السبت، 13 فبراير 2010

دمشق – غزة.. عودة لـ"إستبدال العدو


محمد طعيمة
"مصاروة"، هكذا يصف قطاع واسع من الفلسطينيين أهلنا في غزة. هم، لحد كبير، محقون، سواء للتداخل القبلي والعائلي بين أهلنا في جنوب غزة، برفح وخان يونس بشكل خاص، وبين أهلنا في سيناء. أو للمسئولية القانونية والدولية للقاهرة تجاه قطاع غزة الذي مازال مقر حاكمه العسكري ماثلاً في حي مصر الجديدة. ودائماً، للأهمية الإستيراتيجية للشام عامة، وفلسطين خاصة.. وغزة بشكل أخص، في منظومة الأمن القومي المصري.
في معركة غزة المُتجددة، إختلطت الأوراق، بين حملة إعلامية تتهم مصر بإحكام حصار غزة وبين "دفاع مُرتبك"، هو خير مُعبر عن حالة نظامها، عن حقوق السيادة وقدسية الحدود التاريخية.
لأربع سنوات رفضت سوريا السماح بدخول حوالي 2300 لاجئ فلسطيني فروا من عمليات تصفية دموية تعرضوا لها في العراق بعد الإحتلال الأمريكي، ليظلوا طوال هذه الفترة في مخيمين على الحدود بين البلدين، حتى أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأربعاء الماضي، "فك" أحدهما بعد موافقة دول لاتينية وغربية على إستيعاب هجرة أكثر من ألف لاجئ فلسطيني إليها. ومازال الباقون في المخيم الثاني/ الوليد.. في إنتظار الفرج "الغربي".
حجة دمشق كانت، ومازالت، "أن اللاجئين لهم وطن وأن على إسرائيل وفقاً لقرارت الأمم المتحدة السماح بعودتهم إلى ديارهم، وان الضغط يجب أن يكون على تل أبيب لا على سوريا". لا تثريب على دمشق، نظرياً، فموقفها يتفق مع قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
في القاهرة سمعنا نفس الحجة.. خافتة، لكن الرائحة الكريهة لسياسات نظامها الحاكم الإقليمية أفقد "إجبار إسرائيل على الوفاء بإلتزامتها الدولية كقوة إحتلال في غزة" نجاعتها، فضلاً عن آداء إعلامي ساذج، لم ينتبه أصلاً إلى "حقائق" أحاطت بـ"مواربة" أبواب معبر رفح بعد إنقلاب حماس.
وأياً كان موقفنا السياسي والوطني من الإتفاقات والقرارات الدولية الحاكمة لحدود "دول الطوق"، فان الواقع يقول أن "كل دول وتنظيمات الطوق" تلتزم بها حرفياً، و"تنفخ في الزبادي" خشية لسعة الشوربة، سواء فيما يتعلق بكامب ديفيد ووادي عربة، أو وقف إطلاق النار في غزة أو جنوب لبنان أو الجولان، أو أوسلو التي وصلت عبرها حماس للحكومة، ثم خارطة الطريق.. أو خطة دايتون.. التي وافقت عليها، رسمياً، حكومتان لحماس، وكانت قطر وأميرها بين رعاة توقيعها.

كلها إتفاقات ملعونة وخارجة عن الضمير القومي، ومعها يبدو مثيراً للتساؤل الإصرار على وضع "مصر" "وحدها" على لوحة "التنشين" والتخوين الإعلامي، وتُحذف إسرائيل وأمريكا منها، و"يُعتم" على تهرب الكيان الصهيوني من مسئوليته الدولية كقوة إحتلال. الأربعاء الماضي تجدد التساؤل عن مبررات "إحكام الإدانة الإعلامية" وتشويه صورة عمود الأمة الفقري داخلياً وقومياً، بدلاً من التركيز على أمرين:
أولاً: مسئوليتنا، كمصريين، التاريخية والإنسانية والقومية و"أولي القربى" عن غزة، كما فعلنا بربط خان يونس ورفح بشبكة الكهرباء الوطنية، ومع باقي "المساعدات" التي تفوق حجم ونوعية، بمراحل، ما يأتي من خارج مصر، لكنها لا تتمتع بتفجيرات إعلامية برع فيها الأخرون. والأهم، فتح دائم للمعبر، لا مواربة فقط، بإجبار حماس، إقليمياً وإعلامياً، على "سحب" عناصرها لمسافة تسمح بعمل المراقبين الأوربيين وفقاً لإتفاقية المعابر. وبالتالي إنهاء مبرر وجود الأنفاق.. التي هي، فعلاً، إختراق لقدسية الحدود.. أياً كانت العاصمة التي تتبعها.. دمشق، القاهرة، بيروت، عمان.. طهران، أنقرة.
ثانيا: إنهاء حالة "إستبدال العدو".. مصر بدلاً من إسرائيل.. كـ"مشروع غربي". وتوجيه كل الأسلحة "الناعمة"، نحو إجبار "المُحتل" على الوفاء بإلتزاماته الدولية، تماماً كما تمسكت دمشق بموقفها لأربع سنوات.. ومازالت.
لكن نظام القاهرة لا يعي "أولاً"، وعاجز عن فعلها. و"هم" لن يتراجعوا عن هدفهم.. "إستبدال العدو".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق