الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي: بيان عاجل

بسم الله الرحمن الرحيم

اليمن ـ صعدة

21/10/2009

بفضل من الله وعونه وتأييده، تمت السيطرة فجر هذا اليوم على الموقع العسكري الاستراتيجي في (مديرية رازح) والمعروف (بموقع بسباس)، كما تمت السيطرة على النقطة التابعة له (نقطة بسباس) وكذلك المبنى العسكري المسمى (قهوة بسباس).

وقد تم الاستيلاء على كامل العتاد والمؤن والآليات العسكرية التي كانت متواجدة في تلك المواقع والمباني.

وبينما تتهاوى المواقع العسكرية واحدة تلو الأخرى لا يملك المعتدي أمام هذه الهزائم النكراء التي تلحق به في كل مكان إلا المكابرة والتظليل والتغطية على تلك الهزائم الكبيرة بخرافات وأوهام ووعود لا تجد لها حقيقة على أرض الميدان، ويظل يصنع المبررات يوماً بعد آخر بوعود ينسجها خيال واهم ومغرور، بعد أن انكشفت الحقيقة للعالم عن إخفاق وهزيمة واضحة.

وفي (جبهة آل عقاب محيط مدينة صعدة) تم طرد الجيش من بيوت ومزارع تسلل فيها ليلاً وهو يحاول أن يفك الحصار على ما تبقى من (موقع الصمع) الجزء الشرقي، (ونقطة عين) المدخل الرئيسي لمدينة صعدة من الجهة الجنوبية ليعود الجيش كما تعود في كل تسلل أو زحف ناقص العدد والعدة، ولله الحمد والمنة والشكر على هذه الانتصارات العظيمة.

المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي

2/ ذو القعدة/1430هـ

هل المدرسة الإعدادية بوخريص في الزمبابواي؟!

ما فتئ هذا السؤال يرهقني منذ التحقت بهذه الإعدادية فبلادنا بلاد الهاو الهاو بلاد العجائب والغرائب ! هل إعدادية بوخريص تابعة للزمبابواي ؟

ماذا يجب أن يفعل الأساتذة والتلاميذ حتى ينته لوجعهم المسؤولون النيام في العسل، إعتصام مفتوح؟! أو إضراب جوع للجياع أصلا لأبسط حقوق المواطنة؟! أو ربما تقديم مطلب لإتبات الجنسية التونسية؟! لقد توالى على منصب إدارة شؤون التربية والتكوين في بنزرت العديد من المندوبين أولهم وعد وآخرهم عاود الوعد و حاضرهم لا يزال مشغولا بتقييم تركة سلفه .

هذه المدرسة لا يفصلها عن مقر إقامة ممثل رئيس الدولة إلا ما يقل عن الكلمتر الواحد ، لا لوم عليه فالسيد رئيس البلدية قد غفل عن وضع لافتة تشير لوجودها أو لوضع إشارة إلى ضرورة تخفيف السرعة أمام السيارات الطائرة التي تمر من المدخل الثاني للمدرسة .

تاهت المسؤولية وهي تبحث لها عن مستقر ، طريق المدرسة صار مرضه مزمنا و عسير العلاج الحفر باتت آبارا و الآبار صارت أفخاخا و زينة تأبى أن تلاحق عزيزة في منعرج شديد الخطورة على حياة أبنائنا التلاميذ .

أما السادة القائدون لما يشبه الحافلتين اليتيمتين فقد سلموا مع الحافلة تعليمات صارمة بحرية التصرف في التوقيت و في مكان الوقوف ، ما ذنب التلاميذ الذين يدروسون حتى الساعة الواحدة يوم السبت ؟ فليقفلوا على القدمين أين الإشكال و هل للزمن قيمة في بلاد من تسلم له السلطة على أي شيء يصبح متسلطا على خلق الله و ما أكثر المتسلطين في بلادنا !

عدد التلاميذ يزداد كل سنة لكن وعاء النقل لم يواكب ذلك ، ترى الأطفال فيه كالسردين في العلب ، عفوا لقد أسأت التشبيه فالسردين صار ينعم بحقوق المواطنة فعدده لا يتجاوز عدد المقاعد في العلبة الواحدة إضافة إلى النكهات الجديدة التي أدخلت عليه .الإنارة مسألة لم تشذ عن الواقع المقيت لهذه المدرسة فهي منعدمة رغم وصول الكهرباء إلى كل بيوت المنطقة .ماذا يمكن أن يفعل أطفال صغار يغادون قاعات الدرس بعد يوم حافل بالأحداث ؟تقاذف بالحجارة و الألفاظ النابية و صراخ يصم الآذان ...

أما ما يتعرض له التلاميذ الأبرياء من أخطار في المحيط المدرسي في ظل غياب قاعة مراجعة و قلة أعوان التأطير فهي جسيمة ، منحرفون ممن شردتهم البطالة و طوح بهم الجهل بعد انقطاعهم عن الدراسة يتصيدون الهوات الجوالة و ما تيسر من المال يوقعون أطفالا صغارا في مزالق " التكلفير " و " الشمان" و مفاسد كثيرة لا تجد لها وقفة أمنية حازمة كتلك التي يقفون بها على الأفواه و الأقلام .

آه لوكانت مدرستنا على طريق السادة الوزراء أهلة الجلاء الذين يفرشون لهم الأرض ورودا و رياحين لصار طريقنا حريرا و ليلنا نهارا و حافلاتنا طائرات

آه لو اعتمدوا عشر بل عشر العشر من تكاليف "الزينة" التي تهدر كل عيد جلاء تعبيرا عن الولاء لانجلت عن قلوبنا غمم كثيرة

متى تصبح بلادنا دولة الجميع دون استثناء أو تمييز لأن دولة الجميع وحدها تنتج مواطنة للجميع ؟

نقابي من بنزرت

بيان من الصحفية هدى الطرابلسي بسبب طردها من العمل

اعتصامي مفتوح الى ان تسوى وضعيتي

مكتب النقابة همشني لانشغاله ببعث برقية لرئيس الدولة

من شاء ان يعطي فليكن على ثقة من ان في يده ما هو اهل للعطاء اما اليد الفارغة فحذا ري من ان تمتد للاعطاء لان ما تعطيه ليس الا خيبة و فشل

هذا الدرس تلقنته على اثر طردي التعسفي من دار الصباح بسبب مطالبتي بحقي في الأجر المتفق عليه و الذي لا يكفي لاشتراء عجلة من سياراتهم الممنوحة و ذلك بعد ان تراجع رئيس التحرير على ما وعدني به وعلل ذلك بانني في طور التجربة مع العلم ان لدي خمس سنوات في الحقل الاعلامي وان اغلب مقالاتي التي نشرت بجريدة الصباح وضعت في الصفحة الاولى فهل من المعقول ان اكتب دون مقابل؟. فلم يرق الامر لادارة الجريدة و رئيس تحريرها عدم رضوخي رغم محاولة احد زملاء المكتب التنفيذي بالتخلي عن حقي و التذلل لعلني احصل على مكان بينهم ...

و بالتالي توجهت كما جرت العادة الى النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين للمطالبة بحقي الشرعي في العمل بكرامة باعتبارها ممثلنا للدفاع عن حقوقنا فكان من اعضاء مكتبها المواساة و الدعوة الى الصبر... و السكوت... و كتم الأنفاس إن لزم الأمر...و الوعود الزائفة و الحلول السقيمة ...فصبرت الى ان نفذ صبري و سكت الى ان فك لجامي و كتمت أنفاسي إلى إن قررت التنفس بعمق

و على اثر حالتي النفسية و الاجتماعية السيئة و لامبالاة نقابة الصحفيين قررت الدخول في اعتصام مفتوح منذ يوم 20اكتوبر بمقر النقابة فكان رد فعل اعضاء المكتب التنفيذي مخيبا لآمالي محبطا لعزائمي و مدمرا لأعصابي

فأليكم زملائي رد رئيس النقابة جمال الكرماوي "قصيت ابدي من مشكلتك بعد تحركك هذا وحنا ماناش مكتب تشغيل ..."و أيدته إحدى العضوات في المكتب"هذا التحرك ليس في صالحك ولا يمكن لاي مؤسسة اعلامية قبولك لان ما اقوم به يعتبر مشاكل"

فالمطالبة بالحق أصبح مشاكل لدى أعضاء النقابة و الصبر و السكوت أصبح نوع من أنواع النضال المبتكرة من المكتب التنفيذي

لكن لم اكن على علم أن أعضاء المكتب آنذاك في الوقت الذي كنت فيه معتصمة داخل المقر منهمكين في كتابة برقية مساندة و شكر لرئيس الجمهورية على النعيم و الرخاء الذي يعيش فيه الصحفي التونسي.؟؟؟؟؟؟؟؟

لذا فان اعتصامي مازال مفتوحا بمقر النقابة الوطنية للصحفيين الى حين تسوية وضعيتي

زميلتكم هدى الطرابلسي

لا نطلب من إعلامنا غير ما يشبهنا

خليفة شوشان

للحقيقة فإنه ومنذ أن غزا بعضهم تلفزاتنا الوطنية صرنا لا نستغرب بعض الكلمات والمواقف والأفعال التي تصدر منهم وهي تقطر وضاعة في مضامينها وهزالا في أساليب وأشكال تعبيرها لا تختلف في ذلك عمّا يأتيه بعض أبنائنا»الجانحين«من تعبيرات سلوكية تعكس أوضاعهم الاجتماعية والنفسيّة..

كثيرة هي العبارات المستهجنة والقبيحة والاستعارات المشحونة بقدر لا يستهان به من الإيماءات الإباحيّة المبتذلة والإشارات الجهويّة والعنصريّةالمتخلفة والمستنكرة التي غزت شوارعنا وبيوتنا ومجالسنا وهتكت سترنا وانضبت ماء الحياء عن وجوهنا وأخجلتنا أمام الكبار والصغار من أحبتنا..

ثمّ ما لبثت هذه المفردات و الصور و المواقف أن وجدت الطريق أمامها سالكا لتستوطن أذهان تلاميذنا وطلاّبنا وصارت من التخريجات أو لنقل ـ "العفسات " أو " الفازات "ـ اللغويّة بحسب معجميّة »أهل الإختصاص الجدد« الذين لا ينفكّون يؤثثون بها هزال جملهم الإعلاميّة ربّما في إطار الانفتاح على الجمهور والإحتكاك به حدّ التماهي إلى درجة تختفي معها العلامة المحددة لاتجاه الرسالة الإعلامية أهي من الباث إلى المتقبّل او العكس هو الصحيح بالطبع وكعادة المغلوب على أمره لم نجد من حلّ أمام هذه »اللخبطة والشخبطة« »الفونوعجرميّة« سوى أن نهجر فضاءنا السمعي والبصري وكلّنا حسرة وأسى على أموالنا التي تقتطع من خبزنا اليومي لتدفع "كاشيات "ومنحا تشجيعيّة للمتهافتين من» إعلاميي «الزمن الضائع..

احذروا الأنفلونزا الثقافية:

إنّ هذه الأنفلونزا الإعلاميّة »السمعية البصريّة« التي أنتشرت كالنار في الهشيم وأصبحت لها حاضنة في ربوعنا تعدّ أكثر فتكا من أنفلونزا الخنازير على الكبار والصغار وتستأهل ومضات تحسيسيّة مكثفة (نقترح أنّ تكون في قنوات محصنة و محايدة حتى لا تفقد مفعولها ) لأنّ عدوى انتشارها أسرع من أعاصير الخريف التسونميّة، الأخير فهي تعكس مرضا عضالا لا ينفع معه عقار أو لقاح أو مصل، بل لعلّها فاتتنا أو تكاد فرص الوقاية منه وصارت تكلفة علاجه جدّ باهظة قد تكلّفنا جيلا كاملا من المشوهين والمعوّقين ثقافيّا ومعرفيّا وأخلاقيّا، إنّه طاعون التخلّف والجهل والخواء المعرفي والأخلاقي الذي اجتاح فضاءنا العربي عموما ولم يسلم من تداعياته الكارثية فضاءنا الوطني، وللمفارقة فإنّ الوجوه التي نجحت في استزراعه قد حصدت رضا القائمين على الشأن الثقافي فأبّدوها في المشهد الإعلامي وصار يحتفى بها وأدرجت ضمن الاكتشافات الإعلاميّة الكبرى وعدت عناوين لنجاح سياسة تشجيع الطاقات الشاذة ـالعفوـ أقصد الشابة.

حذر القدامى:

إنّ الخوض في موضوع القنوات والإذاعات العربيّة يمثل مركبا صعبا وموضوعا شائكا لانه يستحق كتبا ومجلدات ويتطلب التوسل بعدّة مناهج نفسيّة واجتماعية وبنيويّة وتفكيكية لمقاربته لذلك فسنكتفي بتلك المنتصبة في تونس كمثال على الهمّ الإعلامي العربي، يفتح شهيّة الكتابة في مسألة على غاية من الأهميّة والخطورة باعتبارها تهمّ قطاعا من أكثر القطاعات تأثيرا على المجتمعات وهو قطاع الإعلام السمعي البصري المشهدي الذي فرّخ لنا مع إرهاصات الانفتاح المتعثرة وتنفيسات الإعلام الخاص المحسوب جيّدا فصيلة جديدة من المنشطين والإعلاميين هتكوا المعتاد ونجحوا في تجاوز الرسميّة والالتزام والحذر التي ميّزت الجيل الأوّل من الإعلاميين في الإذاعات والتلفزيونات الرسمية و الذين صرنا نتحسّر على أيّامهم الخوالي التي لطالما انتقدناها وأصبحنا نتذكرهم كلّما استبدّ بنا الحنين إلى أيام كانت أكثر رحمة بعقولنا وأذواقنا وأبصارنا وأسماعنا ونذكر منهم: المرحومين صالح جغام ونجيب الخطّاب والمتميزين حبيب بالعيد وعبد المجيد شعبان والجريء دوما عبد الكريم قطاطة، والعميق بشير رجب والساحرة سيدة علية إضافة إلى المخضرمين وليد التليلي وحبيب جغام وغيرهم من الإعلاميين الذين أثّثوا أمسياتنا وليالينا محافظين على الأقلّ على الأدنى الأخلاقي الذي لم نتوقّع يوما أن يصير مع الجيل الذي خلفهم محلّ خلاف..

وقاحة »الجدد«: علامة تميّز!!

هذا الجيل الجديد نجح في تجاوز الحدّ الأدنى المعرفي والاخلاقي المتوفر مع الجيل القديم إلى مستويات ودرجات قياسيّة من الإسفاف والجهل المركّب (أن لا يعي الجاهل جهله بل يعتبره منتهى المعرفة وغاية الحكمة) حاولوا تغطيتها عن طريق »صرعة الشعبويّة« البائسة المتمثلة في النزول بالرسالة الإعلاميّة إلى حضيض لغة تحاكي في شكلها وسطحيتها وخوائها لغة الشارع اليوميّة وفي مضامينها الاهتمامات الهامشيّة والفئويّة الضيّقة. وهي لا تكفّ في حضيضها هذا تركز على إثارة الغرائز الجنسيّة والعدوانيّة والجهوية التي تهدّد سلامة المجتمع الحضاريّة و الإجتماعيّة و النفسيّة خاصة وهي تمسك بأخطر الأسلحة الحديثة ممثلة في التقنيات الاعلامية الصوت و الصورةو المشهد..

إنّ عمليّة رصد سريعة للبرامج الترفيهيّة أو الحواريّة التي تقدّم للمتلقّي التونسي تكفي للتعرّف على المعجم والقاموس المستعمل من طرف بعض مقدّمي هذه البرامج والذي لا يخرج في عمومه عن لغة المراهقين ومرتادي أرصفة المعاهد والمرابطين أمام المبيتات و المعامل لاهمّ لهم سوى إنتهاك كرامة نسائنا وبناتنا، إن لم تجنح في أحيان كثيرة إلى» مجازات«و»كنايات «و»إيماءات« و»قجمة« أسياد الشارع من الشطّار والعيّارين كما يسميهم رائد انتروبولوجيا الهامشيين أبو عثمان الجاحظ..

إنّ بعض الحوارات والدردشات التي نتابعها مضطرين أحيانا في بعض البرامج تكاد تتحوّل الى عمليّة تحرش جنسي واضحة الإيحاءات والإيماءات مع سابقيّة الإضمار وسوء النيّة يسمح فيها المنشّط أو المذيع لنفسه أو المحاور لضيفه المنتقى بعناية فائقة الذاتية بالتعبير عن رغباته المكبوتة ونوازعه العدوانية الكامنة بكلّ حريّة ويقف هو ليلتذّ بالحديث الذي يحرّك فيه أشواقا ذاوية في أصقاع لاوعيه متصّورا أنّه بذلك يقدّم لجمهوره مادة معرفية أو تثقفية جديدة ويحقق سبقا اعلاميا وتميزا لا يضاهى في الجرأة (كلّما امعن الضيف في الإسفاف يكتفي المنشط عادة بضحكة ساذجة تشجع الضيف على مزيد من التعرّي والوقاحة..) و كمثال على ذلك يمكن الرجوع إلى الحلقة التي إستدعى فيها الصحفي الشاطر المطرب الشعبوي » الهادي دنيا « في برنامجه »هذا أنا« وتلميحاته المبتذلة عن » الهرقمة« و»الركايب « بل و وصوله حدود الإسفاف والوقاحة حين استفز المطرب متسائلا تلميحا عن علاقاته الجنسية فأجابه بكل سوقية مشيرا إلى أن معجباته بنات 15و 16سنة و لعلّ هذا الردّ لوحده كفيل باستدعائها للتحقيق بتهمة التحرش بالقصّر والتجاهر بما ينافي الحياء.

تهميش الثقافة والترويج لثقافة التهميش:

على خلاف ما يدعو له الخطاب الرسمي من ضرورة ايلاء الثقافة و المثقفين الأهمية الأولى وهو ما اختزلته الجملة المكثفة التالية: »لالتهميش الثقافةو لا لثقافة التهميش « فإن الجماعة قد انحرفوا بهذه المقولة الواعدة و أوّلوها بما تقتضيه مصالحهم الفردية الضيّقة ورؤاهم السطحيّة والتي لا أظن للحظة أنها يمكن أن تتماشى مع غايات هذه المقولة.فعملوا جهدهم على تهميش كل ثقافة نوعيّة بناءة بآسم التواضع و الإقتراب من الجمهور و الإبتعاد عن النخبويّة فانتهوا إلى تكريس علاقة ضدّية تقوم على تهميش المثقف و المبدع والفنان، ولو أنّ الامر وقف عند هذا الحدّ لاعتبرناه ضربا من الاجتهاد يخضع الى السائد في الساحة الفنية ولكنّ هذه الجماعة المغترّة بجهلها قد عدّت هذا النشاز الاعلامي التعبير الوحيد عن الثقافة الوطنية لا يحق لنا انتقادهُ ولو طبقا لمبدأ نسبة الذوق وتعدّد الميولات، ولم تكتف جماعة »الجدد« بذلك بل انّها طوّرت أسلوبا وقائيا يحجب جهلها يقوم على تنميط عقل المتلقي مشاهدا كان أو مستمعا بشكل يخلق فيه مناعة شبه بديهيّة ضدّ كلّ ثقافة جادة تقوم على السموّ به من ضرورات اليومي والمعيش وضغط الحسّي والآني إلى مستويات تخييليّة وإدراكيّة تسمو بفكره وذوقه وأخلاقه..

فالملاحظ أن هذه »السلالات« الإعلاميّة الوافدة مع رياح الانفتاح، مصابة بحساسيّة مزمنة ضدّ بعض الضيوف أو المشاهدين المشاكسين الذين بقواـ رغم رياح البروسترويكا العولميّة الكونيّة التي هزّت أساسات كلّ الثوابت الثقافية التي ميزت أواخر ثمانينات القرن الماضي ـ محافظين على بعض العادات السيّئة التي ورثوها عن الحقب والأزمنة الغابرة عندما كانت الذات الإنسانية حرة ومبدعة تتميّز بحس نقدي وذائقة فنيّة قادرة على الفرز والإختيار غير معلبة في نمط إستهلاكي يقوم على تهميش الثقافي والعقلاني وتكريس الحسي والمادي.

لقد أصبح مجرّد الكلام بلغة عربيّة قريبة من الفصحى ـ حتّى لا نقول فصيحة ـ يعدّ نوعا من التخلّف والرطانة الزائدة والتكبّر الأكاديمي التي تستدعي من المذيع أو المنشط التلفزي تنبيه المشترك إلى أنّ بإمكانه أن يتحدّث براحة أكبر (يقصد الحديث بلغة أكثر سوقيّة لأن عاميتنا منزهةعن ذلك) هذا الاسلوب يكاد يمثل أسلوبا منهجيا عند بعض منشطي الإذاعات الخاصة المنفلتين من كلّ عقال. ومن المفارقات العجيبة أنه و في الوقت الذي غابت فيه الفصْحى عن لغة المثقفين صارت لغةً »الباندية والفصايل« المحبذة للتعبير عن تمايزهم واختلافهم عن السائد.. هذا التبادل للأدوار بين المثقف ممثلا في الإعلامي الإذاعي والتلفزي وبين بعض الانماط الاجتماعية الهامشية ينم عن أزمة في الوظائف و تغير في الأدوار بدأ يتضخم يوما بعد يوم ولعلّ الأمر لا يقف عند حدود لغة الخطاب الاعلامي بل يتجاوزه إلى أساليبه ومقاصده فقد أصبحت كلّ محاولة للتحليل أو الاستدلال المنطقي على ظاهرة ما أو قضيّة أو رأي يأتيها المشارك في برنامج حواري -خاصة إذا ما تضمّنت بعض المفاهيم أو المصطلحات التقنيّة التي يتأسس عليها أي حوار- ستُواجه بالاستهزاء والسخرية لتهميش أفكاره وإخراجها من حيّز التواصل الحواري، والتهمة حاضرة "التفلسف وتعقيد الأمور" وكأنّ الظواهر غير معقّدة ومركّبة والقضايا لا يحكمها منطق سببي فيصبح بذلك تحديد المفاهيم مساهما في التعمية لا التوضيح وبناء أرضيّة لنقاش عقلاني تستثمر فيه أدوات التفكير، ولعلّه وفي أحسن الحالات يعتذر المنشط المتبرّم لضيفه بحجّة قصر وقت البرنامج إن أراد التخلّص منه نهائيا أو بإعلان فاصل إشهاري يطول ويطول حتى يقطع على الضيف تسلسل أفكاره.. (أغلب البرامج الحوارية وخاصة التي تتناول قضايا سياسية ساخنة) إنّ هذا السلوك النمطي لدى جيل "المنشطين الجدد" ومقدمي البرامج الحواريّة والترفيهيّة وحتّى التثقيفيّة ينم فضلا عن الرقابة الذاتية و الموضوعية التي تفرضها تلفزاتنا و إذاعاتنا أو تُفرض عليها وعلى برامجها و خاصة منها ما اتصل بالشأن السياسي و الإجتماعي، عن خلل عميق في ثقافة المنشطين ومقدمي البرامج الاذاعية والتلفزية ناتج عن غياب التخصص وضعف التكوين غذتها العديد من عقد النقص المعرفيّة، ولا داعي هنا لسرد المناسبات التي سقطوا فيها حفاة عراة حتّى من ورقة التوت وهم يواجهون على الهواء مباشرة حقيقة جهلهم وهم يقفون عاجزين عن معرفة كاتب قصّة أو رواية أشهر من نار على علم أوعن شخصيّة وطنية قدمت الكثير للبلاد والعباد أو وهم يتلعثمون في نطق مصطلح أو مفهوم لم تعتد ألسنتهم ترديده، أو حين يكتشفون صغارهم وبؤسهم المعرفي وهم يقفون أمام أحد الهامات الكبرى في الفكر أو في الفنّ أو أمام بعض من أوتوا من لعنة الثقافة قليلا.

لا تتصوّروا للحظة أنّ هذه الإحراجات كفيلة بإقناعهم بجهلهم أو بالسماح لقطرة عرق يتيمة بالتسلل إلى جبين أحدهم خجلا أو إحتراما للمشاهدين، فهم مختصون في تحويل الموقف إلى دعابة سمجة يحاولون من خلالها مواراة فضيحتهم بالضحك على عقول مشاهديهم ومضاعفة رصيد المعجبين والمعجبات خاصة.. وكأنّ الجهل عندهم صار قيمة تبادليّة مربحة و الابتذال وجهة نظر تراكم لديهم فوائض من الشهرة في بورصات »الشطارة والفهلوة« الإعلاميّة..

هشاشة الهيكل الإعلامي :

إنّ ظاهرة التحلّل الإعلامي ( مرادف للتحرّر في اعتقاد المنشطين الجدد) والميوعة الثقافيّة التي طبعت المشهد الإذاعي والتلفزي لا بدّ تعود إلى أسباب بنيويّة ترجع إلى هشاشة الأسس والمنطلقات التي بني عليها الهيكل الإعلامي وطبعت جملة العلاقات والإرادات المحدّدة لإستراتيجياته ووظائفه التثقيفيّة والتوعويّة والتعليميّة وهو ما عكس إلى حدّ كبير حالة من الإنخرام في المشهد الثقافي الوطني والحضاري العربي الذي كفّ منذ سنوات عن إنتاج مادة ثقافيّة وتخريج فاعلين ثقافيين ومبدعين في شتّى المجالات يمثّلون قاعدة ارتكاز حقيقيّة للإبداع والخلق والإضافة فانكفأ المشهد على قناعة هيغليّة واهية بأنّ " كلّ ماهو عقلي واقعي وكلّ ماهو واقعي عقلي" أو مقولة "أن ليس بالإمكان أحسن ممّا كان وهو ما خلق حالة من الانحباس الثقافي أدى إلى افراغ الساحة التي ملأها المقلدون والمتكدّون الذين لا همّ لهم سوى مراكمة رصيدهم البنكي على حساب الاوطان.

إذن، لا شيء غير الارتجال وغياب البرمجة والتقييم والمحاسبة الذي فتح الباب على مصراعيه لاستشراء المحاباة والمجاملة والمحسوبيّة والانتهازية داخل المؤسسات الثقافيّة والإعلاميّة وهو ما جعل الحبل على الغارب، فتراجع المثقفون الحقيقيون إلى دوائر من الإحباط واليأس وتطاول الادعياء على بنيان الثقافة و عشّشوا فيها وباضوا و فقسوا مستعمرات للرداءة والجهل والشعبويّة البائسة والساذجة.

الحصاد المرّ:

الحصاد المرّ بدأ يظهر، وإلاّ فمن أين اندلق كلّ هذا المعجم "السوقي الركيك والبليد" الذي يستعمله أبناؤنا التلاميذ والصور النمطيّة والأحكام المسبقة المسطّحة لطاقات التخيّل والإبداع والملغية لملكة النقد؟ ولماذا أقفر بيت الشعر إلاّ من عموده الثابت الذي لا يتغير وقوافيه المكرورة المملّة وحوّلت وجهة دور الكتّاب والصحفيين الى مراتع للثرثرة والنميمة والإشاعة يرتادها كلّ قادر على دفع حساب شربه »المدعّم« من المال العام؟. لن أتردّد في الإجابة إنها في غالبيتها مستمدة من البرامج التلفزية التي روّجت لثقافة الهامش وكرّست اسلوبا في التهميش همّش المثقفين وقتل بذرة الإبداع فيهم !!

أليس لنا الحقّ أن نتساءل أليس إغلاق أبواب الإذاعات والتلفزات العمومية والخاصة أمام المبدعين الحقيقيين وإشراعها على مصراعيها للمزيّفين الدعاة مساهمة في إعدام الثقافة ونحر المبدعين.

»ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

أذكر في الأخير حادثة قد تكون خير معبّر عن واقع الإعلام والإعلاميين في ربوعنا.. فصبيحة الإعصار الكارثة الذي ضرب مدينة الرديف وأغلب جهات الوطن من الجنوب إلى الشمال إلى الوسط وبينما كان الأهالي يضمدون الجراح ويحصون الموتى والمفقودين والبلاد تجاهد لتدارك ما يمكن تداركه تفتقت عبقرية أحد الصبية »الضامرين برشة« في إحدى الإذاعات-التي تبثّ من تونس ولا أظنّها تهتمّ لأمرها كثيرا - على فكرة جهنمية تمثلت في محاولته التخفيف من آثار الصدمة النفسيّة للتونسي وهو يرى عائلات بأسرها تونسيّة مئة بالمئة يغمرها الطوفان، فلم يسعفه »مخّه« البسيط وعقله الساذج سوى بحكاية بعض النكات السخيفة عن »التونسي الكركار وتذرعه بالإعصار للتقاعس عن العمل والمكوث في الدار«.. كانت النكات بائسة الى درجة تستدعي التقزّز والشفقة على باصقها في آذاننا في ذلك الصباح الأيلوليّ الحزين والاكتفاء بالدعاء له بطول العمر ودوام "الضمار" . لقد اختزل الدعيّ بنكاته المشهد الوطني في حالة الفوبيا التي أصابت سكّان العاصمة من الأخبار التي تناقلت نبأ اقتراب الإعصار، ونسي ـ لسخافته ـ أنّ ما كان احتمالا في العاصمة كان حقيقة مفزعة في أكثر من نصف البلاد أم أنّه البيت الشعري الذي أبدعته تجربة المتنبي سنوات الإنحطاط والغبن والمفارقات العجيبة، يستدعي نفسه:

»ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم«