الأحد، 29 نوفمبر 2009

التطرف الديني بين المبادئ والإجرام




المحامي سفيان عباس
الثوابت الإيمانية لا تقبل الحلول الوسطية فأما ان تحقق أهدافها الربانية المنزلة أو لا تكون من حيث صلاح وتزكية نفوس العباد وجعلها تؤمن بالواحد الأحد لا شريك له وصولا إلى القيم الأخلاقية الراقية التي ينبغي معها خلق الشخصية السامية للعبد المؤمن الملتزمة بالتعاليم السماوية نصا وروحا بلا تحجيم أو مبالغة متطرفة عمياء في تطبيق أحكامها، فأي انحراف عن هذه القواعد يعد ألحادا بما كتب أو ما هو مقرر من رب العزة سبحانه وتعالى أي بمعنى الاستجابة الى ذكره الميمون في نصه المبجل (وادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) هذه النفحات تمد المراجع الفقهية والاجتهادية بمساحات اليسر والتسامح والقبول الحتمي بأفكار الغير . دون رفض عشوائي او تعصب غوغائي ملصق بالدين الحنيف نتيجة الجهل في فهم محتواه المعجز. فالدعوة والتوحيد والجهاد في نشر الأوامر والنواهي تخضع بالضرورة إلى هذه الأرضية. ان عملية تضخيم تلك المناهل عند التطبيق تشكل خرقا فاضحا لأمر كان مقررا؟ ولا جواز شرعا يمده حين الخروج عن إطاره الموسوم بالحكمة الإلهية. لقد تقاذفت التفسيرات في الآونة الأخيرة ما بين الموضوعية الصادقة والجهل العشوائي. وراح دعاة المغالاة في تفسير القيم الإيمانية المرسلة بوحيه سبحانه الى المصطافين من الأنبياء والرسل كيفما تحلو لهم المعاني او بما يخدم أغراضهم وأهدافهم البعيدة عن بؤرتها الحقيقية التي أمر بتنفيذها مالك الملك العلي القدير لكي تكون واحة للتطهير و الفلاح والنجاة للناس كافة . فلا غالب لأمره سبحانه، وما يشهده العالم الإسلامي حصريا من تجاوزات على تلك الربانيات المحكمة يقع في دائرة الإلحاد والكفر والدجل والشعوذة المؤطرة بالنفاق المنبوذ والهدف المرفوض والسعي غير المحمود. كل هذه الرؤى والتصورات والمثل الخلاقة التي نحن بصددها مكنت أعداء الإسلام من توظيف أضدادها المفسرة من جهلة الدين الذين يدعون التفقه أما للسذاجة والجهل المطبق او أنهم موظفون او مستخدمون لغرض تشويه مبادئ الإسلام العظيم والحال سيان ما بين الغباء والغرض السيئ وكلاهما يحملان عناصر الثواب والعقاب في اليوم الأخر . فأي عمل لا يخدم هذه الأحكام المقررة ربانيا يستهدف الآمنين يعد إجراما على وفق قوانين الأرض والسماء بغض النظر عن مسميات هذا الفعل الذي يتعارض مع الكتب المنزلة او القوانين الوضعية سواء أطلق عليه إرهابا أم غير ذلك . ان القاعدة القانونية تحكم هذه الموصوفات بمسافة واحدة ضمن القوانين العقابية ولا تفرق بالأفعال الجرمية طالما استهدفت المدنيين الأبرياء كما لن تميز الجهات المنفذة والكل يقع تحت طائلة العقاب الصارم. وربما تكون الأحكام العقابية اشد وأقسى ضد أصحاب التسييس الديني والطائفي والمذهبي الذين يرتكبون الجرائم البشعة بحق الآمنين من العباد بالحجة القائمة او تلك الملفقة كيديا والملصقة زورا بالأبرياء. والعجيب ان بعض رجال الدين ممن يحكمون اليوم في بعض الدول الإسلامية يمارسون الأفعال والأعمال الإجرامية التي ذكرناها بكل عواقبها كما يحصل في إيران والعراق ، فقد انتكست راية الإسلام في كلا البلدين وتزعزعت دعائم الثبات على مرتكزات الإيمان وتهاوت وحدة الاعتقاد في أصل الدين والمذاهب وتبعثرت أواصر المؤمنين بقيم السماء بعد ان حدثت المجازر الدموية لحسابات طائفية ساقها أصحاب فلسفة ولاية الفقيه مما انعكس سلبا على ماهية الديانات وضرورة سريانها الأزلي وجدواها الأبدي . وما ينطبق على أولئك الدجالين يذهب الى حيث أمثالهم من المتطرفين في المذاهب الأخرى الذين هم برؤاهم سائرون وفي فلسفتهم العمياء قابعون وبأعمالهم الإرهابية ماضون. ان جريمة التطرف ترسم صورا مأساوية لمفهوم الإرهاب كجناية دنيئة كونها تستهدف المدنيين. ان النظامين الحاكمين في العراق وإيران يشكلان نقطة سوداء في جبين الإسلام العظيم كونهما ينهجان التطرف وسيلة وحيدة في بسط سلطتهم على شؤون العباد. لقد آن الأوان للتخلص من التطرف الديني ايا كان مذهبه ولنذهب جميعا الى مقاصد التسامح والإخاء والتوحد الصميمي للديانات كافة ؟ والله من وراء القصد؟؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق