السبت، 6 فبراير 2010

أمة اقرأ لا تقرأ


أحمد مظهر سعدو
   هل حقاً أن أمتنا وهي أمة اقرأ لا تقرأ ؟ وهل صحيح أن هذا الجيل ومن سبقه ومن سيأتي بعده قد راح يهتم بالانترنت والفضائيات على حساب القراءة، أم أن للمسألة أبعاداً أخرى ، ومنافذ مختلفة .. لعله كل ذلك، أو يزيد عليه، بل لعله الواقع المعاشي للناس الذين راحوا ينهمكون في البحث عن لقمة العيش وتأمينها لأطفالهم، قبل البحث عن كتاب للثقافة والقراءة .. وفي الواقع فإن أمتنا العربية قد أضحت من أقل الشعوب في العالم مطالعة وقراءة ومتابعة ثقافية، وهو حال تؤكده الأرقام، وتشهد به الإحصاءات وتؤشر عليه المقارنات، بين أعداد الكتب المطبوعة والصادرة في الوطن العربي، وتلك التي تطبع في أوروبا أو أمريكا، وهي قضية تحتاج منا نحن الذين نتعاطى بالكلمة، والفكر، وما يرافقهما، فليس معقولاً أن تشدنا الفضائيات بعيداً عن الكتاب، وليس مقبولاً أن نكتفي بتلقينا الثقافي عبرها وما يجاورها، لأن للكتاب طقسه، وللكتاب مكانته، وهو خير جليس كما قال العرب، وإذا كنا نلتقي بشبابنا وشاباتنا، فيقولون لنا أن الأجيال السابقة لنا كانت تمنح الكتاب اهتماماً أكثر، ونحن الآن لا نقرأ لضيق الوقت، بل نتابع المسلسلات لأنها أسهل بالتلقي، فنحن نشاهدها بينما نضطجع على الأريكة، وبلا جهد أو تفكير وحرق للحريرات .. وهناك من يقول إن سقف الحريات في وطننا العربي هو السبب، وفي أحسن الأحوال هناك من يكتفي بقراءة الصحف والمجلات، وهي الأخرى قد تراجع بيعها مع وجود الصحف الالكترونية وتصفح ( النت) الذي بات تقنية العصر، بل مرضها في بعض الأحيان، إن لم نعرف كيف نستخدمه ونتعامل معه .. وهنا يجدر  بنا القول لجيلنا الصاعد أن لا يكتفي بقراءة المقررات الجامعية، بل عليه الالتفات إلى الكتب التي  يراها ضرورية لاستكمال ثقافته المعرفية فلا وجود لعقل متفتح وعصري بعيداً عن الثقافة وامتلاك المعرفة، ولا يمكن إلا أن تعود أمة اقرأ كي تقرأ فهل نجد رجع صدى لكلمتنا هذه يا ترى ؟!.

مؤتمر " الأسرى" في برلين


 نضال حمد*

فور قراءتي للخبر المنشور في وسائل الاعلام عن شعار مؤتمر فلسطينيي اوروبا الثامن ، المزمع عقده في برلين في ايار/ مايو من هذا العام ، عبرت عن بالغ سعادتي بذلك الخبر..  فلطالما كنت أنتظر مثل هذه الخطوة من جميع المؤسسات الفلسطينية العاملة في اوروبا والشتات العالمي .
 حرصت دائماً على تذكير الأخوة العاملين في مؤتمرات فلسطينيي اوروبا والجاليات والشتات الفلسطيني وحق العودة والقدس والجدار والخ وكذلك الرفاق والأصدقاء الاوروبيين المؤيدين والمناصرين للقضية الفلسطينية ، بأنه يجب تبني موضوع الأسرى مثلما تم تبني موضوع اللاجئين وحق العودة.

لا مكان لليأس في هذه القضية

 لم أشعر في يوم من الأيام باليأس يتسرب الى نفسي من تكرار النداء وعدم التجاوب المطلوب مع هذا الأمر. وبقيت متسلحاً بقناعتي بهذا الشعب.. لذا واظبت على التذكير بموضوع الاسرى في مناسبات عديدة ، سواء خلال المؤتمرات ( مثلاً دائما كررت هذا النداء على مسامع المشاركين في مؤتمرات فلسطينيي اوروبا وكذلك الجاليات في اوروبا والشتات).. واللقاءات والندوات والمهرجانات والتظاهرات ، أو في المقابلات التلفزونية. مثلما حصل مؤخراً عبر برنامج"مع الحدث" في فضائية "المنار" حيث استخدمت وجودي في الفضائية واثناء المقابلة للحديث عن الفلسطييين والعرب في اوروبا ، لأعود واكرار نداءي للفلسطينيين أينما كانوا لتبني قضية الأسرى ورفعها الى أعلى جداول أعمالهم اليومية.

" لماذا لا تتعامل الجاليات الفلسطينية مع موضوع الأسرى بشكل جدي؟"

في فترة سابقة من العام المنصرم كتبت مقالة بعنوان " لماذا لا تتعامل الجاليات الفلسطينية مع موضوع الأسرى بشكل جدي؟" وكانت تلك المقالة بمثابة نداء موجه لكل القوى الفلسطينية العاملة في الساحة الاوروبية ،ناشدتهم تبني تلك القضية وعدم حصرها بالمناسبات فقط لا غير. فتحويل قضية الأسرى الى احتفالات مناسباتية يضر بها ولا يفيدها. لذا يجب العمل بشكل أكثر جدية من أجل بناء لوبي متعاطف مع الأسرى ، يتكون من فلسطينيين وعرب ومسلمين وأجانب ، أوروبيين وغير اوروبيين. تكون مهمة هذا اللوبي اعداد برامج تضامنية ، منوعة وعديدة ومختلفة، تحكي عن معاناة الاسرى وتجاربهم وحياة الأسير في السجون والزنازين ووسائل التعذيب والاذلال والاهانة والمعاملة الوحشية التي يتلقاها في المعتقلات الصهيونية ، التي تشبه لحد بعيد المعتقلات الفاشية والنازية. ويجب أيضاً القيام بحملة تحضير معلوماتية كبيرة ومفيدة ، تكون ذات فعالية ، تعطي المهتمين معلومات جيدة بلغات منوعة. ويستحسن أيضاً أن يكون هناك تسجيلات لشهادات وتقارير خاصة مرئية ومسموعة ، وصورا فوتغرافية ، لكي يستطيع اي مهتم اوروبي بالذات ، أن يحصل على كل ما يريده من معلومات. بالتأكيد ان المعلومات التي تتوفر له سوف تفيده في عمله ، وستفيد الأسرى عبر تحريك قضيتهم في المجتمعات والبرلمانات والاعلام وكذلك في الحياة الاوروبية.

على هذا اللوبي (الذي نأمل ولادته سريعاً ) الداعم لقضية الأسرى ، أن يعمل لايجاد طرق ممهدة له يدخل عبرها الى البرلمانات الاوروبية لتقديم صورة حقيقية عن اوضاع الحركة الاسيرة. ولا بد لهذا اللوبي كي ينجح أن يعزز علاقاته مع الجهات والمؤسسات والمراكز والجمعيات المختصة بشؤون الأسرى. والجدير بالذكر أنه يلاحظ الآن ازدياد أعداد تلك المؤسسات هنا وهناك. ولا غرابة في ذلك لأن موضوع الأسرى اصبح قضية وطنية ساخنة ويومية في الشارع الفلسطيني.


سنة 2005 وفد الأسرى والمحررين في اوسلو

 سبق وقامت الجالية الفلسطينية في النرويج سنة 2005  ، بدعوة وفد كبير من وزارة الاسرى والمحررين الفلسطينيين ،  لزيارة اوسلو ،  والالتقاء ببعض السياسيين والبرلمانيين والمهتمين النرويجيين. كان الهدف من تلك الدعوة أن يسمع الطرف النرويجي عن معاناة الأسرى من مصادر رسمية فلسطينية حكومية، تعترف بها الحكومة النرويجية ، وتقيم معها علاقات رسمية دبلوماسية وسياسية واقتصادية. إذ أن عمل بعض الأفراد أو بعض المؤسسات والجاليات لا يكفي للوصول بهذه القضية الى أعلى المستويات. مع العلم أن موضوع الاسرى بدأ في النرويج منذ عدة سنوات يوضع على جدول اعمال حركات ولجان التضامن، وبدأ الحديث عنه يتردد على ألسنة البعض. ومنذ سنة 2002 لم يعد غريباً أبداً أن يرى المرء ملصقات أو شعارات عن الأسرى أو صورة لأسيرة او أسير ، أو بيان معلوماتي بلغات عدة  يوزع في كل تظاهرة كانت تخرج في أوسلو عاصمة النرويج.

لا يكفي فقط تشكيل مؤسسة واصدار بيانات

قام مؤخراً بعض النشطاء الفلسطينيين في اسكندنافيا بتشكيل رابطة لدعم الأسرى مع أن تسميتها لم ترق لي شخصياً وطالبت القائمين عليها بتغيير الأسم وهو " رابطة انصار نادي الأسير " هذا النادي في التصنيف الفصائلي الفلسطيني يتبع لحركة فتح. وهناك مؤسسات تعنى بالاسرى تابعة لفصائل فلسطينية أخرى. فالتسمية بحد ذاتها تعني انحياز هذه الرابطة لطرف ما على حساب الأطراف الاخرى. لذا طلبت منهم أن يراجعوا التسمية وأن تسمى مثلاً " رابطة دعم الاسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الصهاينة". لم يستجب لهذا الطلب. في النهاية هذا شأنهم وحدهم ، فأنا شخصياً لست عضوا في تلك المؤسسة. على كل حال ، الذي يجب أن يعالج هنا هو طبيعة العمل ، إذ لا يجوز أن يقتصر التضامن مع الأسرى خاصة من قبل رابطة أو مؤسسة على بيان باللغة العربية بمناسبة ما .. العمل التضامني أكبر من ذلك بكثير ، يلزمه استراتيجية وجنود مجهولين ينفذون البرامج والخطط ، ويضعون نصب أعينهم التضحية والجد لأجل ايصال هذه القضية الى كل مكان في الدنيا.

رسم الخطط واعداد البرامج

على القائمين على مؤتمر برلين القادم أن يرسموا خططاً ويعدوا ورشات وبرامج ومعارض وأن يستضيفوا خبراء في موضوع الأسرى بغض النظر عن انتماءاتهم الفصائلية. فالقضية أكبر من الفصائل وأهم من الصراعات الجانبية. انها قضية تخص في المقام الاول أكثر من عشرة آلاف اسير وعائلاتهم وفي الثاني تخص كل وطني فلسطيني ينتمي لفلسطين العربية. وكنت مؤخراً على هامش مشاركتي بمؤتمر دعم المقاومة في بيروت التقيت بالصديقين المحررين سمير القنطار وأنور ياسين، حيث دارت بيننا احاديث كثيرة منها ضرورة العمل على تحرير الأسرى بكل الوسائل والطرق. وما اشهار قضيتهم على الصعيد العام الفلسطيني في اوروبا سوى خطوة كبيرة في هذا الاتجاه الصحيح ، الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى انتزاع حرياتهم وتحررهم.


·                                                              مدير موقع الصفصاف    
·                                                               

دولة زعران


مصطفى إبراهيم
6/2/2010
ذكرت بعض المصادر الإسرائيلية أن قادة كبار في الجيش الإسرائيلي فوجئوا من حدة التقديرات التي أطلقها إيهود باراك وزير الأمن الإسرائيلي خلال لقاءه معهم الأسبوع الماضي، عندما قال:" إنه في ظل عدم التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية، قد نجد أنفسنا في مواجهة عسكرية يمكن ان تؤدي إلى حرب شاملة".
كما فوجئت القيادة الإسرائيلية من تحذير وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي قال: "إن أي حرب في هذه الحالة ستتحول إلى "حرب شاملة"، وأضاف: " لن تسلم منها المدن الإسرائيلية، وقال "لا تختبروا أيها الإسرائيليون عزم سوريا، تعلمون ان الحرب في هذا الوقت سوف تنتقل إلى مدنكم، عودوا إلى رشدكم وانتهجوا طريق السلام، هذا الطريق واضح والتزموا بمتطلبات السلام العادل والشامل".
وتابع المعلم أن " إسرائيل تسرع مناخ الحرب في المنطقة وأقول لهم كفى لعباً لدور الزعران في هذه المنطقة مرة يهددون غزة وتارة جنوب لبنان ثم إيران والان سورية".
وما تلا ذلك من هجوم وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على القيادة السورية، وتهديداته لها بإطاحة نظام الحكم، وما لاقته من انتقادات واسعة في الساحة السياسية الإسرائيلية من قبل أوساط في الائتلاف الحكومي، وفي المعارضة، التي وصفت ليبرمان بأنه "يلعب بالنار" و "مثير للحروب"، ودعا بعضها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى إقالته.
وبعد ساعات من هجوم ليبرمان على سورية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بياناً مشتركا مع ليبرمان قالا فيه " إن وجهة إسرائيل للسلام ولمفاوضات سياسية مع سورية من دون شروط مسبقة، لكن بموازاة ذلك ستستمر إسرائيل العمل بإصرار وحزم مع كافة التهديدات التي تواجهها". 
وجاءت تحذيرات وزير الخارجية السوري رداً على تصريحات باراك الذي فجر التصعيد الإعلامي، وردود الفعل في الساحتين السورية والإسرائيلية، إلا أنه عاد وتراجع عن تصريحاته ووجه انتقادات لوزير الخارجية ليبرمان، وقال: "إنه بدلاً من الحماسة الكلامية يجب الجلوس والتحدث، فالجميع يعرف الثمن".
وفي ذات السياق اعتبرت مصادر أمنية إسرائيلية أن تصريحات باراك موجهة إلى الداخل الإسرائيلي، ويهدف إلى أهمية السلام، وادعت بعض المصادر المقربة من باراك أن السوريين أخطأوا في تفسيراتهم تصريحات وزير الأمن الذي قال" إن "حيوية السلام مع سورية من أجل منع حرب شاملة في المنطقة".
 و أراد من خلالها تشجيع نتانياهو على إحياء المسار التفاوضي مع سورية، وأن باراك يتبنى هذا الموقف منذ مدة طويلة، ويدعمه رئيس هيئة أركان الجيش غابي أشكنازي لقناعتهما أن استئناف المفاوضات سيمس بشكل جدي بالمحور الراديكالي التي تتزعمه إيران.
وأضافت المصادر أن باراك يؤمن أيضاً بأن فرص نجاح المفاوضات مع سورية أكبر من احتمالات نجاحها مع الفلسطينيين، وذكّرت صحيفة "هآرتس" بأن أركان الجيش يرون في السلام مع سورية "حتى بثمن إعادة الجولان، انعكاسات ايجابية واسعة ويمكن أن يضعف مكانة إيران ونفوذها الدوليين، فضلاً عن إبعاد سورية عن المحور الراديكالي".
تبريرات وزير الأمن الإسرائيلي باراك والمقربين منه، هي تكرار لإدعاءات سابقة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والتي كانت وما تزال تقول أن التوصل إلى تسوية مع سورية سوف تبعدها عن المحور الراديكالي التي تقوده إيران.
إلا أن بعض المعلقين الاسرائيليين نفى أن تكون تصريحات باراك موجهة  إلى الداخل الإسرائيلي أو حض وتشجيع نتانياهو على إحياء المسار التفاوضي مع سورية، أو تشجيعها على الابتعاد عن المحور الراديكالي التي تقوده إيران فقط، والتي لم ينفك المسؤولين الاسرائيليين عن الحديث عن هذه الاسطوانة، بل تأتي كرسالة تهديد إلى الحكومة اللبنانية وأنها تتحمل مسؤولية كل ما يقوم به حزب الله، وان إسرائيل في حال مهاجمتها لحزب الله لن تهاجم أهداف لحزب الله فقط.
وقال بعض المعلقين إن السر في التصعيد في تبادل الاتهامات بين إسرائيل وسورية بأن إيران قد تحاول دفع أذرعتها في إشارة إلى حزب الله إلى حرب مع إسرائيل رداً على العقوبات الدولية المتوقع ان تفرض عليها.
كما ربطت بعض المصادر الإسرائيلية التوتر مع سورية بالذكرى السنوية لاغتيال القيادي في "حزب الله" عماد مغنية، وقالت إن ثمة مخاوف إسرائيلية من عملية انتقامية لـ "حزب الله" ضد أهداف إسرائيلية في العالم، قد يؤدي إلى إشعال الجبهة الشمالية (مع لبنان).
وتظل الحقيقة الراسخة أن دولة يقودها مجموعة من الزعران وتقوم أساساً على العدوان والتوسع وفرض الشروط  والاملاءات، هي دولة غير مؤمنة بالسلام العادل والشامل.

التربية الفلسطينية في أزمة


د.هاني العقاد
تنعكس أزمات المجتمع في نهاية الأمر على التربية التي تعتمد أولا وأخيرا على فلسفة المجتمع الذي تنشا فيه , فنشأة التربية الفلسطينية قامت على العديد من الأسس الرئيسية والتي تشكل في مجملها الفلسفة العامة للمجتمع الفلسطيني , وعندما حدث الانقسام وتباعدت المسافات بين كل مركبات الشخصية الفلسطينية  بما فيها مفاهيم وأسس فلسفة المجتمع وقعت التربية الفلسطينية في أزمة , لا بل واحتدت هذه الأزمة حتى وصلت ما وصلت إليه اليوم . اليوم اعتلت التربية بشكل كبير لان المفهوم الوطني لإعداد المواطن وتربيته حدث فيه بعض التدخل الحزبي وأصبحت التربية صحيحة
 بيد فئة و خاطئة بيد الآخرين , حتى وصل الأمر لتحييد عدد كبير جدا من  الأكاديميين والتربويين والمربين عن العمل التربوي بالذات هنا في قطاع غزة، ليس بهدف تصحيح منظومة تربوية حدث اكتشاف  خلل هام في بعض أسسها التركيبة ولا لخلق واقع أفضل لمنظومة تربوية اهترأت بفعل التقليدية, بل العكس جاء هذا العمل بلا دراسة  وبلا تقدير مسبق للنتائج  ,وبلا نتائج تنعكس  ايجابيا على الأداء العام ,وإنما جاءت في إطار المناكفات السياسية التي نتجت عن الانقسام بين صفوف و قادة هذا الشعب و دمرت وحدته الوطنية مع تهديد واضح لمستقبلة السياسي و تواجده على أرضه , وجاءت
 نتيجة عدم قبول الأخر والتفاهم معه  ,وحب الاستفراد بكل شيء.
أول ما تأثر بهذا كله الفرد، لأنه اللبنة الأولى للمجتمع الفلسطيني وهو المصدر الذي يحتاجه الجميع, وتأثر الفرد هذا لا يمكن التعرف على مدي ايجابيته أو سلبيته إلا بعد فترة من الزمان لان حساب المخرجات تعطي ثباتا كلما كانت فترات احتساب مدة التأثر طويلة والعكس صحيح , وهذا ما حدث بالضبط في غزة عندما اهتزت المسيرة التربوية قبل سنتين بسبب تحريك العديد من المدراء والمعلمين إلى أماكن غير أماكنهم دون دواعي تربوية ,وإضراب الجهاز التربوي بالكامل عن العمل كعامل ضغط للتراجع عن هذه الإجراءات أو تقنينها ,واستغلال هذا لصالح طرف دون اللجوء للحوار
 والتلاقي لتحليل الجمود و تصويب الخلل الذي أوصل الأمور لحالتها الجامدة و التعامل مع المشكلة بمنهاج تربوي في إطار الفهم الواقعي للعمل التربوي والعمل النقابي معا.
مع هذا اختلت مستويات التحصيل العلمي في كثير من المراحل التعليمية  وكان أكثر الخلل في المراحل الأساسية لان طبيعة المتأثر كانت على درجة كبيرة من الحساسية , وتراجع معها الأداء العام للطالب بل واختلف كثيرا عن سابق عهده , وتأثرت باقي المستويات بنسب متفاوتة حتى وصلت للتعليم الجامعي الذي أصبح في المحصلة درجة علمية بلا فكر متخصص يتناسب واقعة مع الدرجة الممنوحة وأدائها العام  في المؤسسات المختلفة , ولم يكن الأداء العام والمخرجات المحددة تحصيلا أحسن بكثير فيما مضي قياسا مع الدول المجاورة للوطن ولكن كنا نتنافس بهدف تحقيق الأجود والأفضل
 خلال مرحلة استقر فيها واقع السياسة الفلسطينية الداخلية و سارت العلمية التربوية في مسارها الطبيعي  حتى جاءت مرحلة الانقسام و تراجعت معها المستويات التي تحدثنا عنها سابقا.  أن أزمة التربية الفلسطينية مستمرة في التفاقم ومستمرة في التعقيد  طالما استمر الانقسام واستمر التدخل في أسس و مكونات المنظومة التربوية بالكامل  واستمر العمل تحت ظل فلسفة حزبية واحدة ,وطالما استمر إنكار مخاطر الهزة التي أصابت المسيرة التربوية واحتساب واقعها واقع إداري فقط تمت مواجهته  دون الأخذ بالاعتبار الكثير من العوامل التي قادت إلى حدوث أزمة في التربية
 بشكل عام .
مرت التربية الفلسطينية بالكثير من المراحل والكثير من المؤثرات والعثرات إلا أنها كانت تنهض بعد كل مرحلة اقوي مما سبق بل وأكثر إصرارا على الحفاظ على ثوابتها و ثوابت هذا الشعب وأولها وحدته الوطنية  , وهذا يمكن للبعض الرجوع إليه خلال مراحل الانتفاضات الفلسطينية والحروب الإقليمية والأمراض والأزمات العالمية إلا أن المرحلة الأخطر والتي في رأي أنها نالت من التربية الفلسطينية  هي المرحلة التي تمر فيها التربية الفلسطينية الآن من انقسام و تباعد بين الإخوة  , ولعل في تقديري للأمور إن استمرار تأزم التربية الفلسطينية بواقعها الحالي سينذر
 بكارثة على الشعب الفلسطيني أكثر خطرا من كارثة الاحتلال ذاته وأكثر خطرا على ماضية وحاضرة و مستقبلة من أي عوامل أخري .
اليوم يمكننا كمفكرين المساهمة في إعادة رص الصفوف بحرص شديد على سلامة هذه الأمة ومستقبل كيانها السياسي ,وإعادة اللحمة التربوية على الأقل قبل فوات الأوان ,ويمكننا  التخلي عن أي من أفكارنا الحزبية الضيقة لصالح العمل التربوي العام ,ونقف عند اعتلال التربية الفلسطينية ونحدد عوامل اعتلالها والأسباب الأدق لهذا الاعتلال  ونخطط معا خارج التوجهات السياسية  من جديد لبقاء تربيتنا الفلسطينية قوية مستقلة , قادرة على النهوض كلما ضعفت ونعمل معا للتربية والنشء بمهنية عالية وبوعي وطني اكبر من الحزب و الفصيل والمغانم والذات.
إن التربية الفلسطينية أصبحت بحاجة إلى فريق وطني متخصص,مطلع ,  يعرف ما يحتاج الميدان التربوي من عمل ,ويعرف ما يحتاج الفرد من برامج  ,ويعرف ما يحتاج المهني من دعم نفسي ولوجستي وتدريبي عالي الجودة ليتخلص من ذاتية التحزب وذاتية التجارب و ذاتية المحاولة و الخطأ والإقصاء والتحييد, ويعرف كيف يقوي عناصر المنظومة التربوية ويعمل على تحيدها واستقلالها , على أن يكون لهذا الفريق صلاحيات عالية يستطيع من خلالها تقيم كافة جوانب المنظومة و تحديد  الحاجة أو الخلل والعمل على إصلاحه فورا دون الرجوع إلى قرار سياسي أو موافقة قائد أو رضا حزب

في المشروع الوطني المستقل تحديات لها تاريخ ومعالجات أكيدة


 بقلم: عبد السلام بوعائشة

    واقع اللغة العربية في بلادنا وما يشهده من تهميش مقصود من عدد لا يستهان به من النخب السياسية والثقافية والإعلامية فضلا عن نخب الإدارة والعلم يختزل بشكل ملموس واقع الهوية,هوية  المجتمع وهوية الدولة, ويكشف عن عمق التشوهات التي لحقت بنسيج كل منهما على جميع المستويات. هذا الواقع  وإن كانت بداياته قد تزامنت مع سياسات الاستعمار الفرنسي المباشر لتونس منذ سنة1881 و استمرت على امتداد سبعين سنة أي إلى حدود1956 إلا أننا وللأسف نرى انه اتخذ مع  حكومة الاستقلال أبعادا أكثر خطورة وتأثيرا على البلاد ومستقبل أجيالها وأفضى إلى ما نعيشه اليوم من أزمة حقيقية تعصف بمجمل نظامنا الحياتي من اقتصاد واجتماع وثقافة وتعليم بل وتعدت ذلك كله لتنسحب على وعينا الدفين بموضوع الهوية في علاقتها بالآخر وعلى طريقة مقاربتنا لمشاكل البلاد وسبل حلها حاضرا ومستقبلا.
في زمن الحركة الوطنية التحريرية كان الخط الفاصل بين الانتماء وبين التبعية والعمالة للمستعمر الفرنسي واضحا بفعل الحضور المادي المباشر لجيش الاستعمار و سياسته القمعية التي مثلت حاجزا بينه وبين الشعب تتباين في العمق مع مطالب الحركة الوطنية  كما كانت المقاومة على عهده متحصنة في المؤسسات التقليدية للمجتمع وفي منظومة القيم التي سارت عليها حياة البلاد منذ قرون ونتيجة لذلك فان العلاقة بين مشروع الاستعمار ومشروع التحرر الوطني ما كان لها أن تتجاوز حدود الصراع التصادمي إلى التعايش والتصالح ولم يفلح الاستعمار رغم جبروت قوته العسكرية وتفوقه العلمي والاقتصادي والنهضة الشاملة التي كانت عليها فرنسا في كسر شوكة المقاومة وإجبار المجتمع على القبول بنواميس حضارته ومدونة ثقافته ومصالحه. لكن ومع خروج جيوشه المباشرة سنة 1956 وقيام حكومة وطنية من أبناء البلاد غابت الحواجز المادية التي كانت تفصل بين مشروع المستعمر ومشروع التحرر الوطني وبالمقابل اعتمدت الحكومة على نظم في السياسة والاقتصاد والتعليم متأثرة أيما تأثر بنظم المستعمر إن لم تكن صورة طبق الأصل لنهجه وخياراته في بناء الدولة - وقديما قال ابن خلدون" المغلوب مولع أبدا باتباع الغالب"-.
 هذا النهج قاد الحكم الجديد وبقطع النظر عن نوايا أصحابه إلى القضاء التدريجي  وباسم التحديث  على تقاليد البلاد الإنتاجية والتعليمية والثقافية والعمرانية و عمل على استنبات نظام جديد للحياة جعل البلاد تعتمد شيئا فشيئا على مستحدثات التمدن الفرنسي فكرا ولغة ونظما سياسية واقتصادية وإدارية وتعليمية وثقافية  وتهمش  مخزون التاريخ الوطني الأصيل . هذا النهج يبدو واضحا في الاستهداف المبكر  للنظام السياسي الذي كان قائما قبل الحقبة الاستعمارية واستبداله بطريقة آلية بنظام سياسي لم تكن لتتوفر  الشروط الثقافية والمجتمعية لنجاحه وهو صورة للنظام السياسي الفرنسي, كما يبدو هذا النهج واضحا في الاستهداف المبكر لمؤسسات عريقة في البلاد كالتعليم الزيتوني ونظام الأحباس أو الأوقاف و في استهداف تيار عريض داخل الحركة الوطنية عارض بشدة توجهات الحكومة الجديدة وخياراتها في بناء مستقبل تونس وشعبها.
 وباعتبار غياب الشروط المجتمعية والثقافية لنجاح هذا المشروع الجديد بالإضافة إلى ما يمثله من اختراق استعماري للدولة الحديثة فانه بقي رغم كل جهود الحكومات المتعاقبة معلقا بين الإمكان السياسي والمقاومة التاريخية  فعجز عن النهوض بالمجتمع إلى ما وعد به من نظام سياسي ديمقراطي وتنمية اقتصادية مستقلة مستديمة وبقي حبيسا في  مؤسسات الدولة وفكر النخب عاجزا عن إحداث التحول التاريخي في هياكل المجتمع التقليدية بل إن هاته المؤسسات حاصرته بثقافتها القبلية أو الدينية أو الجهوية وعطلت آليات عمله كما عطل هو مسيرة نموها وتطورها وبتنا نشهد ما نشهده اليوم من جمود في الحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي والتعليمي رغم تنوع حضور الأحزاب والجمعيات في ساحة العمل العام بل وأصبحنا نعيش تراجعا خطيرا في أداء منظومة الأسرة والمؤسسات التربوية والتعليمية الشيئ الذي يؤشر على أن حالة التصادم والتباين بين الخيارات المؤسسة للدولة الوطنية وخيارات التاريخ الاجتماعي للبلاد قد أفضت إلى أزمة حادة على المستويين المجتمعي والسياسي تكاد تعطل مجمل المسارين وتعمق معضلة الهوية , هوية البلاد وهوية الدولة ومشروعها الوطني.
 إن النظرة الموضوعية المستندة إلى قراءة المسار التاريخي للبلاد ونظامها السياسي لا بد أن تفضي بنا إلى ضرورة الوعي بان تمنع النظام الديمقراطي في تونس وهشاشة البنى الاقتصادية والثقافية والتعليمية واستقالة المجتمع عن الحراك التاريخي الايجابي وتزايد نزيف الهجرة بأنواعها والتشوهات الخطيرة التي باتت تهدد الهوية الوطنية وأنتج طابورا للتبعية والعمالة المفضوحة إنما هو نتيجة لهذا الخصام القديم بين كتلة التاريخ والحضارة الكامنة في هياكل ومؤسسات المجتمع وكتلة المشروع السياسي المستحدث مع دولة الاستقلال والذي عجز عن فك الارتباط مع الآخر الاستعماري والاستجابة للمطلب التاريخي الوطني , هذا الخصام وتداعياته السلبية على المجتمع والدولة أخرجته العولمة الرأسمالية وآلياتها الثقافية والسياسية والإعلامية إلى العراء وفضحت العجز القاتل الذي أصبحت عليه الدولة والمجتمع على حد سواء.
    إن هذا الحال يتطلب في نظرنا من جميع المعنيين بالمستقبل الوطني ضرورة الوعي بان المعالجة المطلوبة في التعامل مع أوضاعنا الوطنية اليوم لا بد أن تكون أولا معالجة تاريخية بمعنى البحث عن المصالحة بين المجتمع والمشروع السياسي وثانيا معالجة عميقة و شاملة لا تقف عند حدود السياسي بل تتجاوزه إلى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وثالثا أن تكون معالجة توافقية تتحسب للتحديات الخارجية الجارفة للدولة والمجتمع والتي بدأت تعصف باستقرار عديد الدول والكيانات الضعيفة في العالم  ورابعا أن تكون معالجة وحدوية بمعنى أن تعيد الاعتبار لعمق الهوية الوطنية في بعدها القومي العربي توافقا مع الماضي  و اعتبارا لما يوفره هذا البعد في زمن العولمة من طوق للنجاة نعتقد انه هو المنقذ لأنه هو طوق التاريخ الذي يأبى العودة للوراء.

حزب التحرير يرد على فياض: التنمية ليست طريقا لإنهاء الاحتلال اليهودي


رد المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين على تصريحات رئيس وزراء السلطة الفلسطينية التي قال فيها أن هدفه الأساسي هو إنهاء الاحتلال من خلال البناء والتنمية، كما جاء في لقاء بمدينة طولكرم حسب ما نقلت وسائل الإعلام.
  وقال حزب التحرير "إن سلام فياض يصرّ على تضليل أهل فلسطين حول مفهوم التحرر من الاحتلال من خلال تفريغ مفهوم التحرير من مضمونه الجهادي، وتحوير مفهوم بناء الدولة من إقامة السلطان على أساس مبدئي إلى تقديم الخدمات على أساس مؤسسات تموّل من قبل الجهات الخارجية، من مثل ما تقوم به البلديات والمؤسسات الأهلية".
  واعتبر الحزب أن هذا "يؤكد أن أقصى ما تتطلع إليه سلطة رام الله من بناء الدولة هو إنشاء بلدية كبيرة تقدّم الخدمات للناس تحت مسمّى دولة، وهي بدورها تعفي الاحتلال من مسؤولية تقديم تلك الخدمات وتجعله احتلالا غير مكلف".
  وانتقد حزب التحرير العقلية التي يعمل بحسبها رئيس الوزراء في رام الله، وقال "أنه مصر على ممارسة مهامه بنفس العقلية التي كان يعمل بها عندما كان مسئولا لدى البنك الدولي. وبالتالي فهو يريد أن تتحول فلسطين من أرض إسلامية يجب على الأمة تحريرها إلى بقعة منكوبة وأناس محتاجين ليقوم بإدارة تقديم الخدمات لهم".
ومن ثم بيّن الحزب أن السياسة الفعالة التي تناسب قضية فلسطين هي تلك التي تقوم على مفهوم الجهاد الشرعي الذي تقوم به جيوش المسلمين، وإن أهل فلسطين بحاجة إلى قادة للتحرير لا إلى مدراء تنمية في مؤسسات تقدم الخدمات"، وختم مستغربا "شتان بين نهج القادة ونهج المدراء!"

حزب التحرير يرد على فياض: التنمية ليست طريقا لإنهاء الاحتلال اليهودي


رد المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين على تصريحات رئيس وزراء السلطة الفلسطينية التي قال فيها أن هدفه الأساسي هو إنهاء الاحتلال من خلال البناء والتنمية، كما جاء في لقاء بمدينة طولكرم حسب ما نقلت وسائل الإعلام.
  وقال حزب التحرير "إن سلام فياض يصرّ على تضليل أهل فلسطين حول مفهوم التحرر من الاحتلال من خلال تفريغ مفهوم التحرير من مضمونه الجهادي، وتحوير مفهوم بناء الدولة من إقامة السلطان على أساس مبدئي إلى تقديم الخدمات على أساس مؤسسات تموّل من قبل الجهات الخارجية، من مثل ما تقوم به البلديات والمؤسسات الأهلية".
  واعتبر الحزب أن هذا "يؤكد أن أقصى ما تتطلع إليه سلطة رام الله من بناء الدولة هو إنشاء بلدية كبيرة تقدّم الخدمات للناس تحت مسمّى دولة، وهي بدورها تعفي الاحتلال من مسؤولية تقديم تلك الخدمات وتجعله احتلالا غير مكلف".
  وانتقد حزب التحرير العقلية التي يعمل بحسبها رئيس الوزراء في رام الله، وقال "أنه مصر على ممارسة مهامه بنفس العقلية التي كان يعمل بها عندما كان مسئولا لدى البنك الدولي. وبالتالي فهو يريد أن تتحول فلسطين من أرض إسلامية يجب على الأمة تحريرها إلى بقعة منكوبة وأناس محتاجين ليقوم بإدارة تقديم الخدمات لهم".
ومن ثم بيّن الحزب أن السياسة الفعالة التي تناسب قضية فلسطين هي تلك التي تقوم على مفهوم الجهاد الشرعي الذي تقوم به جيوش المسلمين، وإن أهل فلسطين بحاجة إلى قادة للتحرير لا إلى مدراء تنمية في مؤسسات تقدم الخدمات"، وختم مستغربا "شتان بين نهج القادة ونهج المدراء!"

نووي إيران والرسائل المتبادلة


الدكتور ماهر الجعبري
 
تعصف في الفضائيات لغة كأنها انعكاس لدق طبول حرب جديدة في الشرق الأوسط: في الخليج حيث انتشار الصواريخ الأمريكية، وما بين سوريا وكيان الاحتلال اليهودي حيث رسائل التهديد المتبادل. وتحت تأثير التغطية الإعلامية الباهتة، قد تنطلي على المتابعين طبيعة الأدوار التي تلعبها سوريا وإيران في تحقيق المصالح الأمريكية، وقد يهمل بعضهم صراع المصالح ما بين أوروبا وأمريكا.
 
إن المتابعة الواعية والدقيقة للملف النووي الإيراني تبين أن أوروبا استمرت في محاصرة إيران سياسيا والعمل على التصعيد معها طيلة السنوات الماضية، ثم حنت إيران رأسها أمام العاصفة الأوروبية فقبلت بمقترحات أمريكا لتخصيب اليورانيوم في الخارج، كمخرج من المأزق الذي تدفع أوروبا باتجاهه، بعدما كانت إيران مصممة على رفض ذلك.
ومع ازدياد الضغط الأوروبي، واستمرار "إسرائيل" بالإلحاح على ضرب إيران، باشرت أمريكا بنشر أنظمة دفاع صاروخية في أربع دول خليجية هي الكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى نشر سفن حربية قبالة السواحل الإيرانية، كتلويح بالقوة العسكرية.
ومن الواضح أن هذا الإجراءات الأمريكية تأتي من باب تخفيف الضغط الأوروبي الذي يدفع باتجاه التأزم مع إيران، ومن باب سحب البساط من تحت أقدام قادة الحرب في كيان يهود من أي تحرك طائش، وهي التي لا تفتأ تطالب بالعمل العسكري ضد إيران في كل مناسبة، كما نقلت الجزيرة نت (4/2/2010) عن رئيس دولة الاحتلال اليهودي قوله "يجب أن نجند العالم كله لقتال نجاد". 
ومن المعلوم أن أمريكا كانت تدعي أن مشروع نشر الدرع الصاروخي في أوروبا هو للخوف من إيران بينما كان موجها لروسيا. وقد تصاعد الجدل بين أمريكا وروسيا حول هذا الشأن بعد موافقة رومانيا أخيرا على الدرع الأمريكي، حيث ادعت أمريكا أنه ضد إيران، بينما أبدت روسيا موقفا صارما ضد ذلك المشروع واعتبرته تهديدا لها، كما ذكرت الجزيرة نت (6/2/2010).
والتحريض الأوروبي ضد إيران لا ينقطع، فمثلا ذكر تقرير صحفي بعنوان "إيران والغرب: ضغط أم حرب؟" أورده موقع البي بي سي (3/2/2010)، "لم تكن مجرد مصادفة يوم الجمعة الماضي، أن يحرّض رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير على إيران وهو يتحدث للجنة تقصي بشأن العراق. ولم يكن بحاجة لحرف الأنظار عما يسأل عنه بالإشارة إلى أن إيران الآن اخطر من عراق 2003. ولم يمر أسبوع، إلا وكان خلفه في الحكم، رئيس الوزراء البريطاني الحالي جوردون براون، يقول لنواب مجلس العموم أن إيران تطور أسلحة نووية وبرنامجها النووي ليس سلميا".
 
وعلى الرغم من أن بعض المحللين يرفضون النظر إلى كنه العلاقة الوطيدة بين إيران وأمريكا، مأخوذين بسخونة التصريحات الإيرانية التي تطلق للاستهلاك الإعلامي، ولاستمالة الناس مع النظام الإيراني، فإن المتابعة الدقيقة الواعية تكشف عمل أمريكا المتواصل على تنفيس الضغوط الأوروبية والتحريض "الإسرائيلي" في الملف النووي الإيراني.
ولذلك فإن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ومع هذه الإجراءات العسكرية، حثت إيران على التعاون مع المجتمع الدولي، كما نقلت العربية (4/2/2010) عنها قولها "إن الإدارة الأمريكية تنظر إلى مزيد من التدابير التي قد تُقنع إيران بإعادة النظر في برنامجها النووي والتعاون مع المجتمع الدول"، وأنها أضافت "نحن والبحرين ننظر إلى الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط."
 
وتلك العلاقة الوطيدة بين إيران وأمريكا تؤكد أن خيار العمل العسكري لا زال بعيدا. وخصوصا وأن هذه الإجراءات الأمريكية العسكرية لا تمثل شيئا قياسيا إلى ما يتوقع أن تقوم به دولة عظمى من التحضير في حال التخطيط لشن هجوم حربي, كما تذكر الجزيرة نت (2/2/2010).  ولقد أورد موقع البي بي سي يوم 1/2/2010 هذا الاحتمال في تحليله للواقع بالقول "وربما يسعى الأمريكيون -كما يقول محللون كثيرون- لتهدئة الإسرائيليين كي لا يقوموا بعمل عسكري منفرد ضد إيران".
في هذا السياق تأتي الرسائل المتبادلة بين سوريا وكيان الاحتلال اليهودي، حيث نقلت  العربية نت (4/2/2010) عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله يوم الأربعاء 3-2-2010 "إن إسرائيل تدفع الشرق الأوسط باتجاه حرب جديدة". وأضافت العربية نت  "وأوضح مسئولون سوريون أن سوريا تفضل ألا تنجر إلى أي مواجهة عسكرية تضم إيران إذا هوجمت منشآتها النووية"، في توضيح جلي لسياق الرسائل المتبادلة بين الطرفين.
وجاء الرد "البلطجي" من ليبرمان الذي قال في مؤتمر صحافي مخاطبا الأسد "عندما تقع حرب جديدة، لن تخسرها فقط بل ستخسر السلطة أيضا، أنت وعائلتك". ثم حاولت ساسة يهود التلطيف من لهجة ليبرمان فيما بعد، وفتح المجال للمفاوضات مع سوريا.
 
وستستمر الرسائل المتبادلة بين الأطراف التي تتابع وتؤثر في مشهد النووي الإيراني، إلا أن حربا جديدة ستبقى بعيدة عن الواقع وخصوصا أن أمريكا غارقة في مأزق كبير في أفغانستان، وأن المسلمين حول العالم كارهون لعنجهية أمريكا، وهي تعمل على تحسين صورتها أمامهم للتخفيف من احتشادهم مع مشروع الإسلام السياسي للتحرر من هيمنتها، وهو مشروع قابل للانفجار في وجهها في أي وقت.
 
ثم إن أنظمة تقمع شعوبها، وتقوم بإعدام المعارضين لها، وتسكت على جرائم الاحتلال اليهودي لفلسطين، والاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان لا يمكن أن تكون محل أمل للأمة لخوض حرب تحريرية ضد كيان يهود أو أمريكا.
إن إيران وسوريا تمثلان محور خدمات للاحتلال الأمريكي للعراق (وقد أوصى تقرير بيكر هملتون بإشراك سوريا وإيران في الخروج من مأزق العراق)، وإن إيران التي قدمت العديد من المعلومات الإستراتيجية للأمريكان حول مواقع لاستهداف المجاهدين في أفغانستان (كما نقلت البي بي سي قبل أشهر)، لا يمكن أن تكون في حالة حرب مع أمريكا. وإن سوريا استجابت لطلب الرئيس الأمريكي اوباما ورئيس الوزراء البريطاني بروان ووافقت على التعاون مع جهازي المخابرات الأمريكي والبريطاني في الحرب على الإرهاب، كما نقلت وكالة معا (4/2/2010) عن مقابلة للرئيس السوري مع الصحيفة الأمريكية " نيويوركر". فكيف يمكن لأنظمة تتعاون استخباراتيا مع الاحتلال الأمريكي في حربه على الإسلام المسماة الحرب على الإرهاب، وتحقق له مصالحه أن تخوض حربا ضده أو ضد ربيبته في فلسطين ؟
 
إن حرب التحرير الحقيقية لا يمكن أن تخاض إلا بعد أن تتمكن الأمة من التخلص من هؤلاء الحكام، وقلب الطاولة على أمريكا وعملائها في المنطقة، ومباشرة لغة عالمية جديدة تكون متبوعة بفتح باب الجهاد، لا بفتح باب المفاوضات.
5/2/2010