكبار دور المجاهدين المناضلين في سبيلها، فتنقسم بين ساب ولاعن ومناصر، ماذا يرجى لها؟

من الطبيعي أن يختلف الناس في تأويل ما يقبل التأويل؛ أما عندما يختلفون في حكم من يخون الأمة، ويبيع الوطن، ويتاجر بدماء الشعب، ويسرق أعمار الأجيال، ويحتكر مواردهم، ويسلب حريتهم، ويتساهل مع من يسب نبيهم - صلى الله عليه وسلم – ويعادي عقيدتهم، ويحارب حضارتهم..

عندما يختلفون في وجوب الوقوف جبهة واحدة دفاعا عن حصون الأمة التي هددها حزب ابن أبي اللعين، واستباحها أتباع يهوذا وحزب صهيون في سويداء قلبها، ومتعصبو الصفويين في الجناح الشرقي، بينما خانها من يرفعون عقيرتهم بأنواع التوحيد وحقيقة التوحيد ويصدعون رءوسنا بالولاء والبراء ومن يدعون لرجوع الخلافة بعد أن ساهمت عصاباتهم في إسقاط الخلافة - فلا بد أن الأمة تعيش - وأتمنى لو ساغ استخدام الفعل "تعبر" - كارثة حقيقية في قراءتها.

حدث أن نشرتُ مقالا تحدثت فيه عن المهاجرين الغير شرعيين، وما يلقونه من متاعب في طريق رحلتهم، وعن تهافت أغلبهم على الحياة التي حرموها في أوطانهم ومن ثم انغماسهم في المحرمات الشرعية، ثم ما يلقونه من محاباة وإكبار في أوطانهم وذكرت نصا معبرا عن مأساتهم وملتفتا من ضمير الغائب إلى المتكلم لجذب الانتباه واسترعاء مشاعر القاريء وعينه:

"منذ سنوات لم أكن قط مسست فتاة أو كلمتها، وهنا تعلمت كيف تكون القبل باردة لا طعم لها، وكيف تكون اللذة رخيصة لا قيمة لها. منذ سنوات كنت بريئا كما الطفل، طاهرا كماء البحر، عذبا كنيل مصر، فقيرا ككل المصريين.. لم أكن أستطيع الزواج من عقيلة كريمة أو نسيبة شريفة ولكني اليوم تدنست كثيرا، ولم أعد طفلا، وأصبحت رجلا له سيئات كثيرات وسوءات مقززات ومع ذلك يمكنني الآن الزواج من أجمل وأرق الإناث ومن أعز العائلات، والفضل بل الحقيقة تشدو بأنني صرت ثريا وخرجت من ربقة الفقر التي يخافونها وعرفت يدي الطريق إلى اليورو الساحر، الويل لنا جميعا لقد صرنا عبيدا للدرهم"

ذكرت ذلك في محاولة لفضح سلوك المصريين الذين يمنعون بناتهم الفقراء الطائعين، رغم عفتهم وبراءتهم، ويبيعون بناتهم للأغنياء العائدين من الشمال مع دنسهم ومعصيتهم، اختلفت القراءة للنص، فالكاتب الذي يحارب هذا السلوك المشين عندما ينحاز الناس للدينار على حساب الدين، ويجعلون من المال حكما بينهم فوق توجيه الرسول الأمين - أصبح في نظر بعض القراء مشيعا للفاحشة، بل ومرتكبا للموبقات، ونسي هؤلاء أن القرآن حكى هم زوجة العزيز بنبيه يوسف، وحكى إعجاب النساء به وتقطيعهم الأيدي عند رؤيته ليؤكد على إخلاص يوسف وعفته وصبره، ولا يجرؤ أحد أن يتهم القرآن بإشاعة الفاحشة.

لماذا يصر العرب على قراءتين؛ قراءة تمثيلية خارجية تعبر عن قناعات كاذبة وفهوم مشوشة، ونقاط انطلاق موهومة؛ وقراءة أخرى داخلية لا تخرج إلا في الأماكن المغلقة وربما لا تسمعها إلا النفس الإنسانية، وهي تعتصر لحظاتها وهمومها وأحلامها الحاطمة.

في صورة أخرى للقراءات المزدوجة غير السوية، يجتمع المسئول – رئيسا أو وزيرا أو محافظا - بعمال أو موظفي إحدى المصالح، فينظمون الأشعار والخطب في مديحه، وعندما يولي دبره يأخذون في نقده وعيبه وكيل اللعائن والسباب له.

أليست هذه قراءة مزدوجة تعبر عن جريمة نفاق متعمدة لأعمال الشخص ذاته؛ قراءة نفاقية مصلحية تنظم الشعر، وتكتب الخطب، وترفع العقيرة بالكذب، هذه القراءة تعطن أنفاسك في الصحف والمجلات الأموية، والمسلسلات والأغاني الأموية، ومؤلفات المؤرخين الأمويين ممن ينظمون مواويل الديمقراطية الأموية الخرساء، ويشرحون دقائق ألواح الحرية السجينة، ويفسرون السياسات التائهة لمتون الاجتهادات الأموية في توريث يزيد، ويخرجون علينا بمئات التأويلات التي تدل على أنها وحي جديد من ألواح الوحي السماوي، وإعجاز ملهم من الإعجاز الرباني، وآيات شاهدات في الأرض على تأييد السماء!!!

هم هم ينقلبون على أنفسهم في الحجرات المغلقة والأحاديث الخاصة والشجون الشخصية ليمحو في السر ما كتبوا في العلن، وليلعنوا في الخفاء ما صرحوا به على الملأ، وليعبروا عن قراءة أخرى مناقضة تقود الأمة إلى النهاية..

إنها النهاية الحزينة التي يستشعرها كل مثقف عربي يلمس حجم الهوة التي نعيشها، وحجم الكارثة التي لا ندري المخرج منها، إننا نعيش عصر ملوك الطوائف مرة أخرى، ولكن العصر الحديث بسرعة تغيره وتطوره لن يترك للعرب الفرصة ليموتوا خلال خمسمائة عام، فقد تغيرت الظروف وبات علينا أن ننتظر النهاية خلال بضعة عقود قليلة.

قراءات حرباوية من قراءات العرب:

- نحن ندعم فلسطين وندعم بقاء عروشنا برضا ماما أمريكا.

- نحن حزانى لسقوط القدس وفي أشد الأسى لهدم الأقصى الوشيك ولكننا نتبع المصلحة الوطنية الاستراتيجية فنصدر الغاز والحديد لأولاد عمنا يهوذا.

- نحن نعمل على تقوية الجبهة العربية والخلافات بيننا لا حصر لها والتبادل التجاري بيننا زي الزفت.

- نحن عرب شجعان ولكننا نعمل من أجل سلام الخرفان.

- نحن مسلمون ولكن هوانا أوروبي وأدبنا حداثي ولساننا فرانكفوني ووزراؤنا خريجو كتاتيب جامعات الغرب وأصحاب جوائز الدولة التقديرية من يلعنون ديننا ودين (اللي خلفونا).

- أمين للحزب الكبير– وسلام للأحزان الشياشية - يصرح لي شخصيا: لو الإخوان وصلوا للحكم سأطلق لحيتي على الفور وأصبح إخوانيا.

- مسئول كبير وداعية معروف يصرح لي شخصيا عن شيء كتبه وخالف فيه الجمهور ورأي نصره وهو واهن أفن: الحقيقة مطلوب نكتب كده.

- داعية مشهور يتزوج من نصرانية ويعلم أولاده في مدارس قبطية ومع ذلك يصدع رءوسنا بأنه أزهري، وينتمي للأزهر شاء غيره أم أبى.. خلاص يا سيدي علم أولادك في الأزهر ولا إيه يا سي أزهري؟

هل ما زال العرب في طفولة فكرية، يتمسحون ويبكون صباحا لنيل دمية فارغة ثم يمزقونها ويرمون بها مساء؟

لماذا يصر كثير من العرب على التلبس بزي القديسين وهم عراة، وانتحال دور الورعين وهم فسقة، وتزعم دور الأحرار وهم عبيد، والانتساب إلى الوطن والتراب والأمة والدين وهم ممثلون أغرار، وأغراب لا انتماء لهم؟

لماذا يتمثل كثيرون وكثيرات أدوار المدافعين عن الدين وهم أجهل به من غير المسلمين؟ لماذا نحتكر دائما القراءة الصحيحة دون دليل قاطع ولا برهان ظاهر، عندما أعلنت الإمارة الإسلامية في أفغانستان كانت مشكلتها الكبرى احتكار قراءة وحيدة بل وغريبة للنص الديني والتحيز الأعمى لرأي واحد من بحر الفكر الفقهي الثري، لماذا نكره القراءات الصحيحة إذا خالفت قناعاتنا الكسيحة؟

بالأمس القريب انقضت حماس المغضوب على إسلامها وجهادها على الإمارة الإسلامية المعلنة في غزة، ورغم فجاجة هذا الإعلان، وتهافت الإخراج المسرحي له، وبرهنته على طفولة فكرية سياسية ودينية تحياها فصائل تتسنم دور النخبة – فإن حماس تعاملت معه بنفس القراءة الاحتكارية، وهم يرددون عبارات مفتيي السلطات والأنظمة الدكتاتورية من نحو: الافتيات على الإمام، ومفارقة الجماعة، والخروج على الشرعية، وهكذا يأخذون حكم الباغي الخارج والمستحق للقتل بحكم النص.

أليست مهزلة أن يتقاتل المساجين داخل السجن ويشنق بعضهم بعضا قبل صدور الحكم من السجان؟

عندما خرج شيوخ العرب ممن يحكمون العرب اليوم على دولة الخلافة العثمانية، وحاربوها ووقفوا يدعمون الإنجليز والحلفاء ضد دولة الإسلام نعت كل خارج نفسه بالمصلح والمحرر والقائد، وعندما سقطت الخلافة لعن الجميع كمال أتاتورك ونسوا أن يلعنوا قادة الإصلاح الكبار في الوطن الغجري الكبير.

عندما قاد عبد الناصر طريق الوحدة العربية غضب زعماء القبائل، وشيوخ العشائر المنعوتة بالدول، وقفوا إلى جانب العم سام حتى سقط ناصر وسقطت القومية، وسقط العرب، وعندما كانت إيران حليفا لأمريكا وقفت الجزيرة العربية إلى جانبها دعما ومساندة وودا، وعندما قامت الثورة الشيعية – وبغض النظر عن مثالبها – وقف الجميع ضد النموذج الإسلامي المطروح، وهو على أسوأ الفروض خير من نماذج العرب البائدة، واستبدادهم المنكر وحينئذ استخرجوا تراث الصفويين، ومكفرات الباطنية، وأوهام الإثنى عشرية، ودعموا صدام المسلم آنذاك في حربه ضد المسلمين ولكن عندما استهوت صدام فكرة القائد الزعيم واستولى على الكويت وقف الجميع يدعمون الحق الصباحي والخوف السعودي والحكمة المصرية، ويلعون صدام البعثي الملحد.

القراءة مغلوطة تستولي عليها عقيدة الحق النسبي ولكن الحق مطلق لا نسبي، الحق مطلق لا يتقيد إلا بالحق، الحق ينبثق من روح النص ولكن لا يلصق إفكا بالنص المعصوم والنص بريء منه.

متى نجيد القراءة؟ متى نعرف المصارحة؟ متى يتعلم العرب القراءة ويتخلصوا من متاهة الاجتهاد المأزور الذي لا يستند إلى ضوابط حاكمة، وقواعد مقررة، ومصالح مرعية، أو تأويل سائغ، متي يقرأ العرب؟

!!..أبو مازن على حق ...ولكن

د. هاني العقاد

الرئيس أبو مازن, محمود عباس رجل ليس مثل باقي الزعماء الذين اعتبروا أنفسهم ملوكا ،يرغبون أن يدوم ملكهم إلى الأبد دون تغير, لكنه زعيم يعرف انه سيأتي غيره يوم من الأيام, و هو رجل يمتلك طاقة غير عادية من الصبر و القدرة على الخروج من الأزمات بسلاسة و نجاح كما يمتلك كم من الوعي الشامل يمكنه من التعامل بحرص شديد فيما يختص بالملفات الصعبة و الملفات التي تتصل بمستقبل الوطن و مسيرة تحريره و استقلاله, لكن مشكلة هذا الرجل في كونه يعمل دائما في النور و الوضوح الشديد و ليس كالعديد من الزعماء بالعالم العربي و ما يعلن عنه يكون و ما لا يعلن عنه

لا يكون , أي في النهاية زعيم لا يبتعد عن جماهير شعبة و يشغله سعادة و شقاء و عذاب و معاناة كافة أبناء الشعب دون استثناء بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الديني أو العشائري و هذا ما جعله يعلن قراره الاخير . لم يأتي قرار الرئيس أبو مازن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة مرة ثانية من مصدر رضي على الواقع الدولي تجاه القضية الفلسطينية و لم يأتي من مصدر قناعة بأن العالم يرغب أن يحقق الحد الأدنى من الطموح الفلسطيني, لهذا لا يستطيع أن يحمل طموح الشعب الفلسطيني إلى فترة ثانية و هو غير متأكد من قناعة الولايات المتحدة الأمريكية التعامل

بعدالة مع الملف الفلسطيني في قضية الشرق الأوسط ,ليس هذا فقط بل أنه أصبح متأكدا من أن الولايات المتحدة الأمريكية أصيبت بالعجز التام فيما يتعلق بسياسة التدخل الايجابي بقليل من الضغط السياسي لإلزام إسرائيل بالقبول بحل الدولتين و الشروع في عملية سلام حقيقية مع الفلسطينيين تضمن إنهاء الصراع الطويل بين الطرفين. لعلنا نقول أن الرئيس على حق في قراره بالتخلي عن رئاسة السلطة الوطنية الفلسطيني للفترة الثانية, و أن الرئيس على حق في اعتبار هذا القرار نوعا من التهديد للسياسة الدولية و سياسة الولايات المتحدة في المنطقة لدفعها اعتماد سياسة

أكثر ايجابية تجاه الوضع الفلسطيني و ليست محاولة من قبل أبو مازن لقلب الطاولة في وجه أمريكا و إسرائيل بهدف خلق موقف أمريكي حقيقي تجاه دفع عملية السلام للأمام , لكن الواضح من طبيعة كلمة الرئيس عباس أنه جاد في قراره لأنه لم يرغب من أحد بمرافقته خلال كلمته للشعب الفلسطيني ,و لوحظ غياب معظم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن المشاركة أو حضور المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس في مقر الرئاسة , حيث ظهرت علامات الحدة و الغضب على ملامح الرئيس أثناء الكلمة , كما أن كلمة الرئيس لو تأتى عبر تصريح صحفي عادي على هامش التصريحات

المتعلقة بعملية السلام و قدرة الأمريكان إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان و إنما جاءت الكلمة بمقر الرئاسة الفلسطينية ليعتبر القرار نهائي و حقيقي و ليس لمجرد التهديد.

في الحقيقة لا يستطيع طرف من القوي المركزية أو القوي العربية بما فيها جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي إقناع الرئيس أبو مازن بالعدول عن قرار ه ما لم يحدث تغيرا حقيقا في دور الولايات المتحدة بالمنطقة و قول كلمة الفصل في موضوع الاستيطان, العقبة الوحيدة أمام السلام الشامل و إلزام إسرائيل بتطبيق بنود خارطة الطريق و الاعتراف بالمبادرة العربية للسلام بالإضافة لاعتراف حكومة نتنياهو بالقرارات الدولية الصادرة بالشأن الفلسطيني , إلا الشعب الفلسطيني الذي له الكلمة الأقوى وله فعل السحر في إقناع الزعماء عادة بالعدول عن

قراراتهم المصيرية, لكننا نقول أن الرئيس ليس له الحق في التخلي عن رعاية و صون طموحات الشعب الفلسطيني و ثوابته الشرعية و السعي إلى تحقيقها , ولو تطلب الأمر للعودة إلى القرار الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية و هو قرار الكفاح المسلح . أن البديل لابو مازن سيكون إما تنازلات كبيره لنصبح على وطن دمية و وطن كانتونات و إما فوضي بالمنطقة العربية و ازدياد تعقيد القضية الفلسطينية ,و معاناة الشعوب بالمنطقة من جديد و فقدان العدالة الدولية مصداقيتها و انهيار تام لمعسكر السلام و ولوج الشعوب في حالة نزاع مسلح ستنعكس أثاره على معظم دول العالم

بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ,لان سياسة الاعتدال التي اتبعتها القيادة الفلسطينية الحالية وصدق رغبتها في تحقيق مشروع الدولتين قد لا يستمر طويلا لان المتغيرات القادمة ستفرض إصرارا أخر وهو حل الدولة الواحدة , دولة الوطن الفلسطيني الكامل من النهر إلى البحر و عندها سيكون مشروع السلام قد ذهب بلا عودة والى الأبد

رياح العصر الجلكاني

كاظم فنجان الحمامي

تؤكد سجلات الحرب العالمية الثانية على إنّ اللفظ الصحيح (للجلكان) هو (جيريكان), ويتألف من مقطعين : (Jerry), أو (Gerry), وهي مفردة انجليزية شائعة للإشارة إلى كل من ينتسب إلى القومية الألمانية. أما المقطع الثاني فهو (Can). ويعني بالانجليزية: علبة, أو وعاء, أو حاوية. وكان الجنود الألمان هم الذين ابتكروا هذه العلبة. واستخدموها عام 1939 في الميادين القتالية. وأسموها بلغتهم Wehrmachtskanist)). ثم قام جنود العم سام بتصنيعها بطريقة الهندسة العكسية. وأطلقوا عليها (جيري كان), أي الحاوية الألمانية. وشاع استخدامها منذ ذلك الحين في التشكيلات العسكرية.

وشاءت الأقدار أن تكون الجلكانات هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام سكان شط العرب لعبور أنفاق ودهاليز ما يصطلح عليه محليا بالعصر الجلكاني, الذي يمثل المرحلة المعاصرة بكل تداعياتها. فقد مر أبناء الرافدين بكل العصور التاريخية ابتداء من العصر الجليدي, ثم العصر الحجري الأول, والعصر الحجري الثاني, وعصر الكتابة والتدوين. ثم مر العراق بسلسلة من المعارك الحربية المتلاحقة, فشهد كل أنماط الحروب والمعارك من عالمية أولى, وعالمية ثانية. إلى مسلسل الصراعات والانقلابات الداخلية. وما رافقها من حروب إقليمية واستنزافية وثقافية وإعلامية واقتصادية. واشتملت أيضا على الحروب الاغتصابية، والمحدودة، والشاملة، والدفاعية، والأهلية، والنفسية، والطائفية، والخاطفة، والرخيصة، وبالنيابة، والوقائية، والحرب على الإرهاب، حتى انتهت هذه السلسة بحرب المياه, وتعرضت أوردة وشرايين شط العرب للتقطيع والتجفيف, فتدفقت نحونا المياه البحرية المالحة حتى وصلت القرنة, وتسربت إلينا التيارات المدية القادمة من جهة البحر, وصار شط العرب امتدادا جديدا للخليج العربي, وكان لابد لنا من التحلي بالصبر والحكمة. فاعتمدنا على إستراتيجيتنا الفطرية, وهرعنا لتوفير المياه العذية التي تحتاجها عوائلنا. وتوفير كل ما يغذي عصب الحياة ويمده بعوامل البقاء. وارتفعت درجة الاستعداد الشعبي في قرى وأرياف شط العرب لمواجهة رياح الأزمة العاتية. وانشغلنا بجمع واقتناء كل أصناف, وشراء أنواع الجلكانات, والحاويات, والأوعية البلاستيكية.

وصارت هذه الإستراتيجية هواية وطنية عامة وشاملة. ثم تحولت إلى ظاهرة محلية عجيبة. فأصابت عوائل البصرة بهوس اقتناء اكبر عدد ممكن من الجلكانات. حتى صرنا نمتلك من الجلكانات ما لا يمتلكه أي شعب من الشعوب الفقيرة على وجه كوكب الأرض, والأجرام السماوية في مجرة التبانة. ولدينا الآن جلكانات من كل لون, وشكل, وحجم, وصنف. ويكاد لا يخلو بيت في البصرة من مجموعة من الجلكانات المعدة لكافة الأغراض.

وانصبت اهتمامات الناس على القيام بجولات يومية لملء جلكاناتهم بالبنزين, أو النفط الأبيض, أو الماء العذب, وبالقدر الذي يكفي لسد احتياجاتهم المنزلية, ولو ليوم واحد فقط. ومن المتوقع أن تشير سجلات (غينز) للأرقام القياسية إلى رياح الظاهرة الجلكانية, التي اجتاحت البصرة من شمالها إلى جنوبها, ووضعتها في صدارة المدن المتجلكنة. الأمر الذي جعل المنظمات الإنسانية تحرص كل الحرص على إدراج فقرة الجلكانات في مقدم المساعدات المرسلة إلينا لمساعدتنا على اجتياز المحنة الجلكانية, التي ابتلينا بها منذ أن وضعت الحرب ماكياجها. فتكاثرت في البصرة أكشاك بيع الوقود والكاز قرب محطات التعبئة, على شكل أكداس هرمية متكونة من الجلكانات المعبئة بالبنزين, وزيت الغاز, فتراها موزعة على امتداد الطرق الرئيسية, وصرنا في أمس الحاجة لتعبئة جلكاناتنا بالماء والوقود, وإنفاق ثلاثة أرباع مرتباتنا الشهرية لتغطية تكاليف شراء زيت الغاز والبنزين من الأسواق السوداء, أو من الطرق الخارجية. أو ملء جلكاناتنا بالمياه العذبة من الخزانات العامة, ومحطات التصفية المنتشرة في الأحياء الشعبية. فليس أمامنا أي خيار سوى إرهاق ميزانيتنا المتواضعة, واستنزاف مدخراتنا من اجل شراء الجلكانات, ومن ثم ملئها بكمية الوقود اللازمة لتشغيل المولدات الكهربائية, التي أصبحت عندنا من السلع المنزلية المعمرة, والمرتبطة مصيريا بالمرحلة الجلكانية التي نمر بها اليوم.

نشرة التحرك للثورة في سورية ليوم السبت 07/11/2009

رامي مخلوف يضع يده على الكهرباء

بحجة عدم وجود الأموال الحكومية لتمويل قطاع الكهرباء

حوار مع تعميم حزب البعث لماذا الشلل في ابداء رأي بهذا الموضوع؟

المكتب المركزي للإحصاء:

جميع أسعار المواد الإستهلاكية الغذائية والكهرباء والمحروقات

إرتفعت من 106% إلى 167% قياسا لأسعار 2007

1. رامي مخلوف يضع يده على قطاع الكهرباء بحجة عدم وجود أموال حكومية لتمويله

نشرت "أخبار سوريا" خبر وصول عمليات تسلط ونهب رامي مخلوف ( وشريكه بشار الأسد، وبقية الأقرباء) على البند الخامس من الفعاليات الإقتصادية السورية وهو الطاقة الكهربائية في سورية، وذلك بعد أن تم وضع اليد وإحتكار عمليات الإتصالات، والموانىء، والطيران، والأسواق الحرة. ويُمكن الإطلاع على كامل الخبر من العنوان التالي http://www.free-syria.com/loadarticle.php?articleid=36255

بداية، ليس الأمر محصوراً في عمليات إستيلاء واحتكار منظّمة على مختلف الفعاليات الإقتصادية الكبرى في البلاد، وإنما تتجاوزها إلى عملية "إستحمار" أكرر "استحمار" للشعب السوري بكامله، مضافا للإحتقار الذي يتضمنه مضمون العملية.

أما الإستحمار، فيتجلى في تبرير العملية، وأنها بسبب عدم وجود أموال حكومية للقيام بتمويل مشاريع الكهرباء!! ويدخل الإستحمار، في التساؤل المنطقي البدهي، وهو كيف يُمكن للص مثل رامي مخلوف أن يملك أموالا أكثر من الدولة السورية بكاملها؟ وكيف له أن يقترض من بنوك سورية وأجنبية، ولا تقدر دولة سورية "الأسد" على ذلك؟ يبدو بوضوح أن التبرير هو من السخف الشديد بمكان، ولدرجة لا يحتمله إلا عقل الحمير فعلاً، وهؤلاء من الموالين العميان لبشار الأسد وأقربائه وعصابته وحُماته!!

أما الإحتقار، قصدي إحتقار رامي مخلوف وبشار الأسد "ليميتد" للشعب السوري، فهو في تمكن المذكورين مع بقية الأقرباء الحاكمين للدولة، من إستغلال سلطة الدولة المتسلطين عليها، للقيام بنهب مشاريع البلاد وثرواتها وأموالها، بما فيها أموال الشعب والموطنين جميعاً!

واليوم يتبين، أسباب إصرار وعناد الدردري، على استمرار إرتفاع أسعار الكهرباء، رغم إنخفاض السعر العالمي للوقود، ورغم إنخفاض أسعار الكهرباء في الدول المجاورة، ألا وهو الرغبة في إستمرار بقائها مرتفعة، لحين أستلامها رسميا من قبل رامي مخلوف وشريكه بشار، وعندها سيتقاضون إلى الأبد الأسعار غير العادية في إرتفاعها من كل مواطن من الشعب مُبَرَّرة على أنها كانت موجودة من قبل أن تؤول إليهم. وتماما كما هو الحال في شركتي الهاتف المحمول اللتين يحتكرهما رامي مخلوف!

والآن جاء الدور على خدمة الكهرباء الأساسية الأكثر ضرورة من الهاتف المنقول، والتي لا يُمكن الإستغناء عنها من أيٍّ مواطن إطلاقاً، فأنت أيها المواطن ستُضطرُّ مُرغما لتدفع من دخلك وراتبك فاتورة كهرباء قد فرض أسعارها لصٌّ متسلطٌ على الحكم، وبشكل مسبق، قابلة للزيادة كما يشاء، وإلى الأبد! لماذا؟ لأنه في واقعه لصٌّ مُحترف ومتسلط، وليس جهة حكومية مسؤولة أمام الشعب، عن موازنة السعر مع معدلات دخل المواطنين!!

وهل يُمكن لعاقل أو حتى مجنون أن يقول، أنه لولا سيطرة وتسلط بشارالأسد وأقربائه على الحكم إستبداديا وديكتاتورياً، كان يُمكن أن يتجرأ اللص رامي مخلوف من أن يفكر – مُجرّد تفكير - أو حتى يحلم بأن يتمكن من التسلط حتى ولو على واحد بالمئة من جميع الفعاليات الإقتصادية السورية الضخمة بهذه البساطة؟ وأن تصل ممتلكاته إلى عشرات مليارات الدولارات، ولدرجة أن يُصدر المجرم بوش قرارا بتجميد حساباته في البنوك الأمريكية ( لأن شراكته مع بشار معروفة)! علماً أنه وأبوه وجميع أقربائه من آل الأسد ومخلوف وغيرهم لم يكونوا يُساوون في ثرواتهم إلا قليلا فوق الصفر قبل سنوات. فلا هم قاموا بإنشاء مشاريع صناعية أو زراعية ضخمة درتّ عليهم المال بشكل مشروع! ولا كان لهم أملاك ضخمة باعوها في ظروف إستثنائية فدرّت عليهم أموالا ضخمة كانت بداية لثرواتهم الحالية!!

والحقيقة التي يعرفها كل مواطن سوري، أن محمد مخلوف والد رامي، كان موظفا صغيرا جدا قبل الحركة التصحيحية، التي رفّعته ليُصبح مديرا عاما للمؤسة العامة للدخان "الريجي" والتي تمكن من خلالها بواسطة عمليات فساد وسرقات ضخمة ومعروفة، من خلق ثروة كبيرة. ثم جاءت شراكة رامي مع بشار الأسد بالتضامن والتكافل، فاستغلا سلطة الدولة استغلالا كاملا لوضع اليد على كل مشروع في الدولة، والتعاقد بعقود مشاريع فساد هائلة طيلة تسع سنوات متتالية، استنزفت مُعظم خزينة الدولة وجعلتها خراباً يباباً، لا تقدر إلا على دفع الرواتب والأجور، والباقي لهما، مع حصة متفق عليها لبقية الأقرباء من العائلة الحاكمة! سليلة الشرف والمجد والفخار، المتسلطة على الشعب المسكين ومقاديره!

لن أقول كما قال المحرّر الذي ختم الخبر بقوله: "رحم الله سوريا ورحم شعبها"! بل أقول إن سوريا – وشعبها - تستحق ما يُفعل بهم لطول صبرهم على لصوص فاسدين مكشوفين ينهبونهم في كل زاوية من زوايا حياتهم، وينهبون حتى أموالهم الخاصة (بواسطة عمليات تخفيض العملة التي وصلت نسبتها ل75% من سعر العملة في عام 2004)، ولا يتحرك الشعب للخلاص! الخلاص؟ ممن؟ من مجرد عصابة لصوص سارقين فاسدين، لا يحتملون أن يٌقتل بعضهم حتى يُولّوا الأدبار هاربين خارج البلاد بما نهبوه وسرقوه. ولكن من كان يفضل الأمن الرخيص لحياته، فهو يستحق أن تُنهب أمواله، وتُسبى نسائه، ويُدكُّ في السجون والمعتقلات بدون محاكمة، أو يُحاكم بمحاكم هي التراجيديا المضحكة بذاتها!

وأتساءل ألم يبقى رجال في سورية إلا هيثم المالح ومُهنّد الحسني؟ وأين رجالات البلاد من المثقفين والعمال وأصحاب الأعمال الشرفاء، وأين أساتذة الجامعات والمعلمين والأطباء والمهندسين والمحامين ورجال الإعلام والفنون وغيرهم؟ وأين ما تبقى من البعثيين الشرفاء، وأين رجال الدين الذين أمرهم الله بأن لا يركنوا للذين ظلموا، فتراهم بعكس ذلك يتسابقون لحضور طعام الإفطار من مال حرام، تلبية لدعٍوة لصٍّ سارقٍ فاسد؟ ويلكم هل اخترتم أن تدخلوا في زمرة المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً}

وأقول لجميع من ذُكر أفرادا وجماعات، لكلّ واحد منكم نصيبه من المسؤولية أمام الله وأمام الشعب، والفائز هو من يسترجع ضميره ويعمل بشرفه وشرف مواطنته، ويتحرك لإنقاذ البلاد: الوطن والشعب، من حثالة عصابة لصوص قذرة تمكنت منه في غفلة عن الزمن!!

2. حوار مع تعميم حزب البعث لماذا الشلل في ابداء رأي بهذا الموضوع؟

نشر موقع كلنا شركاء مقالاً للمدعو "حاتم قدّاح" بعنوان "حوار مع تعميم حزب البعث لماذا الشلل في ابداء راي بهذا الموضوع ...؟" http://all4syria.info/content/view/16531/161/ يتكلم فيه عن الجماعات الإسلامية في الظاهر، ولكنه ُسدّدَ رمياته إلى الإسلام والمسلمين، والثوابت والمعتقدات الإسلامية، بل ويتمادى إلى السخرية من الله تعالى، فلعنة الله عليه، وعلى كل من كان على شاكلته!

وقد جاءت مقالته ردّا على فتاة بعثية أرسلت رسالة إلى بشار الأسد تشكو فيه من إنتشار الإسلام والتوجهات الإسلامية، قائلة: أين هو البعث وأفكاره العظيمة لتمنع هذا الخطر عن الشعب، وعن البعث؟

لم تتأثر وتهتم هذه الفتاة الشريفة!! بالفساد الهائل الذي يُدمّر البلاد وإقتصادها ومعيشة شعبها، والفقر لدرجة الجوع والحرمان الذي يتحكم في الأكثرية الساحقة من حياة الشعب السوري في ظل حكم بعث بشار الأسد، ولا بالتخريب الشامل لمختلف فعاليات الوطن، ولا بالتسلط الديكتاتوري الإستبدادي الضالّ المخرب الفاسد على الحكم، كل ذلك لم يهمّها، ولكن أخافها إنتشار الإسلام بين الناس وخطورة ذلك على البعث وعلى الحكم في الواقع، وليس على البلاد، لأن قيادات البعث الحالي أثبتوا جميعا، أن البلاد لا تهمهم مقدار ذرّة، وإنما يهمهم استمرار حكمهم وتسلطهم على البلاد للسير في نهبها واستنزافها!

أما المجرم كاتب المقال المدعو "حاتم قدّاح" فلقد حاولت أن أذكر بعضا من أقواله هنا لأناقشها ، فوالله كدت أُصاب بالتقيؤ، فامتنعت، فمن أراد الإطلاع على المقال المذكور فلينقر على الرابط أعلاه!

وأقول، أنا كنت بعثيا منذ شبابي– ولكن بعثي شريف ومسلم مؤمنً – وقد فصلني المجرمان رفعت الأسد والكسم 1980 لسبب تمسكي بالشرف والأمانة بالذات، ورفضي التعاون معهما في مشاريع الفساد.

كنت أومن بالبعث كطريق للحرية والبناء والتنمية الوطنية ومعالجة أزمات الشعب ورفع مستوى معيشته، وطريق لتحرير الأراضي المحتلة من سورية وفلسطين، وطريق لتحرير باقي بلاد العرب من زعامات الخيانة الموالية، وكطريق للوحدة العربية في تحقيق دولة الإتحاد العربي. وما نجد الآن إلا أن البعث قد أصبح مجموعة قيادات فاسدة لصّة – بكلّ معنى الكلمة - سارقة لأموال الدولة وحتى الأموال الخاصة للمواطنين أيضا، تُمارس جميع أشكال الإرهاب على الشعب! وأما أهداف التنمية والبناء والحرية والتحرير والوحدة، فلقد أصبحت جميعها خارج قاموس البعث كلّية، ولم يعد يذكرها أحد إطلاقا إطلاقا، حتى ولا كشعارات! والذي نتأ اليوم زيادة على ذلك، هو الإصرار على الكفر واستنكار الدين والهزء بالله تعالى من قيادات فاسقة فاسدة. {أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}! ألا فليسط بعثٌ فقد مبادئه وأهدافه، وانقلب إلى عصابة تسلط وفساد ونهب، وصولا إلى الخيانة والتفريط في القضايا القومية!!

3. المكتب المركزي للإحصاء: جميع أسعار المواد الإستهلاكية الغذائية والكهرباء والمحروقات إرتفعت من 106% إلى 167% قياسا لأسعار 2007

نشر موقع damaspost.com بيانا للمكتب المركزي للإحصاء، يبين فيه مدى ونسب إرتفاع الأسعار في جميع المواد الغذائية والمحروقات، وهو مكتب حكومي رسمي في الدولة. للاطلاع على الخبر :

http://www.damaspost.com/اقتصاد/المركزي-للإحصاء-أسعار-اللحوم-ترتفع-154.htm

يتبين من أرقام البيان أن أسعار المواد الغذاية جميعا قد إرتفعت في هذا العام بنسبٍ تتراوح بين 106% أي أكثر من الضعف لأسعار المواد الغذائية، إلى 167% أي ما يقرب من الضعفين لأسعارالمازوت والطاقة والغاز والكهرباء! ولم يبيّن المكتب أسباب ارتفاع الأسعار، لأن مهمته فقط الإحصاء!

أما الأسباب الحقيقية المخالفة لأكاذيب شيطان الخداع والكذب والتخريب المجرم الدردري وعصابته، فهي تتجسد أولاً: بقيام الحكومة العطرية الدردرية بعدة تخفيضات لسعر العملة وصلت نسبتها إلى 50% بدأتها في عام 2004، بما يعني أن الليرة أصبت نصف ليرة، والمليون أصبح نصفه، ونتج عن ذلك مضاعفة أسعار جميع المواد إطلاقا. ثم أوقفتها في منتصف عام 2007 عندما فاحت رائحتها القذرة وأستبدلتها بإلغاء الدعم. ونظرا لحاجة استحقاقات مشاريع الفساد المتزايدة لبشار الأسد ورامي ومخلوف وشركاهم، فقد عادت إلى تخفيض العملة بنسبة 25% جديدة قبل شهور إضافة للنسبة السابقة، وكانت السبب في طفرة الغلاء الإضافية الحالية. وتدل المعلومات المتوفرة، أن طفرة ثالثة من تخفيض العملة بدأت حاليا وتستمر إلى نهاية العام لتُسجل تخفيضا ثالثا الله أعلم بمقدار نسبته!

وثانياُ، هو التخريب المقصود للصناعة والزراعة الوطنية ولمعيشة الشعب تنفيذا لأوامر البنك الدولي "الصهيوني"، الذي فوضه بشار الأسد "رسمياً" برسم السياسات الإقتصادية لسورية!!

إن عمليات تخفيض سعر العملة يأتي عن طريق قيام الحكومة بطباعة كميات من العملة بلا غطاء

قانوني من الذهب والعملات الأجنبية، فتصبح قيمة الغطاء النظامي القائم قبل التخفيض، تُغطّي ضعف الكمية السابقة، فتنحدر قيمة الكمية المضاعفة إلى النصف، أو أي نسبة يجرى الطباعة وفقا لها!

ومن المعلوم أن تخفيض العملة لا يقتصر في نتائجه على الغلاء المتتالي بازدياد، وإنما أيضا على تنقيص قيمة أموال المواطنين ورواتبهم بذات نسبة التخفيض. فمثلا من كان يملك مليون مثلا قبل عام 2004، فقد أصبح يملك مليون كرقم فقط ولكن قوته الشرائية لا تزيد عن ربع مليون، ولكي يشتري شيئا كان ثمنه مئة ألف مثلا، فهو يحتاج إلى 400,000 ليرة، وهذا هو ما يُسمّونه في الظاهر الغلاء، وما هو إلا سرقة الحكومة لأموال المواطنين. وأما المصيبة الأكبر فتقع على رؤوس العمال والموظفين والمتقاعدين الذي مُسخت القوة الشرائية لرواتبهم بنسبة 75% وينطبق علهم ذات الأمثلة المذكورة!

========================

وماذا على الشعب أن يفعل ؟

يبدو حتى الآن أن بشار الأسد غير مهتم بمُطالبات الإصلاح الجذري الكامل، رغم أن الشعب كان يأمل قبوله! وما كنتُ متوقعا غير ذلك! فهل سمعتم – إلا في النادر النادر – أن لصّا فاسدا قد إنحدر خلقه إلى الفساد، وحتى الخيانة، قد إنقلب تقيا ورعا يرعى مصالح الناس؟

إن حالة البلاد والشعب قد وصلت من السوء والفساد المُتعاظم والتخريب والإفقار والفشل، وتسليم فعاليات البلاد إلى شركات أجنبية وممثليها من الأقرباء، واليأس المؤلم الذي وصل لدرجة عدم إحتمال مختلف فئات الشعب، وتحدي بشار الأسد وأقرباؤه لاستمرار كل ذلك بل وزيادته، مما أصبح يتطلب معالجة جادة لتأمين الإصلاح الشامل الجدّي وإنهاء الفساد والتخريب وسوء الإدارة، ولكن من جانب الشعب لعدم إهتمام السلطة بالقيام بالإصلاح لإنهاء الحال الذي لم يعد ممكنا إحتمال إستمراره! وبالتالي هل بقي هناك إلا الثورة الشاملة؟

وإن الثورة ليُمكن أن تبدأ سلمية بإجراءات ذات طبيعة تحذيرية، فإن استجابت السلطة للإصلاح عند ذلك فبها ونعمت، وإلا فلا مناص من توسع الثورة لتشمل جميع أدوات الثورات المعروفة في العالم. وبالتأكيد فلن تتمكن أن تنتصر عصابة لصوص متسلطة على شعب كامل قرر تخليص أموره ومعيشته وكرامته ووطنه من عصابة متحكمة في وطنه.

و لنتساءل: هل نريدها ثورة سلمية بأقلِّ درجة ممكنة من الأضرار؟ إن ذلك ممكن بالعصيان المدني السلمي، وذلك بالإمتناع الفردي عن دفع جميع الضرائب والرسوم لحكومة الفساد والنهب وسقة أموال الخزينة وأموال المواطنين ورواتبهم! وهو ما يُمكن أن يتدرج مستقبلا، في حال عدم إستجابة السلطة!

أما الحل الآخر فهو أن نترك الأمور حتى تتفاقم أكثر وأكثر، فلا ينفع معها يومئذ إلا ثورة دموية عنيفة تحرق الأخضر واليابس في سبيل الخلاص؟

وهل لنا أن نتساءل، فيما إذا كان سيدفع بعد كلِّ ذلك أية ضرائب أو رسوم لحكومة الفساد والنهب والتخريب والخيانة؟ إن قال نعم:

1. فهو يخون نفسه ومصالحه، ومستقبل أولاده، ويخون شعبه ووطنه وعروبته!

2. وهو يخون ربّه ودينه بإستكانته للظالم، وأي ظلم هو بعد الذي تفعله العصابة بالشعب؟

3. وهو يون القِيَم الأخلاقية التي نشأت عليها العرب وقام عليها الإسلام والمسيحية!

أيها المواطن العربي السوري،

عهدَ الله، وعهدَ الإخلاص لوطنك وشعبك وأسرتك ونفسك:

الإمتناع الشامل الكامل عن دفع أيٍّ من الضرائب والرسوم إلى حكومة الفساد والتخريب والخيانة، فهو الطريق الحق الآمن السلمي والأكيد للخلاص نهائيا من عصابة التسلط والفساد والتخريب والخيانة.

هو عهدٌ مع الله، فالتزمه كرجل وكمؤمن، وحتى إنحسار حكم بشار الأسد وأقربائه وعصابته عن البلاد، وعن صدر الشعب نهائياً، وإلى الأبد.

ولِنتساءل أيضاً: ألسنا نسعي إلى مستقبل وحكم ديموقراطي نزيه، يُمثل جميع الشعب ومصالحه تمثيلا صحيحاً، ويوفر له حرياته الإنسانية والدستورية، ويعمل للبناء والتطوير وحقوق الشعب؟ وأن تتحقّق مصالحنا المعيشية والوطنية والقومية؟ وأن هذا لن يكون إلاّ بالإنتهاء إلى الأبد من مرحلة سوداء من الإستبداد والفساد، والتسلط والظلم والظلام، والبطالة والأزمات التي خلقوها خلقاً، وفاقموها ظلما وعدواناً وفساداً؟

بكلّ إحترام/ المهندس سعد الله جبري