الجمعة، 6 نوفمبر 2009

وهم المراهنة على السياسة الاميركية

الدكتور غالب الفريجات

مشكلة النظام العربي الرسمي في ممارساته السياسية، التي لا تعرف الصالح من الطالح، وفي كثير من الاحيان انه ينحاز لما هو في السياق المعادي لمصالح البلاد والعباد، ظنا منه انه يخدم مصالحه الخاصة في الديمومة بالبقاء في موقعه، وهم يجهل ان من يستخدمه لمصالحه سرعان ما يتخلص منهم بعد ان تنهي هذه المصالح، فيخسر اطراف النظام العربي الرسمي كل رهاناته على الآخر، ضاربين عرض الحائط ان خير وسيلة للحماية والدفاع عن المصالح، يكمن في الانحياز لمصالح بلادهم وشعوبهم، ايا كانت التضحيات التي يقدمونها في سبيل ذلك.

كم هي الرهانات التي رهنوا انفسهم اليها، وخاصة في الوثوق بسياسات اميركا، وهم يعلمون علم اليقين ان كل ما تصنعه اميركا لا يتجاوز حدود مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني، وهم مجرد ادوات في سياق خدمة هذه المصالح، فقد وضع النظام العربي الرسمي كل بيضاته في الحل السلمي مع الكيان الصهيوني في سلة الادارة الاميركية، وهم لا يتعلمون من الممارسات الاميركية المراوغة، والتي لا تخرج عن حدود مصالح " اسرائيل ".

بعد فوز اوباما في الانتخابات الرئاسية الاميركية عولت عليه السياسة العربية الرسمية في وقف الاستيطان، وليس انهاء الاحتلال، لاحظوا ان الاستيطان هو نتيجة للاحتلال، فلم تعد السياسة الاميركية بانهاء الاحتلال، ومع ذلك لم يتمكن العرب من تحقيق ما يصبون اليه بسبب وهم المراهنة، وبسبب ان الادارة الاميركية ليست جادة في الضغط على الكيان الصهيوني في تنفيذ القرارات الدولية، لان العرب غير جادين في استخدام ما يملكون من قدرات وامكانيات لدعم قضاياهم، وخاصة في موضوع الصراع العربي الصهيوني.

السياسات العربية هي سياسات حمقاء، لان اصحابها يهربون من الفعل الارادي الى الفعل غير الارادي، فبدلا من تجميع صفوفهم وحشد كل طاقاتهم يعولون على دعم الغير، وهم مشتتون، يتنابذون فيما بينهم، يسهل عليهم التحالف، حتى مع عدوهم في مواجهة بعضهم البعض، كما حصل في غزو العراق واحتلاله، فقد كان تآمرهم على العراق اشد ضراوة من مواجهتهم للكيان الصهيوني، او الوقوف في وجه الاطماع الامبريالية الاميركية.

المراهنة على السياسة الاميركية وهم، وكذلك هي المراهنة على الخارج ايا كان هذا الخارج، مادامت قواك الذاتية غير مفعلة، ولا يتم حشد كل الطاقات اللازمة، لمساندة الحق العربي في كل قضية من قضايا الامة في المحافل الدولية، سواء اكانت في فلسطين او غيرها من مواقع المواجهة مع اعداء الامة.

الامبريالية ورأس حربتها في واشنطن لا يمكن فصل عرى التحالف فيما بينها وبين الصهيونية وكلاهما اشد اعداء الامة فلا يجوز ان نرهن قضايانا لادارة واشنطن وهي التي تعمل في خدمة " اسرائيل "، ومن يرى غير ذلك ويسعى لكسب رضى واشنطن والوثوق بها كمن يسعى الى حتفه، لانه يضع رقبته في حبل مشنقة الاعدام الامبريالي الصهيوني، حالما تنتهي مصالحهما معه، فيتم نبذه والخلاص منه، ليتسنى لهم تجنيد غيره اكثر كفاءة منه في خدمتهم.

ان العرب يملكون الكثير من الاوراق بأيديهم، ولكنهم اكثر النظم السياسية في هذا العالم من يبعثر هذه الاوراق، لتنقلب ضد مصالحهم، ولهذا فهم اكثر النظم السياسية وهنا وضعفا وعجزا، عن ردع الطامعين في بلادهم وثرواتهم والسيطرة عليهم، فاستمرأ بعض هذه النظم الخيانة والتآمر على البعض الآخر، وعشق البعض ان يعيش في حفر الذل والهوان، وتقديم الخدمات في سبيل ان يبقى فترة اطول في حكم بلا سيادة ولا كرامة، وقد آن الاوان ان تتحرك الشعوب لنزع زمام المبادرة، من ايدي من تراه من هؤلاء الحكام غير جدير بالبقاء في سدة الحكم، وممن لا يؤمن الا بالاعتماد على حشد طاقات الشعب والامة، بديلا عن الاتكاء والاتكال على دعم الخارج، بما فيهم اعداء الامة، فمن يرى في الدعم الخارجي بديلا عن حشد قواه الذاتي، بات خارج فهم المنطق والتاريخ وغير جدير بالحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق