الخميس، 25 فبراير 2010

بيان الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب: محاكمة حسن بن عبد الله والفاهم بوكدوس


تونس في: 24-02-2010
بــــيـــــان
علمت الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب أن الدائرة الجنائية أصدرت بطاقة إيداع بالسجن ضدّ الشاب حسن بن عبد الله يوم 24-02-2010، بعد اعتراضه على حكم غيابي صادر عنها في ديسمبر 2008 يقضي بسجنه لمدّة عشرة سنوات مع النفاذ العاجل على خلفية اتّهامه بالمشاركة في احتجاجات منطقة الحوض المنجمي أوائل سنة 2008، وأجلت القضية لجلسة 17-03-2010.
وكان بن عبد الله والمراسل الصحفي الفاهم بوكدوس مثلا أمام محكمة الاستئناف بقفصة في القضيتين 3257 و3314 على خلفية نفس القضية، وتم التّأجيل بطلب من النيابة ومن لسان الدفاع لجلسة يوم 23-03-2010.
ولدى استنطاقه في الطورين الابتدائي والاستئنافي نفى بن عبد الله التهم المنسوبة إليه بالانضمام الى وفاق أو المشاركة في عصيان مسلح، وأنه لم يشارك فيما حدث من احتجاجات سلمية، ومن جهته قال بوكدوس للمحكمة أنه مراسل صحفي لقناة "الحوار التونسي" وأنه قام بتغطية الأحداث بحكم عمله لا غير، ونفى جملة وتفصيلا ما نسب إليه من تهم. وحضر إلى جانب المتهمين ما يقارب العشرون محاميا.
ومنذ الصباح حاصرت قوات من الشرطة مقر المحكمة ومنعت عديد النشطاء السياسيين والحقوقيين والنقابيين من مواكبة أعمال الجلسة في خرق واضح لمبدأ علنية المحاكمات.
إنّ الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب:
- تطالب السلطة بإيقاف محاكمة بوكدوس وبن عبد الله، مع الإفراج الفوري عن هذا الأخير لغياب أي أدلة تدينه، وإطلاق سراح الشبان الذين هم بصدد تنفيذ أحكام صادرة ضدهم.
- تدعو إلى فتح حوار مع الأهالي في منطقة الحوض المنجمي بما ينهي التوتر الاجتماعي ويحقق مطالبهم في الكرامة والتنمية .
- تجدد مطلبها في فتح تحقيق عادل حول حقيقة ما حصل من أحداث وتحديد المسؤوليات بخصوص الانتهاكات والتعذيب وحالات إطلاق الرصاص التي أدت إلى هلاك أرواح.

الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب
الكاتب العام
منذر الشارني

الموساد يحتل دبي والعالم" نظرة على عمليات الموساد"!!


ربما احتل الموساد مدينة دبي المسالمة لمدة يوم أو يومين أو شهر أو ربما أكثر ، هذا ما تبين من التحقيقات التي قام بها جهاز الأمن الإماراتي والعبقري مدير الأمن في مدينة دبي  السيد خلفان .
الإحتلال يعني الدخول بشكل غير قانوني وبشجاعة الجبان الذي لا تخوله فرائصه على المواجهة الحقيقية مع أعداءه وخاصة في عمليات بوليسية أمنية تنتهك حرمة أرض وكرامة شعوب وسيادة دول .
 وتاريخ الموساد حافل بالعمليات الجبانة التي تنتهك فيها الحرمات الدولية ، من أجل ملاحقة رجالات العرب بعلمائهم ومقاوميهم .
 ومنذ تأسيس الدولة الصهيونية على أرض فلسطين وضمن سياسة تثبيت الدولة الصهيونية وإرهابها ، وفي عملية تكاملية مع المذابح التي تقوم بها قواتها على الأرض في مواجهة الشعب الفلسطيني ، تلاحق إسرائيل علماء الأمة العربية في كل مكان ، وتلاحق كل هدف يمكن أن يرتقي به حال هذه الأمة .
 وإذا ما تمحصنا في عملية إغتيال القائد الفلسطيني محمود المبحوح ، الذي تم اغتياله في 19/1/2010 ، فإننا نلاحظ وكما ورد على لسان أجهزة الأمن الإماراتية أن العدد الذي شارك في عملية إغتيال المبحوح يتجاوز 26 شخص ويمكن لهذا العدد أن يتغير أيضا على حسب مجريات التحقيق والمتابعة التي تقوم بها أجهزة الأمن الإماراتية .
 أن يشارك 26 فرد من الموساد لقتل رجل واحد ، هذا يدل على أهمية الفقيد وقدرته على التأثير في حلبة المواجهة ، وهذا ما دفع الصهاينة ، حيث أصبح وجود المبحوح يسبب لهم أرقا شديدا ، ولكن أن تقوم مجموعات الموساد ومؤسسات الموساد بالإنتقال مباشرة بأفرعها إلى الإمارات شيء يدل على الإستهتار بالأمن العربي وبأمن الإمارات .
 ولم تتعظ أجهزة الموساد ورئاسة وزراء إسرائيل وتاريخ الموساد المحاط بالفشل في أكثر من عملية وإن حققت أهدافها المباشرة ، من أن يتعظ ، فقد أثبتت أجهزة الأمن الإماراتية براعتها في التعامل في فك رموز قضية سوزان تميم قبل تنفيذ هذه العملية بعدة شهور .
 إخفاقات الموساد وفشله لأكثر من مرة رغم عمليات الدعاية والإعلام الذي يصور هذا الجهاز بأنه الخارق الحارق ، إلا أنه ليس بعيدا عن أجهزة الأمن وقواها ، سواء في أوروبا أو في العالم العربي ؛ في عام 1973 قام جهاز الموساد بملاحقة رئيس جهاز الأمن الفلسطيني في النرويج وقتلوا مواطنا مغربيا يدعى " أحمد بوشبكي " بخطئ أمني فاضح ، وقامت سلطات الأمن النرويجية بالقبض على القتلة وعلى رأسهم " دان آرئيل " و " ابراهام " ، وأربعة آخرين ، وفي ذاك الحين خرجت الصحف الإسرائيلية تنتقض وتتهجم على رئيس الموساد الإسرائيلي بدعوى فشله وتخريب العلاقات مع أوروبا ، ولم يتابع الموضوع بعد ذلك .
 وفي عام 1980 وعندما هم الدكتور يحي المشد بإنهاء مهمته في باريس والعودة إلى العراق هو وزوجته وطفله ، وفي أروقة المطار تم تأجيل رحلته فقط لحاجة فرنسا إليه ، وأثناء إقامته في فندق تم تصفيته وقطع رأسه عن جسده في عملية همجية استخدمت فيها أدوات حادة كالفأس ، وكان وراء هذه العملية أيضا جهاز الموساد .
 قبل ذلك بسنين قام الموساد باغتيال الدكتورة والعالمة المصرية " سميرة موسى" في أوائل الخمسينات ، وكذلك العالم الذري سمير نجيب في عام 1967 وتم اغتيالهما بواسطة حادث سيارة ؛ وكذلك قام الموساد باغتيال العالم المصري القليني بالخطف والإختفاء للأبد .
 وقام الموساد أيضا وفي عام 1954 وما تلى ذلك من نشاط تكنولوجي مصري في عهد عبد الناصر باغتيال العلماء الألمان الذين كانوا يعملوا لصالح الصناعات الحربية المصرية في مدينة نصر في ضواحي القاهرة .
 للموساد ثلاث دوائر أعتقد أنها كانت متواجدة في قطر وبناء على ما سمعناه وما رأيناه من تسجيلات الفيديو التي أذاعتها سلطات الأمن الإماراتية :
1- مجموعة إدارة المجموعات والتنسيق فيما بينها .
2- شعبة العمليات والتنفيذ .
3- مجموعة الإتصال والعمل السياسي .
4- مجموعة الحرب النفسية والدعايا .
5- مجموعة إدارة البحوث والعمليات التي يديرها مركز رئيسي من مراكز الموساد في دول المنطقة .
 سبق لجهاز الموساد أن احتل مدينة تونس في عملية اغتيال أمير الشهداء الفلسطينيين أبو جهاد ( خليل الوزير ) في 6 أبريل الساعة الواحدة والنص ليلا من عام 1988 ف من خلال مجموعة مكونة من 20 عنصر وأربعة سفن وغواصتين وطائرتين عموديتين ، وبدء تنفيذ العملية كان بالقرب من ميناء قرطاج .
 كان من الأهمية إغتيال أبو جهاد على خلفية مواقفه الثابتة في الحفاظ على مبادئ وأهداف ومنطلقات حركة فتح ومنظمة التحرير ، وكان لأبو جهاد مسار مناقض لسياسة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ، بل كان يطمح في عملية تغيير جوهري في داخل حركة فتح ومنظمة التحرير واتصالاته المهمة مع كل فصائل المقاومة سواء داخل منظمة التحرير أو خارجها .
 عندما أرادت إسرائيل التخلص من قائد واعد نحو وحدة وطنية حقيقة للشعب الفلسطيني ونحو رسم منهجية مقاومة تتناقض كليا مع الإتصالات الخفية بين منظمة التحرير الفلسطينية وشخصيات صهيونية ، كان القرار التخلص من أبو جهاد ، وعلى ما أعتقد أن القرار لم يكن إسرائيليا فقط ، وعندما طلب جهاز الأمن الفلسطيني بقيادة أبو إياد وعاطف بسيسو أن يقوموا بالتحقيق في هذا الملف تم إقصائهم عن هذا الطلب ؟!!
 احتل الموساد تونس لأكثر من ساعة وغادر الموساد ، وغادر باراك وهو متخفي بزي امرأة واعتبره الموساد بطلا في هذه العملية .
 بلا شك أن هناك دعم لوجستي في كل عمليات التنفيذ التي يقوم بها الموساد عن طريق عملائه من العرب الفلسطينيين والغير فلسطينيين .
 وتاريخ الموساد حافل باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية :
1- وائل زعيتر : الذي تم اغتياله في عام 1972 وهو ممثل منظمة التحرير في روما ، أغتيل على مدخل بيته في روما ودفن في مخيم اليرموك في سوريا .
2- كمال عدوان ، وكمال ناصر ، وأبو يوسف النجار : في عملية سميت عملية الفردان في 10- 4- 1973ف وأبان تحول خطير في سياسة منظمة التحرير وقبولها بالحوار مع شخصيات صهيونية .
3- محمود الهمشري : وهو من قادة فتح ومنظمة التحرير حيث زرع له قنبلة تحت هاتفه في منزله .
4- ناجي العلي : الذي اغتيل في لندن عام 1987ف والذي كشف المحققين البريطانيين عن مسؤولية الموساد عن قتله وفي ظل اتهامات للرئيس الفلسطيني السابق بعملية التصفية نتيجة لإنتقاده الشديد له ، ولكن قامت مسز تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا بقفل مكتب الموساد واعتراف المدعو إسماعيل حسن صوان بتلقيه تعليمات من قادة الموساد بتصفية ناجي العلي .
5-      عاطف بسيسو :الذي اغتيل وهو متوجه من برلين إلى باريس أمام فندق الميريديان وتم إطلاق النار عليه من شخصين على دراجات نارية ، بتاريخ 8- 6 -1992ف ، وقد كشف القاضي الفرنسي في تقريره عام 1999ف عن دور العميل عدنان ياسين الذي يقيم الآن في البوسنة مشاركته في تدبير عملية الإغتيال سواء لعاطف بسيسو أو للشهيد أبو جهاد الوزير علما بأن هذا الجاسوس مازال تحت حماية رواتب منظمة التحرير وسلطة الحكم الذاتي في رام الله إلى هذا التاريخ .
6- غسان كنفاني : وتم إغتياله أيضا بنفس طرق الموساد المعتادة .
7- منذر أبو غزالة : قائد البحرية الفلسطينية ، وتم إغتياله في أثينا أيضا في عام 1986ف ، وهو عضو مجلس ثوري ومجلس عسكري ، وعلاقاته في داخل منظمة التحرير غير مرضي عنها
8- علي حسن سلامة  الامير الاحمر  عضو المجلس الثوري لحركة فتح. وقائد قوات ال 17 ¢حرس رئاسة منظمة التحرير  في 22 يناير 1979 بتفجير سيارة مفخخة لدي خروجه من منزل زوجته جورجينا رزق ¢ملكة جمال الكون  في بيروت
9- والكاتب والمؤرخ الفلسطيني د. عبد الوهاب الكيالي في 7 ديسمبر 1981 اقتحم مجهولان مكتبه بالمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وأطلقا عليه النار فأردياه قتيلاً.
10-     اللواء سعد صايل ¢أبو الوليد¢ في 29 سبتمبر 1982 في كمين نصب له في منطقة البقاع بلبنان
 11-عصام سالم ممثل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان. وذلك بعيارات نارية من مسدس أطلقها عليه شخص مقنع مجهول اثناء وجوده في أحد متاجر صيدا بجنوب لبنان.
12- وسعيد حمامي مدير مكتب المنظمة في لندن في يناير 1978
13-نعيم خضر مدير مكتب المنظمة في بلجيكا اول يونيو 1981
 تصور عمليات الموساد أن هذا الجهاز قد يحتل العالم ومدن العالم وقتما يشاء ، ورجوعا لعملية إغتيال المبحوح في 19- 1- 2010 تبين أن الموساد وان نجح في تنفيذ عمليته  فإنه القزم أمام الخبرة الأمنية والبراعة الأمنية الإماراتية التي كشفت رذالته وحقيقته التي استعان في تنفيذ تلك العملية الجبانة بجوازات سفر أوروبية مختلفة ، أسترالية وألمانية وبريطانية وايرلندية وغيره من دول العالم .
 ولكن السؤال ماذا رد العرب على تلك العمليات الجبانة ؟ ، هل قاموا بالثأر ؟ ، والثأر من شيمة العرب ! ، ويبدو أن العرب فقدوا هذه الشيمة وهذه السمة .
 وماذا فعلت فصائل المقاومة أمام تلك العمليات وخسارة الشعب الفلسطيني الكبار من قادته ؟ ، وهل هناك مصلحة بين عملية التصفية والتيار التنازلي الذي زرع في منظمة التحرير منذ سنوات وتبوأ مواقع قيادية ، سؤال يحتاج إلى بحث والإطلاع على أكثر من أرشيف لتلك العمليات من التصفيات !
 ولكن هل يمنح العرب جوازات سفر بعدد الدول العربية للفلسطينيين ليقوموا بملاحقة القتلة ؟ ، وعندئذ سيكون الموساد أصغر من النملة أو الذبابة أمام الشعب الفلسطيني وكوادره ، وهل تمنح الدول الإسلامية جوازات سفرها للفلسطينيين ليلاحقوا القتلة وعندئذ ستنتهي إسرائيل !  وسينتهي الموساد في معركة المواجهة الحقيقية، فسر وجود إسرائيل تمتع الصهاينة بأكثر من جواز وإقامة وتنقل في عواصم العالم .
  فهل سيفعل العرب والمسلمون ؟


الصهيونية الثقافية


سيف دعنا

استند المشروع الصهيوني الاستعماري المتمثل بتأسيس "دولة يهودية" على أرض فلسطين العربية على سلسلة من المحاور والأسس المترابطة,
والتي سأتناول بعضها تباعا وباختصار في المستقبل لإلقاء الضوء على طبيعة المشروع الصهيوني مقدمة لتقديم تصور لطبيعة الصراع معه.
هذه المحاور هي الصهيونية الثقافية, والتي سأزعم أنها الأهم والحلقة المركزية في المشروع, الصهيونية الاقتصادية, الصهيونية الايكولوجية, والصهيونية السياسية.
سأستنتج لاحقا, وبناء على النقاش المختصر لبعض هذه المحاور, أن المشروع الصهيوني غير قابل للاستدامة لأسباب سياسية, واقتصادية, وبيئية, وثقافية, ولا يمكن التعايش معه لكون هذه المحاور لا يمكن أن تنتج إلا كيانا عدوانيا.
هذه مقدمة للمرحلة الأولى للصهيونية الثقافية فقط. المراحل الأخرى والتي تميز كل منها بإعادة تعريف لمفاهيم ثقافية صهيونية أساسية, وحتى إعادة تعريف لفكرة "إسرائيل" ذاتها بما يتناسب وتحولات المشروع الاستعماري, ستأتي لاحقا.
الاستعمار الاستيطاني النقي
تميز أدبيات الاستعمار المقارن, عادة بين نوعين من الاستعمار. الأول, هو الاستعمار المتروبولي, أو المرتبط بالمركز الاستعماري في البلد الأم, الذي لا يتضمن انتقال عدد كبير من السكان للإقامة الدائمة في المستعمرة ويتميز بالسيطرة عبر سلطة كولونيالية ويشكل أحد ديناميات الإمبريالية, أو إقامة الإمبراطورية, كما كانت حال الاستعمار الإنجليزي في الهند.
النموذج الثاني, الاستعمار الاستيطاني, ويتميز, على العكس, بانتقال المستعمرين بأعداد كبيرة للسكن الدائم في المستعمرة وتأسيس وطن على طراز الوطن الأوروبي الأم.
هذا النوع ينقسم بدوره إلى ثلاثة أنواع هي: المستوطنة المختلطة, المستوطنة الزراعية, والمستوطنة النقية. ما يميز النوعين الأولين هو استيطان الأرض فقط, واستغلال اليد العاملة المحلية (في حالة المستوطنة المختلطة) أو استيراد اليد العاملة (في حالة المستوطنة الزراعية).
وحدها المستوطنة الاستعمارية النقية, كما هي حال "إسرائيل", تستوطن الأرض والعمل معا, وبالتالي فإن بنيتها تتضمن رفضا وإلغاء لوجود السكان الأصليين بطردهم من الحياة الاقتصادية حتى من مجال الأيدي العاملة التي يمكن استغلالها.
والخطاب الصهيوني (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) أفرغ فلسطين من أهلها مجازيا أولا واخترع أرضا بلا شعب ليؤسس للإبادة والتطهير العرقي الحقيقي لاحقا. فهذا الخطاب لم يكن محض دعاية, بل أسست له بنية ثقافية استعمارية ارتبطت جدليا بالسياسة والممارسة الصهيونية. ولم يكن إفراغ فلسطين من أهلها في الخطاب الصهيوني بسبب جهل في الجغرافيا والتاريخ, أو بسبب حاجة دعائية فقط, بل بسبب العنصرية المتأصلة في الصهيونية التي أنكرت أساسا إنسانية العربي الفلسطيني ووجوده وثقافته لتفسح الطريق أمام القتل والتشريد المستمرين حتى اليوم.
المستوطنة الاستعمارية النقية, كما هي البنية التي ميزت المشروع الصهيوني منذ موجة الهجرة الاستعمارية الصهيونية الثانية التي بدأت عام 1904, والتي استعمرت الأرض وتبنت سياسة عبرنة العمل والمنتوج, وبالتالي استعمرت العمل, رغم التكاليف الاقتصادية الهائلة لهذه السياسات، شكلت نموذجا استعماريا فريدا (التشابه مع النموذج الأمريكي ربما يفسر جزئيا العلاقة المتميزة بين المستعمرتين).
أدبيات الكولونيالية تؤكد أن هذا النوع من الاستعمار ليس عنصريا فقط, بل يتميز بما يسميه ديفيد فيلدهاوس "أنقى أنواع الدوافع العنصرية"، وبكون "الإبادة الجماعية خاصية أصيلة" فيه لا ظاهرة عارضة أو مؤقتة كما يشير وورد تشيرتشيل. (لفهم النموذج الاستعماري الأمريكي, انظر منير العكش: أمريكا والإبادات الثقافية).
الأعمال الأولى
المهمة الثقافية التي واجهت الحركة الصهيونية ومؤسساتها الأكاديمية لاحقا, والتي تمثلت باختراع رواية وذاكرة, إنسان, لغة, وعي جمعي, فكرة وجغرافيا وطن, وفي نفس الوقت إلغاء فلسطين والفلسطينيين, كانت جسيمة لسبب أساسي وتاريخي وهو غياب فلسطين شبه المطلق عن التأريخ اليهودي والدراسات اليهودية التي اهتمت حتى تأسيس الحركة الصهيونية بالشؤون اليهودية في أوروبا فقط.
ففي حين أنه حتى القرن السابع عشر لم تذكر فلسطين سوى في دراستين يهوديتين, كان على هذه المؤسسات الأكاديمية أن تختزل وتحول كل تاريخ فلسطين إلى تاريخ اليهود في فلسطين وتسكت كل تاريخ آخر (انظر كيث وايتلام: اختراع إسرائيل القديمة وإسكات فلسطين).
المشروع الكولونيالي الصهيوني في فلسطين تضمن, واستند إلى مشروع ثقافي أطلق عليه غسان كنفاني تسمية الصهيونية الثقافية, ولن أجادل فيما إذا سبق السياسي الثقافي, أو استولده, أو العكس, ولا أظن أن ذلك مهما طالما رأينا جدلية العلاقة بين المستويين.
المهم هو قراءة أي إنتاج ثقافي "إسرائيلي" في سياقه التاريخي الاستعماري لا بوصفه عملا ثقافيا بحتا. أغلب الأعمال الصهيونية الأولى تضمنت بعدا ثقافيا واضحا برغم الطابع السياسي لرسالتها الأساسية.
ثلاثة من الأعمال الأولى الأكثر أهمية تضمنت الإصرار على عدم إمكانية ورفض اندماج اليهود في مجتمعاتهم بشكل مطلق وإرجاع ذلك إلى خصوصية اليهود من جهة وكره الأغيار المتأصل لهم عبر كل العصور (أحد أسس الصهيونية كما يراها إسرائيل شاحاك), وبالتالي اقتراح "الدولة اليهودية" باعتبارها الحل الوحيد للمشكلة اليهودية في أوروبا.
أهمية هذه الفكرة وهذه الأعمال التي سأتطرق لها باختصار شديد ليس اقتراحها لحل الدولة اليهودية فقط, بل وبنفس الأهمية أنها تتضمن إعادة اختراع أو تعريف لليهودي, وبالتالي إعادة تشكيل جذري للثقافة اليهودية, يتناسب مع حل الدولة اليهودية ويؤسس لها.
فالدعوة, وليس فقط تأسيس الدولة اليهودية تتضمن إعادة إنتاج للثقافة اليهودية بإعادة تعريفها لليهودي أو إنتاج اليهودي الجديد.
كتاب "التحرير الذاتي" 1882 لليو بنسكر, الذي صاغ بيان بيلو الشهير, اعتبره بن غوريون أهم المؤلفات الصهيونية على الإطلاق (حتى أهم من كتاب هرتزل "الدولة اليهودية").
لم يؤسس بنسكر لفكرة استحالة الاندماج فقط, بل هو الذي صاغ مفهوم "فوبيا اليهود"، أو الخوف من اليهود, الذي انتشر لاحقا كمعاداة السامية, وهي بالعرف الصهيوني الخيالي واللا تاريخي عابرة للزمان والمكان.
سبق كتاب بنسكر بعشرين عاما تقريبا كتاب موسى هس "روما والقدس". لم يرفض هس فكرة الاندماج فقط بل غير اسمه الأصلي "موريتس" إلى موسى احتجاجا على حركات الاندماج اليهودية آنذاك.
وللأسماء طبعا رمزية وأهمية في تعريف وتشكيل الذات. وهذا ارتبط لاحقا ليس فقط بإعادة إحياء الأسماء التوراتية لتسمية المستوطنات والفرق الرياضية, وتغيير أو عبرنة قادة الحركة الصهيونية لأسمائهم, بل بترجمة أو عبرنة فلسطين (ويافا ترجمت حتى النخاع, يقول درويش), وبالتالي إعادة تعريفها "كإسرائيل". نفي هس لإمكانية اندماج اليهود في مجتمعاتهم يصل لدرجة أن وصفه لليهود يتفق مع أكثر الكتب لا سامية كما علق الكاتب هال دريبر.
رغم أن بن غوريون قلل من شأن دور هرتزل الفكري والثقافي, وأكد أن أهميته كانت في قيادته السياسية لشعب عاش طويلا بدون قيادة, فإن كتاب "الدولة اليهودية" تضمن ليس فقط التأكيد على رفض الاندماج, بل وصل حد نزع صفة اليهودية عن كل يهودي يؤيد الاندماج, وبالتالي أعاد تعريف اليهودي واليهودية على أساس فكرة "الدولة اليهودية", وهذا واضح في توجيهه هذه التهمة لليهود الفرنسيين الذين حررتهم الثورة دينيا وسياسيا, وبالتالي أكدت لا ضرورة وعبثية فكرة "الدولة اليهودية".
هرتزل اعتبر أن الدولة شأن يخص اليهود فقط, ومن يرفض هذا الحل فهو فرنسي (أي ليس يهوديا). ولكن يبقى نقد بن غوريون لضحالة هرتزل الفكرية في محله, فتصور هرتزل للدولة (الذي تضمن فدرالية لسانية, وعلما, وتنظيم اجتماعيا) لا يشبه الدولة التي أسست على الإطلاق.
نقيض هرتزل في التصور المستقبلي كان المستوطن الروسي أحاد هعام, الذي دعا إلى إقامة أو تحويل فلسطين إلى مركز ثقافي وروحي لليهود. هذه المراجعة المختصرة تتجاهل طبعا مساهمات أخرى مهمة, ولها دلالات أخرى يمكن النظر إليها كما للصهيونية الثقافية بعد الدولة, وللمرحلة الثالثة منذ نهاية السبعينيات والتي يسميها البعض "إسرائيل الجديدة" في موضوعات لاحقه.
الجامعة المستوطنة
الدور المركزي في تشكيل الثقافة الصهيونية, ولكن هذه المرة بشكل منهجي ومنظم, لعبته الجامعة العبرية والمؤسسات التابعة لها, وتحديدا ما سمي معهد القدس, مركز الدراسات اليهودية, والجمعية اليهودية لاستكشاف فلسطين.
الجامعة العبرية لعبت دورا محوريا في المشروع الصهيوني شمل مشاركتها في كل المجالات تقريبا, وإصرار وايزمن على تأسيسها منذ بداية القرن العشرين كان لإدراكه العميق للدور الذي يمكن أن تلعبه كما تشير مذكراته. هذه الجامعة, مثلا, لعبت دورا مركزيا في خطة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين (الخطة دال) كما أشار إليه إيلان بابيه في "التطهير العرقي"، فأساتذتها هم من جهز الخرائط للمدن والقرى والأحياء التي تم تهجيرها, وكانوا من ضمن مستشاري اللجنة المكونة من اثني عشر زعيما صهيونيا برئاسة بن غوريون, التي صممت الخطة وأشرفت على تنفيذها.
هذا المثال الاستشراقي الصارخ للاستخدام الأداتي والسياسي للعلوم والجامعات, لا يوازيه سوى الدور الهائل الذي لعبته هذه المؤسسة في تأسيس البنية الثقافية الاستيطانية للمشروع الصهيوني الذي لا يمكن تخيل "إسرائيل" اليوم دونها.
هذه المؤسسة المستوطنة, مثلت وتمثل النموذج المثالي لفهم الحالة الاستيطانية النقية التي تمثلها "إسرائيل"، وتختلف عن أي مؤسسة تعليمية أنشأها المستعمرون سابقا أو لاحقا, في كون بنيتها ووظيفتها ارتبطت عضويا وكليا بالمشروع الاستيطاني الصهيوني (انظر غابريئيل بيتربرغ: عودة الصهيونية). لكن يصر البعض على رفض المقاطعة الأكاديمية لها أو لأمثالها في الكيان الصهيوني, ويرى بسذاجة (أو ربما لأسباب أخرى) أن العلاقة الأكاديمية فوق السياسة.
ربما يشكل مصطلح "نفي المنفى" الذي كان أحد مروجيه المؤرخ الصهيوني, عضو معهد القدس, ووزير التعليم لاحقا, بن تسيون دينابيرغ, المفهوم المركزي في الثقافة الصهيونية وتأسيس الوعي التاريخي الصهيوني.
إحدى الدلالات العديدة لهذا المفهوم التي تهمنا هي أن هذا المفهوم يؤسس لبناء اليهودي الجديد بوصفه نقيضا ليهودي المنفى (أو كون يهودي المنفى هو الآخر على اعتبار أن تعريف الذات يقتضي بالضرورة تعريف الآخر, وبالعكس) وليس بوصفه نقيضا للفلسطيني, فهو غير موجود.
هذا المفهوم ببنائه لليهودي الجديد بهذه الطريقة أسس لإلغاء الفلسطيني في الوعي الصهيوني وتحويله إلى مجرد أحد مكونات البيئة, وبالتالي ساوى بين المجازر وإزالة الشوك من الأرض للزراعة. كذلك, هذا المفهوم يعيد إنتاج وتعريف فلسطين على أنها وطن تاريخي لليهود ونقيض للمنفى الذي هو حالة غير طبيعية.
ربما يفسر "نفي المنفى" كذلك اللامبالاة الصهيونية تجاه الهولوكوست في البداية كما يقول توم سيغيف في "المليون السابع"، قبل أن يكتشف بن غوريون إمكانية تحوله إلى قوة ابتزاز لعقدة الذنب الليبرالية الغربية التي يعتقد البعض وجودها, وتحولها لاحقا إلى صناعة كما يشير إليه نورمان فنكلستين.
طبعا, أعيد تعريف الناجين من المحرقة لاحقا وتحويلهم إلى أبطال "إسرائيليين" كما يشير إسحاق لاؤور في "أسطورة الصهيونية الليبرالية"، وهو ما سأتحدث عنه في مرحلة تأسيس الدولة لاحقا. تجليات هذا المفهوم في أغلب الصيغ الثقافية الصهيونية الأولى كالأدب والشعر واضحة (لا مجال لمراجعتها هنا).
صاموئيل كلاين, أحد أعضاء الجمعية اليهودية لاستكشاف فلسطين, روج لفكرة "فلسطين الكبرى" التي أصبحت لاحقا "إسرائيل الكبرى," وشعار "اعرف بلدك" الفكرة التي أسست للشعور اليهودي بالظلم التاريخي الذي لحق بهم نتيجة لفصل ضفتي نهر الأردن.
الترويج لفكرة "إسرائيل الكبرى" التي تضم الأردن وبعض لبنان المتأصلة في الثقافة والفكر السياسي الصهيوني, كما تذكرنا رواية نتنياهو للتاريخ كل يوم, هي من مساهمات كلاين الذي كتب أعماله بالعبرية رغم كون لغته الأصلية هي الألمانية وهو الذي روج أيضا لفكرة الحق التاريخي (وتبني فكرة الحقوق التاريخية يميز قوميات شرق ووسط أوروبا كالصهيونية والنازية) لليهود في كل أرض "إسرائيل الكبرى" التي شكلت أحد أسس الرواية الرسمية.
هنا بدأت تتشكل الرواية التي يحاولون فرضها على مناهج أطفالنا وصهينة وعيهم (كيف نفسر التمييز بين فلسطين الوطن, التي ترمز للضفة والقطاع, وفلسطين التاريخية في المناهج الفلسطينية؟).
وكذلك كانت صناعة لغة جديدة تتضمن وعيا ورؤيا للعالم سميت بالعبرية, برغم اختراعها شبه الكلي, لأسباب سياسية بحتة, لا عملية, على اعتبار تناسب اللغة الألمانية والييدش علميا أكثر وسيادتهما لدى المستوطنين, وبرغم احتجاج المتدينين على استخدام اللغة "المقدسة" في الأمور اليومية. وكان اليعيزر بن يهودا, القادم من روسيا البيضاء ومؤلف أول قاموس عبري, مؤمنا بالتلازم العضوي بين الصهيونية المنحدرة من ظروف شرق ووسط أوروبا في القرن التاسع عشر, واللغة العبرية التي شارك في اختراعها.
ولكن تم الخلط في الوعي "الإسرائيلي" والعالمي بين لغة قديمة استخدمت حصرا لقراءة التوراة, وبين لغة مخترعة تقريبا كليا, كما يشير إليه إريك هوبسباوم, برغم الاختلاف في القواعد والمفردات وتبني العبرية الجديدة وعيا غربيا استعماريا, لإعطاء شرعية لمستوطن أوروبي لا شرعية له.
ثم تتابع التزوير بهدف اختراع رموز ثقافية ضرورية لنجاح المشروع واختلطت السياسة بالتاريخ, والأسطورة بالإركيولوجيا, والحقيقة بالقوة. حول التأريخ الصهيوني قصة مجموعة من القتلة وقطاع الطرق (السيكاري), أو ما يعرف بأسطورة المسادا, إلى ملحمة ثورية تلهم الشعراء والكتاب, وتلهم الجنود الذين يؤدون القسم في موقعها المفترض قبيل بدء الخدمة, واحتلت هذه الأسطورة رمزية مهمة في الأدب والشعر الصهيونيين.
ثم قام يغال يادين الذي مارس خلطة غريبة من السياسة والإركيولوجيا بوصف قاطع طريق وأزعر (حسب وصف المؤرخ كيث وايتلام) مثل باركوخبا بالأمير (كما يشير عنوان كتابه).
لم تجد الصهيونية بدا من تزوير التاريخ لتخترع رموزا ثقافية في سعيها لتشكيل الشخصية اليهودية الجديدة واختراع حق في أرض لا حق لها فيها.
كل الروايات القومية تستند في شق منها للأسطورة, الخرافة, وإعادة كتابة التاريخ بما يتناسب مع الحاضر, ولكن في حالة الرواية الصهيونية, واقتبس من جاك دريدا في "هوامش الفلسفة": هذا "ماض لم يكن حاضرا أبدا, ولن يكون".

هل هو تناقض جوهري أم ثانوي


د. ضرغام الدباغ
تصريحات متضاربة، متناقضة بين أطراف التحالف الأمريكي / الصفوي وعملائهم في المنطقة الخضراء، ولكن ما هو سبب هذا التناقض يا ترى ؟ هل الجماعة في حيص بيص ...؟ هل ترى أن التناقض جوهري رئيسي أم هو ثانوي. صحيح هم كانوا قد تحالفوا واتفقوا على العمل ضد العرب والإسلام هذا لا ريب فيه، ولكن العلة تكمن في أن التشخيص كان خاطئاً من أساسه فتبعه عمل خطأ وغير مشروع على الصعيدين القانوني والأخلاقي، فنجمت عن العملية كلها مجموعة المتناقضات التي لا أظن لها حلاً سريعاً، وفي كل الأحوال، لا حل بتناول علاج سطحي والأمر بحاجة لأكثر من ذلك، فالعملية الفاشلة في العراق ستطول، وتبعاً لذلك فإعلان الفشل النهائي سيتأخر بعض الوقت.
ممثل المنطقة الخضراء يؤكد ويطالب، والأمريكان لهم وجهة نظر، ووجهة النظر هي لطرف لا يستهان بقوته، وبدالته على حكام المنطقة الخضراء، فهم لم يتعرفوا على بعض بالصدفة ولا في مقهى على قارعة الطريق، فقد تناولوا الرواتب السخية من CIA طيلة أكثر من عقد من السنوات، ولا أظن بوسعهم تكذيب التاريخ، فقد شاهد العراقيون صورهم تحت عدسات التلفاز.
الأمريكان قد دفعوا الآلاف من القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين والمرضى النفسيين، ومليارات الدولارات، وتكاليف سياسية ووضع لا يحسدون عليه في العالم العربي الإسلامي، بل في كل العالم، ليقال لهم بعدها، شكراً تفضلوا أخرجوا، أترى هل هناك سذاجة أكثر من ذلك ؟
الأوضاع الناجمة عن الاحتلال لا تبشر بعراق موحد مستقل ذا سيادة
العراق وبعد سنوات سبع على الاحتلال، تتفجر الصواريخ في قلب العاصمة، بل وفي منطقتهم الخضراء التعساء، وقوات حكومية، أو هكذا تدعي، تختطف المواطنين من الشوارع، الحكومة تشيد الجدران بين أحياء العاصمة، حتى أصبح السفر إلى القطب الجنوبي صار أسهل من السفر إلى العراق، أو حتى التجول في عاصمة البلاد، فيما ضرب الفساد حتى الأعماق ونهب البلد صار من روتينيات الحياة، والخيانة لم تعد عيباً.
بعد سنوات سبع والحكومة التي هي من منجزات الاحتلال نفسه، تخشى لحد الشكوى والعويل والصراخ، عودة البعثيين للسلطة بالانتخابات الديمقراطية وبأشرافهم، ترى ألا يمثل هذا لوحدة حكماً قاطعاً على أنهم نتاج عملية لا شرعية وقانونية، وقبلها لا أخلاقية، واليوم تريدون تجتثون ما هو أصيل، مع أنكم ترون أن اجتثاثكم أسهل .. وأكثر نفعاً.
الأمريكان يريدون الانسحاب حتماً، ولكنهم يرون أن كل أن شيئ سيذهب مع الريح مع الاعتذار لرواية مرغريت ميتشيل، خسائرهم بالأرواح والأموال وسائر الخسائر المادية والمعنوية الأخرى، ستذهب هباء، وأن مصير حلفائهم في المنطقة الخضراء محفوف بالمخاطر برغم الغرور الإيراني الأجوف، فالشعب العراقي سيكنسهم حتماً في فترة وجيزة.
مالعمل ؟
أمريكا اكتشفت سوء تقديرها، واكتشفت سوء نوايا حلفائها، وأن الفرس الصفيون أرادوا استخدامهما كملقط نار فقط، وبعدها سيخرج الأمريكان لأن هذه ليست بلادهم، سنلعب كما يريدون في البداية، لنلعب كما نريد نحن في النهاية.
لا أيها السادة، من يزرع الريح يحصد العاصفة، فأنتم تحالفتم وأسيادكم الفرس الصفويين مع الأميركان وضربتم شعبكم، بسياط الأجنبي، واليوم صرتم تخافون بعد سبع سنوات دامية من عودة البعث بالانتخابات، بعد سنوات سبع أحتكمتم فيها للقتل والتدمير والسرقة ونهب البلاد، مع كل قوى الاحتلال بكل أصنافها، وأدخلتم جيوش عشرات الدول وأجهزة المخابرات، واليوم صرتم تتنافخون شرفاً وتطالبون بسيادة العراق، الشعب العراقي أكتشف توليفة الموقف وهو ما لا ينبغي أن يدوم، الشعب العراقي أكتشف الحقائق من الأباطيل.. الاحتلال سيندحر، ولكن أنتم معه ..
نعم هم بلغوا تناقضاً بدرجة مهمة، أقول درجة مهمة وليست حاسمة، فمفردات التناقض اليومية خلقت تراكماً مهماً من التناقضات، وأصبح الشك والارتياب يعتري طابع العلاقات بين شركاء الجريمة، وهذه مسألة طبيعية، فكل تحالف غير متكافئ الأطراف تنجم عنه اتفاقات مؤقتة الطابع، تحمل أجنة التناقض بين ثناياها قابلة للاندلاع كل لحظة، رغم لأن ما يجمع الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة / إيران / إسرائيل) مصالح مشتركة ولكن ترتيب جدول الفعاليات والأولويات قد يطرأ عليه تعديل، فيقع الطلاق بطريقة ما، قد تكون معقدة، وقد تكون مركبة، والعنصر الحاسم الذي يذكي التناقض، وسيحسم الصراع،  هو من أختط أسس نهائية ومن رهن نفسه للعراق وشعبه، تاريخاً ومستقبلاً، ومن أخلص لمكوناته جميعها، وللحقائق النهائية.
 العراق منتصر لا محالة
العراق منتصر لا محالة

ـــــــــــــــــــ
بعض من مقابلة تلفازية مع محطة عربية بتاريخ 24/ شباط ـ فبراير / 2010



المطالبة بحماية المسيحيين العراقيين من العنف


ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
     ينبغي على الحكومة العراقية تعزيز الأمن لحماية حياة المسيحيين في الموصل، وفقاً لتقرير مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch-HRW. منذ 14 فبراير/ شباط هذا العام (2010) قتل خمسة من المواطنين المسيحيين في الموصل بهجمات منفصلة، يبدوأنها ذات دوافع سياسية، مع اقتراب موعد الانتخابات.
     طالبت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الحكومة العراقية اتخاذ تدابير فورية، مثل زيادة الوجود الأمني في ضواحي الآشوريين والكلدانيين قبل وأثناء الانتخابات، والعمل على منع تكرار ما حدث من جرائم ضد المجتمع المسيحي خلال حملة العنف التي اجتاحت مناطقهم  في الموصل أواخر العام 2008.
     السلطات العراقية مطالبة بالعمل فوراً لوقف هذه الحملة من جرائم العنف ضد المجتمع المسيحي من الانتشار مرة أخرى... بخاصة أن الحكومة بحاجة إلى إلقاء القبض على المجرمين ممن نفذوها ومحاكمتهم لحماية مسيحيي الموصل من ارتكاب المزيد من جرائم العنف بحقهم،" قالها - Joe Stork نائب مدير منظمة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
     استناداً إلى معلومات حصلت عليها المنظمة الحقوقية في فبراير، فقد انتحلت مجموعة عناصر مجرمة صفة الشرطة السرية، واقتربت من زيا توما Zaya Toma (22 عام- طالب هندسة) وابن عمه رمسين شميل Ramsin Shmael (21 عام- طالب صيدلة) في وقت كانا واقفين في موقف انتظار الباص في الموصل- ضاحية التحرير- في طريقهما إلى الجامعة. سأل المهاجمون باللغة العربية توما (و) شميل إبراز هويتيهما. ورغم أن الهوية الشخصية في العراق خالية من الانتماء الديني أو الإثني، فقد استخدم المجرمون من فرق الاغتيال عادة أسم الضحية كعلامة لتحديد انتمائه الديني (المذهبي) أو العرقي.
     بعد أن قدّم توما هويته، أطلق أحد المهاجمين النار على رأسه ومن مسافة قريبة، مما أدى إلى استشهاده فوراً. هرب شميل، لكن المجرمين أطلقوا النار عليه فأصابته رصاصة واحدة حطّمت أسنانه، وكان واضحاً أنهم تصوروا مقتل الأثنين، لكن شميل نجا من الاغتيال. حضر أعضاء عائلتي الضحيتين إلى مكان الحادث قبل حضور الشرطة، ورأوا أن توما ممدد في بركة من دمائه.. كُتبه على جانب واحد من جثته، وهويته في الجانب الآخر.
     هذا الحادث دمّر ما هو أوسع من مجرد عائلتي توما (و) شميل الذين سبق وأن هربوا من بغداد إلى شمال العراق (الموصل) في صيف العام 2007، بعد أن وصلتهم تهديدات بقتلهم ما لم يتحولوا إلى الدين الإسلامي. ذكر أعضاء من العائلتين بأنهم يريدون الآن الهروب مرة أخرى، وهذه المرة إلى خارج العراق للانضمام إلى مئات آلاف الآشوريين- الكلدان  ممن فروا من البلاد منذ العام 2003.
     "بقتل توما، فإنهم أخذوا كل شيء وأغلى شيء منا... جريمتنا الوحيدة هي أننا مسيحيون،" قالها أحد أعضاء العائلة لمنظمة حقوق الإنسان.
     كان هذا الهجوم الإجرامي واحداً من هجمات عديدة على المسيحيين في نفس الأسبوع:
* في 20 فبراير تم العثور على جثة عدنان حنا الدهان شمال الموصل. السرياني الارثذوكسي (57 عام)- بقال- كان قد اختطف على يد "مجهولين" من داخل متجره  قبل بضعة أيام.
* بتاريخ 17 فبرايراخترقت رصاصة جسم وسام جورج Wissam George (20 عام)- كان يدرس الآشورية ليتخرج معلماً. تم العثور على جثته بعد اختفائه صباح يوم أغتياله وهو في طريقه إلى المدرسة.
* في 15 فبراير اقتحم مسلحون محل بقالة وقتلوا فتوخي منير Fatukhi Munir- كلداني-  ومالك البقالة.
* وفي 14 فبراير قُتل ريان سالم إلياس Rayan Salem Elias بالرصاص خارج منزله.
     في حين بقيت هويات الجناة "مجهولة"، فإن تصاعد الهجمات القاتلة ضد المسيحيين يأتي قبل أيام فقط من موعد الانتخابات البرلمانية في 7 مارس/ آذار القادم. يرى أُسر الضحايا وقادة المجتمع المسيحي أن وراء هذا العنف ضدهم دوافع سياسية، ووجهوا طلباً إلى الحكومة لحمايتهم..
رئيس أساقفة الكنيسة الكلدانية في الموصل اميل شمعون نونا Emil Shimoun Nona- تولى الأسقفية في يناير/ ك2 خلفاً للمطران بولس فرج بحو الذي تم العثور على جثته في مارس العام 2008 بعد عشرة أيام من اختطافة بينما كان يغادر كنيسة الروح القدس في الموصل- ذكر بأن الحوادث الأخيرة الجديدة يمكن أن تقود إلى موجة جديدة من هروب اللاجئين من شمال العراق، حيث يعيش المسيحيون في خوف دائم منذ العام 2003.. بحدود 250- 500 ألف أو ما يقارب نصف المسيحيين هربوا إلى خارج البلاد وفقاً للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين UNHCR.
     قالت منظمة حقوق الإنسان بأن الهجمات الأخيرة تذكرنا بحملة من عمليات القتل المستهدفة ضد الآشوريين والكلدان التي جرت في مدينة الموصل أواخر العام 2008 والتي وثقتها المنظمة في تقرير شمل 51 صفحة. "في ظروف الضعف الأمني على أرض الواقع: العنف ضد مجتمعات الأقلية في الموصل أدى تمزيق هذه المناطق." نُشرت في نوفمبر/ ت2 العام 2009. العنف المدبّر والممنهج خلّف 40 قتيلاً من الآشوريين والكلدان، وقاد إلى نزوح جماعي لأكثر من 12 ألف من ديارهم في الموصل بعد أن تم استهداف المسيحيين في منازلهم، أماكن عملهم، وأماكن العبادة..
     بدأت عمليات القتل هذه بعد وقت قصير من ضغط المجتمع المسيحي في البرلمان العراقي تمرير قانون من شأنه تخصيص عدد أكبر من المقاعد للأقليات في انتخابات مجلس المحافظات- يناير العام 2009. كما تصاعدت الهجمات بعد مظاهرات المسيحيين في نينوى وبغداد رداً على قرار البرلمان (المعدل في وقت لاحق) إسقاط حكم في قانون انتخابات مجالس المحافظات لضمان التمثيل السياسي للأقليات.
     كذلك وثّق التقرير حالات الترهيب وفرض القيود على حرية الحركة من قبل السلطات الكردية في شمال العراق لمجموعات أخرى من الأقليات بمن فيهم اليزيديين والشبك خلال الانتخابات المحلية العام 2009.    
مممممممممممممممممممممممممـ
HRW: Iraq: Protect Christians from Violence Five Killed in Mosul in One Week,Human Rights Watch,uruknet.info, February 23, 2010.

في ذكرى إعلان الوحدة السورية المصرية عام 1958


بيان صـادر عـن حركـة القومييـن العـرب
في ذكرى إعلان الوحدة السورية المصرية عام 1958
وتأسيس دولة الجمهورية العربية المتحدة
يا جماهير شعبنا العربي المكافح
أيها الأخوة في كل مكان
واحد وخمسون عاما مضت على إعلان الوحدة بين سوريا ومصر وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة
واحد وخمسون عاما من الكفاح الرافض للتجزئة القطرية والتخلف والاستعباد
واحد وخمسون عاما من الكفاح العروبي الدؤوب للحفاظ على الثوابت القومية التحريرية
فمصر الحرة ومصر التاريخ ومصر عبد الناصر، كان يدرك شعبها بأن اكتمالها لا يمكن أن يتم إلا بالتقائها مع سوريا ليشكلا معا قلب الوطن الكبير الممتد من الخليج إلى المحيط، فسوريا هي العمق الاستراتيجي، وأيضا فإن مصر هي القاعدة وهي الانطلاق إلى الحياة الكريمة وإلى المنعة والتقدم.
لقد بدأت الحركة الاستعمارية العالمية في تقطيع أوصال الوطن العربي منذ  النصف الأول من القرن التاسع عشر وإلى استكماله عقب الحرب الأولى  أوائل القرن العشرين، كما استطاعت أيضا في ترسيخ ابتعاده عن مجاله الحيوي الاستراتيجي تركيا وإيران، وإلى أن تزرع في قلب هذا الوطن كيانا اغتصابيا توسعيا تمثل في إنشاء دولة إسرائيل على أرض فلسطين بعد قتل وتهجير أهلها العرب الأصليين، كقاعدة عدوانية لا رادع لها حارسة للتخلف والفوضى والضعف والانكسار.
ولكن ما هو أخطر من ذلك كان في اعتماد الإدارات الاستعمارية البرامجَ لخلخلة بنية مجتمعاته الاقتصادية والاجتماعية وخلخلة استقرارها، ليستحيل على أبنائها حتى بناء دولتهم القطرية واختيارهم الحر لسلطاتهم فيها، وتبعا إلى نشوء حالة فريدة مقلوبة في التاريخ السياسي، إذ عوضا من أن ينشئ الشعب الدولة والسلطات التابعة له لإيجاد حالة عقدية عادلة بين السلطة والمواطن، فقد أنشأ الدولة والسلطات وإداراتها التي أنشأت الشعب التابع لها، وبدورها هذه كان لا بد أن تنتج حالة تسلطية بين الحاكم والرعايا.
ولقد أفضى ذلك إلى نشوء دول وهمية مرتبطة بالضرورة وملحقة، وإلى سلطات وإدارات دولتية تم تطويرها لخدمة متطلبات الدول الإستعمارية التابع لها ذلك القطر أو ذاك، والتي بدورها حولت شعب تلك الدول من مجتمعات إنتاجية إلى تجمعات لشعب صار يتصف بالعطالة الإنتاجية والإتكالية  والإستهلاك، ويعتمد في تصريف أموره المعيشية على سلطة الدول القطرية ويرتبط بها، كما جعلت تلك الإدارات والسلط من أراضي هذه الدول سوقا للبضائع  حسب الاتفاق، أو خزانات نفطية  ومناجما للمواد الخام الأولية أو قواعدا وممرات استرتيجية وغيرها.
إن الدول الاستعمارية التي ترسخت لدى إداراتها العقلية الاستعمارية دون فكاك، لم تتخلى عن قاعدتها الذهبية باستعباد الشعوب واستغلالها، وإن قد حدث في الآونة الأخيرة "بعد قفزات التطور النوعية"  نوع من الانقسام بينها وبين توجهات الرأسمال الاستثماري الكوني وجنوحه إلى لجم دوله الوطنية القومية الاستعمارية ومتطلباتها المعيقة لنموه إلى حد الصراع  وإلى تفضيله المشاركة على تثمير أمواله على النطاق الكوني مع دول العالم عوضا عن تثميره في دول نشوئه، فإن إدارات تلك الدول الاستعمارية لم يمنعها ذلك من تفعيل الدفاع عن مواقعها وإلى التسابق معه للسيطرة على مواقع الاستثمار وذلك لإعادة هذا الرأسمال الهارب إلى نفوذها، وقد تمثل ذلك عبر تصدير الإيديولوجيات والمواقف لمناطق المخانق العالمية ذات الثروات والممرات في الشرق الأوسط وردفها لاحقا بمجموعة منوعة من الممارسات تتدرج من المضايقات والحصار إلى الحروب الإستباقية المتنقلة التي شاهدنا أحداثها المأساوية في العراق وأفغانستان ولبنان وغزة، بغية حصار تحرك هذا الرأسمال الكوني وإرهابه وأيضا إلى إرغام الشعوب في المنطقة ودولها على القبول بما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد.
وهكذا فإن التصورات التقييمية لبعض قوى اليسار المحلية كطليعة نضالية تستند أساسا على المنقول من منطلقات الثقافة الغربية عن السياسيات وأصول الحكم، كانت تجانب الحقيقة وغالبا ما كانت تتسم بالسطحية وإلباس الغير ما هو مروج له، ذلك عند تناولها انتظام العلاقات السياسية ومتغيراتها في دول المنطقة وموقع السلطات فيها وقادتها من الزعيم الرئيس عبد الناصر إلى الشهيد صدام حسين المجيد، كما كانت الأحكام المشوشة عليها غير مفهومة فأضافت هذه القوى بعدا تخريبيا ساهم في عدم استقرار الشعوب، ودفع إلى تأزيم واقع دولها، وإلى إغلاق أبواب الخروج من مآزقها.
يا جماهير شعبنا العربي المكافح المقاوم
إن واحدا وخمسين عاما من الكفاح لا يمكن أن تندرج أبدا كما يتخيل البعض في سلسلة الهزائم والإحباطات، إنما هي سلسلة لتراكم الخبرات من أجل نصر قريب، فمن واقع الوطن العربي وحالة شعوب العالم في مطلع الخمسينات وضع عبد الناصر تصوراته للتحرير، ابتداء من تحرير مصر الدولة النواة، فالعالم متداخل ومتشابك ومتقاطع فالثورة كي تنتصر لا بد لها من مجالات حيوية تكون لها رافدا وضامنا أو مشاركة لها في التحرير، فكانت  الدوائر النضالية انطلاقا من الدائرتين العربية والإسلامية وصولا إلى شعوب العالم المحكومة بالفقر والتائقة إلى الانعتاق، فكانت الحركة الوطنية العربية التحريرية جزءا من الحركة العالمية لمحاصرة الإستعمار، فالحركة الاستعمارية  العالمية لا يمكن أن تقاتلها الشعوب في فلسطين أو العراق فقط، بل يجب قتالها في كل مكان، فلا مناص من التحرر القومي ومقاتلة العدو على كل أرض مغتصبة، لا بد من إنشاء قوى التحرر وإلى تحصينها في الدول المحررة النواة، لابد من فك إسار قوى التحرر لدى الشعوب المحتلة بالجيوش الغازية أو المقيدة من قبل الحكام العملاء الخاضعين وإطلاقها للخروج بمعطيات إيجابية تمكن من بناء الدولة القومية الواحدة المحررة.
فوحدة الوطن العربي لم تكن يوما ترفا عقائديا أو نزقا عصبويا، وإنما مشروع الوحدة يتمثل في تحقيقه ضمان الحد الأدنى لحقوق شعب الوطن العربي الطبيعية، وتوفير السبل الممكنة لإقامة دولته الواحدة العادلة بما يتيح له ذاك من تجميع إمكانياته الدفاعية الحيوية والمادية ضد العدوان وفي البناء والتحرير.
فإن الآلاف من القوى الحية، المتعلمين والاختصاصيين، الذين أنتجهم شعب الوطن العربي من أبنائه عبر هذه السنوات الكفاحية على حساب مدخراته المتواضعة على أمل الانتفاع منهم في خدمة الوطن وتطويره، يمكن إنقاذهم من الانحدار كما يمكن نشل من انحرف منهم إلى هوة القوة التخريبية المضادة لأوطانهم، والمتمثلة أساسا في عبء عطالتهم الإنتاجية والتعويض عنها من قبلهم في الرضوخ للثقافات الإيديولوجية الأجنبية والانبهار بها، وتسابقهم على نهب وامتصاص  ثروات شعوبهم لإعطائها للغير، فإن هؤلاء يمكن إعادة تأهيلهم وتأهيل خبراتهم لتجنيدهم من جديد في خدمة العمل الوطني وفي الدفاع والبناء والتحرير.
 
 لقد كانت تهدف دعوة الزعيم عبد الناصر القومية إلى التخلص من تخلف العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعائلية، وإلى التخلص من الفقر والجهل والضعف والهوان، وإلى جعل إنسان هذا الوطن مواطنا يعزز انتماءه العملُ المنتج، كما كانت دعوته  تهدف إلى بناء الوطن والمواطن وإلى اعتماد القوى الذاتية لإنجاز المشروع الاقتصادي الإنتاجي  لبناء المجتمع القومي وتحصينه، فلا دولة قومية دون مجتمع قومي أساسه الكفاية والعدل، ولا مجتمع قومي دون اقتصاد قومي ينتظم كل شعب المجتمع ضمن معطياته، ويدافع عن بناه وقيمه ووجوده.
يا جماهير شعبنا العربي
إن حركة القوميين العرب التاريخية التي تبنت دائما المسار الوحدوي ودافعت عن الثوابت الوطنية والقومية، إذ تحي شعب الوطن العربي في ذكرى الواحدة والخمسين على إعلان الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة، وتحي أرواح الأبطال من شهدائها وشهداء أبناء الشعوب العربية الذين انتصروا لقضايا تحرير أوطانهم ولنصرة الدعوة القومية في الوحدة والتحرر والعدالة  والديمقراطية، فإنها تدعو كل المثقفين العرب كطليعة ملتزمة في الحفاظ على الثوابت القومية، كما تدعو في هذه المناسبة الأحزاب والهيئات والجمعيات الوطنية والسياسية، إلى استلهام الروح القومية في اصطفافهم لخوض المعارك المصيرية المرتقبة التي تستهدف كيانهم وهويتهم ووجودهم، وإنها لمقاومة تحريرية حتى النصر.
عاشت الوحدة العربية، عاش الشعب العربي،
عاشت المقاومة التحريرية  المسلحة في العراق وفلسطين ولبنان،
عاش الشباب القومي العربي رافع راية العدالة والنضال من أجل الوحدة والتحرر والديمقراطية.
 
 حركة القوميين العرب/ مكتب الإرتباط