الثلاثاء، 20 أبريل 2010

قتلوك يا "أمي" !!


سام عبدالله الغُـباري
 يشعر أطباء اليمن بعقدة الجهل المزمن .. فيشخص أحدهم حالتك المرضية بلغة إنجليزية ، لأنه يعرف أنك لا تفقه لغة البريطانيين ، و بهذا يتفوق عليك و يوهمك ببراعته الطبية ، لكن ألمك لا ينتهي .. و عندها تعرف أنه مجرد مدع ضال .. !!
يعتقد الغالبية العظمى من اليمنيين بغباء أطباءهم .. و هو ما أنعش رحلات الخطوط الجوية اليمنية لبلدان عربية كـ الأردن و مصر .. و أصبحت رحلة الطائرة القادمة من صنعاء محل تندر الأشقاء .. بكونها تحمل كماً هائلاً من المرضى الذين يهرعون لمستشفياتهم لعلاج أخطاء التشخيص الطبي الذي بدء من أحدى مستشفيات الصحة المفقودة في اليمن الحزين (!!)  ، لكن هذه الأخطاء لم تدنها محكمة متخصصة في جرائم الأغبياء ، و هو ما يفتح شهية التجارة الطبية بتحويل أجساد اليمنيين إلى حقل تجارب حي لصنوف الأدوية التي يمنحها الأطباء بلا ضمير (!!).
و على قدر سوء الطبابة اليمنية .. تظهر جرائم الجراحين .. و تسفك دماء الآلاف بمباضع الجهل .. و بالممارسة يتحول الجزار إلى جراح .. فنزع  الأعضاء البشرية لم يعد مخيفاً .. و أنا أعرف طبيباً عاماً ذبح أكثر من مائة و خمسين حالة حتى الآن .. و بدلاً من أن يساق لمحكمة الإعدام .. يكافئه المساكين بلقب الدكتور .. و يبررون موت ضحاياه بالقضاء و القدر (!!).
§        تعريف الطبيب يأتي من الطب .. وعندما يكون منزوعاً أو فاقداً لأجزائه أو بعضاً منها .. فلا يجوز أن يستمر في مهنته .. لأنها مرتبطة بحياة .. و أمل الآخرين (!!) ، و عندما يتفوق الطبيب على الجزار في عدد الضحايا .. فلن تكون لمهنته الملائكية معنى .. سوى أنها قطعة من جهنم (!!).
حاولت السلطة الحاكمة أن تخفف الزحام على مشافي صنعاء الحكومية ، و الخاصة فأصدرت قرارات جمهورية بترقية مستشفيات المحافظات إلى هيئات طبية و هو أمر لا ينقذ حياة اليمنيين .. لأن جرائم الإهمال الطبي تفوق معدلات الأخطاء الشائعة في هذا المجال الإنساني .. و بدون إنشاء محكمة طبية لإدانة الجرائم القاتلة .. فإن شيطان "الثأر" قد يقض مضاجع الأطباء المغرورين ..!!
يعترف الطبيب بتعدد الأخطاء التشخيصية في مرض غير قاتل .. لكن عندما يكون التشخيص بوابة الموت الأولى ، تكون وصفة الطبيب إدانة ينبغي أن تجلب له العار و تحمله مسؤولية إزهاق النفس بجهالة من يدعي العلم و هو غبي (!!) .
و لا يكاد يخلو طبيب يمني من نزعة الربح المادي ، تكشفه بذلك وصفاته العلاجية و قد حدد بها أدوية هامشية يحرص على ذكرها كعقاقير المضادات الحيوية و المهدئات مقابل نسبة شهرية من مبيعات شركات الأدوية لهذا الصنف العلاجي ، كما يبرم الطبيب اتفاقات مالية أخرى مع الصيدلاني ، و صاحب المستشفى الخاص ، و المخبري .. كل هذا لا يهم لو أنه قدم لك وصفاً طبياً ناجعاً لحالتك المستغيثة من الألم ، لأنه بتجارته الحرام يستغل أقسى درجات ضعفك ، للتفكير في كيفية جلب المزيد من الأموال مقابل إسكات أنينك المتواصل (!!).
"أمي" كانت مكاناً لتشخيص قاتل .. و جراحة جاهلة .. وصل فيها الجزار بمبضعه من الحوض إلى الحوض بحثاً عن رحمها الطاهر .. فلم أتمكن من إلحاقها بـ"طائرة العيانين" لأن مبضع الجراحة القذر كان أسبق من تمكني و محاولاتي اليائسة .. فأرداها شهيدة ..!! .
القصة كانت سهلة .. مرض بسيط دخلت به أمي إلى مستشفى ذمار العام .. كانت تعتقد أنها في طريقها لطلب الشفاء  .. لكن طبيبها أهملها .. و جراحها قتلها .. و كان سبب الوفاة تجرثم الدم المؤدي لفشل الأعضاء الفسيولوجية بفعل الجراحة التي لم تلتئم منذ بدء العملية المأساوية حتى مرور ستة أشهر كاملة بأقسام العناية المركزة في ذمار و صنعاء ، و من ثم إعلان الوفاة المفجع (!!).
مخالفة الطبيب أو الجراح لليمين الطبية .. أو ما يسمى القسم الطبي .. يجب أن يضعه في دائرة المساءلة ، فـ"أمي" قتلتها الوساخة الجاهلة المدعية معرفة الجراحة ، تلاها الإهمال العميق المؤدي إلى الموت ..  فسكتت أجمل أم .. و أروع إمرأة .. و لم يكن ذنبها شيء سوى أنها طلبت الشفاء من جهلة لا يجب أن تمر روح أمي الطاهرة بلا إدانة لفعلتهم الدموية .. و إيقاف شهوة الجراح من ممارسة مهنته العشوائية القذرة .. و تخليد روح الضحايا الكثيرين باعتبار الأمر صرخة في وجه الطب الجاهل .. و الجراحة الفاشلة .. و لأنهم "لن يمروا" .. فهذه الرسالة الحزينة بداية لأفعال قانونية و مطالب حقيقية لتحويل الجراح المتهم لمحكمة متخصصة يكون لها حق الفصل في دعاوى الضحايا أملاً في الحد من تزايدهم المؤلم .. و لكي لا يكون الرد بألم موازٍ لدماء الأبرياء في مرمى الفاعل الشنيع (!!).
كانت وصية "أمي" إدانة قاتلها .. ليس رغبة في الانتقام .. إنما أملاً في إيقاف مبضعه الخبيث .. و لكي لا يأتي غيرنا فيمزق أحشائه بسكين صدئ فمرارة السكوت عن جرائمهم لا يجب أن تمضي بسلام (!!)  .
لقد دافعت الصحافة عن الطبيب "القدسي" .. و كانت وفاته حادثة مؤسفة لكن السلطة الرابعة لم تلتفت لملفات الموت التي برع فيها الأطباء تحت ستار الواجب الطبي .. و قداسة المهنة و قد جعلتهم مصاصي دماء .. و تجار وصفات طبية كاذبة (!!).
إن تحويل أسّرة المستشفيات إلى توابيت صماء جرائم فادحة بحق الأبرياء الغافلين عن مطالبهم بضرورة عقاب الطبيب .. و قد خان ثقتهم الكبيرة بإعطائهم جرعات مميتة لدواء دمر قدراتهم المعنوية .. و أعضائهم الحيوية ، كما قريبتي التي جاءت تشكو ألم مفاصلها لطبيب شهير بذمار .. فأعطاها دواء أنهى مفاصلها ، و سبب لها السكري ، و أودى بها بعد أعوام الإعاقة الإجبارية عن الحركة ، و التورم ، و احتقان السوائل إلى حتفها المؤلم (!!).
لقد بلغ عدد الأخطاء الطبية في السعودية (233) في 2009م .. فيما فشلت محاولاتي بالوصول إلى رقم محدد لمثل هذه الأخطاء باليمن .. مع أهمية التفريق بين الخطأ .. و الإهمال .. و بين ممارسة العمل الجراحي من طبيب عام لا يحمل أدنى تخصص و لا خبرة عملية .. و لا إجازة واضحة المعالم من بروفيسور موثوق في صحة شهادته .. لأن حياة الناس أغلى من أن ينالها  طبيب ينفق وقته على اكتشاف منتديات الدردشة في غياهب "الويب" أكثر مما ينفقها على متابعة الجديد في ثورات الطب الحقيقي (!!).
سنحت لي الضرورة قراءة قانون المهن الطبية و الصيدلانية لسنة 2002م في مواده الـ(43) ، و كان منظماً لدور مشتغلي المهنة الطبية .. مبتعداً عن ذكر عقوبات الإهمال الطبي .. أو الخطأ التشخيصي .. و تركزت مواده في أساسيات الدخول إلى هذه المهنة الهامة .. لكنه لم يذكر شيئاً عما بعد الدخول ؟! ، و من أساء و أهمل و ذبح الآخرين بجهالة .. من يحاكمه ؟! ، و يوقف جهالته المتخفية ؟! ، لقد أستطاع القانون الحصول على كم متعدد من النصوص المطاطية ، متجاهلاً دور المجلس الطبي و غافلاً اختصاصاته (!!) .
هذا أمر ، و الآخر يبرز عند اكتشافك أن أربعة مختبرات بما فيها المختبر الرئيس بمستشفى خاص و حديث له علاقة بالألمان بالعاصمة صنعاء ، و هو المشفى الذي كانت ترقد بعنايته المركزة "والدتي – رحمها الله- " يقدمون نتائج مغايرة لفحوصات الدم الضرورية ، و منها ما بُـني عليه استخدام دواء معين سبب جلطة أمي الدماغية الأخيرة .. فقتلها ، و أيضاً ذهابك لطبيب "جيد" بأمراض القلب ، يؤكد لك بهدوء و عُـمق أن "قلبك" متضخم .. و عليك تعاطي عقاقير طبية مدى الحياة .. و بعد تجاوزك شوطاً طويلاً في أثيرة التناول الملتزم لدواء الطبيب أملاً في إطالة عمرك و الحفاظ على حياتك من أمراض القلب الخطرة .. يفزعك رئيس مركز القلب بمشفى الثورة الحكومي أن قلبك سليم ، و أنك تشكو رئتيك .. و بهذا كانت أدوية (مدى الحياة) التي تناولتها واثقاً أقصر الطرق لإنهاء حياتك ؟! .
أنظروا كيف كانت المأساة المستمرة في مرض "والدتي" الذي جاء بأدوية لها تأثيرات جانبية و مباشرة على العضو السليم .. و قد شخصه الجهل المتمثل في طبيب الغفلة بضعفه و حاجته لدواء يقيه مضاعفات الفشل .. فكان الفشل الأكيد وصفته الأولى ، و المدمرة للكيان البشري التعيس (!!)
إننا نُـذبح .. و دمنا صار هدراً في يد الجلاد .. و ما كانت "أمي" طاعنة السن .. أو مصابة بسرطان مميت .. كانت صغيرة لا تتجاوز الخمسين .. ترنو لعام يجمعنا في المنزل الجديد .. و تتطلع لزفاف إبني ، و بأنها من ستختار عروسه .. كانت عاشقة للحياة .. تلثم وجه الصباح الندي بصلوات الفجر الأولى .. و تنكب على الطهر و الصلاح فتدعونا إليه .. و كانت حماقة الشباب تثأر من حسناتنا فلا نلقي لطلبها بالاً .. و لا لأمرها إجابة .. الآن أبكي و أتذكر القات الذي أخبأه بين ملابسي .. فتكشف أمره .. و تدعو لي ضاحكة .. أتذكر أبني و هو يناديها باسمها مجرداً من لقب "ماما" ، فتغسل قلبها بضحكته البريئة ، و تغتصب جسده الصغير بقبلاتها الحارة .. كم أنت عظيمة يا أمي .. و كم كان رحيلك فاجعة مدمرة للقلوب المثقلة بصرخات البكاء العاصف (!!)
أخيراً : السلام عليك يا "أمي" .. من حياتي القصيرة إلى عالمك الخالد .. و من جموح الدنيا إلى هدوء الآخرة .. و هذا الذي أصابنا بفراقك المروع أبكى تفاصيل الدمع في مآقي العين .. و أجهد القلب الصغير بفاجعة لن تمحها سنين العمر الباقية .. و في ذكراك أبكي .. و أشاهد الفيلم القصير لرحلتك العذابية المرهقة .. و الصوت الحزين يرافق المشاهد المتداخلة .. ينشد : (( لسوف أعود يا أمي أقبل رأسك الزاكي )) .. فيلفني الحزن مجدداً ، و لا أمنع دموعي من مواصلة الانهيار الصامت على مشاهد الألم .. و طفحات الجلد الساخنة .. و صورتك و أنت تبكين .. أو تضحكين .. و حكايتك مع أطفالي : عدي و قصي و إياد ، و أما "يحيى" الجديد فهو إسم يخص رؤيتك الطاهرة عن ولادة طفل مبارك بإذن الله .
لقد فارقتنا يا أم مرغمة (!!) .. أخذك الطبيب المهمل .. و الجراح الجاهل من بين أحضان السعادة و جلسات السمر الرمضاني .. و ليالي العيد ، و مسلسل النبي يوسف .. و عشق قراءة القران الشريف .. و صلوات الوتر ، و تراويح الجامع القريب .. لقد انتزعك الذئاب من حديقة الحملان الوديعة .. و سفكوا دمك المقدس على بلاط الجهل و الكذب و زيف الخداع .
يا "أمي" لن يمر هؤلاء .. سيحاكمهم الله عز وجل .. و سترين كم هي الحياة قصيرة .. و كم هو العذاب الطبي ابتلاء يُـقدره الله تعالى للصالحين .. و عباده الأتقياء الأنقياء .. وداعاً يا "أمي" .. أقولها للمرة الأولى .. أكتبها ساخنة على أوراق الصيف الماطر بحزن يلوك أفئدتنا جميعاً .. و يعتصر أجسادنا المرهقة .. و يحفزنا على الثأر من الجهل الطبي بما يمحو تأثيره المزمن على الضحايا الأبرياء القادمين من بعيد (!!).
     وداعاً "أمــي" ..!!
و صباحكم .. مُـــر  ،،


مشروع " لوتاه " الخيري ..حكاية عالم مثالي أجهضه الفساد ..!!


هايل على المذابي
 يقتلني كيف يتفانى المواطن الغربي في حب وطنه وخدمته والإخلاص له رغم أن السواد الأعظم لا يربطهم بالوطن الذي يعيشون فيه سوى الجواز وخصوصا في أمريكا باعتبارها موطناً للأقليات, وقلّما تجد منهم من يبتغي مأربا وراء حبه وإخلاصه ذاك , فالغرب يعمل بمبدأ العطاء قبل الأخذ.
 كذلك فالمرء الذي لا يعمل في الغرب فإنه لن يجد أحداً يطعمه, ولنا في القول الشائع في عالم الصداقة"الحساب أمريكي " أُسوةٌ ومثال.
عدا ذلك فالإنسانية غائبة في النظام الحياتي الغربي إلا ما ندر, لأن التعاملات الاجتماعية وكذلك العلاقات في الغالب مرهونةٌ بالماديات ويحكمها العقل، أما ما يوفره الضمان الاجتماعي فهو مقصور على العاجزين ومن وهن عظمهُ وذوي الاحتياجات الخاصة , وغير ذلك فالإنجيل يقول: " ساعدهم يا الله أولئك الذين يساعدون أنفسهم!.
 ويقتلني في الشرق تفاني مواطنو الدرجة الثالثة وذوي الحظ العاثر  وخصوصاً في المجتمعات العربية في انتقاد والسب علناً للوطن وذويه والحجة في ذلك أن الوطن لم يقدم له شيئا حتى يذكرهُ بالخير, وبالمنطق   فلا حرج عليه في ذلك فالأوطان من أجل الإنسان وليس العكس بيد أن ما يجهله ذلك الإنسان وغفل عنه ونبّه إليه ديننا الإسلامي الحنيف هو مساعدة الإنسان لأخيه الإنسان والأخذ بيده لأن ذلك من كمال الإيمان والشرق أهل القلب والروح والإيمان وبالإغفال لمبدأ " من حُرم حقه في الأرض فحقهُ محفوظٌ في جنة السماء " الذي بشر به الرسل والأنبياء لتبدو المعادلة كاملة والصورة واضحة بإغفال ذلك يحضرنا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام :" مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.............".
وعملا بهذا وعملاً بحكمة كونفنشيوس:" لا تعطني في كل يوم سمكة ولكن علمني كيف اصطاد ". يدهشني أن أجد من يعمل بكل هذا  وهو أحد المستثمرين في بلادنا وله أصول ترجع إلى اليمن "أصل العروبة" وله مشروع استثماري مذهل جداً يبشر بعالم مثالي فيه من الخير والإنسانية ما يكفي لتشييد حضارة  وفي وقت زهيد جدا.
الرجل هو سعيد أحمد آل لوتاه رجل الأعمال المعروف ومشروعه الاستثماري بدأ في محافظة الحديدة  كما أنشئ في بلدان أخرى مثل :السودان وجزر القمر وسوريا وغيرها وهو في حال توسع بعد أن تم تجاوز الخطوات والمراحل الأساسية الأولى له , خلاف ما حدث هنا.
خلاصة المشروع أن المستثمر يحصل على أرض يضمنها له القانون الاستثماري والبرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئيس وتوجيهاته وأيضا حاجة البلاد والناس لمثل هكذا مشروع وهدف هذا الأخير الخيري الإنساني الصرف، والأرض هي أرض "الجرابح"في محافظة الحديدة وتقع ضمن أراض أخرى تابعة لوزارة الزراعة والري , والأهم منه أن مسئولي شركة (لوتاه) في اليمن بحثوا بأنفسهم - قبل أرض (الجرابح) - عن أرض تناسب طبيعة المشروع وتكفلوا بكل شي من فحص لتلك الأراضي وتوفير معدات وأجور وما إليه رغم أن كل ذلك من اختصاصات الدولة ضمن التسهيلات التي تقدمها للمستثمرين في البلاد ..
بعد ذلك وفي أرض "الجرابح" تم افتتاح المشروع من قبل المسئولين وتم نشر الخبر على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, وبدأت أول خطوة .. إثر ذلك تم تكليف لجنة تشبه لجان الضمان الاجتماعي في اختيار من هم من ذوي الحاجة في المحافظة لمنحهم وتسليمهم  لهذه الأراضي والتي قسمت إلى مزارع وكل مزرعة بني في طرفها منزل مؤمن بالماء ( تم حفر آبار خاصة ) ، ومؤمن بالكهرباء التي تعمل بالطاقة الشمسية وكل ذلك من تنفيذ (شركة لوتاه) ، بمعنى أنه تم تامين البنية التحتية لهؤلاء الناس كما أن ريع المزارع لهم والبيوت أيضا وليس عليهم سوى دفع قسط سنوي ثمنا للبيت فقط وتجمع كل هذه الأقساط  وينفذ بها نفس المشروع ويوسع في محافظة أخرى كما هو حاصل في البلدان التي تم تنفيذ المشروع فيها ، بطريقة تفريخ هرمية تؤكد فكرة (لا تعطني في كل يوم سمكه ولكن علمني كيف اصطاد) وهذا من شأنه حمل عبء كبير وتخفيفه عن الحكومة التي أرهقت ميزانيتها الحرب وضغوط مكافحة الإرهاب ودعاة الانفصال , ورغم أن كل المسائل واضحة في هذا المشروع الاستثماري الإنساني الخيري التنموي العملاق الذي يستحيل أن تحوم حوله أي شبهات كأن يكون ربحياً أو غيره، رغم ذلك فقد تم عرقلته وهو منذ عامين لم يتجاوز بعد المراحل الأولى لانطلاقه والسبب المسئولين في وزارة الزراعة والري متمثله في  المدعو (عبد الباسط الأغبري) مدير عام الأسمدة وإكثار البذور ما يُلزم الجميع من شُرفاء  هذا الوطن إيقاف هذه المهزلة ووضع حد لهذا الفساد ومعالجة الإشكاليات لأن مثل هذه المشاريع الاستثمارية الخيرية تعتبر منحة إلهية للمساكين وفرصة إذا لم يتم اغتنامها فسوف تمر مر السحاب.


الإستراتيجية العسكرية الأمريكية بين مزدوجي المهارشة والقدرة المكتسبة


د.مهند العزاوي*
تقرير المراجعة الدفاعية لـ 2010- 2014
  الحروب الآنية والقادمة
سياسة الردع الأمريكية
قائمة التحديات الإستراتيجية
تُعرف المدرسة الغربية الإستراتيجية العسكرية هي ((فن استخدام القوة للوصول إلى أهداف سياسية, وإنها فن حوار القوى وحوار الإرادات التي تستخدم القوة لحل خلافاتها)), أي أن الإستراتيجية تضع مُخططات الحرب، وتحدد التطور المتوقع لمختلف المعارك, وفي تعريف أخر لها هي ((علم وفن توزيع واستخدام مختلف الوسائل العسكرية لتحقيق أهداف حددتها السياسة وذلك باستخدام القوة أو التهديد بها)) , كما وتعرف العقيدة العسكرية هي ((كافة الأفكار والمفاهيم والآراء والتعاليم، التي تستخدمها القوات المسلحة سلما وحربا)) وتعتبر ظل العقيدة السياسية, وان الإستراتيجية العسكرية  تبدأ من حيث تنتهي العقيدة العسكرية.
تعد الإستراتيجية العسكرية من حيث محتواها أعلى مجال من مجالات النشاط العسكري "Military Activity" وهي تعبر عن مزاوجة العلم النظري والخبرة العملية في أعداد القوات المسلحة للدولة، واستخدامها الأمثل في الحرب، وكذلك نشاط القيادة العسكرية العليا عند تنفيذ المهمات الإستراتيجية Strategic" "Missions في الصراع المسلح بغية تحقيق النصر, ويقسم فن الحرب الحديث إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي: الفن الاستراتيجي، الفن ألعملياتي، فن التكتيك (أو ما يطلق عليه اصطلاح "تعبئة").
 
تقرير المراجعة الدفاعية لـ 2010- 2014
أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية في شباط 2010 تقرير"المراجعة الدفاعية 2010-2014" (Quadrennial Defense Review) والذي يتكون من 128 صفحة، وقد استغرق صياغته عاما كاملا، وشارك في إعداده  700 شخصية من وزارة الدفاع ومنظومات التسليح ومراكز الدراسات المعنية وخبراء عسكريين بهذا الشأن .
حدد التقرير إطار العمل الإستراتيجي لوزارة الدفاع , وكيفية استخدام الموارد لتحقيق النصر في الحرب, ورسم الخطوط العريضة في التعامل مع التهديدات الآنية والوسيطة ,وتطوير القدرات العسكرية المختلفة للحروب القادمة, كما وحدد التقرير قائمة الأهداف الإستراتيجية، و شكل المخاطر والتهديدات المحتملة في الفترة المحددة , وكذلك إدامة زخم الإنفاق العسكري, وقد أعلنت الموازنة الدفاعية الأمريكية لعام 2011 والتي قدرت بـ 708.8 مليارات دولار لهذه السنة وبزيادة مقدارها 44 مليار دولار عن العام الماضي ، و تضمنت ميزانية حربي العراق وأفغانستان التي تبلغ قرابة 320 مليار دولار لعامي2010 - 2011 , مما يؤكد استمرار سياسة المهارشة الإستراتيجية بالوجود المباشر وتخفيف الأنفاق عبر القضم بالقدرة المكتسبة (إستراتيجية مركبة), وكذلك استخدام العمليات العسكرية الخاصة الأقل كلفة وذلك باستخدام الطائرات بدون طيار, وخصخصة المعلومات, وتنفيذ العلميات الخاصة النوعية , وتؤكد الإستراتيجية بان النزعة العسكرية الأمريكية  لا تزال قائمة , وباستخدام  مطرقة  الإرهاب النووي الأمريكية بدلا من نزع أسلحة الدمار الشامل ,وذلك يوسع قائمة الإرهاب وفق المنظور الأمريكية, ونجد أن الإستراتيجية تعتمد التوازن البراغماتي الواقعي, والمتمثل بتقليل الإنفاق الحربي الامريكي , ولكنه  لم يعالج ترهل الانفتاح العسكري الاستراتيجي في القواعد البرية والبحرية ونشر الأساطيل في البحار وتكاليف إدامتها عملياتيا ولوجستيا, وكذلك تراجع القدرة العسكرية وأنهاك القوات المسلحة , ناهيك عن تعزيز الاحتياط الاستراتيجي, والإنفاق الإضافي للانفتاح ألمخابراتي ألشبحي في أسيا وأوربا والباكستان والسودان واليمن والصومال ولبنان ..الخ , وفق تطبيقات الإستراتيجية الوسيطة لتستعيد أمريكا قدرتها الصلبة, والملاحظ انخفاض سقف الأهداف الإستراتيجية العسكرية, ولعل ابرز المحاور الأساسية التي طرحت عبر التقرير  هي:-
1.     إدامة تحقيق الأهداف والغايات الإستراتيجية المنصوص عليها في الإستراتيجية العليا/ الشاملة للولايات المتحدة الأمريكية , والمحددة في الإستراتيجية العسكرية .
2.     أعادة تقييم البيئة الاستراتيجة , وتحديد قائمة التهديدات الرئيسية والتحديات الآنية والمحتملة التي يواجهها الجيش الأمريكي ضمن تلك الفترة الزمنية.
3.     إعادة تأهيل القوات المسلحة الأمريكية, ورفع مستوى جاهزيتها , وتحقيق التوازن بين مختلف القدرات العسكرية لتحقيق ما يسمى النصر في الحروب الحالية.
4.     الاستمرار في مشاريع التسليح الحالية وتطوير القدرات الفضائية بغية التعامل مع الحروب المتوقعة ضمن لوحة الحرب الأمريكية.
5.     استمرار العمليات والأنفاق العسكري على حربي العراق وأفغانستان.
6.     عسكرة السياسية الخارجية بالاعتماد على التحالفات القديمة والشراكات الجديدة.
7.     تقيم العدو القادم بمزدوجي الدول والفاعلين الغير حكوميين.
  الحروب الآنية والقادمة
1.    حدد التقرير سقف عالي لما يطلق عليه (النصر في حروب اليوم), وتعد حربي أفغانستان والعراق ذات أولوية قصوى لدى وزارة الدفاع الأمريكية, وهذا يتطلب استمرار العمليات للجيش الأمريكي هناك, مع  تعديل النمط والسلوك الحربي الى مفاهيم حربية وشبحيه مركبة , تستند على أذكاء الصراع السياسي الطائفي والعرقي , مع زيادة وتيرة القمع المجتمعي وتهجير السكان, وباستخدام القوة الناعمة والذكية[1] , وقد حشدت كافة مواردها من خلال تكليف وكلائها بمهام التنظيف المعلوماتية والمخابراتية , وقد  تحولت القوات الأمريكية في العراق من العمليات الحربية المباشرة الى المهارشة[2] بالعمليات الخاصة والشبحية وبما يطلق عليه ( التنظيف الناعم) , وكذلك الحرب في أفغانستان وعلى الرغم كونهما مستنقع حربي, الى أن لا تزال القاعدة وطالبان تأخذ الأسبقية الأولى في الإستراتيجية العسكرية لوزارة الدفاع الأمريكية , وفق المسار الذي استخدمته الإدارة الأمريكية السابقة، وحدد فلسفة العمل العسكري هناك بتوليف عمل الجيش الأمريكي مع الحلفاء الإقليميين والدوليين, لتعطيل عمل القاعدة وتفكيكها وقضم ما يسمى بالملاذات الآمنة في أفغانستان , وفي دول الطوق الجغرافي من خلال اجترار تجربة العراق, وحشد حلفائها وشركائها لمساعدة حكومات أفغانستان وباكستان للقضاء على القاعدة كما يقول التقرير، وستقوم القيادة المركزية بالمناورة بالقطعات من العراق الى أفغانستان وبحلول نهاية العام 2010 سيكون هناك 100الف جندي أمريكي  في أفغانستان , مما يبرر تصريحات قادة الاحتلال في العراق بالانسحاب من العراق مع الاحتفاظ بقوة تقدر ب 85 ألف جندي أمريكي[3] وما يقارب 200 ألف متعهد يستعاض عنهم  بمهام خاصة تنفذها القوة المكتسبة العراقية
2.    أشار التقرير الى استمرار العمليات العسكرية والحربية في المدى القريب والمتوسط، وان أعدادا كبيرة من القوات المسلحة الأمريكية ستكون عاملة في أفغانستان والعراق، وهذا ما يدل أنّ شكل البيئة الحربية القادمة هي التي  تحدد شكل ونوع وحجم ونمط الوسائط والية عمل القوات العسكرية في السنوات المقبلة , مع استخدام فلسفة المهارشة العسكرية النوعية, وتعزيز التحالف السياسي العسكري المركزي,وتعشيق عمل الدوائر المخابراتية والمعلوماتية الغربية والعربية الحليفة, وكذلك ممارسة سياسة الاحتواء المزدوج  على المدى المتوسط والبعيد للأهداف الإستراتيجية المضادة، لتلافي حجم الاكلاف والإنفاق العسكري المتزايد , وتوزيع الأدوار والحروب بالوكالة  دوليا وإقليميا  .
3.    أفضت العقيدة السياسية والعسكرية الأمريكية طيلة العقود الماضية إلى اتساع رقعة النزاعات العرقية والصراعات  الطائفية والحروب العبثية في العالم، وجعلت من البيئة الإستراتيجية الدولية بيئة مركبة ومعقدة , وتفتقر لمقومات الأمن الايجابي والسلم الانسيابي , ناهيك عن دينامكية الصراع الدولي والمتغيرات في رقعة التوازن الاستراتيجي , ومنها تبادل رقع النفوذ والتوازن الدولي وصعود قوى دولية لمسرح التوازن القطبي كالصين وروسيا والهند والبرازيل , وظهور قوى إقليمية طامحة كتركيا وإيران , وتعاظم الشغب الإسرائيلي المتفق على دوره في المهارشة الإستراتيجية, مما يعيد حسابات توازن القوة الى النقطة الحرجة, ويفرض تحديات وتهديدات آنية ومستقبلية يستوجب معالجتها, ويبدوا أن المعالجة الآنية عبر  فلسفة الاحتواء المزدوج  والتقويض السياسي, الذي يفضي الى كسب الوقت, واستخدام المهارشة والتثبيت عبر المناورات العسكرية وحافة الحرب والتحالفات العسكرية والسياسية لتصويب الخط الاستراتيجي العام.
4.     جرى تحول تكتيكي في الإستراتيجية الأمريكية وذلك بالإشارة الى القوة اللامتماثلة أو ما يطلق عليه " للاعبين غير حكوميين" ,مما يوسع دائرة الاستهداف للخصوم  لتشمل دول وتنظيمات تصنفها أمريكا ( إرهابية) وفق المفهوم الامريكي للإرهاب, والملفت للنظر ربط تلك التنظيمات بانتشار الأسلحة النووية والتكنولوجيا المدمّرة  , وبما يشابه مناخ نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.
5.    يشير تقرير المراجعة الدفاعية إلا أنّ  ما تسميهم "الإرهابيين" كما تقول الوثيقة, أصبحوا يشكلون تهديدا دائما للولايات المتّحدة وشركائها , وبذلك يؤكد "عسكرة السياسة الأمريكية" من خلال ذكر أن النجاح الدائم والمستديم يتطلب استعمال كافة عناصر القوة الأمريكية والدولية , ويقصد بها مزواجة القدرة الصلبة والناعمة والذكية "فإننا لن نتردد في توظيف القوة ضد القاعدة وحلفائها حالما تطلب الأمر ذلك" .
سياسة الردع الأمريكية
تضع الإستراتيجية العسكرية الأمريكية تهديد المصالح الأمريكية عبر العالم في  مقدمة أولوياتها الإستراتيجية, وقد شددت على فلسفة الردع الامريكي , وإمكانية خوض حروب كبرى  ومحدودة في بيئة مجافية، إضافة الى التعامل مع التحديات التي تفرضها الدول الأخرى أو اللاعبين غير الحكوميين , ولمعالجتها يتطلب تعزيز قوة الردع الأمريكية عبر القدرات البرية والجوية والبحرية والمعززة بالقدرات الفضائية والصاروخية والأسلحة نووية، مع تسخير شبكة القواعد والتسهيلات العسكرية المنتشرة في العالم حسب نوع وطبيعة التهديد, أما على المستويين المتوسط والبعيد، فإن على القوات المسلحة الأمريكية التخطيط وتهيئة شروط النصر العسكري في عدد واسع من العمليات التي قد تتم في مسارح متعددة وأوقات متزامنة في الخارج، وتعزيز قدرة القوات على الفوز في نفس الوقت على دولتين قويتين؟.
اعتمدت فلسفة الردع  الامريكي بالدرجة الأولى على حماية الداخل الأمريكي من حدوث تهديدات إرهابية  ,ويعد هذا من صلب مهام وزارة الدفاع , وإذا فشل الردع في القيام بمهمته كما يقول التقرير، وقام خصوم الولايات المتّحدة بتحدّي مصالحها سواء كان ذلك بالتهديد باستعمال القوة أو باستعمالها فعلا، فإن على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للرد بقوة على ذلك, وعلى الرغم من أنّه قد لا تكون هناك ضرورة لاستخدام القوة العسكرية في جميع الحالات، فإن مهمة وزارة الدفاع تتمثل في أن تكون مستعدة لمواجهة هذه المخاطر من خلال توفير مختلف الخيارات الممكنة للرئيس في مواجهة جميع الاحتمالات التي قد تتضمن الرد على هجوم ما، أو على كارثة طبيعية ما تضرب "الوطن"، أو على اعتداء من قبل دولة خصم، أو على مساعدة ودعم لدولة هشّة وتأمين الاستقرار فيها.
قائمة التحديات الإستراتيجية
يشير التقرير في وصف قائمة التحديات ,الى أن القوة الأمريكية يجب أن تكون جاهزة لتردع أي هجوم، وتهزم أي دولة تقوم بعمل عدائي، فهذه القدرة مهمة لحماية مصالح الولايات المتحدة , وكذلك في ضمان الأمن والاستقرار في مناطق حساسة على الصعيد العالمي, ويشير بذلك الى كوريا وإيران بتحديهما للمعايير الدولية عبر اختبار أنظمة صواريخ بالستيّة جديدة بالغة الدقة، وتتمتع بمدى أطول من صواريخ "سكود" العراقية التي تم استعمالها في العام 1991، وباتت قدرات هذين البلدين التي هي في نمو مطرد، تهدد الانتشار الأمريكي في مناطق مختلفة، بصورة لم يعهد لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.
1.     تعمل الصين في إطار خطة لتحديث قواتها المسلحة وتطوير عدد كبير من الصواريخ المتطورة- متوسطة - طويلة المدى، مثل صواريخ "كروز"، فضلا عن صنع غواصات هجومية جديدة مزودة بأسلحة متطورة، وأنظمة صاروخية دفاعية طويلة المدى إضافة إلى قدراتها في مجال الحرب الالكترونية وشبكات الكمبيوتر، وكذلك المقاتلات الحديثة، وأنظمة المواجهة الفضائية, وهذا يثير الشكوك حيال نواياها المرتبطة بهذه التحديثات في ظل انعدام الشفافية أو مشاطرة المعلومات أو الإفصاح عنها.
2.     حصلت العديد من الدول خلال السنوات الأخيرة على عدد من صواريخ كروز المتطورة المضادة للسفن، وغواصات صامتة، وألغام متطورة إضافة إلى مجموعة من الأنظمة التي تهدد العمليات البحرية ويعد هذا تحديا.
3.     ستواجه القوات الجوية الأمريكية تحديات جسيمة في النزاعات المستقبلية من قبل الأنظمة الدفاعية المتكاملة الأكثر تطورا وفتكا والتي تمتلكها بعض الدول المعادية، فالأنظمة المتطورة لصواريخ أرض-جو والتي تساعد روسيا على انتشارها ستفرض تحديا متعاظما للعمليات العسكرية الأمريكية على مستوى العالم، خاصّة وأن العديد من الدول تمتلك القدرة على تعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية التي تستخدم للاتصالات أو المراقبة أو الأعمال العسكرية.
4.     اعتبر التقرير "الفاعلين غير الحكوميين" كتحدي عسكري , فقد باتوا اليوم يمتلكون طائرات من دون طيار، وأنظمة صواريخ جوية دفاعية محمولة على الكتف من إيران, ومن الممكن أن يؤدي انتشار ولو ترسانة صغيرة من الأسلحة النووية من قبل الخصوم ووضعها في يد مثل هذه الجماعات إلى اهتزاز التوازنات الأمنية، بالمناطق الرئيسية في العالم، وهو ما سيقوض الأمن العالمي بشكل خطير.
5.     يعد انتشار القدرات النووية والكيميائية والبيولوجية والراديولوجية سواء بين الدول أو الفاعلين غير الحكوميين, يشكل خطرا على قدرة الولايات المتحدة في الدفاع عن نفسها وعن مصالح حلفائها، مثلما يحد من قدرتها على تحقيق الأمن والسلام وضمان الاستقرار الإقليمي وحماية المواطنين، كما أن استعمال القدرات النووية أو البيولوجية سيكون له تداعيات عالمية شديدة الخطورة, سواء على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية أو على صعيد الأمن العالمي, وعليه فإن منع انتشار واستخدام هذه الأسلحة يشكل أولوية قومية لا يمكن التهاون فيها، وهو ما يتطلب القيام بعملية احتواء جغرافي للمناطق ذات الاهتمام لضمان عدم وقوع هذه الأسلحة والمواد المرتبطة بها في أيدي أعداء الولايات المتحدة.
6.     أصبح مجال الإنترنت وتأمينها بالنسبة لوزارة الدفاع يوازي أهمية مجال الفضاء والبر والبحر والجو، وأن القوات المسلحة والاستخبارات وتكنولوجيا الأسلحة في الولايات المتّحدة باتت تعتمد على شبكات الاتصال وعلى فضاء الاتصال الإلكتروني (الإنترنت). وليس باستطاعة الجيوش الحديثة في القرن الـ21 القيام بعمليات فعالة ودقيقة من دون الاعتماد على المعلومات الدقيقة وشبكات الاتصالات، والولوج الأكيد إلى شبكة المعلومات وفضاء الاتصال الإلكتروني (الإنترنت) ويتطلب هذا الأمر قيام وزارة الدفاع بتأمين شبكات التواصل الإلكتروني بشكل فعّال، وهو أمر معقد خصوصا إذا علمنا أنّ وزارة الدفاع تدير أكثر من 15 ألف شبكة كمبيوتر موزعة على 4 آلاف منشأة عسكرية أمريكية حول العالم، وهناك حوالي 7 ملايين كمبيوتر وأداة اتصال تابعة لوزارة الدفاع تعمل يوميا في 88 بلد , كما أنّ الهجمات في مجال الفضاء الإنترنتي وسرعتها يميل لصالح كفّة الهجوم وليس الدفاع، وهذه الميزة للمهاجمين آخذة في الازدياد مع توفر أدوات القرصنة بشكل أرخص وأكثر تطورا , وأسهل للتوظيف والاستخدام من قبل المنافسين مما كان عليه الأمر سابقا.
يرى الباحث أن الإستراتيجية العسكرية الأمريكية 2010-2014 لن تختلف عن سابقاتها كثيرا وقد أغفلت اكبر التحديات التي تعصف بالولايات المتحدة الأمريكية وبديمومة العمليات الحربية ومشاريع التسليح المستقبلية وتفوقها النوعي في العالم, وكما نعلم أن الاقتصاد عصب الحرب الذي يزاوج القوة  والاقتصاد لتحقق القدرة الصلبة , وبدوره يحقق التفوق والتكامل العسكري الذي يضع مالكها في الصدارة الدولية , ولعل الأزمة الاقتصادية والمالية (العجز-الدين) والناتجة من الإنفاق على حربي العراق وأفغانستان, قد ألقت بظلالها على شكل العمليات العسكرية التي تحولت من عمليات حروب نظامية الى عمليات شبحيه مفتوحة, ومهام عسكرية خاصة محدودة, والقتال عن بعد عبر  الطائرات المسيرة القليلة الكلفة والتكلفة في استخدامها , وهذا يعد تحول نوعي من القدرة العسكرية المتميزة والسيطرة السياسية المباشرة الى الاحتواء المزدوج بالمهارشة الإستراتيجية  واستخدام المرتزقة البديلة والقدرة المكتسبة والتي تعد تكاليفها البشرية والمادية اقل بكثير من تكلفة الجيوش النظامية, وهذا يعد تحول خطير في العقيدة العسكرية الأمريكية(خصخصة الحرب والمسئولية) والتي لم تعالجها الإستراتيجية الحالية بشكل جوهري , وعلى العكس اعتمدتها كإستراتيجية وسيطة وفق فلسفة الاستنزاف الزمني والقضم المجتمعي , دون الأخذ بنظر الاعتبار الفشل العسكري في تحقيق الأهداف الإستراتيجية للحرب , والمتغيرات على الساحة الدولية ,  واختلال القدرات في مسارح الصراع ,والانتشار الرقمي, وافتقرت الإستراتيجية كذلك معالجة التمدد العسكري الامريكي  الخارجي وشبكات القواعد العسكرية التي تفترش ارض العالم ويفترض أن هناك ترقيق استراتيجي كمعالجة, وتعد تلك ابرز ملامح الانهيار الإمبراطوري لصعوبة تغطية الإنفاق الخاص بهذا التمدد, مما يدفع الساسة التفكير بحروب لاحقة ضمن الإطار الاستراتيجي لتلك القواعد, ولعل إعلان الإستراتيجية النووية وعقد مؤتمر الإرهاب النووي, يؤكد دلالات سياسية ذات طابع حربي ,وقد أغفلت أنها تخوض حربا شرسة في أفغانستان والعراق منذ العام 2001، ويبدو جليا من خلال التجربة بأنّ جيشها غير قادر على حسم وربح حروب إقليمية غير تقليدية تخوضها مجموعات مسلحة صغيرة, وبالرغم من ذلك فأنها تعسكر السياسة وتركب موجتها , ولوحظ في التقرير اعتماد فلسفة الحرب القادمة على العدو المركب بمزدوجي الدول المعادية والفاعلين الغير حكوميين , وكذلك دخول أمن الانترنيت على الخط العام للإستراتيجية العسكرية مما يوسع دائرة التضييق للحريات العامة , وكانت قد اعتمدت معالجة الحروب الحالية في العراق وأفغانستان كأسبقية قصوى, ويبدوا أنها اتخذت من فلسفة المهارشة الإستراتيجية باستخدام القدرة المكتسبة في العراق ومحاولة نقلها الى أفغانستان, خصوصا أن هناك مليون مسلح عراقي ينتهج العقيدة التدريبية والعملياتية للقوات الأمنية الأمريكية وشركات المرتزقة , وتتبع نفس سلوكياتها الشاذة الهجينة والتي تعزز السخط والغضب الجماهيري في العراق لامتهان كرامته,  ولا يوجد هناك جيش مهني وطني يدافع عن الحدود السياسية للعراق تجاه الأطماع والتهديدات الخارجية, ناهيك عن صراع الأدوات السياسية والتي تبدو أنها خليط غير متجانس فكريا وثقافيا واجتماعيا , وغالبيته ذو ثقافة مليشياوية وبمنحى طائفي وعرقي , وقد فقدت تأثيرها الشعبي بعد أن مارست كافة أنواع القمع ضد المجتمع العراقي, وانتهكت حقوق الإنسان وجعلت من الشعب العراقي رهينة, ناهيك عن سجون تفترش ارض العراق بين سرية وعامة وخاصة , يمارس فيها التعذيب حتى الموت والاغتصاب والإذلال والتغييب ألقسري, وبموافقة دوائر الاحتلال المحتكمة على المشهد العراقي ,وتقول أنها حققت الديمقراطية في العراق أو أنها تجربة دم قراطية؟؟ وجميع تلك الملفات والملفات الإنسانية الكارثية –المهجرين – المعتقلين – الأرمل –الأيتام – وفقدان كيان العراق وتحويله الى دويلات وفق المشروع الامريكي, جميعها تعد نتاج القمع العسكري الامريكي, ولابد أن تنفجر وتعصف بالجميع, وهناك نفس المشهد في أفغانستان وأيضا تجد أن عسكرة الحلول السياسية حاضر فيها , مما ألقى بظلاله على الباكستان وكذلك الحروب الشبحية في لبنان واليمن والسودان والصومال..الخ , مخلفه  بؤر عنف  هلامية تنخر الأمن والسلم الدوليين, ولعل ابرز تهديد للعالم اليوم هو تجارة وحيازة المخدرات والسلاح الخفيف والمتفجرات والألغام ولو قارنا وفق الحسابات الرقمية نجد أنها قد حصدت أرواح ملايين البشر عبر النزاعات والصراعات التي تذكيها المرتزقة وشركات السلاح لفتح أسواقها هناك , ولم  تكن الضحايا البشرية الناتج من استخدام الأسلحة النووية بهذه الأرقام الفلكية والتي اجتمع من اجلها العالم في واشنطن, والتي يفترض أن يجتمع العالم لحقن الدماء وتحقيق الأمن والسلم المجتمعي الذي فقده العالم طيلة العقدين الماضيين.
*مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
باحث في الشؤون الإستراتيجية والعسكرية
الثلاثاء‏، 20‏ نيسان‏، 2010



[1] .  تعد وزارة الدفاع الامريكي النصر في العراق يخضع لمعايير الانجاز النهائي والمتمثل بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات  طائفية وعرقية, وقد أسست لذلك منذ غزو العراق وحتى اليوم عبر تامين القدرة المكتسبة من ذوي الأصول العراقية وفي المفاصل السياسية والقانونية والعسكرية والاقتصادية..الخ, وجرى ذلك بتدمير مؤسسات الدولة وحل قواتها المسلحة وإعادة تشكيها كقوات بديلة تعمل وفق معايير  تحقيق الأمن السياسي لقوات  الاحتلال الأمريكية وانجاز أهدافها , وإرساء منظومة قوانين تحقق ذلك –الدستور – ومنظومة القوانين القمعية الآمرة التي أرساها يرايمر, والتحكم بالأدوات السياسية التي شكلت وفق الإطار-الطائفي العرقي- لخلق بيئة التقسيم,وتمكنت من  تحقيق القوة المكتسبة من خلال تشكيل القوات الأمنية  وفق معايير طائفية وخاضعة لمفهوم المحاصصة الحزبية وحصرها عقيدتها العسكرية  والتدريبية بتعاليم ما يسمى مكافحة الإرهاب وبعيدا عن منظومة القيم المهنية والوطنية, مما يحقق الطاعة العمياء والتنفيذ السادي اللاانساني وبما يشابه سلوك جهاز المخابرات الامريكي FBI.
[2] . تعني استمرار التماس المباشر ووضع الخصم بحالة استنفار وباستخدام وسائل مختلفة حربية وشبحيه وسياسية
[3] . تشير إستراتيجية الانسحاب الامريكي ببقاء 50 ألف جندي منتصف عام 2010 إضافة الى تكامل وصول  6 ألوية من المارينز الى العراق, وقد تشكلت في أمريكا وقد سميت بالألوية الاستشارية ونشرت على موقع القيادة المركزية الأمريكية.

مركز صقر للدراسات الستراتيجية



المالكي يدير مسلخ بشري في بغداد


الحزب الشيوعي العراقي
اللجنة القيادية

يا أبناء شعبنا العراقي الأبي
أيها الأحرار يا من تعز عليكم كرامة الإنسان وحقوقه المهدورة من قبل المجرم المالكي الذي يرفع لافتة دولة القانون , وتحت هذا الاسم يدير مسلخ بشري تابع إلى سلطته مباشرة وهذا ما تم اكتشافه من بين العديد من المسالخ البشرية التابعة له , إن - 431 - ضحية من أبناء شعبنا تم اعتقالهم بحملات وحشية في محافظة نينوى اقتيدوا بسرية تامة من قبل عصاباته الإرهابية وجرى وضعهم في هذا الموقع السري الذي يخضع لسلطة رئيس وزراء دولة لا تخضع للقانون , أنها جريمة شنعاء يرتكبها هذا الفاشي المتعطش للقتل والتعذيب بسادية لا مثيل لها .
إن حزبنا الشيوعي العراقي الذي يعرف حقيقة هذا الفاسق الذي تسلق إلى رئاسة حكومة الاحتلال هو واحد من بين ابشع المجرمين في سلطة الاحتلال . لا يوجد قانون في بلدان العالم يعطي صلاحية لرئيس وزراء دولة من أن يؤسس لسجن خاص وتابع له , فهل تقبل إدارة البيت الأبيض الديمقراطية  بمثل هذه القوانين التي يشرعها المالكي  وتعطيه  الصلاحية للإدارة سجن تحول إلى مجزرة بشرية تديرها ذئاب المالكي ويذهب ضحيتها الأبرياء من اجل إشباع الروح السادية للمالكي , كيف يقبل هذا الدعوجي إن يجبر السجناء على ممارسة اللواط ؟؟ وبأي شريعة إسلامية تربى عليها المالكي تبيح ممارسة اللواط ؟ ولكن كل شيء جائز من قبل  لواطيي المالكي  .
إن حزبنا الشيوعي العراقي في الوقت الذي يدين ويستهجن هذه الأفعال الإجرامية الفاشية يطالب بمحاكمة المالكي فوراً لانه هو المسئول الأول عن إدارة هذا السجن السري الذي لا يخضع لسلطة القضاء , والعمل على إطلاق سراح كافة الأبرياء فيه وتعويضهم عن كل الانتهاكات والأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم وبعوائلهم . وان حزبنا يتضامن مع عشائر واهالي أبناء الموصل في مطالبهم العادلة للاطلاق سراح المعتقلين فوراً ومحاسبة المجرمين الذي ارتكبوا تلك الأفعال بحق السجناء وعلى رأسهم المجرم نوري مالكي .

ويؤكد حزبنا بان الولايات المتحدة الأمريكية مسئولة مسئولية مباشرة عن هذه الجريمة بحكم كونها تحتل العراق وهي التي تحمي المالكي من أبناء الشعب العراقي

الحزب الشيوعي العراقي

اللجنة القيادية

هيئة النشر والأعلام
بغــــــــــــــــــــــــداد
April 20, 2010

أرز لبنان الماجدة بشرى الخليل


سعد فوزي رشيد
ماجدة عربية صادقة.. ثابتة الموقف ولا تحيد عن المبادئ السامية، فعلى الرغم من كثرة المتآمرين والمتخاذلين إلا إن صولتها كانت مشهودة وهي تقف شامخة تدافع عن الرئيس الشهيد صدام حسين خلال جلسات المحكمة غير الشرعية، إضافة إلى مواقفها القومية المشرفة في الوقوف إلى جانب الشعب العراقي ومقاومته الباسلة وقواه الوطنية الرافضة للاحتلال، ومشاركتها الفاعلة في تجمعات وندوات للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى العراقيين في سجون الاحتلال والحكومة العميلة.
المحامية بشرى الخليل تمثّل بشموخها الأسطوري أرز لبنان الشامخ، فهي ما تخلت عن قضايا أمتها العربية سواء في فلسطين أم العراق، بل كانت دائما وما تزال وسوف تبقى إلى جانب الحق وأهله، ينساب صوتها هادراً في الدفاع عن الحقوق المغتصبة لا تخشى في ذلك لومة لائم أو أقلام مأجورة تسعى إلى تغطية الحقائق زوراً وبهتانا.
إن هذه الماجدة العملاقة أثبتت بمواقفها بأنها بمائة رجل، فهي ارتقت إلى سلم المجد بتحديها كل الصعاب ومجابهتها للظلم وأهله، ما يثير لدى الضعفاء والمستكينين موقفاً سلبياً من هذه المجاهدة لأنهم لم يرتقوا إلى ما ارتقت إليه من شجاعة وإرادة عزوم لا تكسر، وما يدفع بالعملاء والمتساقطين إلى محاولات بائسة بهدف النيل منها بأساليب وضيعة منها استئجار المرتزقة من الكتّاب الذين يشكلون أبواقاً للمحتل وعملائه الصغار.
أرز لبنان الماجدة بشرى الخليل هي امتداد للنساء العظيمات أمثال الخنساء وخولة بنت الأزور وغيرهن من اللواتي سطّرن أسماءَهن بأحرف من نور على صفحات التاريخ المجيد.
فلا تحزني أيتها الأخت والرفيقة لأن من يحمل لواء الحق، يرتعب منه أهل الباطل ويحاربونه بشتى الأساليب، فسيري واثقة الخطى نحو بوابة النصر والمجد التليد.

اوباما يهدد إيران بالقنبلة النووية


ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
..إيران موقعة على معاهدة تحريم الأسلحة النووية NPT.. وتعهدت باستخدام
الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط..
AFP
     في سياق إعادة تنظيم السياسة الأمريكية بشأن متى تشن أمريكا هجوماً نووياً.. أنكر اوباما قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة نووية إلى دول لا نووية باستثناء إيران التي اعتبرها كاذبة مخادعة كمثل كوريا الشمالية.
     وعلى أية حال، طالما أن كوريا الشمالية تمتلك حالياً عدداً محدوداً من مخزون القنابل النووية، فإن استثناء اوباما ينفرد بإيران باعتبارها دولة غير نووية حالياً تواجه التهديد بالهجوم النووي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية..
     "مضمون مراجعة الموقف النووي واضح جداً.. في حالة عدم امتلاك أسلحة نووية من قبل الدولة المعنية، وتذعن لمعاهدة تحريم الأسلحة النووية  NPT، فإن الولايات المتحدة لن تستخدم أسلحة نووية ضدها،" وفقاً لتصريح اوباما لصحيفة النيويورك تايمز يوم الأثنين، وذلك في إطار تغييراته للسياسة الأمريكية بشأن استخدام الأسلحة النووية.
     إيران موقعة على NPT، وتعهدت باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط، لكنها لم تمتثل لبعض القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتي جاءت ضدها بدفع من الولايات المتحدة.. علاوة على بعض الانتهاكات التقنية التي تشكل مطالبات للوكالة الدولية للطاقة الذرية..
     على سبيل المثال، صارت إيران محل انتقاد لإخفاقها الإعلان عن موقع تخصيب اليورانيوم قرب قم قبل تشغيل الموقع، حيث أعلنت عن الموقع في سبتمبر/ أيلول الماضي.. لكنها بررت عدم الإعلان بأن الموقع لم يكن قد بدأ تشغيله بعد.. وهذا التأخير في الإعلان شكّل إخفاقاً لقواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA. فمن وجهة نظر اوباما، لم تذعن إيران لمعاهدة NPT، ويمكن أن تبقى هدفاً لضربة نووية أمريكية..
     ما هو استثنائي بدرجة أكبر بشأن آراء اوباما- والرد اللامبالي من قبل وسائل الإعلام الأمريكية- هو استغلال اوباما لخلافات تقنية وربطها بالمبدأ الأوسع: عدم تهديد الدول النووية لتلك غير النووية بالدمار النووي..
    أحد أسباب الأخذ بهذا المبدأ- أبعد من الجانب الإنساني- هو تقليل الحافز لدى البلدان غير النووية بتطوير أسلحة نووية سراً لخلق رادع لديها ضد التهديدات النووية.
     ومع ذلك، يتبين بوضوح الرغبة في النظر إلى إيران على نحو قاس، إذ خلق اوباما هذا المنفذ بإدخال لغة "الإذعان compliant" لمعاهدة NPT كمدخل لمراجعة الموقف النووي الأمريكي تجاه الدول غير النووية.. كل ما يتطلبه الأمر للولايات المتحدة في تهديدها للدول غير النووية بضربة نووية هو تسجيل بعض الانتهاكات التقنية المزعومة لمعاهدة NPT.
     ومثل هذا الخداع ليس صعباً تخيله.. فلقد سبق واستغل بوش المزاعم والأكاذيب القائلة بإمتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل WMD لتبرير غزوه/ احتلاله للعراق..
        وفي مثل هذه الحالة يمكن اعتماد المؤسسة الصحفية الأمريكية لتبالغ في بعض الأمور الغامضة- سواء كانت أنابيب الألمنيوم التي تهرب إلى العراق مثلاً أو تأخر إيران بشأن إخبار وكالة الطاقة IAEA حول بناء تسهيلات معينة ضمن برنامجها..
     جدلياً، تعليقات اوباما إلى النيويورك تايمز- واللهجة المستخدمة بشأن مراجعة الموقف النووي- يمكن أن تصل حتى إلى منظور رفع مستوى التهديدات ضد إيران في إطار اللغة المبهمة التي استخدمت من قبل بوش المتمثلة بأن "كل كل الخيارات متاحة على المنضدة" ولتتضمن كذلك ضربة نووية.. فقبل مقابلة اوباما كانت تلك العبارة مبهمة، بينما صارت حالياً واضحة..
* تلفيق مشكلة لتبرير ضربة نووية 
     الوثيقة الأمريكية لمراجعة الموقف النووي مكونة من 72 صفحة. كشفت وزارة الدفاع الأمريكية النقاب عنها يوم الثلاثاء بامتناع الولايات المتحدة عن توجيه ضربة نووية للدول غير النووية.. وتقدم لتلك الدول الخالية من الأسلحة النووية كيف عليها أن تتصرف وفق معاهدة حضر الأسلحة النووية، لكن الوثيقة تهدف إلى تليين التهديدات الأمريكية بعض الشيء بإضافة:
     "ذلك لا يعني أن رغبتنا في استخدام الأسلحة النووية ضد الدول التي ليست مغطاة بهذا التأمين (تحريم الأسلحة النووية) قد زادت بأي شكل من الأشكال. في الواقع، تتمنى الولايات المتحدة أن تؤكد بأن الاعتبار الوحيد لتوجيه ضربة نووية هو فقط في الظروف المتطرفة extreme circumstances بغية الدفاع عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة أو حلفائها وشركائها."
     وبعد، ما هو محل ملاحظة أكبر بشأن التحذير النووي ضد إيران يتمثل في أن إيران تقف على الجانب المعاكس لـ "العالم"، ولديها جيش ضعيف نسبياً، رغم عدم صدور تهديدات من قبلها مباشرة ضد الولايات المتحدة.
     من المؤكد أن العلاقات الأمريكية الإيرانية استمرت غير طبيعية على مدى العقود الثلاثة الماضية منذ سقوط الشاه العام 1979 والمدعوم من قبل الولايات المتحدة، ومن خلال الخطابات المعادية للأمريكان من قبل الرئيس الإيراني الحالي أحمدي نجاد.. لكن إيران لا تشكل أي تهديد ستراتيجي للمصالح الأمريكية..
     السيناريو المعقول الوحيد بالنسبة للولايات المتحدة الدخول في حرب ضد إيران هو فيما إذا بادرت إسرائيل بتوجيه ضربة إجهاضية ضد وسائل إيران النووية والعسكرية، مقابل رد إيراني للانتقام من إسرائيل مع احتمال استخدام أسلحة محرّمة كيمياوية وما يماثلها، عندئذ يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل لتحطيم قدرات إيران العسكرية وإزالة أي مواقع نووية متبقية..
     بكلمات أخرى، ستعمل الولايات المتحدة كطرف في تحالف هجومي مع إسرائيل في حرب عدوانية ضد إيران. ذلك أن اوباما سيأخذ في اعتباره تصعيد مثل هذا النزاع إلى هجوم نووي على أمة عزلاء لتصبح واحدة من الأمثلة الأكثر ذهولاً واقتراباً من شفا الهاوية النووية، بغض النظر عن لغة التهديدات النووية التي تلفقها وسائل الإعلام الأمريكية.
     عليه، فمراجعة الموقف النووي لـ اوباما قد لا تكون أكثر من أكبر قدر من الاستراحة مقارنة بنظرة بوش الأكثر حربية وعدائية. ومع ذلك، حافظ اوباما بوزير دفاع بوش- روبرت غيتس- المعروف بمناصرته للسياسة النووية المتشددة منذ أيامه في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الثمانينات والذي شدد على التحذير النووي ضد إيران يوم الثلاثاء.
     وكما نشرت Voice of America: "يقول رئيس جهاز الدفاع الأمريكي بأن وثيقة مراجعة الموقف النووي تتضمن رسالة قوية لكل من كوريا الشمالية (و) إيران- ذلك أن كافة الخيارات محل اعتبار في التعامل معهما."
* صداقة نفاقية                                          
     رغم أن إيران حالة لا نووية فريدة بارزة في مراجعة الموقف النووي والتي تواجه الآن تهديدات نووية من الولايات المتحدة، فإن قراءة موضوعية للوثيقة، ربما تشير أكثر وبشكل معقول إلى إسرائيل وبلدين آخرين هما باكستان والهند، وهي جميعاً رفضت التوقيع على معاهدة NPT وطوّرت سراً السلاح النووي..
     على أية حال، فالثلاث هي حلفاء لأمريكا. لذا ففي هذا العالم النفاقي لسياسات الدول الكبرى، تتمع البلدان الثلاثة بحق الترخيص والمرور، وتجاوزتها الوثيقة حتى بعدم ذكرها، بينما أكدت مراراً وتكراراً على تهديداتها لكل من كوريا الشمالية (و) إيران..
     "في إصرارها على متابعة طموحاتها النووية، انتهكت كوريا الشمالية (و) إيران التزاماتها بعدم انتشار الأسلحة النووية، تحدّت توجيهات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تابعت قابلياتها تطوير الأسلحة القاذفة، وقاومت الجهود الدولية لحل الأزمة التي خلقتها بالوسائل الدبلوماسية،" وفقاً لوثيقة مراجعة الموقف النووي الأمريكي.. وتضيف الوثيقة:
     "صعّدت هذه الدول محاولاتها الحصول على أسلحة وتقنيات حساسة محظورة، وزادت من المخاطر العالمية لانتشارها، بما في ذلك رفع مستوى التوترات الإقليمية في سياق تصاعد سلوكها الاستفزازي وخلخلة الاستقرار في مناطقها."
     ما يثير الغضب في مثل هذا التقرير القائم على أسلوب الانتقائية للحكومة الأمريكية أنها لا تُشير من قريب أو بعيد إلى باكستان التي لم تصبح نووية متطورة فحسب، بل طورت سلاحها النووي في ظروف رضوخ إدارة ريغان وسكوتها، بل وساهمت بفعالية في نشر التقنية النووية. علاوة على أن السلاح النووي الباكستاني يواجه خطر الوقوع في أيدي الإرهابيين.
     رغم ذلك، ودون أن تشير الولايات المتحدة إلى البلدان النووية الثلاثة: إسرائيل، الهند، وباكستان، فقد انهمكت إدارة اوباما في جهودها لابراز إيران اللا نووية سوية مع كوريا الشمالية باعتبارهها مذنبة رئيسة.
     "إمكانية حصول العدوان الإقليمي من قبل هذه الدول، ترفع  التحديات، ليس في مجال الردع فحسب، بل كذلك طمأنة حلفاء وشركاء أمريكا،" وفقاً لوثيقة مراجعة الموقف النووي. وتضيف: "يزداد قلق بعض حلفاء أمريكا بشأن حدوث تغيرات في بيئة الأمن، بما في ذلك انتشار السلاح النووي والصواريخ، وتعبر عن رغبتها في استمرار الولايات المتحدة الالتزام بحماية أمنها..
     "إن الفشل في ضمان أمن هذه الدول، يمكن أن يؤدي بواحدة أو أكثر منها محاولة تملك السلاح النووي، وبما يؤدي إلى انكشاف نظام تحريم الأسلحة النووية NPT، وإلى تعاظم مخاطر استخدام السلاح النووي."
     وعلى أية حال، فإن الإعلان عن هذا القلق، يصاحبه إهمال إدارة اوباما الخيار الأكثر إيجابية، على سبيل المثال، محاولة تحريم السلاح النووي في الشرق الأوسط (من المفترض أن دفع هذا الهدف يتطلب كلاماً غير مسموح به.. الاعتراف بأن إسرائيل تمتلك مخزوناً نووياً.. حقيقة لم يتجاسر أي رئيس أمريكي الاعتراف بها علناً.)
     وبدلاً من ذلك، أختار اوباما التلويح بالأسلحة النووية ضد إيران، البلد الذي منح حافزاً إضافياً (نتيجة مثل هذه التهديدات الحقيقية أو المصطنعة) لبناء سلاحه النووي.
ممممممممممممممممممممممـ
Obama threatens Iran with nukes, By Robert Parry,aljazeera.com, 10/04/2010.
-- Robert Parry broke many of the Iran-Contra stories in the 1980s for the Associated Press and Newsweek. His latest book, Neck Deep: The Disastrous Presidency of George W. Bush , can be ordered at neckdeepbook.com. His two previous books, Secrecy & Privilege: The Rise of the Bush Dynasty from Watergate to Iraq and Lost History: Contras, Cocaine, the Press & 'Project Truth' are also available there. Or go to Amazon.com>
Source: Middle East Online.