الخميس، 25 فبراير 2010

هل هو تناقض جوهري أم ثانوي


د. ضرغام الدباغ
تصريحات متضاربة، متناقضة بين أطراف التحالف الأمريكي / الصفوي وعملائهم في المنطقة الخضراء، ولكن ما هو سبب هذا التناقض يا ترى ؟ هل الجماعة في حيص بيص ...؟ هل ترى أن التناقض جوهري رئيسي أم هو ثانوي. صحيح هم كانوا قد تحالفوا واتفقوا على العمل ضد العرب والإسلام هذا لا ريب فيه، ولكن العلة تكمن في أن التشخيص كان خاطئاً من أساسه فتبعه عمل خطأ وغير مشروع على الصعيدين القانوني والأخلاقي، فنجمت عن العملية كلها مجموعة المتناقضات التي لا أظن لها حلاً سريعاً، وفي كل الأحوال، لا حل بتناول علاج سطحي والأمر بحاجة لأكثر من ذلك، فالعملية الفاشلة في العراق ستطول، وتبعاً لذلك فإعلان الفشل النهائي سيتأخر بعض الوقت.
ممثل المنطقة الخضراء يؤكد ويطالب، والأمريكان لهم وجهة نظر، ووجهة النظر هي لطرف لا يستهان بقوته، وبدالته على حكام المنطقة الخضراء، فهم لم يتعرفوا على بعض بالصدفة ولا في مقهى على قارعة الطريق، فقد تناولوا الرواتب السخية من CIA طيلة أكثر من عقد من السنوات، ولا أظن بوسعهم تكذيب التاريخ، فقد شاهد العراقيون صورهم تحت عدسات التلفاز.
الأمريكان قد دفعوا الآلاف من القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين والمرضى النفسيين، ومليارات الدولارات، وتكاليف سياسية ووضع لا يحسدون عليه في العالم العربي الإسلامي، بل في كل العالم، ليقال لهم بعدها، شكراً تفضلوا أخرجوا، أترى هل هناك سذاجة أكثر من ذلك ؟
الأوضاع الناجمة عن الاحتلال لا تبشر بعراق موحد مستقل ذا سيادة
العراق وبعد سنوات سبع على الاحتلال، تتفجر الصواريخ في قلب العاصمة، بل وفي منطقتهم الخضراء التعساء، وقوات حكومية، أو هكذا تدعي، تختطف المواطنين من الشوارع، الحكومة تشيد الجدران بين أحياء العاصمة، حتى أصبح السفر إلى القطب الجنوبي صار أسهل من السفر إلى العراق، أو حتى التجول في عاصمة البلاد، فيما ضرب الفساد حتى الأعماق ونهب البلد صار من روتينيات الحياة، والخيانة لم تعد عيباً.
بعد سنوات سبع والحكومة التي هي من منجزات الاحتلال نفسه، تخشى لحد الشكوى والعويل والصراخ، عودة البعثيين للسلطة بالانتخابات الديمقراطية وبأشرافهم، ترى ألا يمثل هذا لوحدة حكماً قاطعاً على أنهم نتاج عملية لا شرعية وقانونية، وقبلها لا أخلاقية، واليوم تريدون تجتثون ما هو أصيل، مع أنكم ترون أن اجتثاثكم أسهل .. وأكثر نفعاً.
الأمريكان يريدون الانسحاب حتماً، ولكنهم يرون أن كل أن شيئ سيذهب مع الريح مع الاعتذار لرواية مرغريت ميتشيل، خسائرهم بالأرواح والأموال وسائر الخسائر المادية والمعنوية الأخرى، ستذهب هباء، وأن مصير حلفائهم في المنطقة الخضراء محفوف بالمخاطر برغم الغرور الإيراني الأجوف، فالشعب العراقي سيكنسهم حتماً في فترة وجيزة.
مالعمل ؟
أمريكا اكتشفت سوء تقديرها، واكتشفت سوء نوايا حلفائها، وأن الفرس الصفيون أرادوا استخدامهما كملقط نار فقط، وبعدها سيخرج الأمريكان لأن هذه ليست بلادهم، سنلعب كما يريدون في البداية، لنلعب كما نريد نحن في النهاية.
لا أيها السادة، من يزرع الريح يحصد العاصفة، فأنتم تحالفتم وأسيادكم الفرس الصفويين مع الأميركان وضربتم شعبكم، بسياط الأجنبي، واليوم صرتم تخافون بعد سبع سنوات دامية من عودة البعث بالانتخابات، بعد سنوات سبع أحتكمتم فيها للقتل والتدمير والسرقة ونهب البلاد، مع كل قوى الاحتلال بكل أصنافها، وأدخلتم جيوش عشرات الدول وأجهزة المخابرات، واليوم صرتم تتنافخون شرفاً وتطالبون بسيادة العراق، الشعب العراقي أكتشف توليفة الموقف وهو ما لا ينبغي أن يدوم، الشعب العراقي أكتشف الحقائق من الأباطيل.. الاحتلال سيندحر، ولكن أنتم معه ..
نعم هم بلغوا تناقضاً بدرجة مهمة، أقول درجة مهمة وليست حاسمة، فمفردات التناقض اليومية خلقت تراكماً مهماً من التناقضات، وأصبح الشك والارتياب يعتري طابع العلاقات بين شركاء الجريمة، وهذه مسألة طبيعية، فكل تحالف غير متكافئ الأطراف تنجم عنه اتفاقات مؤقتة الطابع، تحمل أجنة التناقض بين ثناياها قابلة للاندلاع كل لحظة، رغم لأن ما يجمع الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة / إيران / إسرائيل) مصالح مشتركة ولكن ترتيب جدول الفعاليات والأولويات قد يطرأ عليه تعديل، فيقع الطلاق بطريقة ما، قد تكون معقدة، وقد تكون مركبة، والعنصر الحاسم الذي يذكي التناقض، وسيحسم الصراع،  هو من أختط أسس نهائية ومن رهن نفسه للعراق وشعبه، تاريخاً ومستقبلاً، ومن أخلص لمكوناته جميعها، وللحقائق النهائية.
 العراق منتصر لا محالة
العراق منتصر لا محالة

ـــــــــــــــــــ
بعض من مقابلة تلفازية مع محطة عربية بتاريخ 24/ شباط ـ فبراير / 2010



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق