السبت، 6 فبراير 2010

كيان "الهولوكوست"


محمود أبو بكر

لا توجد دولة واحدة في العالم تمكنت من ابتزاز العالم بقضية "إنسانية" مضى عليها أكثر من ستة عقود من عمر الزمن كما فعل الكيان الصهيوني... فهو لا يزال "يبتز" كل من يختلف معه بوصمة "معادٍ للسامية" في استخدامٍ مخلٍ وفاقدٍ للمدلول الحقيقي للعبارة.
في حين لا يتوانى هو نفسه من ممارسة أبشع الجرائم الإنسانية المعتمدة أساساً على "التفرقة العرقية والدينية" في ممارسة لا تختلف كثيراً عن تلك التي ارتكبتها أيدي كل من "أدولف أيخمان/ وأدولف هتلر/ هينريك هيملر" ورفاقهم  النازيين... الذين اعتقدوا إمكانية إبادة %64 من يهود أوروبا، بعد أن أدركوا أن الأساليب التي اتُبعت في ألمانيا (هتلر) بغرض تشجيع  اليهود على الهجرة من ألمانيا لم تؤتِ أُكلها وبالتالي رأوا ضرورة الاتجاه نحو الاستبعاد القسري وهو ذات النهج الذي يسير فيه الكيان الصهيوني اليوم في خططه وممارساته الساعية ليس إلى إبادة فلسطينيي القطاع والضفة فحسب، بل إلى الدفع والاستبعاد القسري لفلسطينيي الأرض المحتلة (فلسطينيين الـ 48) نحو أوطان بديلة.. وهو ذاته ما قامت به النازية ضد اليهود.
وفي حين أضحت تلك المأساة عاراً في جبين الحضارة الغربية، لم يتمكن أحد من قادة ومنظري هذه الأخيرة التخلص من "عقدة الذنب" تلك، نحو رؤية "جرائم لا تقل ضراوة " عن تلك التي ارتُكبت في ألمانيا.. يُمارسها ـ هذه المرة ـ  كيانٌ يُفترض أنه موطن أولئك الفارين من "الهولوكست".. فيما لا يرى كيانهم "المزعوم" غضاضة في إعادة "هولوكستات جديدة" في أرض الأنبياء.. وكل ذلك يتم تحت لافتة "معاداة السامية" حيث أصبحت "السامية" ماركة مسجلة، وحدها تل أبيب من يملك حق استخدامها وحق إدانة الناس بتهمة معاداتها دون وجه حق.
ولأن من أيسر الأمور هو "رمي الناس بالباطل بغرض تحقيق مكاسب معينة" فقد نجح الكيان الصهيوني لعقود مضت من "ابتزاز" كل من يملك قلماً شريفاً ويفضح جرائم الاحتلال، وذلك عبر مطاردته بتلك العبارات الجاهزة من "الاتهام" الذي يبدأ بمعاداة السامية ولا ينتهي بدعم الإرهاب.
وهي ذات التهم التي تفجرت فجأة  من قِبل "تل أبيب" في مواجهة دولة ظلت لسنوات عديدة بعيدة عن ذلك الصخب اليسير من تشابكات السياسة الدولية والإقليمية، دولة ظلت توصف "بالحياد السلبي" في تعاطيها مع المعضلات التي تُطوق عالمنا المعاصر.
ولم تكن تلك الدولة الصغيرة المسالمة في الاسكندنافيه تعلم أن تقريراً واحداً يوقعه الصحفي "كارل دونالد بوستروم" في صحيفة "أفتون بلاديت" يمكن أن يقلب الأمور رأساً على عقب، ويجعل منها دولة "متهمة بمعاداة السامية."
حيث أدى تقريراً نشره الصحفي المذكور وأورد فيه شهادات حول قيام جنود الاحتلال الصهيوني بسرقة الأعضاء الداخلية لعدد من الشهداء الفلسطينيين.. إلى قيام الدنيا في "تل أبيب" حيث تحركت كل المؤسسات في محاولة لكبح جماح هذا التقرير والحصول على اعتذار ليس من الصحفي فحسب بل من حكومة "السويد" أيضاً باعتبارها  موطن الصحفي والصحيفة...!!!
بل أن بيان وزارة خارجية الكيان الصهيوني طالب حكومة السويد بضرورة إدانة التقرير وتكذيبه؛ بل وذهب إلى حد القول: "نحن نُشدد على أنه ليس فقط الصحافة السويدية.. بل الحكومة السويدية يجب أن تُعبر عن رأيها في مواضيع جوهرية كمكافحة الأنشطة المعادية للسامية."
وفي الوقت الذي ينبغي فيه الإشادة بالموقف الذي اتخذته الحكومة السويدية بالمرابطة خلف "حرية التعبير" التي يضمنها الدستور والقيم السويدية، والدفاع عن حرية مواطنها في تناول كافة القوالب الصحفية بحثاً عن الحقيقة، فإن "الابتزاز" الجديد الذي تتعرض له تلك الدولة الصغيرة المسالمة حتماً يُشير إلى طبيعة الكيان الصهيوني الذي لم تسلم حتى المآسي الإنسانية من الاستغلال السياسي له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق