السبت، 13 فبراير 2010

تهديدات نجاد تدخل سافر في الشأن العراقي


 د. أيمن الهاشمي
بكلّ صَلف وجَرأة ووقاحة، وتأكيداً لا لبْس فيه على التغلغل والتدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي، وقف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وهو يلقي خطابه لمناسبة ذكرى الثورة الخمينية وقال بأنه "لن يسمح بعودة البعثيين إلى حكم العراق!"، وتناسى الرئيس نجاد انه "رئيس ايران" وليس "رئيس العراق"، وانه يتحدث في "مناسبة ايرانية" وليست عراقية، وانه يخاطب جمهوره الايراني وليس العراقي، ولكن كلماته كانت بمثابة إستهتار صريح وإستهانة بمشاعر العراقيين ورغباتهم وإرادتهم، بل وحتى هو تدخل سافر في شأن حكومي وبرلماني عراقي، فمن أين استمدّ نجاد سلطته على العراقيين وولايته على شؤونهم؟؟، وهل العراقيون قاصرون وناقصو أهلية بحيث يحتاجون الى تدخل من فخامة الرئيس الايراني في أمر يخصهم. ونحن هنا لا نتكلم أو نناقش مسألة إعادة البعثيين الى حكم العراق او المشاركة في الانتخابات فهذه المسألة حسمتها بيانات البعثيين أنفسهم التي اكدت رفضهم الاعتراف بالعملية السياسية في ظل الاحتلال الامريكي والايراني ورفضهم دخول معترك الانتخابات لانهم يعتبرون المشاركة فيها اعتراف بمشروعية غزو العراق الذي اسقط دولتهم ونظامهم.
        اننا نستغرب هذه الوقاحة والصلف من قبل رئيس الجمهورية الايرانية واستهتاره بمشاعر شعب العراق وكرامة العراق وتراب العراق ومستغربين الوقاحة العالية التي يصرح بها هذا الرئيس والذي يعرف جيدا إن تصريحه هذا يعتبر تدخلا سافراً وعلنيّاً بالشأن العراقي الداخلي، وهو يُحرج أصدقائه ومواليه واتباعه قبل أعدائه!! ولكن يبدو أن (اللعب أصبح على المكشوف) هذه المرة، دون تستر ولا خجل،  وان حكام طهران قد أخذتهم نشوة الفوز باحتلال العراق ليقولوا مايقولون كما يشاءون متناسين أن في العراق شعبا لم ولن يسمح لهم بهذا الاحتلال والتدخل.
فمن يكون احمدي نجاد حتى يتكلم بلسان شعب العراق؟
          إن هذا التصريح من الرئيس احمدي نجاد إنما هو اعتراف علني وضمني بأن كل قرارات ما تسمى بهيئة المسائلة والعدالة إنما جاءت من طهران وحكام إيران، وهذا تأكيد صريح لما قاله قائد الجيوش الامريكية "باتريوس" مؤخراً  من أن "هيئة المسائلة والعدالة مرتبطة بفيلق القدس الايراني والحرس الثوري الايراني!!".
 
          لقد ورّطَ نجاد نفسه وحكومته، وورّط حكومة المالكي وكل الكتل المرتبطة بملالي ايران (من حزب الدعوة والمجلس الاعلى وفيلق بدر والتيار الصدري وغيرهم) وجعلهم في موقف حرج امام العالم وامام الشعب العراقي، وإن كان العراقيون في معظمهم يدركون الدور الايراني والتغلغل والتدخل غير الشرعي من ملالي ايران في الشأن العراقي، وان ما ذكره نجاد في خطابه من ان "الولايات المتحدة والغرب يسعيان الى اعادة حزب البعث الى الحكم في العراق!!"، و"إن إيران لن تسمح بذلك!"، أما كيف؟؟ فلم يتطرق الرئيس الى التفاصيل بل تركها لأتباعه ومواليه!!. والرئيس محمود نجاد يناقض نفسه حين يقول ان امريكا تريد اعادة البعثيين للسلطة وهو يعلم جيدا ان امريكا خاضت حربا مكلفة وغالية باهضة الثمن والتضحيات من اجل اسقاط النظام البعثي، والاتيان بالاشخاص الحاليين الذين يحكمون العراق، فكيف تقوم امريكا ذاتها باعادة البعثيين؟؟
        مما لا شك فيه ان الرئيس احمدي نجاد قدم خدمة جليلة لحزب البعث وللبعثيين بهذا التدخل السافر ليؤكد ان قرارات الاقصاء والاجتثاث التي اصدرتها ما تسمى هيئة المسائلة هي ليست قرارات عراقية صرفة بل قرارات ممهورة بالمهر الايراني!!.. وتشكل هذه التصريحات افضل دعاية للبعثيين وانصارهم ان هم دخلوا الانتخابات فعلا!! وأن هذه الدعاية ستكسب الحزب قوة كبيرة في حال دخوله العملية السياسية والتي يرفض هذا الحزب دخولها حتى الآن لأنها حسب رأيه ستجري تحت حراب الاحتلال لهذا فلن تكون نزيهة أو شفافة بل إنها ستصب في مصلحة الذين جاءوا على ظهور الدبابات الأمريكية. وان هذا التصريح للرئيس الإيراني جاء متوافقا ومتطابقا مع اهداف الاحتلال الأمريكي للعراق وهنا الخطأ الفادح والجسيم الذي وقع به الرئيس الإيراني نجاد.
     لقد تناسى الرئيس نجاد تصريحات المسؤولين الايرانيين من أن أمريكا لم تكن لتستطيع إحتلال العراق وإسقاط النظام السابق لولا الدور الايراني في هذه العملية. كما ان الوقائع تشير الى غزل ايراني امريكي في الخفاء يتناقض مع اكذوبة "الشيطان الأكبر"، و"الخطر النووي الايراني" و اكذوبة "محور الشر"،
ونخاطب الحاكمين في العراق (من حكومة وبرلمان واحزاب السلطة) بعد صدور هذه التصريحات الوقحة والصريحة من لدن الرئيس الايراني، أين سيخفي الحكام الطائفيون رؤوسهم ووجوههم في مواجهة الشعب العراقي والعالم؟؟؟، فهم في كل حدث ونكبة مرت بالعراق يوجهون سهام الاتهام نحو التكفيريين والصداميين والقاعدة وعملاء الدول العربية!! حتى جاءتهم (الصفعة) هذه المرة من ولي نعمتهم "نجاد" من ايران وفي ذكرى ثورة الخميني، وهل يحتاج الامر الى كثير من الجهد والعناء لاثبات التدخل الايراني في الشأن العراقي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق