السبت، 13 فبراير 2010

الموساد و الجدار ورجال الأعمال


عائدون يا ثرى الأنبياء
الكاتب الإعلامي
أبو العلاء عبد الرحمن عبد الله
الناصرة

قدمت حكومة الرئيس مبارك أسبابها ودوافعها  الداعية لبناء الجدار الفولاذي مع غزة علما أن مصر هي التي أضاعت غزة وخسرتها عام 1967 وعليها تبعية تاريخية وواجب أخلاقي وقومي وديني وإنساني  اتجاهها على وجه الخصوص إضافة للمبررات إلي قدمتها حكومة مبارك وزمرته وأبواق دعايته كانت سبة على الفلسطينيين واتهامهم بالتهريب والإرهاب والفساد وتجارة المخدرات  وإثارة الشغب لكن الادعاءات الكاذبة والضرائب الكلامية لم تقنع حتى الأطفال , ناهيك عن الساسة والمفكرين والعقلاء الذين يعلمون حقا وصدقا أنها مؤامرة جديدة على هذا الشعب الأبي  .
ولكنه القدر في تصريفه إذ  أن الأمور سرعان ما بدأت تتكشف وكما قيل رب رمية من غير رام
الموساد في ميدان المعارك

لا يزال جهاز الاستخبارات  الإسرائيلي "الموساد" يرسل عيونه ويمد اذرعه في كل مكان من دول العالم حتى الصديقة منها قبل العدو,  ينفق الأموال بسخاء على من يقدم له الخدمات من تجسس ومعلومات استخباراتية أو تنفيذ أعمال من شانها تقدم خدمات  لهذا الموساد في عقر دار الأعداء أو كما يسميها الموساد بلاد الأهداف .
وللموساد أساليب عدة في اصطياد العملاء منها المال والنساء والتجارة والمناصب والإعلام والدبلوماسية واشكالا وألوانا من المصائد تفصل على مقياس الشخص الذي وقع علية الاختيار .
ولا زلنا نسمع ونرى في  كل يوم عن فضائح وأعمال ومهمات ومشاريع وصفقات كان الموساد يقف من ورائها يدبر ويخطط ويمون, كل ذلك في سبيل أن تبقى إسرائيل سيدة الموقف والمتحكم بزمام الأمور , وعندما فشلت إسرائيل عسكريا وسياسيا وإعلاميا في حربها الأخيرة على غزة ومن قبلها لبنان وانكشاف شبكات التجسس فيها , كان على الموساد أن يعيد ترتيب أوراقه من جديد خصوصا وان إسرائيل كما يصرح قادتها يعدون العدة لحرب جديدة على لبنان وغزة وقد حصلت على أسلحة جديدة متطورة من الأمريكيين لهذا الغرض وفي الوقت ذاته تهدد أمريكا بحرب ضروس على إيران وبرنامجها النووي  .

أصل الحكاية

استشاط الوزير فاروق حسني غضبا عندما قدم احمد عز مشروع قانون لمجلس الشعب , حيث أن مشروع القانون يجيز تداول وتجارة الآثار داخل مصر الأمر الذي يعرض هذا المخزون الحضاري للسرقة والتهريب خارج مصر وعندها أعلن الوزير موقفه الرافض لهذا المشروع مهددا بالاستقالة ومهاجما احمد عز وثروته وعلاقاته .   
المهندس احمد عز (1959) : هو أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات في الحزب الحاكم وعضو مجلس الشعب وهو رئيس مجموعات شركات العز الصناعية التي تضم : شركة العز الدخيلة للصلب بالإسكندرية وشركة العز لصناعة حديد التسليح بمدينة السادات والعز لمسطحات الصلب في السويس ومصنع البركة في العاشر من رمضان وشركة سيراميك الجوهرة وشركة العز للتجارة الخارجية.
وتعد شركته اكبر منتج للحديد في العالم العربي وتقدر ثروته ب 10 مليارات دولار أمريكي  جمعها في 10 سنوات وكذلك وصوله لاماكن قيادية وسياسية بشكل سريع ودون تدرج مما أثار  حوله ألاف علامات الاستفهام في ظل عدم إجابته على التساؤلات والشكوك المثارة حوله ولا تسأله الدولة من أين لك هذا .
ويذكر الوزير فاروق حسني حسب ما نقلته وسائل الإعلام المختلفة على لسانه وجود علاقة صداقة بينه وبين السفارة الإسرائيلية في القاهرة وهذا الأمر يمكن أن يفسر موضوع الغناء السريع والوصول السياسي والإعلامي للمهندس احمد عز , إذا ما عرفنا أن الموساد يقوم في الكثير من الأحيان , إنشاء شركات وصفقات تجارية تمكن عميلها من العمل بحرية اكبر ونطاق أوسع وتفتح أمامه الأفاق والأبواب خصوصا إن الأعمال والأموال توأم السياسة ورجالها وهنا كانت الضربة الكبيرة للمهندس احمد عز الذي أصبح من المقربين للرئيس حسني مبارك من خلال صداقته لابنه جمال وتمويله الكامل لحملة الرئيس مبارك الانتخابية عام 2005 الأمر الذي أعطاه هذا البريق والتأثير على الرئيس وابنه فجاءت  ساعة الحسم  في اليوم الذي  دخل احمد عز على الرئيس مبارك وبيده خرائط لمنشات هندسية ببناء جدار فولاذي على حدود مصر مع غزة .
وهنا جاء تقاطع المصالح فاحمد عز يريد بناء الجدار لكي يبيع الحديد ويرفع أسعاره في مصر ويرضى عنه أسياده ويمدوه بالأموال والتسهيلات والصفقات وبمهام جديدة أخرى خصوصا  وأن العالم العربي تحديدا أصبح مرتعا وحمى مستباح للموساد .
 ويريد الإسرائيليون تضييق الخناق على غزة استعدادا للحرب القادمة وطرد حماس وفصائل المقاومة منها وتسليمها لمحمود عباس إضافة لنيتهم استعمال قنابل  ارتجاجية  جديدة - أمريكية الصنع - تصيب بالضرر ارض غزة وشعبها في حين ي يحمي الجدار الجانب المصري وتحمي معه  الرئيس مبارك من انتقادات الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي والعالمي ,  كذلك يريد نظام مبارك التخلص من حماس والقضاء على المد المقاوم بكل إشكاله وإضعافه محليا وعالميا وإعادة محمود عباس وزمرته وإرضاء السادة الأمريكان والإسرائيليين ومن سار في فلكهم وليتسنى له .
ولم كانت مصر مبارك ترحب بالمستثمرين ورجال الأعمال فقد وجد الموساد مبتغاه حاضرا جاهزا دون جهد أو عناء علما أن  مصر تستطيع  أن تستثمر في غزة وتربح الأموال الطائلة من خلال عملية اعمارها وأسواقها الاستهلاكية الضخمة  ولكن أبجديات الرئيس مبارك وابنه جمال وزمرة المنتفعين من حوله تقتضي غير ذلك .











المقاومة الإسلامية، من خيار شعبي إلى ضرورة وطنية


احمد الفلو – كاتب عربي 
      خمس وأربعون عاما ًضاعت من عمر القضية الفلسطينية ما بين عبث القيادات الفتحاوية ودجل زعامات اليسار التي جعلت من مهارة قادتها وإجادتهم فنون اللصوصية لأموال المساعدات العربية نبراسا ًشقَّ لها الطريق للتحكم بمقدرات قضية فلسطين أرضا ًوشعبا ً ، وقد ساعد تلك الزعامات في تسنّمها لمراكز قيادة منظمة التحرير منذ نشوءها حتى يومنا هذا ثلاثة عوامل رئيسة :
      -أولها النظام الرسمي العربي وتوقه للتخلص من عبء القضية الفلسطينية، خاصة ًوأن تلك الأنظمة العربية الثورية منها والمعتدلة تنظر إلى فلسطين على أنها همّ ثقيل يجب إزالته عن عواتقها لأنها كما يدَّعون من أكبر معوقات التنمية فكان للعرب ما أرادوا وأصبحت منظمة التحرير عام 1972م هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولم يكن ذلك سوى صفقة تم من خلالها تبادل المنافع حيث برَّأ النظام العربي الرسمي ذمته بتخليه عن القضية الفلسطينية مقابل تنصيب أولئك الطامحين لتبوُّء كراسي القيادة بعد إزاحة المرحوم أحمد الشقيري ومن معه وهكذا [خلا الميدان لحميدان] كي يغرف من أموال المساعدات دون حسيب ولا رقيب وصار ذلك عادة وأسلوبا ًفعّالا ً لمن أراد الثراء وجمع المال، وتداعى قادة اليسار لمغانم المنظمة ودولاراتها، وكانت النتيجة أن التنمية العربية لم تتحقق، و أن فلسطين لم تتحرر.
     - ثاني تلك العوامل كان عزوف العديد من الشخصيات الوطنية والإسلامية الفلسطينية عن العمل السياسي، إضافة إلى استبعاد قيادة منظمة التحرير للشرفاء والمخلصين من أبناء فلسطين وعلى الأخص القوى الإسلامية التي كان لها قصب السبق في قيادة النضال الوطني الفلسطيني منذ بدء الاستيطان اليهودي لفلسطين أي منذ بداية القرن المنصرم وعلى يد الشيوخ عز الدين القسام والجمجوم وحجازي، وفي الوقت الذي كان فيه الماركسيون الفلسطينيون بقيادة اليهودي الماركسي ماير زون يناضلون من أجل وحدة الطبقة العاملة الفلسطينية مع الطبقة العاملة اليهودية القادمة للاستيطان في فلسطين، وكان التيار القومي يعتبر قضية فلسطين قضية عربية تهم العرب جميعا ً، وبقيت قيادة منظمة التحرير تصرّ على إبقاء حركة حماس الإسلامية خارج المنظمة, بينما عين ياسر عرفات اليهودي الإسرائيلي يوري ديفيس عضوا في المجلي الوطني الفلسطيني عام 1984م، أما عام 2009م فقد ترشح اليهودي يوري ديفيس لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح خلال مؤتمر الحركة الأخير.
     - ثالث تلك العوامل وأخطرها بنظري ترافقت مع مجيء ياسر عرفات لقيادة فتح و منظمة التحرير وطرحه السياسي القائل بأن (القضية الفلسطينية هي قضية الشعب الفلسطيني)وما تبع ذلك من تجاهل لمكانة وأهمية القضية الفلسطينية في العالمين العربي والإسلامي، وكذلك طمس وإخفاء مستشعرات الخطر الصهيوني على الشعوب العربية والإسلامية، مما أدي إلى إضعاف مستوى التلاحم والتعاضد المنشود من أبناء الأمتين، وكانت المعالجات في هذا الشأن تقتصر على تحالفات انتقائية يقيمها ياسر عرفات مع هذا النظام أو ذاك وفق معيار واحد هو كمية المال الذي تضخه هذه الدول في ميزانية المنظمة ليتم بعد ذلك تسريب المال إلى أرصدة قادة المنظمة وفتح، ولم تكن تلك التحالفات مبنية على أساس سياسي قائم على الوعي المشترك مع الدول العربية والإسلامية بمخاطر الصهيونية العالمية.
      صحيح إن حركة فتح تريد دولة فلسطينية مستقلة، ولكنها تريدها دولة لفتح وليس دولة الشعب الفلسطيني، ولهذا السبب فإنها فشلت في ذلك منذ إعلان الدولة الفلسطينية على الورق عام 1988م ومرورا ًباتفاقات أوسلو 1993م وكان من الممكن إقامة هكذا دولة لو أنها اعتمدت على انتفاضة الشعب، و لرضخت الولايات المتحدة وإسرائيل لمطالب الشعب، لكن إدراك العدو الإسرائيلي بأن تلك المطالبة بالدولة هي مطلب فئوي قام بالأصل على قمع انتفاضة الشعب على يد العصابة الفتحاوية، و بالتالي فإن فتح ويسارها لا يمتلكان أي ورقة ضغط لها قيمة ولا أي تمثيل شعبي لها سوى مجموعة المتفرغين للأعمال المكتبية وردهات الوزارات الوهمية ومكاتب الجبهات والتنظيمات الذين لا عمل لهم سوى انتظار راتب آخر الشهر الذي يهطل عليهم من خلال مزراب المالية، ومعلوم أن أمثال هؤلاء لا يمكن أن يكتسبوا أي تقدير لا من الشعب الفلسطيني ولا من العدو الإسرائيلي.
       الآن وبعد كل هذا الانغماس في الرذيلة والنزول إلى مهاوي الانحطاط فإن سلطة مثل تلك لا يجمع بين أهلها سوى هواية جمع الدولارات والانبطاح بين أفخاذ العاهرات،فإنه لا داعي لبقاء هؤلاء لحظة واحدة في مواقع السلطة لأن شعب فلسطين في كل مكان لا يمكن أن يقبل بهكذا مهزلة ولا يرضى أن تكون سلطته سيفا ً مسلطا ً على رقاب المقاومين، و كان من المفترض أن يلقي شعبنا بهؤلاء في مكب النفايات منذ اللحظة التي تم القبض فيها على عناصرهم بينما كانوا يرشدون الموساد وسلاح الجو إلى مواقع المقاومين خلال حرب الفرقان المجيدة التي رفعت روؤس الفلسطينيين عاليا ً وخفضت رؤوس الصهاينة ورقاب عبيدهم في قصر المقاطعة.
        لقد أضحت الانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة على جيش الصهاينة الذي يحمي مجموعات الدعارة واللصوص في الضفة الغربية المحتلة نقول أصبحت تلك الانتفاضة الآن أكثر إلحاحا ًلإسقاط رموز العار والرذيلة القابعين في قصر عباس، ليس ذلك فحسب بل إننا لم نعد نطيق مشاهد زعماء الرذيلة الأوسلويين وهم يقبلون أيدي ووجنات ليفني وهيلاري ونتنياهو سارقي وطننا وقاتلي أطفالنا، ولم يعد شعبنا يطيق سلطة الدعارة التي تقتل المجاهدين وتعتقلهم وتعذبهم من أجل عيون إسرائيل، معركتنا هي معركة العروبة والإسلام ضد الصهيونية.

انفلونزا الخفافيش في الإنترنت


بقلم توفيق أبو شومر
إذا كان القرن الثامن عشر وما قبلها من القرون  تتصف بأنها قرون المجازر الدموية والصراعات المذهبية والعرقية والدينية ، وإذا كان القرن التاسع عشر هو قرن الآداب والفنون والصناعات ، وإذا كان القرن العشرون هو قرن الحروب العالمية والصراعات الحزبية والأيدلوجية، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن شبكة الإنترنت وسطوة المعلوماتية .
إن ما يكتب في كثير من صحافة الإنترنت هو مجزرة حقيقية ، يتم فيها ذبح المبدعين والمفكرين  وإعداد سندوتشات من لحومهم !
إنها الحقيقة المرة التي يجب الاعتراف بها ، فقد تغيرت صورة ريشات وأقلام الكتاب والمبدعين من منارات للهداية والإرشاد لتصبح كريش الطيور الذابل تذروه شبكة الإنترنت في كل مكان . فمن لا يكتب، يسرق ، ومن لا يسرق، يقبس من غيره ، ومن لا يوفق في السرقة والاقتباس، فإنه يكتب جملا عربية عضلية قد تكون صحيحة نحويا ولغويا ، ولكنها خاوية على عروشها  !
وغصّت الشبكة  بالحروف والمفردات والجمل ، لدرجة أنها أصبحت ألدّ أعداء التثقيف في الشبكة ، وتحولت معظم الشبكة من ناشرة ثقافات ، إلى موزعة جهالات تنشر الخرافات والأباطيل وحجابات الأدعية وتمائم الحصول على الوظائف للعاطلين ، وقد أشرت في مقال سابق إلى تلك الظاهرة وأسميتها (تخريفولوجيا) الألفية الثالثة ، كل ذلك بفعل خبيصة كتاب الإنترنت ، ومجزرة ذبح الثقافات !
فغدا تكوين بلوغات ومواقع إلكترونية يشبه لعبة الورق كالطرنيب أو الباصرة أو الهندرمي ، يمكن لشاب أو طفل أن يؤسس له ولأسرته ولأفكاره منتجعا صيفيا في مواقع السياحة الإلكترونية ، ويمكنه أيضا أن يجد لنفسه مشتى دافئا في شاليهات المواقع الكبيرة الفارهة !
هذا إذا كان مبتدئا ، أما إذا كان متمرسا في سياحة الشبكة وخبيرا بمواقعها  وعالما بوسائلها فإنه يتحول إلى سمسار عقارات في الشبكة ، أو مقاول بناء شبكات ، أو سارقا مؤهلا مروجا لفن السرقات !
ومن يعجز أن يكون له موقع فيها أو أن يكون خبيرا وسمسارا وكاتبا ، فإنه يعتلق بأذيالها ويعمل ساعي بريد يحمل على كتفه شنطة البريد المغلقة المجهولة الهوية ويملأها بالتخاريف ويوزعها على عشرات آلاف العناوين حتى بدون استشارة مَن يصلهم البريد، وبدون أن يقرأها حاملها ، فيقوم بتوزيع الأحجبة والتمائم والرُّقى  ليحشو الشبكة باسمه واسم عائلته حتى ولو كان ثمن ذلك نشر الجهالات والخرافات .
وتحولت أكثر مواقع الشبكة من فكرة لخدمة مبدأ التواصل إلى  طريقة جديدة من طرق الإدمان ، فهي تروج أخطر أنواع الإدمان والتي لا يمكن مقارنتها بالإدمان على المخدرات، لأنها أشد خطرا ، فالمدمن على المخدرات فردٌ مريضٌ في نظر مجتمعه، أما المدمن على الشبكة فهو فردٌ محسوب ولكنه مسلوبٌ بدون أن يشعر !
فقد أصبحت مواقع كثيرة في  الشبكة  من أكبر مروجات الإدمان على الهلوسات بكل أشكالها ، هلوسات فكرية تصل إلى حد تعليم الصبيان أفضل الطرق للانتحار ووسائل صنع مواد متفجرة وحارقة  ومذيبة .
ونشرت هذه المواقع  (حبوبا) للتخلص من  الوعي والفكر ، ونشرت الاستسلام لأفكار المتطرفين ممن يروجون بأن عالم اليوم ليس سوى قسمين فقط ، الخير الذي يمثلونه هم ، والشر وهو كل ما عداهم ، وليس هناك مخرج سوى تطهير العالم من النصف النقيض ، ويشرحون وسائل التخلص من هذا النقيض بالقتل والذبح والتفجير والعنف، حتى باستخدام المناشير الكهربية !
وروج سمسارة الشبكة ودهاقنتها وعرابوها ومبتدعوها أخطر جرعات الإدمان ، وهو عزل الفرد عن المجموع ، وجعله يظن بأنه هو الجميع وليس هناك أحد خارجه، فهو مستغنٍ عن غيره ، يمكنه بناء علاقات متعددة الأغراض والأشكال مع آلاف مرتادي الشبكة (حقيقيين ووهميين) ، وهكذا استولت الشبكة الوهمية على عقول الأبناء وجعلتهم أبناء الألعاب الإلكترونية ، وأبناء المواقع والبلوغات ،
واستولت كثيرٌ من مواقع الشبكة على أجيال المستقبل وجعلتهم ينفصلون عن مدارسهم التقليدية العاجزة عن إشباع رغباتهم ، ودفعتهم للتمرد على مدرسيهم العاجزين عن اللحاق بالتكنولوجيا  الرقمية ، وأصبحوا يتناولون جرعات المعلومات الحقيقية من الشبكة، وليس من مدارسهم !
فقد سمعت طفلين لم يتجاوزا العاشرة من العمر يتبادلان هذا المزاح :
الأول : هاردسكك ضارب
الثاني: أنت سبام
الأول: أنت  تراش وبيتك جنك
الثاني : أنتم هاكرز
الأول : اسكت فأنت من عائلة فايروسات !
وفي ظل هذه البلوى تمكن مالكو الشبكة ومؤسسوها وأباطرتها من إنامة مدمني الشبكة والاستيلاء على ثرواتهم بواسطة  بيعهم (مساحات هوائية ) من (الشبكة الأثيرية) في صورة (بودرة) إعلانات  و(حبوب) جهالات، (وإبر) وريدية مهيجة ، ويبدأ مالكو الشبكات وناشرو الإدمان في جذب المريدين والأتباع من مدمني الشبكة بوسائل عديدة؛
أولها استدراجهم إلى الفخ الإدماني بعرض (طعوم) من لقطات مسروقاتهم من الشبكة ووضعها كأفخاخ أمامهم، في لوحة إعلاناتهم على الشبكة ، ثم يقتادونهم إلى الشرك الكبير منومين فيدخلون( أوكار الإدمان) السوداء ، وما أن ينتسبوا ويقدموا المعلومات المطلوبة، حتى يحسبوا ضمن جيش المدمنين على الشبكة ويتحولوا أرقاما من أرقام فرائس الإدمان !
وهكذا يتحولون من أفراد منتجين في مجتمعهم محسوبين عليه إلى مجرد (كلكات) أي أصابع تنقر مفاتيح الشبكة  وتحسب أصابعهم ضمن (قطيع الإعلانات) ، ومدمني ( النقر) بعد أن يتخلوا عن انتمائهم إلى محيطهم الجسدي !
ولا يهتم قبضايات الشبكة إلا بعدد زوار مواقعهم ، لذلك فهم يعمدون لجذب أعداد كبيرة ، بوسائل عديدة خطيرة، أبرزها سرقة الإبداعات ، فيقومون بالسرقة في وضح النهار ، يقتبسون بدون حسيب أو رقيب ، بعضهم يقتبس ولا ينسب الاقتباس إلى صاحبه وينشره في ضيعته الخاصة أو في مساحته الأثيرية في الشبكة ليصبح الاقتباس من ممتلكاته ، ويقوم بعض السارقين الآخرين بكتابة اسم صاحب الجهد بخط صغير وفي زاوية بعيدة لا يمكن ملاحظته بسهولة .
فقد تابعت بعض ما كتبته أنا في الصحف الإلكترونية ، فوجدتُ أن بعض الصحف والمواقع المحترمة وهي قليلة تنشره كما أرسله ولا تمحو التحذير المرفق بمنع النشر إلا بذكر المصدر ، وهناك مواقع كثيرة أخرى من فئة (مافيا) الشبكة تقوم بنشره بعد أن تجرده من اسم كاتبه ومن التحذير المرفق .
وهناك مواقع أخرى كثيرة تقوم بما هو أسوأ من ذلك، تقوم بتشويهه وتغيير مفردات كثيرة فيه وتنسبه إلى نفسها باعتباره جهدا من جهودها .
وتابعتُ منذ مدة إحدى المنسوبات للصحافة ، ممن التحقن بالصحافة بوصفها أسهل الطرق للحصول على المال والحظوة، فهي تقوم بتغيير جُمل من الترجمة التي أرسلها أنا من الصحف العبرية وتنسبها إلى جهدها ، ثم ترسلها إلى الصحيفة التي تعمل لحسابها وتتقاضى نظير ذلك مبلغا من المال، فهي تقوم ببيع جهدي وتسويقه في سوق الإنترنت السوداء، وتحصل به على المال !
إذن فإن الشبكة تعتبر بتصميمها الحالي عقبة  في تطبيق حقوق النشر وقوانين الملكيات الفكرية ، لأنها تساهم في نشر رذيلة السرقات، وينبغي أن تقوم المنظمات الحقوقية والجمعيات والهيئات بثورة على نظام الشبكة لغرض إجبارها على الالتزام بتوقيع أصحاب المساحات المنضمين للشبكة على قوانين تفرض عليهم الالتزام بقانون حفظ حقوق الملكيات الفكرية ،ويجب ألا تكتفي شركات بيع الأثير والهواء  بالتوقع على إقرار مكتوب بهذا الخصوص يشبه مواثيق الشرف الصحفية في بلد ليس فيه قانون، ويندر أن يقوم إقطاعيو الشبكة بمعاقبة المواقع التي لا تلتزم بالقانون .
فما أكثر المواقع الإلكترونية التي تقوم أساسا على سرقة برامج الكمبيوتر ، وتتولى توزيعها مجانا على مرتادي مواقعها لهدف ضمهم إلى فريق مشجعيها وناقري إعلاناتها بأصابعهم !
ومن أخطر الممارسات في أسواق الإنترنت السوداء ، وفي خبيصة مواقع الصحف الإلكترونية ، ظاهرة استسهال الكتابة الإلكترونية في كثير من الصحف للأتباع والمريدين  من مستأجري المساحات الأثيرية،، وهذا الغث والسيل الكبير من المقالات ، يبدو في نظر خبراء علم النفس شيئا رائعا لأنه يخفف الاحتقان النفسي ويفرج الكرب، ويساعد رجال المخابرات في جمع المعلومات عن المجتمعات غير أن خطورته تكمن في أن هذا الكم الهائل من كتاب الرأي يعوّق وصول الباحثين والدارسين وطالبي المعلومات، إلى المبدعين في وقت قصير من خلال صفحات الشبكة ، ويجعل المعلومات المهمة المفيدة ملقاة كقطعة من الدُّرر والجواهر في منحدر شلالات الإنترنت الصاخبة ! فهي تحتاج إلى غطَّاسين بارعين  مجازفين، نسبة فشلهم في الحصول على الجواهر أكبر بكثير من نسبة نجاحهم  !
لقد غدت الشبكة بركانا ثائرا، لا يبدو بأنه سيخمد يوما ، يكتسح في طريقه كل الممتلكات والعقارات الأثيرية السابقة بغض النظر عن جمال بنائها وتصميمها، ويبدو بأن العالم كله قد استسلم لهذا الواقع المرير ، وغدا عاجزا  عن تحديد مسارها ، وكفَّ عن محاولاته إقامة سدودٍ تحمي ما تبقى من معالم القيم التاريخية والثقافية .
وهذا السيل البركاني الجارف الحارق ، صحيحٌ بأنه يحملُ تربة جديدة، ، إلا أنه حارقٌ خارق للنباتات الغضة الطرية من الأجيال الصاعدة وبخاصة إذا لم تتمكن المجتمعات من وضع قوالب لصياغة تلك الأجيال ، التي تحولت بالفعل  إلى قنابل وشحنات جاهزة للتفجير !
والغريب  أن العالم مشغولٌ بمناقشة قضية بيئية خطيرة وهي  (خرق طبقة الأوزون) بفعل انبعاث الغازات الضارة، وتعقد الاجتماعات لهذا الغرض من قبل رؤساء الدول الكبرى ولم يفكر هؤلاء الرؤساء في مناقشة خرق طبقة الأوزون الثقافية الناتج عن غازات الإنترنت السامة الأكثر خطرا على جنسنا البشري من غاز ثاني أكسيد الكربون   !
وتُنظّم أيضا الندوات لمناقشة انهيار النظام المالي الرأسمالي ، وتُعقد الورشات في كل أنحاء العالم لدراسة طرق التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية والمالية ، على مستوى الرؤساء والوزراء،  ويغفلون في الوقت نفسه عقد مؤتمر دولي كبير لمناقشة أخطار انهيار القيم الأخلاقية والثقافية ، بفعل عثرات شبكة الإنترنت.
وتزدهر كذلك الندوات المخملية التي تتحدث عن منظومة الحقوق المختلفة كحق الأطفال والنساء والشواذ والأقليات، ولا تعقد مؤتمرات وندوات بهذا الكم لمناقشة حقوق التأليف والنشر والاقتباس والملكيات الفكرية والثقافية والأدبية .
وأخيرا انشغل العالم بفايروس إنفلونزا الخنازير، وأعلن العالم كله حالة الطوارئ لمواجهة هذا الوباء ، وتناسوا وباء مواقع الإنترنت التي توزع الجهالات وتنشر إنفلونزا (الخفافيش) الناشرة للغباء والجهالة ، مع أن فايروس الخفاش هذا أسرع انتشارا  من مرض إنفلونزا الخنازير والطيور   !
مع تأكيدنا بأن هناك مواقع ثقافية كثيرة رائعة في شبكة الإنترنت تستحق أن يُشاد بها وأن يُكرَّم مؤسسوها والعاملون فيها وأن يُقدم لها العون المادي والمعنوي من الدول والمؤسسات والهيئات لتتمكن من مواصلة نشاطها الثقافي، لتتمكن هذه المواقع الثقافية من التصدي لمافيا الإنترنت فتطيح بالهرطقة التي تبثها المواقع الرخيصة ، وهذه  المواقع المحترمة هي  من أهم وسائل تصحيح مسار الشبكة  !

اتهامات فهمي شبانه وكل هذا الضجيج!!


رشيد شاهين

خلال الأيام القليلة الماضية انشغل الكل الفلسطيني بما صرح به السيد فهمي شبانه التميمي، وما وجهه من اتهامات للسلطة الفلسطينية وبعض الشخصيات الفلسطينية بالفساد سواء كان المالي أو الأخلاقي على حد تعبيره.
 ما قام به السيد شبانه يذكرنا بما كان يجري خلال الحقبة السوفييتية ووجود الاتحاد السوفييتي، عندما كان احد ما من دبلوماسيي تلك الدولة أو احد ضباط مخابراتها أو احد أعضاء الحزب الشيوعي حين ذاك، يهرب إلى الغرب، وهذا ينطبق أيضا على من كانوا من دول المنظومة السوفييتية، حيث ما إن يقوم احدهم باللجوء إلى الغرب حتى تتلقفه وسائل الإعلام الغربية بشكل لافت، لتنقل عنه كل شاردة وواردة، ولم تكن لتتردد عن التهويل أو حتى التزوير والتلفيق، ورسم الصور بالطريقة التي تراها مناسبة لتوجهات الدول الغربية في محاولة منها لتشويه كل ما يمكن من الصورة في الدول الاشتراكية لتبرز تلك الدول على أسوا صورها. وهذا ينطبق بطريقة أو بأخرى على العراق عندما كان في "عز عداوته" مع الغرب خلال الفترة التي تلت قيام الحرب الكونية الأولى عليه في العام 1991.
 لسنا هنا للدفاع عن السلطة وإدانة موقف السيد شبانه، كذلك فإننا لسنا بصدد تبنى موقفه وإدانة السلطة، لان هذا ليس ما نعتقد بأنه دورنا، فالرجل عندما قام بما قام به، لديه ما يقول انها أسبابه وبراهينه، كذلك فان لدى السلطة رجالاتها الذين لديهم القدرة للدفاع عنها، وقد لاحظنا ان هؤلاء انبروا دفاعا عنها منذ اللحظة الأولى التي أثير فيها الموضوع.
 خلال الفترة القريبة الماضية، كان هناك أكثر من قضية يمكن وصفها "بالكبيرة"، ويمكن في هذا المجال ان نذكّر بقضية تهريب الهواتف الخلوية التي تم ضبطها في سيارة السيد روحي فتوح، بما يمثله من رمز معنوي، وتبع ذلك اتهامات خطيرة وجهها السيد فاروق القدومي للسيد عباس، ثم برزت قضية أو تقرير غولدستون، التي أثارت من الجدل الكثير، ليس على المستوى المحلي فقط، لا بل وعلى المستوى العربي والإسلامي والدولي ونعتقد بان النتائج كانت معروفة في جميع الحالات.
 الحقيقة هي ان الفساد وسوء استخدام السلطة بكل أنواعه يوجد في كل دول العالم، وكذلك الفضائح الجنسية التي ما ان ينقضي أسبوع أو أكثر أو اقل إلا ونسمع عن ان هذه الشخصية أو تلك قد تورطت بها، وقد يكون رئيس وزراء ايطاليا السيد برلسكوني آخر من ذكرت التقارير انه متورط في الكثير منها، ويمكن هنا ان نذكّر بقضية كلينتون- لوينسكي، وكذلك رئيس دولة كيان الاحتلال وفضائحه الجنسية وما ترتب عليها من تركه لمنصبه، هذا فيما يتعلق بموضوع الفضائح الجنسية أو الأخلاقية. أما فيما يتعلق بالفضائح المالية وقضايا الاختلاس والرشوة وغيرها من قضايا الفساد المالي فيمكن أن نذكّر بكل الفساد الموجود في العراق بحيث أصبح يصنف من بين الدول الأكثر فسادا في العالم بفضل قادته الجدد، وكذلك يمكن أن نذكّر هنا أيضا بقضية رئيس الوزراء السابق في دولة الاحتلال اولمرت، هذه كانت قضايا على سبيل المثال لا الحصر.
 الوضع في السلطة الفلسطينية ليس استثنائيا، وهو بالضرورة ليس فريدا من نوعه في العالم، المشكلة في السلطة الفلسطينية وفي معظم ان لم يكن في جميع دول العالم الثالث، هي في ان أحدا لا يريد ان يتحدث عما يحدث من خلل في مثل هذه الدول، والمشكلة هي في محاولات التعاطي مع هذه القضايا بكثير من الحساسية، لا بل بحساسية مفرطة، حيث ان اتهام احد ما بالتورط في قضية فساد، بغض النظر عن نوعية هذا الفساد، يعتبر تعديا على جميع الخطوط الحمراء، ويتم التعاطي مع الأشخاص والهيئات بقدسية عالية يمنع على أي كان بتجاوز هذه الحدود، ويمنع التعامل مع مثل هذه القضايا بشفافية حتى لا نقول او نطالب بشفافية عالية، وهذا في الحقيقة احد  الأسباب في بقاء الأمور بدون إيضاح أو حسم، وهو أيضا قد يكون السبب في بقاء المسائل معلقة بشكل غير مفهوم، وتبقى  مثل هذه القضايا" متسمة" بضبابية عالية، بحيث إذا ما أثير موضوع او مشكلة او "فضيحة" ما من جديد، يكثر اللغو ويزداد اللغط، وتستمر التفسيرات وتضيع الحقيقة.
 إن من يستمع إلى الحديث الدائر في الشارع الفلسطيني سوف يعلم هول الصدمة التي يشعر بها هؤلاء الذين يتداولون هذا الأمر، بعلم أو بجهالة، هنالك إحساس لدى الكثير من الناس بان الأوضاع ليست بخير، هماك من يشهر ويتهم، وهناك من يغطي ويدافع، وهناك من يفسر، وهناك من يبالغ ويسهب في الشرح والتفسير، وهناك من يقلل من شان الموضوع، لكن وبالمقابل هنالك من يحاول استثمار القضية ليروج ما يريد من الأفكار والآراء، كل هذا لم يأت هكذا من العدم، لا بل هو النتيجة الطبيعية للطريقة التي يتم التعامل معها مع الكثير من القضايا الحساسة أو "الكبيرة" وهي الطريقة التي تمت الإشارة إليها أعلاه، تدليس و"طبطبة" وتبويس لحى، وتوكلنا على الله، و" بسيطة" ...الخ.   
 ما أثاره السيد شبانه قد يكون صحيحا وقد لا يكون كذلك، لكن ان نضع رؤوسنا في الرمال وننبري في إدانة الرجل او الدفاع عنه فهذا ليس هو الحل وهي ليست الطريقة التي يمكن التعامل بها مع مثل هذه القضايا، الرجل أثار قضية مهمة، ووجه اتهامات خطيرة، لا بل غاية في الخطورة، وبالتالي فان الجميع أمام مشكلة يجب التوقف أمامها، والنظر بها، ان عدم التعامل معها او إهمالها او التعاطي معها بدون اهتمام إنما يدلل على ان هنالك مشكلة في ثقافتنا وبنيتنا، ولا يجوز الاستمرار في التعامل مع مثل هذه الإشكالات وكأن شيئا لم يكن، لأننا لا نعتقد بان هذا هو الحل. كما ان تناول القضايا بهذا الشكل " الزائد عن اللزوم" من الحساسية، إنما هو السبب في ان يجعل "الآخر"، بغض النظر عمن يكون هذا الآخر، "يلوك" الموضوع ويفسره ويجيره بالطريقة التي يرى ويرغب.
 ان يأخذ البعض على الرجل انه لجأ إلى وسائل الإعلام "المعادية" من اجل ان يقول ما قال، وان يعلن ما أعلن، وانه كان عليه ان يلجأ إلى طرق أخرى او وسائل إعلام أخرى، هذا لن يغير من الحقيقة في شيء، حيث ان هنالك اتهامات خطيرة، وهو يهدد بكشف المزيد مما لديه من أوراق فيها ما يقول انه أسوأ بكثير مما سمعه العالم، ومن هنا فانه لا بد من التعاطي مع ما يقوله بروح من المسؤولية اكبر، ولا بد من جهة ما تتحرك من اجل الوصول إلى الحقيقة.
 كغيرها في هذا العالم، السلطة الفلسطينية لديها قانون، انها مثلها مثل أي كيان في هذا الكون، والقانون فيها لا يختلف عنه في ايطاليا أو في دولة الاحتلال، ينص على عقوبات ومحاسبة من يرتكب جريمة ما، المشكلة في دول العالم الثالث كما هو حال السلطة الفلسطينية، هي في عدم تفعيل دور هذا القانون بالشكل الذي يجب ان يفعل، فعندما يتم توجيه اتهامات "باطلة أو حقيقية" كتلك التي وجهها السيد شبانه فانه يجب اللجوء إلى القانون، ويجب التحقيق في تلك الاتهامات، فإذا ما ثبتت صحتها، فانه يجب ان يدان كل من تورط بها، وأما إذا ثبت عكس ذلك، فلا بد عندئذ من محاسبة السيد شبانه وتحميله مسؤولية مثل هذه الاتهامات، أما ان تبقى الأمور "معومة" بالشكل الذي نراه، وان يتم النظر إلى ما قاله على انه مجرد محاولات لتشويه الموقف الوطني للسلطة الفلسطينية ومواقف الرئيس الفلسطيني، فهذا لا يكفي. يجب اتخاذ موقف واضح لا لبس فيه، ويجب التحرك من اجل وضع للعقلية التي سادت خلال الحقبة الماضية، التي لا زالت تسهم في مزيد من الانحدار نحو الهاوية التي تأخذ في طريقها كل شيء، وضيعت الوطن والمواطن الذي لم يعد يميز بين " الصالح من الطالح".

14-2-2010


حماس والدور الروسي المنشود


د. مصطفى يوسف اللداوي
كاتبٌ وباحث فلسطيني
لا شك أن حركة حماس قد استفادت كثيراً من زياراتها الثلاثة إلى موسكو، واستطاعت أن تخترق الحصار الأمريكي والأوروبي المفروض عليها، وأن تؤسس لانفتاحٍ أوروبي ودولي جديد، فروسيا دولةٌ قوية، وتتمتع بحق النقض الدولي الفيتو، وهي أحد أطراف الرباعية الدولية، التي تحاول أن تفرض على حركة حماس شروطاً قاسية، وقد نجحت حركة حماس في توظيف هذه الزيارات ضمن جملة الانجازات الكبيرة التي تمكنت في السنوات الأخيرة التي تلت انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني من تحقيقها، وقد أحدثت الزيارة وقعاً كبيراً على المجتمع الدولي، وتسببت في ردودِ فعلٍ دولية مختلفة، إذ أبدت بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية اعتراضها على الزيارة، ولم تتحرج في توجيه اللوم إلى الكرملين، وقد تمنت على القيادة الروسية إلغاء الزيارة، وعدم الترحيب بقيادة حماس في موسكو، كما بذلت الدبلوماسية الإسرائيلية جهوداً كبيراً في ثني القيادة الروسية عن استقبالها لقيادة حركة حماس، وأبلغت موسكو انزعاجها الشديد لقيامها باستقبال قادة حركة حماس، وطالبتها إن لم تقم بإلغاء الزيارة أن تخفض من مستوى الاستقبال واللقاء، وكانت حركة حماس تدرك حجم الاعتراضات الدولية على قيامها بزيارة موسكو، وقد علمت أن السلطة الفلسطينية اعترضت بدورها، وطالبت روسيا بإلغاء الزيارة، وكانت من قبل قد نجحت في إقناع القيادة الروسية بتخفيض مستوى علاقاتها بحركة حماس، ولكن القيادة الروسية التي تتطلع إلى دورٍ محوري في عملية السلام، وتسعى للعودة إلى الشرق الأوسط ومناطق نفوذها القديمة، تصر على عدم الالتزام بالتعليمات والتوجهات السياسية الأمريكية، وترفض الوصف الأمريكي لحركة حماس بأنها إسلامية أصولية إرهابية، وتصر على أنها حركة سياسية تمثل قطاعاً كبيراً من أبناء الشعب الفلسطيني، وأنه لا يمكن تجاوز دورها وفعلها وأثرها في الشارع الفلسطيني، كما لا يمكن للمجتمع الدولي أن ينكر فوزها الحاسم في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.
 ولعل حركة حماس في ظل الحصار الدولي المفروض عليها، في حاجةٍ إلى صوتٍ دولي كبير يدافع عنها، وينفي عنها صفة الإرهاب، ويشرع وجودها ودورها في المجتمع الفلسطيني، فإذا تصدرت روسيا للدفاع عن حركة حماس، فإن وقعه وأثره على المجتمع الدولي سيكون كبيراً، خاصة أن الكرملين يطالب المجتمع الدولي بضرورة دمج حركة حماس في العملية السياسية، ويحذره من مغبة وعواقب استبعاد حركة حماس، معتبراً أن استبعاد حركة حماس هو المشكلة، وليست المشكلة في وجود وفعالية حماس نفسها، ولعل حركة حماس تريد أن يفهم الغرب من خلال روسيا أنها حركة سياسية في المقام الأول، وإن كان الدين جزءاً أساسياً من أيديولوجيتها، إلا أن لها خطاباً سياسياً مستنيراً، ورؤىً وبرامج سياسية واقعية ومنطقية، وأنها ليست حركة إسلامية أصولية متشددة ومنغلقة على ذاتها، بل هي حركة سياسية منفتحة وقادرة على الحوار، وبناء التحالفات، وتجاوز المنعطفات السياسية.
وحركة حماس ترفض أن يتعامل معها المجتمع الدولي بأنها حركة مارقة، وأنها لا تمثل قطاعاً واسعاً من الشعب الفلسطيني، وترفض أيضاً أن تحسب على تيارٍ عربي أو إسلامي بعينه، ولهذا تصر قيادتها على القيام بجولاتٍ عربية وإسلامية واسعة الطيف، إلا أن زيارتها إلى روسيا تختلف، إذ تعتبر خرقاً حقيقياً في جدار الحصار الدولي المفروض عليها، وتخفف كثيراً من حدة الحصار المضروب عليها وعلى قطاع غزة، وترى أن موسكو قادرة على بذل جهودها الدولية لرفع الحصار المفروض على سكان قطاع غزة، والتخفيف من المعاناة الكبيرة التي يعانيها السكان، وتتطلع حركة حماس إلى أن تقوم روسيا بتشجيع دول الاتحاد الأوروبي المترددة لفتح علاقات مباشرة معها، وتقنعها أن الانفتاح على حركة حماس يخدم كثيراً الاستقرار في المجتمع الدولي، وأن إقصاءها وفرض الحصار عليها، وإنكار دورها وجمهورها، ينعكس سلباً على العملية السياسية، ولا يخدم الأجندة الأوروبية المنساقة وراء التوجيهات والتعليمات الأمريكية، وتتطلع حماس إلى قيام روسيا بالتخفيف من شروط الرباعية الدولية، التي تحول شروطها دون رفع الحصار المفروض عليها وعلى أهل غزة، والتي تقف حجر عثرة أمام مسيرة الحوار الوطني الفلسطيني، حيث تضع السلطة الفلسطينية أمام حماس شرط الاعتراف بشروط الرباعية لإتمام المصالحة الداخلية الفلسطينية، ولكن حماس ترى أن بإمكان روسيا أن تتمم دور مصر، وأن تمارس ضغوطاً على السلطة الفلسطينية، وأن تزيل العقبات التي تعترض الحوار، خاصةً تلك المتعلقة بشروط الرباعية، وقد تنجح روسيا فيما عجز عن فعله دولٌ عربية وإسلامية.
ولعل حركة حماس تطمح في الحصول من روسيا إلى جانب الدعم السياسي، على دعمٍ مالي لها، أو للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، ولعل خطوةً روسية بهذا الاتجاه تدفع الكثير من الدول العربية وغيرها، إلى تقديم المساعدات المادية المباشرة إلى حركة حماس، وإلى القيام بمشاريع اقتصادية في قطاع غزة لتحسين أوضاع السكان الاقتصادية والاجتماعية، والتي تدهورت كثيراً بفعل الحصار والعدوان الإسرائيلي الأخير عليه.
ومع أن حركة حماس قد نجحت كثيراً في توظيف زيارتها الأخيرة والزيارات التي سبقت، إلا أن موسكو تستفيد كثيراً من الانفتاح على حركة حماس، فهي تريد العودة بفعالية إلى منطقة الشرق الأوسط من خلال حركة حماس الفاعلة والمؤثرة في مجمل العملية السلمية، والمؤثرة كثيراً في تشكيل العلاقات الدولية، والتي لا يستطيع لاعبٌ دولي أن يتجاوزها، حيث تريد روسيا من المجتمع الدولي أن يدرك مدى تأثير الكرملين على حركة حماس، وأن في مقدور روسيا أن تكون جسراً بين حماس ودول أوروبا، وأن تلعب دور الوساطة بينها وبين حركة حماس، وهذا الأمر من شأنه أن يشكل نجاحاً للدبلوماسية والسياسة الروسية المنفتحة في مواجهة سياسة العزل الأمريكية، وهذا يعني أن أي محاولة لإعادة تشكيل العلاقات الدولية يجب ألا تتم بمنأى عن روسيا، التي باتت ترفض نظام القطب الواحد، وترفض تفرد الولايات المتحدة الأمريكية في رسم خارطة السياسات الدولية، وتتطلع إلى عودة التوازن العالمي من خلال نظام الثنائية القطبية، أو نظام تعدد الأقطاب.
ولعل روسيا ترغب من انفتاحها على حركة حماس، أن ترد على إسرائيل التي تآمرت عليها في حربها الأخيرة في جورجيا، والتي تسببت كثيراً في تدهور العلاقات الروسية الإسرائيلية، والتي لم تتحسن حتى بعد فوز اليميني الروسي الأصل أفيغودور ليبرمان، والذي استطاع أن يحصد أصوات اليهود الروس في إسرائيل.
ولا شك أن روسيا تسعى من خلال علاقةٍ مميزة مع حركة حماس، إلى تعديل صورتها لدى العالمين العربي والإسلامي، التي تشوهت كثيراً بفعل حربها في الشيشان، فروسيا تعرف تماماً مكانة حركة حماس لدى العالمين العربي والإسلامي، وأنها تحوز على حب وثقة العرب والمسلمين في كل مكان، وأن أي علاقةٍ لها إيجابية مع حركة حماس، فإنها ستنعكس عليها إيجاباً فيما يتعلق بمشاكلها الداخلية، فحماس تتمتع بمانةٍ ورمزية عالية لدى مختلف الحركات الإسلامية في العالم.
ولعل الملف الداخلي الفلسطيني هو أكثر ما كان يقلق القيادة الروسية، التي تبدي حرصاً كبيراً على ضرورة إتمام المصالحة الفلسطينية، وإن كانت تحرص على تعزيز دور وقوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي تربطه بروسيا علاقاتٍ شخصية قديمة ووثيقة، وقد لاحظت موسكو أن مصر والوسطاء العرب الآخرين قد عجزوا عن التوصل إلى صيغة تفاهم مشتركة بين حركتي حماس وفتح، لذا فإنها واعتماداً منها على علاقاتها التاريخية بحركة فتح، فقد رأت أنها تستطيع أن ترأب الصدع بين الطرفين، خاصةً أن لحركة حماس رغبة كبيرة في استثمار علاقاتها بروسيا، واستخدامها نقطة انطلاق وعبور نحو علاقاتٍ دولية أخرى، تساهم في رفع وفك العزلة المفروضة عليها، الأمر الذي يوفر لجهودها ووساطتها حظوظاً كبيرة من النجاح.
ولكن يبدو أنه من المستبعد أن تقوم روسيا بمحاولة فرض شروط الرباعية على حركة حماس، رغم أنها لن تنجح في ذلك لو حاولت، كما أنها لن تطلب من حركة حماس الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، كونها تدرك تماماً أن حركة حماس لن تقدم على هذه الخطوة، علماً أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن فشلت في ثني الكرملين عن استقباله قيادة حركة حماس، قد طلبت من روسيا أن تقوم بهذه المهمة، وأن تحاول أن تفرض على حركة حماس شروط الرباعية الدولية، والتي تعني اعترافاً بالدولة العبرية، وأن تطالبها بنبذ العنف، والاعتراف بمجمل الاتفاقيات الدولية.
ترى هل تتمكن حركة حماس من بناء تحالفٍ قوي من روسيا، يهدد علاقات إسرائيل بروسيا، ويفرض على المجتمع الدولي ضرورة الاعتراف بحركة حماس وشريعة مقاومتها، والتسليم بدورها وثقلها في الشارع الفلسطيني، وهي التي تتكئ إلى جدارٍ مكين من التأييد الشعبي العربي والإسلامي، فضلاً عن التأييد الشعبي الفلسطيني لها في الوطن والشتات، وهل ستقوم روسيا بمحاولة شطب صفة الإرهاب عن حركة حماس، التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إلصاقها بها، وهل تنجح حركة حماس في اقناع روسيا ببرنامجها السياسي، كمقدمة لترويجه وتمريره لدى الدول الأوروبية، وأنها ستتمكن من بدء جولة زياراتٍ دولية، أم أن روسيا ستتمكن من تليين مواقف حماس، وصبغ برامجها السياسية بالبراغماتية والواقعية، وإضفاء بعض المرونة عليها، وأنها ستنجح في جرها إلى مربع "الشرعية الدولية"، والذي يعني التسليم بشروط الرباعية، والاعتراف بشرعية الدولة العبرية.

لشبونة في 13/2/2010

حيثيات السراح الشرطي الذي أُلزمت به


زهير مخلوف
خرجت بسراح غريب الاطوار و الحيثيات فقد استدعاني نائب مدير سجن المسعدين يوم الإربعاْء يوم صدور الحكم النهائي وذلك على الساعة الواحدة مساء ليعلمني بالحكم وإمكانية الخروج فورا وذلك بعد كتابة مطلب بسيط في السراح الشرطي .ولكني رفضت بكل شدّة كتابة المطلب ولما رأى مني شدّة وتوتّرا ورفضا مطلقا استغرب هذا الموقف . وقال لماذا لا تريد الخروج لأبنائك وبيتك وزوجتك ؟ فقلت أرفض هذا الخروج المذل .. وبقينا في نقاش دام أكثر من 10 دقائق انتهى بانسحابي المفاجئ والغاضب من مكتبه. ومر الأمر على ذلك الحال الى حدود يوم الجمعة على الساعة الثانية بعد الزوال حين استدعاني مدير سجن المسعدين السيد عماد العجمي واستقبلني بحفاوة كعادته ليعلمني بأنه بعد رفضي لكتابة مطلب السراح فإن إدارة السجن قامت بهذا الإجراء وليس لي الحق في النقاش ولم أعد منذ تلك اللحظة من مساجينه التابعين له بالنظر ولاننقاش قرار قاضي تنفيذ العقوبات الذي منحني السراح وقد استنكرت هذا السلوك الغريب الذي مكّنني من السراح قبل 5 أيام من إتمام المدّة ولم يمنحني حقّي في الخروج لجنازة شقيقتي منذ 20 يوما . وبعد نقاش دام أكثر من ساعة في مواضيع شتّى رفضت القرار ولكنه أحالني على القاضي الذي بدوره أصرّ على حصولي على السراح وليس لي من حقّ في النقاش وما عليّ إلا مغادرة السجن. هذه - إذا- هي الحيثيات التي حفّت بالسراح . فهل أرادت السلطة من وراء هذا السراح أن تقول بأنها تملك الحلّ والربط كما يُقال ...؟؟؟وأن حضور جنازة شقيقتي ليس له أي قيمة انسانيّة بالمقارنة مع منحي السراح الشرطي ؟؟ أم أنّ معايير الانسانيّة لدى هؤلاء غاب بالأمس وحضر هذا اليوم؟؟؟ أم أنّ الحسابات السياسويّة الضيّقة باتت هي المسيطرة ؟؟ أم أنّ التعليمات التي عهدناها في كل شيئ انسحبت على هذا القرار؟؟ ام أنّ هذا هو بداية الرشد والقادم أفضل ؟؟؟؟ .

تهديدات نجاد تدخل سافر في الشأن العراقي


 د. أيمن الهاشمي
بكلّ صَلف وجَرأة ووقاحة، وتأكيداً لا لبْس فيه على التغلغل والتدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي، وقف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وهو يلقي خطابه لمناسبة ذكرى الثورة الخمينية وقال بأنه "لن يسمح بعودة البعثيين إلى حكم العراق!"، وتناسى الرئيس نجاد انه "رئيس ايران" وليس "رئيس العراق"، وانه يتحدث في "مناسبة ايرانية" وليست عراقية، وانه يخاطب جمهوره الايراني وليس العراقي، ولكن كلماته كانت بمثابة إستهتار صريح وإستهانة بمشاعر العراقيين ورغباتهم وإرادتهم، بل وحتى هو تدخل سافر في شأن حكومي وبرلماني عراقي، فمن أين استمدّ نجاد سلطته على العراقيين وولايته على شؤونهم؟؟، وهل العراقيون قاصرون وناقصو أهلية بحيث يحتاجون الى تدخل من فخامة الرئيس الايراني في أمر يخصهم. ونحن هنا لا نتكلم أو نناقش مسألة إعادة البعثيين الى حكم العراق او المشاركة في الانتخابات فهذه المسألة حسمتها بيانات البعثيين أنفسهم التي اكدت رفضهم الاعتراف بالعملية السياسية في ظل الاحتلال الامريكي والايراني ورفضهم دخول معترك الانتخابات لانهم يعتبرون المشاركة فيها اعتراف بمشروعية غزو العراق الذي اسقط دولتهم ونظامهم.
        اننا نستغرب هذه الوقاحة والصلف من قبل رئيس الجمهورية الايرانية واستهتاره بمشاعر شعب العراق وكرامة العراق وتراب العراق ومستغربين الوقاحة العالية التي يصرح بها هذا الرئيس والذي يعرف جيدا إن تصريحه هذا يعتبر تدخلا سافراً وعلنيّاً بالشأن العراقي الداخلي، وهو يُحرج أصدقائه ومواليه واتباعه قبل أعدائه!! ولكن يبدو أن (اللعب أصبح على المكشوف) هذه المرة، دون تستر ولا خجل،  وان حكام طهران قد أخذتهم نشوة الفوز باحتلال العراق ليقولوا مايقولون كما يشاءون متناسين أن في العراق شعبا لم ولن يسمح لهم بهذا الاحتلال والتدخل.
فمن يكون احمدي نجاد حتى يتكلم بلسان شعب العراق؟
          إن هذا التصريح من الرئيس احمدي نجاد إنما هو اعتراف علني وضمني بأن كل قرارات ما تسمى بهيئة المسائلة والعدالة إنما جاءت من طهران وحكام إيران، وهذا تأكيد صريح لما قاله قائد الجيوش الامريكية "باتريوس" مؤخراً  من أن "هيئة المسائلة والعدالة مرتبطة بفيلق القدس الايراني والحرس الثوري الايراني!!".
 
          لقد ورّطَ نجاد نفسه وحكومته، وورّط حكومة المالكي وكل الكتل المرتبطة بملالي ايران (من حزب الدعوة والمجلس الاعلى وفيلق بدر والتيار الصدري وغيرهم) وجعلهم في موقف حرج امام العالم وامام الشعب العراقي، وإن كان العراقيون في معظمهم يدركون الدور الايراني والتغلغل والتدخل غير الشرعي من ملالي ايران في الشأن العراقي، وان ما ذكره نجاد في خطابه من ان "الولايات المتحدة والغرب يسعيان الى اعادة حزب البعث الى الحكم في العراق!!"، و"إن إيران لن تسمح بذلك!"، أما كيف؟؟ فلم يتطرق الرئيس الى التفاصيل بل تركها لأتباعه ومواليه!!. والرئيس محمود نجاد يناقض نفسه حين يقول ان امريكا تريد اعادة البعثيين للسلطة وهو يعلم جيدا ان امريكا خاضت حربا مكلفة وغالية باهضة الثمن والتضحيات من اجل اسقاط النظام البعثي، والاتيان بالاشخاص الحاليين الذين يحكمون العراق، فكيف تقوم امريكا ذاتها باعادة البعثيين؟؟
        مما لا شك فيه ان الرئيس احمدي نجاد قدم خدمة جليلة لحزب البعث وللبعثيين بهذا التدخل السافر ليؤكد ان قرارات الاقصاء والاجتثاث التي اصدرتها ما تسمى هيئة المسائلة هي ليست قرارات عراقية صرفة بل قرارات ممهورة بالمهر الايراني!!.. وتشكل هذه التصريحات افضل دعاية للبعثيين وانصارهم ان هم دخلوا الانتخابات فعلا!! وأن هذه الدعاية ستكسب الحزب قوة كبيرة في حال دخوله العملية السياسية والتي يرفض هذا الحزب دخولها حتى الآن لأنها حسب رأيه ستجري تحت حراب الاحتلال لهذا فلن تكون نزيهة أو شفافة بل إنها ستصب في مصلحة الذين جاءوا على ظهور الدبابات الأمريكية. وان هذا التصريح للرئيس الإيراني جاء متوافقا ومتطابقا مع اهداف الاحتلال الأمريكي للعراق وهنا الخطأ الفادح والجسيم الذي وقع به الرئيس الإيراني نجاد.
     لقد تناسى الرئيس نجاد تصريحات المسؤولين الايرانيين من أن أمريكا لم تكن لتستطيع إحتلال العراق وإسقاط النظام السابق لولا الدور الايراني في هذه العملية. كما ان الوقائع تشير الى غزل ايراني امريكي في الخفاء يتناقض مع اكذوبة "الشيطان الأكبر"، و"الخطر النووي الايراني" و اكذوبة "محور الشر"،
ونخاطب الحاكمين في العراق (من حكومة وبرلمان واحزاب السلطة) بعد صدور هذه التصريحات الوقحة والصريحة من لدن الرئيس الايراني، أين سيخفي الحكام الطائفيون رؤوسهم ووجوههم في مواجهة الشعب العراقي والعالم؟؟؟، فهم في كل حدث ونكبة مرت بالعراق يوجهون سهام الاتهام نحو التكفيريين والصداميين والقاعدة وعملاء الدول العربية!! حتى جاءتهم (الصفعة) هذه المرة من ولي نعمتهم "نجاد" من ايران وفي ذكرى ثورة الخميني، وهل يحتاج الامر الى كثير من الجهد والعناء لاثبات التدخل الايراني في الشأن العراقي؟

عن العلاقة بين "الفضيحة" والمفاوضات


كتب : عريب الرنتاوي
أدرجت السلطة الفلسطينية تقارير القناة العاشرة في عداد "حملة ضغط منهجية مسعورة تقوم بها حكومة نتنياهو ضدها مستخدمة أقذر الوسائل وأحط الأساليب، وبهدف استئناف المفاوضات".
حسنا، سنصدق السلطة، وسنمضي وراء حكاية الضغوط و"المؤامرة"...فنحن نعرف الآن، وعلى ألسنة قادة السلطة، بأن استئناف المفاوضات، هو مصلحة إسرائيل وغايتها، وأن "المفاوضات بلا شروط" هي مؤامرة إسرائيلية صافية، وسنتساءل كما تساءل أركان المقاطعة في رام الله عن مغزى التوقيت ودلالته الأبعد والأعمق.
إن كان الحال كذلك، فإن من حقنا أن نطالب بأن يأتي الرد الفلسطيني على "المؤامرة الإسرائيلية" الجديدة القديمة، مركزا على جبهيتن اثنتين: الأولى، رفض استئناف المفاوضات بأي شكل من الأشكال، مباشرة أو غير مباشرة، ما لم تخضع إسرائيل لشرط "الوقف التام للاستيطان، في الضفة والقدس"، فاستئناف المفاوضات بلا شروط، هو مصلحة إسرائيلية خالصة، ورفضنا لها هو خطوة "مؤلمة" للاحتلال، لا يجب أن نسقطها أو نتخلى عنها بأي حال من الأحوال.
أما الجبهة الثانية: فهي تحصين البيت الفلسطيني من الداخل، من خلال تطهيره من الفاسدين والمنحلين والمتهتكين أخلاقيا ووطنيا وإنسانيا، فالحركة الوطنية تقوى بطرد هؤلاء من صفوفها، والسلطة الفلسطينية تصبح أكثر رشاقة بتخففها من هذه "الحمولة الفائضة"، والشعب الفلسطيني سيكون أكثر سعادة حين يتخلص من منتهكي محرماته وسارقي لقمة عيشه، والمقاومة الفلسطينية – السلمية حتى لا تغضب سلطة رام الله – ستكون أشد مضاءا إن هي لفظت هؤلاء، وجردت إسرائيل من أوراق ضغط وقوة، وحرمتها من "حصان طروادة" أو بالأحرى من "خيول طروادة" التي نمت كالنبت الشيطاني في رحم السلطة والمنظمة والحركة الوطنية الفلسطينية.
إسرائيل تريد استئناف المفاوضات بلا شروط، فهي غطاء لديمومة الاحتلال وتوسع الاستيطان وتمدد الجدران، وهي الوسيلة لتقليل كلفة الاحتلال، وبث الأوهام بوجود عملية سلام، وتفادي ضغوط المجتمع الدولي، وتأجيل الاستحقاقات الداخلية المتصلة بأسئلة الديموغرافيا ويهودية الدولة وديمقراطيتها إلى غير ما هنالك.
ونحن في المقابل، نريد مفاوضات، نريدها مشروطة بوقف الاستيطان بصورة كاملة وشاملة، نريدها مفاوضات بمرجعية قاطعة في وضوحها، مفاوضات بسقف زمني لا تتخطاه، نريدها مفاوضات رشيدة مدعّمة بمقاومة راشدة، وليس مهما بعد ذلك إن جاءت مباشرة أو غير مباشرة.
من أجل أن تحصل إسرائيل على ما تريد، فإنها تضغط على الفلسطينيين بكل السبل والأوراق والأدوات المتاحة، بما فيها محاولة "لي الذراع الفلسطينية المجروحة" بالفساد والفاسدين.
ومن أجل أن يحصل الشعب الفلسطيني على ما يريد، عليه أن يضغط بكل ما ملكت يداه من وسائل ضغط وأدوات قوة تخفظ "المستوى الأخلاقي والقيمي" للقضية العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني، ومن أجل ذلك يتعين الإقدام من دون تردد على تطهير البيت الفلسطيني من النجس والفساد والفاسدين والمفسدين.
نعم سنصدقكم، وسنقول معكم أو نردد ورائكم بأنها مؤامرة إسرائيلية، هدفها دفع المفاوضات بلا شروط، فماذا أنتم فاعلون، هل ستثبتون على مواقفكم، هل ستواصلون رفض الانصياع للضغوط، أم أنكم سترضخون للضعوط الظاهرة والمخفية الرامية دفعكم للتخلي عن هذا "الشرط/المطلب"، هل هناك أسباب لا نعرفها – من نوع الذي أطلعتنا عليه القناة العاشرة – قد تدفعكم للتخلي عن شرطكم والهبوط عن قمم أشجاركم، بل وتحويل هذه الأشجار إلى حطب لمواقدكم؟...هل لديكم أوراق أخرى غير التلويح بالحرد والاستقالة، من يكترث ومن يبالي، وهل أصبح التلويح بالاستقالة هو "السلاح الاستراتيجي الوحيد" التي نشهره تارة لوقف الاستيطان وأخرى لمنع القناة العاشرة من نشل غسيلنا القذر، ألم يعد سلاحا مثلوما بعد أن فشل في انتزاع أي مكسب من أي نوع وعلى أي جبهة، ألم تعد المسألة برمتها اسطوانة مشروخة لا تطرب أحدا.