الأحد، 29 نوفمبر 2009

بيان أحزاب قومية مشترك حول اليمن


بيـــــــــــــان

جسدت اليمن في تاريخنا المعاصر ثلاث وقفات مضيئة، حين قام الشعب اليمني بثورته عام 1962 في أول رد عربي على جريمة انفصال سورية عن الجمهورية العربية المتحدة ومعاناة الشعب من حكم الامامة المتخلف، وحين انتصرت ثورتها في 14اكتوبر1963 على الاحتلال البريطاني وتحرر الشطر الجنوبي في 30 نوفمبر 67 من الاستعمار وعندما أقامت دولتها الموحدة عبر إلغاء التشطير في 22 مايو عام 1990، وحين وقفت بصلابة ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، لكن اليمن اليوم تعيش أوقاتا صعبة وأزمات خانقة لا تترك آثارها على اليمنيين فحسب بل على مجمل الأوضاع العربية، وتتمثل تلك الأزمات بـ:
1-تنامي ظاهرة "االعنف" وانتشار أعمال التخريب التي استهدفت في كثير من الأحيان المواطنين العزّل، والمصالح الوطنية والمحلات العامة.
2-الدعوات الانفصالية في المناطق الجنوبية من البلاد، وهي دعوات لا يمكن قبولها مهما كانت الأسباب المطروحة لها.
3-التمرد المسلح في الشمال والذي اخذ أبعادا إقليمية، وبات يهدد الوحدة الوطنية للشعب اليمني.
4-سطوة الاستبداد والفرد بالحكم من جهة معينة وانعدام الحريات العامة.
إن هذه الأزمات يضاف إليها الوضع الاقتصادي والمعيشي الشديد الصعوبة الذي تعاني منه معظم فئات الشعب ومظاهر الفساد الأخذة بالاتساع لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية والقمعية بل هي تحتاج إلى معالجة سياسية عبر الحوار الهادئ بين جميع أطراف المجتمع وقواه السياسية والاجتماعية، كما تحتاج إلى الخروج من دائرة تنفيذ السياسات والأجندات الخارجية، وخصوصا الأمريكية منها، حيث كان لتلك النصائح والتوجيهات أثار كارثية على مجمل الدول التي تقيدت بها.
إن الأحزاب والقوى الناصرية والشخصيات القومية الموقعة على هذا البيان تدعو إلى :
1-امتناع جميع الدول الخارجية عن التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، وعدم تنصيب أي طرف نفسه وصيا على الشعب اليمني أو بعض فئاته.
2-الحفاظ على الوحدة اليمنية ودعم وحدة المجتمع على قواعد المواطنة المتساوية والشراكة بعيدا عن التقسيمات المناطقية المذهبية والقبلية.
3-ضرورة حلّ المسألة الديمقراطية وسيادة القانون وبناء الدولة المدينة الحديثة.
4-اعتماد الحوار والعمل السياسي وسيلة أساسية لحلّ النزاعات الداخلية ورفض الحلول العسكرية والأمنية والعنف.
5-التخلي عن نهج احتكار السلطة من قبل فريق أو حزب سياسي او عائلة وتعزيز المشاركة في إدارة الدولة والمساواة بين المواطنين.
6-اعتماد التنمية المتوازنة في جميع المناطق والمحافظات والتركيز على المناطق المحرومة وتحقيق سياسة اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية تكفل الحياة الكريمة لجميع المواطنين.
7-محاربة الفساد المتفشي في الإدارة العامة وبشكل خاص الفساد الحكومي وإطلاق الحريات العامة.
8-تبني سياسات قومية واضحة تعلي من شأن الأمن القومي العربي المشترك وتساهم في بناء تضامن عربي وحدوي.
التنظيم الوحدوي الشعبي الحزب العرب الديمقراطي حزب الاتحاد الاشتراكي العربي
الناصري - اليمن الناصري – مصر الديمقراطي-سوريا

المركزية الغربية وابنتها الصهيونية


د. ثائر دوري

ينقل الكاتب سراج عاصي عن الكاتبة اليهودية الشرقية المعادية للصهيونية أيَلا شوحَط ملاحظتها عن تحول اليهود من ضحايا للنظريات المركزية الأوربية العنصرية ذات النزعة الاستشراقية إلى منتجين  مصدرين لها منذ النصف الثاني للقرن العشرين (القدس العربي 23 -10 -2009 ).
 هنا أتحفظ على اعتبار اليهود ضحايا للمركزية الغربية بالمطلق وذلك لأن البعد التوراتي ظل مكوناً أساسياً في الثقافة والفكر الغربيين، وبالتالي كان لليهود مكانتهم في المركزية الغربية ما عدا في الفكر النازي وفي المرحلة النازية. ومن خلال ما اطلعت عليه من كتابات أيَلا شوحط فإني أعتقد أنها تخصص اليهود الشرقيين كضحايا للمركزية الغربية إذ عاملهم اليهود الغربيون الصهاينة بعد هجرتهم إلى الكيان الصهيوني كيهود من الدرجة الثانية فوصموهم وثقافتهم العربية  بالتخلف وعدم التحضر، ثم أخضعوهم لإعادة تأهيل لتخليصهم من لغتهم العربية وحضارتهم الشرقية العربية الإسلامية في عملية سلخ حضاري رهيبة.  
بالطبع ليس من المستغرب أن يتبنى الصهاينة نظريات الإستشراق المركزية الغربية عن العرب وعن الحضارة العربية الإسلامية، فالكيان الصهيوني قام على فكرة زائفة تنكر وجود شعب عربي فلسطيني "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وهي نفس الفكرة الاستشراقية المركزية الغربية التي تنكر وجود أمة عربية، وتنظر لأمتنا على أنها مجرد  قبائل واثنيات وطوائف متصارعة متخلفة تحتاج على الدوام إلى قوة غربية خيرة لتحضيرها وضبط صراعاتها.
إن إنكار وجود العرب بالنسبة للمركزية الغربية، وإنكار الفلسطينيين من قبل المركزية الصهيونية الاستشراقية هو حجر الأساس في النظريتين، وإذا اضطروا تحت ضغط الوقائع للاعتراف بوجود العرب أو الفلسطينيين، فهم قوم متخلفون لا تاريخ لهم، أو هم بدو متوحشون دمروا الحضارات التي كانت قائمة في بلاد الشام والعراق وفارس قبل مجيئهم. وبالتالي يمكن فهم سياق تصريحات المحاضر الأكاديمي دان شفتان الحديثة: "إنّ العرب هم الفشل الأكبر في تاريخ الجنس البشري" التي أدلى بها في دورة خاصة تعليمية لكبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية.
وتتابع الصهيونية سيرها وفق خطوط المركزية الغربية، فهي تفترض وجود عصر ذهبي عبراني، تم تدميره على يد مجموعة بشرية ينتهي نسبها بشكل أو بآخر إلى العرب، تماماً كما تفترض المركزية الغربية وجود عصر ذهبي بيزنطي– روماني وريث للثقافة اليونانية المتحضرة تم تدميره على يد العرب، فدخلت البشرية في ظلام دامس قبل أن تستيقظ في الغرب المعاصر فيُعاد إحياء العصر الذهبي في بلاد الشام ومصر والعراق عن طريق المستعمرين الغربيين، وبعد طرد أو هزيمة الغزاة العرب البدو غير المتحضرين، أما في فلسطين فيتولى هذه المهمة الصهاينة الذين أعادوا بدورهم  إحياء العصر الذهبي العبراني السابق للعرب وبرعاية غربية.
إن التبني الغربي والصهيوني لهذه النظريات العنصرية مفهوم بحكم مصلحتهم الواقعية في تدمير العرب وكل ما يمت إليهم بنسب من أجل إدامة النهب والسيطرة الغربيين على المنطقة، لكن الأمر المستغرب هو تبني بعض الكتاب والمفكرين العرب نفس النظرة الغربية الصهيونية الاستشراقية لأمتهم، فيرددون ببغائية نفس عبارات الاستشراق الغربي والصهيوني عن البداوة العربية وعن همجية الإسلام ..الخ! هل نفسر ذلك بالجهل؟ بالغباء؟ بالمصالح الشخصية الانتهازية؟ ربما بكل ذلك.
لكن الحقيقة رغم أنف المستشرقين والصهاينة ومن لف لفيفهم تبقى واضحة كما الشمس في كبد السماء، وهي أن العرب أقاموا حضارة أضاءت ليل البشرية التي كانت ترزخ تحت علاقات عبودية بيزنطية ساسانية، علاقات جمدت عجلة التطور الاقتصادي والإنساني والحضاري، فجاء العرب برسالة الإسلام ليقيموا حضارة إنسانية مزدهرة قامت على مبدأ المساواة بين البشر بغض النظر عن العرق واللون، وعلى علاقات العمل الحر سواء في المدن أم في الأرياف ليضخوا دماءً جديدة في شرايين البشرية جعلتها أكثر حيوية وإنسانية لعشرة قرون قبل أن يقوم الغربيون المعاصرون بانقلابهم العبودي الجديد منذ خمسة قرون، فينشئوا نظاماً عالمياً يقوم على العبودية والاستهلاك والاحتكار لتدخل البشرية في مأزقها الحضاري الراهن، حيث بات مجرد الوجود البيولوجي للإنسان مهدداً بالزوال بسبب التغيرات المناخية والدمار الواسع لكوكب الأرض نتيجة عقيدة النظام الاستهلاكي الربوي العبودي الغربي. وها هي البشرية تنتظر رسالة جديدة وفكراً جديداً ينقذها من محنتها الراهنة، وإن العرب- رغم هوانهم الظاهر ـ أكثر المؤهلين لهذه المهمة.


للحفاظ على دوام موظفي الحكومة .. إلغاء صلاة الجمعة في تونس


بينما تكتظ المساجد في جميع انحاء العالم بروادها وقت صلاة الجمعة توصد ابواب جامع الزيتونة وسط العاصمة التونسية امام المصلين ليس لاعمال ترميم ولكن لان رواده يجمعون الجمعة مع صلاة العصر حفاظا على دوام العمل لموظفي الدولة.
السبب وراء تأجيل صلاة الجمعة إلى العصر هو أن الجمعة في تونس يوم عمل عادي ويوم الاحد هو العطلة الاسبوعية منذ عهد الاحتلال وعندما استقلت تونس عام 1956 ووصل الحبيب بورقيبة للسلطة ابقى الكثير من الاوضاع الوظيفية على ما هي عليها ومنها عطلة الاحد التي ما زالت سارية حتى الان وعندما تضرر المواطنون التونسيون من حرمانهم من صلاة الجمعة، لجأ بورقيبة لاصدار فتاوى من بعض المشايخ تقضي بجواز الجمع بين الجمعة والعصر معا بحيث يتم تقسيم المساجد يوم الجمعة لقسمين الاول يؤدي الصلاة في وقتها بينما القسم الثاني يؤجلها إلى ما قبل صلاة العصر بنصف ساعة حتى تتاح للموظفين العموميين أن يؤدوها بعد انتهاء مواعيد دوامهم الرسمي التي تكون معدة من قبل السلطات وتتحدث في قضايا لا يمكن تخيلها مثل خطبة الجمعة اهمية الحفاظ على قواعد السير والمرور بالطرق تجنبا للحوادث المروعة التي تتضاعف خلال عطلة الصيف وانتعاش السياحة الداخلية والخارجية، او حول اهمية الحفاظ على الزهور بالشوارع والحدائق العامة هذه السلوكيات من صميم الاسلام... وتختتم الخطبة بالدعاء للرئيس زين العابدين ولوزير الداخلية ورجال الشرطة، ويأتي موضوع الخطبة مكتوبا وهو موحد بجميع المساجد وعلى الخطباء الالتزام به والا تعرض للمساءلة.
وجميع المساجد بتونس تخضع لنظام صارم يقضي بفتحها امام المصلين في اوقات الصلاة بعدها يتم اغلاق ابوابها فورا ولا يسمح القائمون عليها لاي مصل بالبقاء داخل المسجد كما يحظر عقد اي تجمع او اجتماع داخل المسجد تحت اي مسمى مهما كانت الاسباب لان ذلك يعرض المشرف على المسجد لعقوبات صارمة حيث يتم اختيار هؤلاء المشرفين بعناية كبيرة وتتم مراقبتهم للتاكد من التزامهم بالتعليمات والتي من بينها عدم بث الاذان في مكبرات الصوت.
وحسب صحيفة اللواء الأردنية ؛ يرى علماء الشرع أن الصلاة لها وقت محدد تصلى فيه وصلاة الجمعة مع العصر رأي يخالف صريح القرآن ولا يكون الا لعذر شديد اما أن يكون سياسة دولة فلا يجوز ذلك شرعا كما أن صلاة الجمعة تعتبر عيدا للمسلمين يجتمعون فيه حتى تتآلف قلوبهم وقد عمد الاستعمار لتفريقهم وبث سياساته التبشيرية التي تجعل يوم صلاة المسيحيين في كنائسهم اجازة لنا ويوم عيدنا عملا حتى يقلل من التآلف وكان على ولاة الامر تدارك ذلك.

حول خاتمة المباراة بين النكبة والنهضة


مطاع صفدي

العرب ينتظرون التغيير أن يأتيهم من الخارج، من عالم الآخرين، ومن قائده، رئيس أمريكا تحديداً. العرب مشغولون بأسئلة الحقيقة والوهم عما ينتويه التغيير الأمريكي حيال قضاياهم. لكن أحداً منهم، ومن حكام أنظمتهم، لا يبدو أنه يطالب نفسه أو شعبه بأية مبادرة في ثقافة التغيير، أو في مجال البسيط من مشتقاته أو مقدماته. فقد اتفق أسياد السلطة العربية على أن وثيقة السلام مع إسرائيل، هي سدرة المنتهى. يبقى على المجتمع الدولي الذي رحب بالوثيقة منذ إعلانها، أن يقنع إسرائيل بقبولها. لكن أمريكا البوشية تجاهلت الوثيقة وأقنعت إسرائيل بعمل كل شيء من أجل تمويت الوثيقة وإجهاض مستقبلها مقدماً. وهكذا كان، لولا أن الأوبامايا جاءت بعاصفة التغيير إلى صميم البيت الأبيض، وفي لحظة تأرجح أمريكا على شفا الهاوية التي حفرتها هي لنفسها بمعاول أحلامها الإمبراطورية المنهارة.
ربما أمسى بعض الفكر الأمريكي الموضوعي يدرك أن المدخل الرئيسي إلى ساحات الإنقاذ المستعصية، صار له عنوان وحيد طاغ، هو المواجهة الشجاعة لما لا يجرؤ أحد الاستراتيجيين من كبارهم على البوح بعبارته بعد. إنه فك المصير الأمريكي عن المصير اليهودي. فالعبارة هذه صارخة أشبه بالصاعقة التي لن تكون قوتها أقل من صورة الإفلاسات الكبرى لأضخم مصارف أمريكا، المتورطة في فقاعات الاقتصاد الافتراضي، أو الاحتيالي بالأحرى، وهي في معظمها مملوكة أو مدارة، من قبل عمالقة المال من ذوي الديانة المعروفة بسلطانها المطلق على خزائن الثروات الفلكية لغالبية المعمورة، وشبكيات حركياتها الالكترونية السرية فيما بينها. فالإعلام المسيطر هو المانع لأقلامه وشاشاته من كتابة نصوص الحقائق أو الكشف عن وجوه رموزها، وذلك ليس تهيّباً من الاتهام بذهنية المؤامرة، لكن لإخفاء كل معالمها أو تحريفها. هذا بالرغم من أن الأوساط الشعبية، وليست النخبوية أو المالية وحدها، تتداول أسرار النكبات المتتابعة كأخبار عادية يومية، مكشوفة بالأسماء وأفعال الارتكابات للقاصي والداني.. هناك القائلون أن الجدران العالية لناطحات السحاب النيويوركية لا تزال صماء بكماء، وما قد يتساقط من نوافذها الضيقة من أصداء المعلومات المكبوتة، يمتصّها فوراً صخب الشوارع الهائجة المائجة، لكن من دون أن يثمر الصخب غضباً.. وتفسير هذه الظاهرة العجيبة في رأي البعض من هؤلاء، هو أن صانعي الأزمات الكبرى لا يزالون هم أنفسهم المسيطرين على إجراءاتها وتداعياتها، بل هم المحتكرون كذلك لعلاجاتها أو حلولها المفترضة، شرط ألا تتعرض لأسبابها الحقيقية.
يحدث هذا في أمريكا التي تتغير لكي لا تتغير. أما ما يحدث عند العرب فإنهم امتنعوا حتى عن التظاهر بالتغيير، خوفاً من أن يفلت ثمة تغيير ما من بين أيديهم، أو من تحت أنظارهم يندمون عليه، هنالك تسميات عديدة لأحوال جمودهم: في حقبة إجماع النظام العربي الحاكم على إنكار شرعية الوجود لإسرائيل، فقد انسحب هذا الإنكار على واقعية الوجود الإسرائيلي، وما تمثله من أخطار وجودية على كافة عوامل النهضة العربية واستقلاليتها الحضارية الموعودة. وبذلك أعفى أصحاب النظام التقليديون دولهم وأنفسهم من أعباء أية استراتيجية دفاعية نهضوية حقاً، تحقق نقلة نوعية من نموذج المجتمع القروسطي ودولته الاستبدادية، نحو المجتمع الحر الحداثوي، المفيد والمستفيد من تفتح إنسانية كل أفراده.
في الحقبة الثانية وهي الراهنة، انفرط الإجماع العربي حول مبدئية الصراع مع الكيان العبري. لكن ليس ثمة اعتراف كلي بشرعية الكيان، وإن تنامى نوع من درجات القبول به كواقع قائم، متفاوت بين دولة عربية أو إسلامية وأخرى. خلال الحقبتين راح الكيان في سباق مع الزمن، يستكمل عوامل التطور والقوة العصرية، كمجتمع مدني عسكري في وقت واحد. كان يستجمع سكانه من شتات العالم، ليبني منهم ثمة وحدة لشعب طارئ على أرض ليست وطناً له إلا بفعل إرادة الاستلاب المستمرة إلى آجال ستظل محدودة، ومشروطة بحيوية هذا الاستلاب عينه. أما التطور في الجهة العربية المقابلة فلم يكن ممتنعاً كلياً على مجتمعاتها. لكنه تطور عكسي الإتجاه بالنسبة لأهم مقاييس التنمية الإنسانية والمادية المتداولة عصرياً. كأنما كان هناك شرط ميتافيزيقي معلق فوق كل مجال للتغيير ينفتح أمام إمكانيات التاريخ النهضوي المأمول في كل قطر عربي متحرك. ينصّ هذا الشرط على تثبيت عجز الشعب عن إيصال إرادته إلى مواقع القرار السياسي في دولته. ليس من المبالغة الحكم القائل بأن ثلاثمائة مليون من البشر العرب عاشوا نصف قرن، كأنهم لم يعيشوا أبداً. فأية نهضة سجلها التاريخ بدون شعب. تلك هي المسألة المركزية.
خلال واحد وستين عاماً من عمر الكيان العبري، الذي هو كذلك عمر النكبة الموصوفة بالفلسطينية أولاً، ثم بالعربية، وفي الختام بالنهضوية الشاملة كان ثمة مباراة وجودية بين ترسيخ الكيان العبري، مقابل إحباط النهضة العربية. هذا لا يعني أن زراعة الكيان العبري قد افترضت انعدام أو إعدام إمكانية النهضة العربية، بل ربما كان الأوضح من هذا بحسب لغة علمية هو القول أن الخارطة الجيوسياسية المفروضة على الخارطة الطبيعية والتاريخية للوجود العربي قد أعاقت كل مشاريع التغيير الواقعة تحت مفردات الاستراتيجيات النهضوية. وكان من أخطر مفاعيل هذه الجدلية العقيمة استمرار كل من هاتين الحقيقتين المتلازمتين، في الواقعين الذاتي والموضوعي للأمة: الأول تجسد في عزل شعوب الأمة جملةً وتفصيلاً عن قراراتها الوطنية والقومية في لحظاتها الفاصلة، وذلك بمنعها وامتناعها من إطلاق إمكانياتها الدفاعية والإنسانية المكبوتة، تحت طائلة كل أشكال الاستبداد والعسف والإجهاض والتشويه، والتضليل العقلي والأيديولوجي بخاصة. وثانيهما، يتمظهر دائماً في حالات من تكثّف العنف التدميري المباشر الذي يفرضه، ويبثّه الكيانُ العبري في محيطه العربي الذي يبادله داخلياً بالمزيد من اختطاف فرص التغيير السياسي والنهضوي في نظمه ومجتمعاته. دون أن ننسى أن هذه الجدلية العقيمة، عالية القدرة على تحريف الحركات التاريخية، وفَرْض صِيَغ متوالية من أحوال صراعات العوامل السلبية وحدها وفيما بينها، كانت تعيق كل ظرف نهضوي من توليد جدليته الأصلية ما بين عوامله الإيجابية وعقباتها الفعلية.
أحد أشكال هذه الجدلية الموصوفة بالأصلية، والممنوعة من التمعين والصرف معاً، قد يضعنا بعد واحد وستين عاماً من مسيرة صراع الرفض والانصياع، أمام خاتمة مشؤومة لتلك المسيرة، التي كانت أشبه بمباراة أنطولوجية شاقة رهيبة بين انطلاقة النهضة العربية المعاصرة، وتحويل إسرائيل من أسطورة ما قبل تاريخية، إلى نوع من كيان دولاني، لكنه إشكالي في نظر حتى صانعيه وحراسه من بعض أهل الغرب، كما من نخب أجياله. هنالك أسئلة لم يكن أحد من مثقفي الغرب يجرؤ على طرحها أو يسمح للسانه أن يجهر بها، أضحت مسموعة بأصوات عالية في المنتديات الخاصة والعامة. وهي تدور في معظمها حول أصل مشكلات العنف القائمة والمستفحلة دائماً بين الغرب والشرق العربي والإسلامي. أليست هي هذه الدويلة العبرية التي دأب ساسة الغرب على إقناع أنفسهم وشعوبهم بكونها الدولة الضرورة التي قد تضع حداً لمشكلتهم التاريخية المزمنة مع اليهودية الآيلة إلى واحد من أهم أسباب الحرب العالمية الثانية، والمدموغة بكارثة المحرقة. لكن إنشاء الدويلة لم يُنْهِ أزمة الضمير الغربي إلا ليضعه أمام أزمة وجود أعظم وأبعد خطراً في تداعياتها المستقبلية والمصيرية، بين الغرب وكراهية العالم الإسلامي. فأوروبا اليوم مستثارة باستفزازات إسرائيل لها على كل صعيد أيديولوجي وسياسي وأخلاقي إنساني.
والأسباب معروفة وفاضحة، ولم تعد أقلام الصحافة تتورع عن نشر غسيلها الوسخ، الذي راح يقشع أكاذيب التحريمات السابقة المحيطة بحقائق الكيان العبري وممارساته. فمنذ انفجار فظائع محرقة غزة في الوسطَيْن الإعلامي والقانوني الأوروبي الغربي، وما تبعها من تشكيل أسوأ حكومة يمينية من صقور العنصرية، مقترنة بإعادة التأكيد على عنصرة إسرائيل كدولة يهودية، تحاول السياستان الأوروبية والأمريكية لفلفة خجولة لنتائج هذه الفواحش الإسرائيلية وآثارها المدمرة على أسطورة السلام مع العرب. لكن هل ثمة انفكاك نفسي ما عن ذلك التبني الأعمى المطلق، بما يشبه عقيدة سماوية، لكل ما هو إسرائيلي، في أوساط معينة من الطبقات الحاكمة ومحيطها الثقافي والإجتماعي. اليوم يمكن القول ان علائم اختلافات عميقة بدأت تسجّل انزياحاتٍ واضحةً في ثوابت هذه "العقيدة" الغربية بالحقيقة الإسرائيلية، واليهودية وربما الاقتصادية معها. هذا مع الاعتراف أن العرب لن يلمسوا سريعاً آثاراً لها جذرية. ومع ذلك ليس ثمة تنازل غربي، أوروبي أو أمريكي، عن المشروع الإسرائيلي في عمق العالم العربي. لكن اللحظة الراهنة الواقعة تحت ضغوط الأزمة المالية، والمتغيرات العميقة في موازين القوى الشرق أوسطية، بعد أن فقدت إسرائيل هيبة القوة الرادعة الأولى في المنطقة، واحتلال المقاومات الشعبية في المشرق خط الدفاع المتقدم والصامد عن الأمن القومي العربي، بديلاً عن الدول وجيوشها المشلولة في الثكنات، وبعد دخول المحيط الإسلامي (إيران وتركيا) على خطوط المحاور العربية هنا وهناك بقوة وفعالية غير مسبوقتين، بعد كل هذه التحولات يأتي كذلك عامل التغيير الأمريكي برهان أفضلياته التي يعد بها شعبه والرأي العام الدولي. وساحة هذا الرهان والامتحان هي القارة العربية الإسلامية؛ فمن سوء حظ هذا المشروع الإسرائيلي أنه، وهو المحاصر بكل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية التي لن تصب كلياً كعادتها سابقاً في صالح مصيره، فإنه هو المنتكس، بإرادته الحولاء إلى أظلم تكويناته العنصرية، بحيث لم يُبْقِ في يديه إلا سلاح العنف القاتل.سوف يظل حاملَ لواء العدوان والحروب في الوقت الذي يبحث أسياده الغربيون عن بقايا أمنهم الاقتصادي. مثلما تهرول الدول العربية وراء ما يسمونه بمبادرة السلام. ذلك هو المتغير الوحيد الذي يريد النظام العربي أن يختم به مباراته البائسة اليائسة مع الكيان الصهيوني، ومع ذلك فإن العنصرية العبرية المتصاعدة لن تمنحه شرف هذه الخاتمة، بالأقل من شروطها، إن لم تكن بدون شرط. أليست المبادرة هذه كناية لفظوية عن الاستسلام بدون قيد أو شرط.
لعل الغرب وحده، وكطرف ثالث بين العرب واليهود، هو المصمم هذه المرة، على تنفيذ هذه المبادرة، لأنه يرى في سِلْمها الموعود، الطريقةَ الأخيرة في إنقاذ إسرائيل من مصيرها العنصري الذي ستودي بها في محصلة الصراع، بينما سيكون فرض السلام على العرب بمثابة كتابة حياة جديدة للمشروع الإسرائيلي، سوف يتكفل النظام العربي بأمنه وسلامته وازدهاره، على حساب نهضة عربية موؤودة مغدورة بآبائها وأبنائها العاقين دون العالمين.. أولاً.



الجزائر ليست مجرد فريق كرة القدم وليس لأحد فضل علينا بعد الله


أجرت إذاعة فرنسا الدولية الأثيرية حوارا مع الروائية الجزائرية ياسمينة صالح تناول بالخصوص الأحداث الأخيرة التي وقعت بين مصر والجزائر ودور المثقف في التهدئة، وتدخلت الروائية الجزائرية في برنامج "شأن ثقافي" للرد على أسئلة المذيع، ولأهمية الحوار هذا أهم ما جاء فيه.
الروائية الجزائرية ياسمينة صالح لإذاعة فرنسا الدولية
الجزائر ليست مجرد فريق كرة القدم وليس لأحد فضل علينا بعد الله
ترجمة: كمال رشيد

·        كروائية جزائرية، كيف عايشت الصدام بين مصر والجزائر بعد "واقعة" الخرطوم؟
·    يجب القول أن الجزائر ليست مجرد كرة القدم، ولا مصر، ولهذا من المؤسف بمكان حصر دولة بحجم الجزائر ومصر في هذه الدارة الضيقة من التهريج الذي يقوده بكل أسف أشباه الإعلاميين والمثقفين. المشكلة التي وقعت تجاوزت كونها إشكالا رياضيا إلى صدام مفزع جعلني أتساءل عن دور التربية ودور المدرسة ودور الجامعة ودور الأسرة في إنشاء جيل من المفترض أنه يحمل هموم أمة كاملة، وليس هموما تنحصر في إطار كرة تلعب بالأرجل. لقد هالني ربط الكرامة بالأقدام! في الوقت الذي تعيش كلتا الدولتين أوضاعا معيشية واقتصادية صعبة، وفي الوقت التي تتواجد فيه الدولتان معا في نفس الخط الأحمر من الفساد حسب إحصائيات منظمة الشفافية الدولية. وعلى الرغم من ذلك كجزائرية أرفض أن ينال أي نذل مهما كان اسمه أو جنسيته من كرامة الجزائر ومن كرامة الشهداء ومن كرامة الجزائريين في وسائل الإعلام وفي الفضائيات المأجورة في مصر، لأن الجزائر ـ أقولها للمرة الثانية ـ ليست مجرد فريق كرة القدم، وأنا متأكدة أن الشعب المصري لا يمثله هؤلاء البذيئون الذين يسيئون إلى سمعة مصر الرائعة أكثر مما يحاولون الإساءة لدولة عظيمة مثل الجزائر.
·    ثمة بيانات أصدرها مثقفون في الجزائر وفي مصر للأجل التهدئة بين البلدين. هل تظنين أن بيانات التنديد بالتصعيد في البلدين كافية لدرأ الصدع؟
·    دعني أقول لك أن العلاقة الأخوية بين الشرفاء في الدولتين مصر والجزائر لن تتأثر بهذه اللعبة الساقطة التي حاولت بعض التيارات الاستئصالية لعبها، وسوف تثبت الأيام ـ مهما طالت ـ أن الأخوة لا يمكن أن تقتلها كرة القدم ولا الحسابات السياسية التي يحاول البعض بناءها على حساب الآخرين. نحن الآن في مرحلة عربية حرجة على كل الأصعدة، وبالتالي الحديث عن التهدئة في غياب البدائل الحقيقية ليس سهلا، والبيانات التي أصدرها مثقفون في الجزائر ومصر تظل محاولة لإيصال الصوت العاقل إلى الشعبين، لكنها ليست كافية، لأن النخبة المثقفة التي بقيت على خط المهادنة والعقلانية بكل أسف همشت إعلاميا بشكل رسمي مقصود في ظل جنون الفضائيات المأجورة المتسمة باللاحرفية واللاأخلاق والبذاءة التي بكل أسف يعتقد أصحابها أنهم سوف يخدرون بها الشعب المصري ويبعدونه عن مشاكله الحقيقية وواقعه الصعب، لكن هذا لن يستمر طويلا، وأنا على ثقة أن الشرفاء في مصر ـ وما أكثرهم ـ سوف يستوعبون أن الطريقة غير الأخلاقية التي استعملاها بعض رموز الإعلام في مصر لشتم الجزائر وشتم شهداء الجزائر قد أساءت إلى مصر، ولم تسئ إلى الجزائر التي كسبت التعاطف من الجميع.
·        هل كنت تتمنين طريقة أخرى للتهدئة غير البيانات الثقافية هنا وهناك؟
·    كما قلت لك، العلاقة الأخوية بين الشرفاء في مصر والجزائر من الصعب أن تموت، وأنا نفسي لا يمكنني أن أكره مصر بسبب أشخاص تنقصهم التربية وغير محترمين أساءوا إلى الجزائر عبر الفضائيات والصحف المأجورة، لأن مصر تظل أكبر منهم، كما لا يمكن لأحد أن ينسى الدور الذي لعبته مصر جمال عبد الناصر لمساندة الجزائر إبان الثورة، مثلما لا يمكن لأحد أن ينسى الدعم الكبير الذي قدمته جزائر هواري بومدين لمصر عامي 67 و73، وعليه فمن البديهي القول أن الجزائر ردت لمصر الدين مرتين، وكان ذلك واجبا على الجزائر بدليل أننا لم نمّن على أحد بمواقفنا تلك، وأنا من الناس الذين يقولون اليوم ضمن الجزائر الحديثة أنه ليس لأحد فضل على الجزائر بعد الله، باعتبار أن الجزائر ليست إثيوبيا ولا الصومال! ما كان يتوجب عمله كان ضروريا وحتميا على المستوى الرسمي الذي يبقى المسئول رقم واحد عن هذه الأزمة، بمعنى أن التصعيد كان رسميا والتهدئة حين لا تكون رسمية فأظن أن التوتر سوف يستمر حتى بتواصل بيانات التهدئة الصادرة عن المثقفين العقلاء هنا وهناك، لأن المرحلة الراهنة أثبتت أن المثقف لم يعد فاعلا، بل أصبح مفعولا به!


62 عاما على قرار التقسيم ....!


نواف الزرو

بينما يتجدد الجدل الفلسطيني العربي حول قرار تقسيم فلسطين كما في كل عام، فان الحقيقة الكبيرة الساطعة التي نوثقها ونحن اليوم امام الذكرى الثانية والستين للقرار الذي اتخذ في التاسع والعشرين من تشرين ثاني/1947 تتمثل (وهنا نعيد نشر ما كتبناه مرارا في هذه المناسبة للتذكير) في ان التنظيمات والدولة الصهيونية قامت وما تزال  تواصل تدمير وشطب عروبة فلسطين تاريخا وحضارة وتراثا ، كما قامت وما تزال تواصل تهجيرالشعب الفلسطيني وتهويد ارضه ووطنه وتحويله الى "وطن يهودي" والى "دولة يهودية نقية" يسعون في هذه الايام باستماتة من اجل ابتزاز الشرعيات الفلسطينية والعربية لها..!، بل انهم يشنون هجوما استراتيجيا شاملا بهدف شطب فلسطين بكل ملفاتها وعناوينها الى الابد...!
ولم يعد  سرا ان تلك الدولة اقترفت ابشع اشكال التطهير العرقي، وقامت بتهديم المكان العربي على امتداد مساحة فلسطين، فدمرت ومحت نحو ستمائة قرية فلسطينية ومنها على رؤوس ساكنيها، كما دمرت العديد من الأماكن العربية المقدسة في فلسطين، بينما قامت بتهجير اهل الوطن والتاريخ والحضارة بفعل  المخططات الاستعمارية وبقوة "التطهير العرقي" البشع وفي ظل حالة من الاوضاع العربية التي  تعجر مفردات القاموس السياسي عن وصفها...!
كان من المفترض وفق قرار التقسيم على ما فيه من ظلم وسطو على معظم الوطن الفلسطيني، ان يعطي الشعب الفلسطيني نحو 44% من فلسطين ، لتقام الدولة الفلسطينية عليها، فما الذي حدث...؟!
ومن يتحمل مسؤولية ضياع فلسطين...؟!
...ومسؤولية عدم اقامة الدولة الفلسطينية....؟!
 وهل تضيع الحقوق والاوطان هكذا مع التقادم...؟!
ام انها يجب ان تعود مركبة...؟!
ثم اين الخريطة الجغرافية والسياسية والديموغرافية في فلسطين اليوم بعد اثنين وستين عاما على ذلك القرار التقسيمي...؟!.
نعود هنا مرة اخرى الى احدث المعطيات حول الميزان الجيو ديموغرافي في فلسطين المحتلة لنذكر: انه "منذ العام 1948  اقامت اسرائيل اكثر من 700 تجمع سكاني (بين مدينة وبلدة) يهودي  دون ان يقام ولو تجمع عربي واحد ...!
وقال الكاتب الاسرائيلي المعروف "عوزي بنزيمان" في هآرتس العبرية: "ان عرب اسرائيل الذين يشكلون 18 بالمئة من السكان اليوم يشغلون فقط 2,4 بالمئة فقط من الارض، والمساحة المخصصة لليهودي اكبر من تلك المخصصة للعربي بثمانية اضعاف "؟، واضاف "ان العرب في الجليل يشكلون %72 من السكان ولكنهم لا يشغلون سوى %16 فقط من الاراضي هناك"مشيرا الى "انه قبل قيام اسرائيل كانت الاراضي العامة اقل من %10 اما اليوم فقد اصبحت %93  حيث وضعت الدولة يدها على الاراضي العربية باربع طرق –لا مجال لذكرها هنا – ".
تفتح هذه المعطيات  التي يوثقها لنا بنزيمان ملف الميزان الجيوديموغرافي في فلسطين، وكيف كان هذا الميزان قبل قيام تلك الدولة الصهيونية وكيف اصبح اليوم .....؟!
كما تفتح امامنا ملف  التهجير والتهويد الشامل لفلسطين على ايدى الاحتلال الصهيوني ....؟!.
وفي هذا السياق يمكن القول ان الهجوم الصهيوني على فلسطين يحمل كل عناوين الاغتصاب والمجازر والاقتلاع والترحيل والتهويد والغاء الآخر العربي الفلسطيني تماما...!
وحسب المشاريع والنوايا المقروءة لدولة الاحتلال وبلدوزرها الاستيطاني، فان هذا الهجوم الصهيوني لم ولن يتوقف ابدا، وهذا الاستخلاص ليس اجتهادا سياسيا او فكريا تحت الجدل، وانما هو حقيقة كبيرة راسخة تتكرس على الارض مع مرور كل ساعة من ساعات الاحتلال، ومع تواصل عمل بلدوزرات الاستيطان والجدران على الارض، وهي حقيقة معززة مدعمة بكم هائل من الوثائق والمعطيات والوقائع الموثقة الملموسة.
فبالنسبة لفلسطين المحتلة 1948 على سبيل المثال وهي عنوان النكبة والتهجير وتهويد المكان الفلسطيني فتؤكد كل التقارير والدراسات العربية والعبرية على "ان الحركة الصهيونية مجسدة بدولة اسرائيل تواصل "عبرنة" و"تهويد" اكثر من 8400 اسم عربي لمواقع جغرافية وتاريخية".
وحسب كتاب "المواقع الجغرافية في فلسطين - الاسماء العربية والتسميات العبرية" وهو من تأليف الدكتور شكري عراف وصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت، فلم يكن في فلسطين حتى غزو الصهيونية لها سوى 50 اسما عبريا فقط، وان التوراة اليهودية لا تشمل بالاصل سوى 550 اسما لأمكنة مختلفة في فلسطين وهي في الاصل اسماء كنعانية وبادر الصهاينة الى تحوير الاسماء الاصلية او وضع اسماء عبرية على المواقع الفلسطينية، وهكذا تحولت "بئر السبع " مثلا الى "بئير شيبع" وطبريا الى "طبيريا" والخضيرة الى "حديرة" والمطلة الى "مطولة" وصفورية الى "تسيبوري" وعكا الى "عكو" وهكذا.
ويتحدث الكتاب عن ان "الصهيونية غيرت وهودت 90% من اسماء المواقع في فلسطين".
وليس ذلك فحسب، فدولة الاحتلال تواصل من جهة اولى مخططات تهويد ما تبقى من المواقع والاراضي الفلسطينية في فلسطين 1948 سواء في النقب او الجليل المحتلين ، بينما تشن من جهة ثانية هجوما تهويديا استراتيجيا ايضا على المواقع والاراضي العربية في الضفة الغربية ويتركز هذا الهجوم الى حد كبير على مدينتي القدس والخليل وقد امتد في الآونة الاخيرة الى منطقة الاغوار الاستراتيجية.
ولكن- دولة الاحتلال لا تكتفي بتهويد الجغرافيا والتاريخ وانما تخطط وتبيت وتسعى لاقتلاع وترحيل من تبقى من اهل فلسطين بوسائل مختلفة، او تسعى لالغاء وجودهم تاريخيا ووطنيا وسياسيا وحقوقيا وحشرهم في اطار كانتونات ومعازل عنصرية هي في الصميم معسكرات اعتقال ضخمة قد يطلق عليها اسم "دولة او دويلة فلسطين" او "كيان فلسطيني" او ربما تبقى بسقف "الحكم الذاتي الموسع".
وبيت القصيد هنا في هذا الصدد ان فلسطين من البحر الى النهر تحت مخالب الاغتصاب والتهويد والاقتلاع والترحيل، وهذه العملية تجري مع بالغ الحزن والقهر تحت مظلة "عملية السلام"والمؤتمرات واقربها مؤتمر انابوليس تارة، او تحت غبار حرب الاجتياحات والاغتيالات والتدمير والجدران طورا، وذلك على مرأى من العالم العربي والمجتمع الدولي.
ولذلك فانه لمن بالغ الدهشة الحديث احيانا عن "سلام عادل وشامل ودائم"، والاغرب التمسك العربي بالنواجذ على خيار المفاوضات وخارطة الطريق على وقع المجازر وبناء المستعمرات والجدران الاغتصابية التهويدية.
  وكبرى الكبائر العربية هنا ان تفتح الدول العربية ابوابها لقادة وجنرالات الاحتلال وجرائم الحرب، هكذا مجانا ودون حتى اي التزام اسرائيلي ولو على الورق بوقف المستعمرات والجدران..!
فنحن في الحقيقة امام سلام ارهابي على الطريقة البن غوريونية او البيغنية او الشاميرية او الرابينية او الشارونية او الباراكية او النتانياهوية او الاولمرتية  كما هو حاصل اليوم ...؟

من الأفضل المِحرم أو قماش المجلس الاعلى الإسلامي الأخضر؟.


  مالوم ابو رغيف
2009 / 11 / 29


وقف السيد عمار الحكيم على منصته الخطابية العالية مشرفا ومطلا على ساحة جرداء إلا من بعض الأبسطة صُفت في المقدمة لتستريح عليها مؤخرات كبار الضيوف في حين جلس العامة من الناس رجال ونساء وأطفال على التراب مهملين متربين كشأنهم دائما.
. وقف السيد هذه المرة بدون زجاج وقائي يحمي مقدمته، لكنه كان محاط من جهاته الأربعة، يمينا ويسارا، أماما وخلفا، محروسا من كل طارئ بغلاظ شداد تتراقص رؤوسهم كما يتراقص بندول الساعة وتلمع حدقات عيونهم وكأنها عيون قطط همجية متوحشة. وزيادة في الحيطة والحذر، و لإعاقة الوصول والتحدث إلى السيد الوريث، عُزلت منصته الخطابية بسياج تشابكت أخشابه من غير تنسيق لتدل على تخلف المصمم وتشير إلى إن الإسلاميين ورغم كل ما يملكونه من ثروات لا يحسنون الترتيب ولا التنظيم وليس لهم حسا جماليا ولا ذوقيا، إلا إذا كان النهم نوعا من الحُسن، فهم لا يجارون في النهم، مالا، طعاما أو نساء.
كان خطاب السيد monotonous تتحرك فيه الكلمات والجمل برتابة مملة تبعث السأم و النعاس. ليس من جديد مثير وليس من عتيق جدير، عبارات الإسلام السياسي وجمله وشعاراته من كثر اجترارها، باتت مكررة معروفة، ما إن يفتح احد منهم فاه حتى يعرف الجمهور ماذا سيقول وما هي خاتمة الكلام، عبارات استهلاكية لا نتيجة ترجى منها ولا طائل من ورائها جميعها تهدف إلى تقطيع العراق لحصص تتقاسمها المكونات .
ربما تصور عمار الحكيم بان الناس لا تعرف إن المحاصصة والتوافق هما وجهان لنية خبيثة واحدة هي تحويل العراق إلى إقطاعيات طائفية، لذلك راح يدعوا إلى التوافق وديمقراطية التوافق والوفاق.
لا عمار الحكيم الذي زاد باللحم والشحم ظنا منه بان السيادة بزيادة وزن الأبدان ولا خطابه أثارا الانتباه، إنما بعض الإجراءات ألظلامية الجديدة التي بدا الإسلاميون يحاولون حشرها في بنية المجتمع العراقي أكان في مجالات التربية أو الثقافة أو السلوك أو السياسة ليقولوا لنا بعدها إنها جزء لا يتجزأ من مكونات أساسياته، هي التي أثارت الانتباه ولفتت النظر.
في العادة، وعندما يتطلب الموقف اجتماع الرجال مع النساء، يقسم الإسلاميون القاعة أو المكان إلى قسمين، قسم للرجال وأخر للنساء تفصل بينهما مساحة فارغة قد تكون متر أو أكثر، هذه المرة فصل الإسلاميون الرجال عن النساء الملتحفات المحجبات وفق الثقافة الإسلامية الشيعية الوهابية الجديدة بدق قماش اخضر ارتفاعه يزيد على قامة إنسان يفصل الساحة من أولها إلى أخرها ويحيلها إلى لونين، قسم املح بلون وجوه الرجال المتعبة المتربة المفترشة الأرض، وقسم اسود بلون حجاب المرأة و حظها العاثر.
السيد عمار الحكيم بالطبع يشرف مثل Big Brother على الجميع، فمنصته مرتفعة عالية وعيون السيد مامونه !!!
بالأمس القريب اصدر مجلس محافظة واسط قرار يستند على التشريع الوهابي القائم على مبدأ سد الذرائع ودرأ المفاسد. والمرأة حسب الوهابية وحسب التفكير الشيعي المتوهب هي مبعث المفسدة ومغناطيس الشياطين الجاذب، لذلك قرر مجلس محافظة واسط الإسلامي بوحي من ابن عثيمين وبن جبرين وبن باز تشريع وظيفة محرم مرافق ليأتي مع الأنثى البرلمانية ليكون مصاحبا لها طول مدة الجلسة في قاعة الاجتماعات لصيانة الحرمات.. بالطبع هذا المقترح لاقى ترحيب البرلمانيات، ليس لأنهن مسلمات إلى حد نخاع العظم، بل لأنهن سوف يوظفن إخوتهن الصغار من عمر الخامسة عشر وما فوق، ليستلم الصبي منهم أكثر من 200000 دينار من عن جلوسه في قاعة مكيفة شتاء وصيفا وان تضايق أو مل فهناك قاعة الكمبيوتر فيها ما يشتهي من الألعاب الالكترونية ، وليكلف محرما أخر بمراقبة أخته البرلمانية طيلة مدة غيابه، وان تمرض المحرم، فيكون لها الحق بالغياب أو بتأجير محرم أخر ليسد فراغ المريض وليحصل على مكافئة أيضا.
لقد استعجل مجلس محافظة واسط بإصدار هذا القرار، فلو استشار المجلس السيد عمار الحكيم أو عادل عبد المهدي لاقترحا بالتأكيد على رئاسة المجلس الواسطي مقترح (طول) القماش الأخضر ليفصل بين أعضاء مجلس المحافظة الذكور عن الأعضاء الإناث دون إن يكلف خزينة الدولة الكثير، في كل جلسة (طول) قماش فقط وعندما تنفض الجلسة سوف يبيعونه علگات.
لا اعرف إذا كانت هذه النساء المحجبة الحاضرة لسماع خطاب عمار الحكيم السقيم، اللواتي فصل مجلسهن عن مجلس الرجال بـ (طول) قماش اخضر، قد أتن بطرق مخصصة للنساء فقط، وركبن في سيارات مخصصة للنساء فقط، ودخلن من أبواب مخصصة للنساء فقط، وتسوقن من أسواق خصصت للنساء فقط، وعملن في دوائر تديرها النساء فقط، وجلسن في برلمان مخصص للنساء فقط، ومشين للزيارة على الإقدام دون إن يصادفن رجال قط، وان المدن المقدسة خصصت أيام منها للنساء وأخرى للرجال فقط..؟
أليس هذا نفاقا إسلاميا منقطع النظير.؟
وهل بمثل هذه السفاسف نستطيع إن نبني العراق ونكون مجتمعا مثقفا متحضرا.؟
لقد هزلت.

الشعوب والأرض والحكام


  رمضان عبد الرحمن على

بداية أتسائل وأقول هل فعلا الأرض هي أرض الشعوب أم هي أرض الحكام ومن يغنى لهم ، إنه لأمر مضحك ومحزن ومخزي في نفس الوقت بل انه عار على معظم دول العالم ، حيث تقوم معظم الأنظمة في معظم دول العالم بالهيمنة والسيطرة واحتكار الأرض تحت حجج ما يسمى هذه أرض دولة كذا وكذا ، بالرغم ان جميع دول العالم لا تستغل أي دولة مساحتها كاملة إلا ما يقارب ما نسبته 3:4 من المساحة الكلية لأراضي الدولة أي يوجد لدى كل دولة مساحات شاسعة ، في نفس الوقت الذي تعاني منه دول من كثافة السكان ومشاكلها ، وينجم عن ذلك ارتفاع أسعار الأراضي مما يصعب على البسطاء من الناس شراء متر واحد من الأرض ، فلا ندرى هل الدول والأنظمة في العالم مسيطرة على الارض بهدف القضاء على أجيال باكملها ، أم انهم سوف يعطون للأجيال القادمة ، وأكاد اجزم أنه لا توجد دولة فى العالم إلا ولديها آلاف من الناس يسكنون العراء دون مأوى ، وآخرون يعيشون فى قبور ، ثم ماذا تعنى أرض دولة أو أرض دول ، المخزى في وضع الأنظمة فى العالم أن لكل دولة او رئيس أو ملك مستشار يسمى مستشار الأمن القومى ، ولا ندرى هل يقصدون هنا دولة بأبناءها وشعبها أم يقصدون الحاكم فقط .
ونقول إذا أرادوا أن يكون هناك امن بالفعل أن يؤمنوا أقوامهم الحاضرين والمعاصرين ، وقد أثبت العلماء المتخصصون أنه كلما زادت كثافة السكان تزداد معها الجريمة والفساد بكل أنواعهما ، وعدم الاسقرار النفسي في المجتمع ، وهذا يؤثر سلبا على الأجيال الحاضرة والقادمة مستقبلا في التعليم والزراعة وفي كل امور الحياة داخل المجتمع .
فماذا لو أدركت الأنظمة والحكام فى العالم اتجاه شعوبهم بمعنى أن تفسح المجال تجاه أراضي الدولة الغير مستغلة ، والتي تتصحر في كل دولة ، وأن تقلل من السيطرة على المساحات الشاسعة دون ان يستفيد منها احد ، ويتركوا ولو جزء للشعوب لتقوم الناس بزراعتها أو البناء عليها كسكن أو مصانع ، وسوف تعود بالنفع على المجتمع ككل إذا حدث هذا حينئذ من الممكن أن نقول أرض الدول تعنى هنا أرض الشعوب ، وهذا سوف يخلق واقع أكثر أمنا للشعوب والأنظمة الحاكمة ، فما هو المانع أن يفكر الحكام فيما قلت تجاه ملايين من الناس في معظم دول العالم يحلمون ولو بجزء بسيط من الأرض لكي يقومون بزراعتها كي يتعيشون منها أفضل من البطالة وانتظار الصدقة من الغير ، او ببناء مأوى لهم ولأولادهم .
إن الدول قادرة على فعل ذلك إن الأرض لن يأخذها المواطنون ويهربون فهذه فكرة من الممكن أن تحل مشاكل دول كثيرة اذا انتبهت الحكومات إلى ما يجب فعله على أرض الواقع.

أخبار الحريات في تونس


حــرية و إنـصاف
منظمة حقوقية مستقلة
تونس في 12 ذو الحجة 1430 الموافق ل 29 نوفمبر 2009


1)    اعتقال المواطن التونسي الفرنسي سمير بالخير:
اعتقل أعوان البوليس السياسي المواطن التونسي سمير بالخير لدى عودته صباح اليوم الأحد 29 نوفمبر 2009 إلى تونس، على إثر وفاة والدته يوم السبت 28 نوفمبر. وقد عاد السيد سمير بالخير، الذي لم يزر تونس منذ بداية تسعينات القرن الماضي، وهو يحمل الجنسية الفرنسية ويستخدم جواز سفره الفرنسي،  ويرجح أن يكون معتقلا الآن بمقر وزارة الداخلية بتونس العاصمة.
2)     حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان:
 لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.

عن المكتب التنفيذي للمنظمة
الرئيس
الأستاذ محمد النوري



مدريد تطلب من الملك محمد السادس حلا للناشطة الصحراوية أميناتو حيدر


مدريد ـ القدس العربي ـ من حسين مجدوبي
 بدأ ملف الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر المضربة عن الطعام يأخذ أبعادا سياسية بعدما طلب رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث سبتيرو من العاهل المغربي الملك محمد السادس إيجاد حل لهذا المشكل، بينما عرضت مدريد على حيدر الجنسية الإسبانية كحل لوضعها القانوني.
وكانت السلطات المغربية قد قامت بترحيل ومنذ أكثر من أسبوعين أميناتو حيدر من مطار العيون في الصحراء الغربية نحو لانساروتي في جزر الخالدات بعد رفضها الاعتراف بجنسيتها المغربية وإصرارها على الجنسية الصحراوية وسحبت منها جواز السفر كرد إداري. وفي أعقاب ذلك، دخلت أميناتو في إضراب مفتوح عن الطعام مؤكدة أنها لن تتراجع عن الإضراب حتى تعود الى الصحراء الغربية، وعمليا توجد في إضراب عن الطعام منذ 17 يوما.
وأجرى وزير الخارجية الإسباني ميغيل آنخيل موراتينوس اتصالا هاتفيا مع أميناتو حيدر يوم السبت بمناسبة عيد الأضحى مقترحا عليها الحصول وبقرار فوري على الجنسية الإسبانية مؤكدا حرفيا "سيكون من باب الفخر منح الجنسية الإسبانية لإنسانة تتمتع بمميزاتها". وكانت حكومة مدريد قد منحت بفضل هذا الإجراء الجنسية للروائي فارغاس لوسا من البيرو.
واعتبر موراتينوس أن أبوي أميناتو كانا يتوفران على أوراق إدارية إسبانية عندما كانت اسبانيا تحتل الصحراء الغربية.
وتحفظت أميناتو بشأن هذا العرض الجديد كما سبق وأن رفضت التوجه إلى القنصلية المغربية في لاس بالماس بجزر الخالدات للحصول على جواز سفر جديد. والمثير أن أميناتو حيدر رفضت في البدء الحديث مع موراتينوس عندما حاول الاتصال بها يوم الجمعة الماضية.
ونقلت وكالة أوروبا برس عن موراتينوس أمس الأحد قوله أنه أرسل مدير مكتبه الخاص إلى مطار لنسروتي لكي يبحث مع أميناتو الحل النهائي.
وعاد موراتينوس ليجدد بالمناسبة تأكيده على ضرورة إجراء استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.
وكشفت جريدة "الباييس" في عددها أمس الأحد أن موراتينوس وبعض قادة الحزب الاشتراكي اجتمعوا مع أعضاء لجنة تضامن مع حيدر والقضية الصحراوية يوم الجمعة الماضي في مقر الحزب في العاصمة مدريد.
وقالت الصحيفة أن موراتينوس أبلغ الحاضرين الوزير أن رئيس الحكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو قد طلب من العاهل المغربي الملك محمد السادس عبر القنوات الدبلوماسية التدخل لإيجاد حل لملف أميناتو حيدر.
وترى الأوساط الحكومية في مدريد أن الملك محمد السادس هو المؤهل الوحيد لكي يحل نزاعا من هذا النوع بحكم أن السلطات الأمنية تبنت مقاربة متشددة مع الناشطين الصحراويين في أعقاب الخطاب الملكي يوم 6 نوفمبر الجاري بمناسبة الذكرى ال 34 للمسيرة الخضراء.
ومع استمرار أميناتو حيدر في الإضراب عن الطعام، تتعرض حكومة مدريد لضغط سياسي واجتماعي قوي من طرف القوى السياسية والتنظيمات المناصرة لأطروحة البوليساريو وخاصة بعدما دخل على الخط نجوم الثقافة والفن من حجم خافير بارديم الحائزة على جائزة الأوسكار كأحسن ممثل.
ومن المنتظر أن تكون مدريد قد احتضنت مساء وليلة أمس مهرجانا فنيا للتضامن مع أيمناتو حيدر بمساهمة المغني الشهير ميغيل ريوس والمخرج العالمي بيدرو ألمودوفار ضمن عشرات آخرين.

إعتذار خارج الأسوار


يكتبه بكل إحباط:  د. سليــــــــم دادة

أن تُبرمَج تغطية إعلامية مكثفة من أجل فعاليات مباراة استثنائية، الفائز فيها سيتأهل إلى نهائيات كأس عالمية، فهذا أمر وارد ..
أن تشحن الأعصاب و تعلو الهمم و تتطلع الآمال للفوز، فهذا أمر محبوب ..
أن تشحذ النفوس و يتجلد بالصبر اللاعبون، فهذا أمر مطلوب ..
أن يشجع كل ٌ فريقه و لاعبه المفضل، فذاك مما يزيد في الإثارة و من متعة الترقب و من حرارة المشاهدة ..
أن يستوي كل هذا على نار هادئة في ظل روح رياضية تؤمن بالفوز و بالخسارة، و تؤمن بالنصر لمن يقدم الأفضل فذاك عين العقل ..
أن يحدث ما نستنكره بشدة بعد انتهاء بعض المباريات من أحداث شغب و تبادل كلمات نابية بين طرف سعيد بفوزه و آخر غاضب لخسارته، أمر تعودنا و للأسف مشاهدته في اللقاءات الحاسمة و حتى في الدول المتطورة و المنظَّمة ..
أن تعم الفرحة الشوارع و أن يهنئ الطرف المنهزم نظيره الرابح لهو قمة الروح الرياضية و الهدف الشعوبي من هذه الرياضة ..
هذا الذي كان يجب أن يحدث نظريا..
لكن ما الذي حدث عندنا فعليا؟
خروج عن سياق المباراة و تجاوز الكرة لأسوار الملعب ..
مناورات  إعلامية .. رشق مُدمي للاعبين زائرين مسالمين .. إرهاب مشجعين و مناصرين ضيوف ..
عدم الاعتراف بالخطأ بل و تكذيب لكل الأدلة الداحضة و وسائل الإعلام الدولية بل و وصل الأمر إلى اتهام المجني عليه بتلفيق التهمة و المراوغة.
وسائل إعلامية من الطرفين تشحذ أحدّ سكاكينها و تخرج أقوى أسلحتها .. و تُعلَنُ الحرب  الإعلامية بين جريدة صفراء و قنوات تليفزيونية تجارية ..
الكل يترقب آخر فيديو، و ألذع أغنية، و أقبح صورة، و أَزْوَرُ شهادة من مجهول.
أدِلّة و بصمات يغذيها الهواة و العاطلون و المهووسون بالكرة من المتعصبين، و التي تفتقد لأدنى شروط المصداقية و الأمانة،
و مع هذا تجد من يستعملها من الإعلاميون "المحترفون" كحقائق دامغة و إثباتات رسمية .
و للأسف يصدق الشعب كل ذلك بل و يساهم في نشره.
 يحدث بعد فصل الختام و فوز أحد الفريقين، فصل كامل من التشنج و التوتر بل و من التهور، إثر زوبعة مكالمات و فيديوهات قديمة تروّج و على المباشر في العديد من القنوات الفضائية للفريق المنهزم، زوبعة تذهب حفيظة كل متحفظ، و ترعب كل هادئ متفرج، و تروع كل مسكين مقهور بهزيمة علق عليها كل الآمال و مفجوع بمجزرة يسمع غوغاؤها من كل مكان من دون أن يرى أو أن يتبين شيئا ..
في الظلام الدامس لا يصبح الجنون أمرا صعب المنال و لا مستحيل الحدوث.
هنا تبدأ الحملة الشعواء و التصريحات المكلوبة تجاه شعب كامل و بلد بأكمله: بتاريخه و بمقوماته و بلغته و بمميزاته الاجتماعية و الثقافية ..
دولة كاملة تشهد موجة من الاتهامات و القذف و السب و التجريح ..
فيتهم شعبها بالهمجية و الإرهاب، وتوصف نساءها بالبغاء و الرعونة، و يسمى أبناءها لقطاء و بنو زنى، و ينعت شهداءها بالجِزم.
أين هذا؟ ..
على مسمع و مرأى كل العالم
و من أين؟ ..
من على منابر إعلامية فضائية مشهورة يتابعها الجميع
و ممن؟  ..
من شخصيات إعلامية معروفة، و من مشاهير الممثلين و المغنيين، و من رجال السياسة و أصحاب المصالح، و من رجال ينسبون إلى الرياضة ..
ضف إلى ذلك مكالمات من مجهولون تبث الرعب في نفوس الناس.
كل هذا مع المزايدة في لهجة الخطاب و التفنن في ضروب الشتم و السب و القذف، و التصعيد من الإفك و البهتان  و من الترويع و التضخيم، و مواصلة  الكذب و التلفيق، و كلام هراء يفتقد لأدنى موضوعية و روح مهنية، و تصريحات غير مسؤولة لا تمت بصلة لأخلاقيات مهنة الإعلام الرزين و الأمين.
هذا كله يحدث و العالم محدق و مندهش بين مصدق قد واتته الفرصة لإفراغ ما في جعبته من كبت و حقد و غل، و بين مكذب متريث في اتخاذ قرار لا يعرف من يصدق؟
أجيش إعلامي جرار منظم في حملة وحدها كانت ستكفي لفك الحصار عن غزة؟
أم دولة متهمة بأقذى الجنح و لا تحرك ساكنا و لا تقاوم إعلاميا، اللهم إلا بعض الصحف المحلية و فيديوهات شباب مدمن على اليوتوب. 
حتى أن الشعب المتهم احتار في أمره، أهو المقصود حقا أم دولة أخرى قد تسمى إسرائيل على أرجح تقدير..
ثم كيف و لِم يحدث هذا؟ و أين ذهبت فرحة النصر؟
دولة قاومت الإرهاب لمدة 12 سنة أريقت فيها أكثر من مائتي ألف روح، توصف اليوم بالإرهاب، و تحرم من لحظة فرحة فارقت ذكراها منذ عقود.
ثم كيف يوصف بأعتى النعوت شعب قاوم محتله و دافع عن عرضه و أرضه و ماله و حارب عدوه لسنوات طِوال بلا هدنة، ساقيا أرضه بدماء مليون و نصف مليون شهيد قهروا أقوى حربية زمانها و أشدها قسوة و عدائية؟
ثم كيف يُنتقص من أخلاق من فتح بابه مصراعيها كرما و أعطى الأمان لكل داخل بيته جوادا بما وجد و مقتسما بما فاض به خير هذه الأرض، هكذا و من غير مقابل، سوى حبا في الأخوة و العروبة و الدين و حسن الجوار و كرم الأخلاق؟
ثم و لنفترض أنه قد حصلت فعلا تجاوزات و مناوشات بين مناصرين متهورين غاضبين.
و من غير الانطلاق في جدلية من بدأ؟ أو من سبق بالظلم؟
فهل تعطي هذه المناوشات حق التطاول على دولة كاملة وعلى  سيادتها؟
و هل يجوز تجنيد جيش إعلامي كامل للنفخ على أبواق حرب و دق طبول معركة تدعو الناس إلى تقتيل و تذبيح كل منتسب لشعب الهمج على حسب تعبيرهم ؟
أو أيستدعى هذا عقد اجتماع طارئ لأركان الدولة لم يعقد منذ حرب 73 يدلي فيه خطاب الرئيس شخصيا و يصرح فيه و في سابقة تاريخية بأن كرامة المواطن من كرامة الوطن؟
أكان يجدر أيضا إتهام أمن البلد المحايد و المضيف للمباراة بالتقصير و التواطؤ مع الطرف الآخر، ويتطلب الأمر تعكير علاقات دبلوماسية عتيقة هشة و تعريضها للانهيار؟
أم كان يستحق هذا الوصول حتى إلى الجامعة العربية و الطلب من رئيس الإتحاد الإفريقي التدخل لاحتواء الوضع و الإصرار على تقديم إعتذار رسمي من دولة "البلطجية"؟
ألم يكن من الأجدر منذ البداية أن تبقى الكرة داخل أسوار الملعب و أن يُتعامل مع الأمور على أساس أنها لعبة رياضية، جلد منفوخ تتقاذفه الأقدام؟
بعد يومين من بداية الحملة نتنفس الصعداء ولله الحمد.
فالأمن الرسمي للبلد المضيف يثبت عدم حدوث أية تجاوزات و أن كل ما قيل لم يكن إلا بهتانا و باطلا.
ثم يشهد مسؤول دبلوماسي و على المباشر بعدم تعرض أيٍ من رعاياه لمكروه و بأن الجميع عائدون إلى بلدهم بسلام و من غير أذى.
ثـم تأتي عديد القنوات الرسمية المحايدة و المعروفة بمصداقيتها كي تفنّد كل الدعاوى و الاتهامات الباطلة بل و تَدحض كل حججها الواهية.
ثم تظهر كواليس الأفلام المركبة و الإتصالات المشبوهة و الصور المزيفة و الأدلة المنسوبة للحدث و التي ثبت وجودها على النيت لأيام قبله.
ثم يصرح فيما بعد وزير الخارجية البلد "المجني عليه" بأن العشرة آلاف مناصر رجعوا كلهم إلى  بلادهم بسلام  و في أقل من 12 ساعة، ثلاثة منهم فقط دخلوا المستشفى بجروح طفيفة و خرجوا منه في يومهم.
ما فهمناه إذن هو أنه في الوقت الذي كان فيه مناصروا الفريق المنهزم يستقلّون طائراتهم عائدين إلى بلادهم، و في الوقت الذي كانوا فيه مع عائلتهم و أصدقائهم و على المقاهي.و في الوقت الذي كانوا يشاهدون فيه مع الجميع حملة إفك و بهتان و كذب توحي للناس بأن مذبحة تتواصل منذ أيام و بأن الضحايا يعدّون بالعشرات بل بالمئات، مذبحة قام بها شعب كامل و سوقت لها دولته طائرات حربية و أخرجت لها من في السجون.
إذن سؤالي المطروح الآن لن أوجهه لوسائل الإعلام، هاته التي باعت ضميرها في سعيها اللاهث وراء الربح  العريض و الشهرة الزائفة و المصلحة المشتركة، و خصوصا بعد انكشاف خيوط اللعبة المؤامرة، و بعد تبنيها سياسة الغناء في الحمّام بتصعيدها المتواصل للوضع،حتى بعد تفنيد كل ما قيل و حُبك و بعد إنهيار الدعائم التي قامت عليها هذه الحملة الشرسة.
لكن  سؤالي هذا سأوجهه لك أنت أيها المواطن البسيط .. أنت أيها الرجل الشريف .. يا من عاش الحقائق و وصل إلى أهله سالما.. و يا من يسمع إلى اليوم بكائية  ترفع على ذكراه و هو الحي الذي لم يمت:
أرضيت أن تكون مناحة النائحات و مندبة النادبات و وعد المنتقمين؟
أم رضيت أن تكون شهيدا بلا إستشهاد أو شاهد زور و لو شيطانا أخرسا؟
أم تراك أبيت إلا أن تكون بيدقا على رقعة شطرنج إن لم يضحّى بك بداية اللعبة سيضحى بك في نهايتها؟
أم أنها أعجبتك نفسك و الإعلام يتحدث عنها ليلا نهارا و يشيد بدورها البطولي  في مسرحية شاهد ما شافش حاجة؟ 
و أن يصفق لكرامتك أو يصفق عليها -لست أدرى، في الاجتماع الطارئ لمجلس الأركان و هي الكلمة التي لم تدخل ذاك الصرح إلا اليوم؟
أم تراك لا تعلم أنه ثأر سيطلب من أجلك و نار حقد تؤجج اليوم للانتقام من البلطجية و البربر الهمج الذين قتلوك و قطعوك و مثلوا بك و أنت الجالس في حضن أمك سالما معافى؟ .. أفكرت في الأم التي ستُثكل جراء صمتك؟
أم تراها هي الوطنية الجديدة التي علمتك الانصهار و الذوبان في قِدر إحراق الذات و حرمانها من حق الحياة و من عزة النفس و كرامة القيم تحت غطاء المواطنة الضيقة تحت شعار أصحاب الثأر "أنا و أخي على إبن عمي" ؟
أم لعله الخوف و الرعب الذي تعيشه يوميا ما بين مطرقة نظام متجبر و سندان فقر و فاقة؟
صديقي المواطن الطيب الشريف، لن ألح عليك السؤال أكثر من هذا، كما أني لن أصرّ على الإجابة.
 بل سأدعك لضميرك و لوازعك الخُلقي كي تقرر ما ستفعله إزاء ما حِيك حولك  وما ينسج من أجلك، و إزاء إقحامك العسريُّ  في هذا المنزلق اللا أخلاقي الخطير من دون استشارة لديك و لا رغبة منك.
و لأني أريدك أن تعلم بأنه رغم كل ما حدث و ما قد سيحدث، بأننا شعب أذكى من أن تنطوي عليه لعبة سافلة كهذه و بأننا نفرق جيدا ما بين الشعوب و ما بين حكامها. فإني أدعوك بعد كل الذي سمعته مني، بأن تحكم عقلك و أن تكون صريحا و لو مع نفسك على الأقل، و أن تجيبها هي لا أنا عن سؤالي الذي أطرحه عليك اليوم، و من خارج الأسوار:
"بالله عليك من له الحق في المطالبة بالإعتذار ؟"
د. سليــــــــم دادة
مؤلف موسيقي و فنان جزائري
29 نوفمبر 2009 إيطاليا