الجمعة، 6 نوفمبر 2009

تحالف المطلك وعلاوي بحاجة الى مشاركة بولاني معهما !

هارون محمد

بعد مشاورات كثيفة ومباحثات مضنية اتفق صالح المطلك رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني واياد علاوي رئيس الحكومة الاسبق والقائمة العراقية على تشكيل تنظيم اندماجي مرحلي اطلقا عليه اسم الحركة الوطنية العراقية، وفي ذهنهما ان يكون حاضنة لائتلاف انتخابي اوسع ينضم اليه - كما تشير الانباء من بغداد - كل من طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ورئيس كتلة (التجديد) ورافع العيساوي نائب رئيس الوزراء ورئيس كتلة (المستقبل)، والاثنان منشقان من قائمة التوافق، واسامة النجيفي عضو مجلس النواب عن مدينة الموصل ورئيس كتلة (عراقيون) وهناك مساع لضم جواد بولاني وزير الداخلية ورئيس الحزب الدستوري وأحمد ابو ريشة قائد صحوة الانبار والشيخ نواف الجربا أحد زعماء قبيلة شمر في العراق.

وتحالف المطلك وعلاوي بغض النظر عن التفسيرات التي قيلت بشأن تشكيله، يبقى ناقصا اذا اقتصر على الاثنين فقط، لسبب بسيط جدا هو: ان صالح واياد ليسا على وفاق تام أو انسجام كامل حول كثير من القضايا السياسية، الامر الذي يهدد تحالفهما في أي وقت.

صحيح انهما من خلفية بعثية واحدة (فصلا من الحزب في وقت متقارب منتصف السبعينات من القرن الماضي لاسباب تنظيمية) ويحملان مشروعا سياسيا وطنيا في ملامحه واهدافه، وتجمعهما لغة سياسية مشتركة، في ما يتعلق برفض المحاصصات الطائفية والعرقية، وفصل الدين عن السياسة وضرورة الغاء هيئة وقوانين 'اجتثاث البعث' وعودة قادة وضباط الجيش العراقي الى الخدمة العسكرية، ومناهضة الاحزاب الدينية الطائفية.

الا انهما يختلفان في كونهما من بيئتين سياسيتين متناقضتين، المطلك من سياسيي الداخل وعلاوي من معارضي الخارج، الاول من مناوئي الاحتلال الامريكي والثاني من عرابيه، صالح قومي النزعة علماني التوجهات، واياد ليبرالي التفكير ولديه اهتمامات طائفية توصف بانها خفيفة ومضطر اليها كما يقول مريدوه لتأكيد شيعيته، لذلك ذهب أكثر من مرة لزيارة المرجع الشيعي السيد علي السيستاني ونيل بركاته، والمطلك له موقف معارض تماما لاطماع حزبي بارزاني وطالباني الكرديين في كركوك والموصل ويرفض الفيدرالية بقوة، وعلاوي متحالف معهما دون اعلان ويحظى برعايتهما من طرف خفي ، وليس لديه موقف حاسم من عراقية كركوك.

لذلك يمكن اعتبار تحالفهما في المرحلة الراهنة، انتخابيا صرفا فرضته ظروف سياسية ملتبسة يمر بها العراق تأتي في مقدمتها، اخفاقات حكومة المالكي وعجزها عن تنفيذ مهام وطنية في ما يخص التنمية والاعمار وتوفير الامن وبسط الاستقرار، وافتعال رئيسها نوري أزمات داخلية وخارجية يتوهم انها تساعده على الاستمرار في منصبه، ومواصلة منهجه الطائفي والاقصائي.

وكانت فكرة تحالف المطلك وعلاوي قد انطلقت منذ أربعة أشهر تقريبا، ودخلت على الخط أوساط أمريكية مؤثرة في ادارة الرئيس أوباما، ويقال بهذا الصدد ان
قيادات الكونغرس من الحزب الديمقراطي ومستشارية الامن القومي والبنتاغون ووزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) وهي مؤسسات نافذة في صنع القرار الامريكي تقف الى جانب تحالف المطلك وعلاوي، وهذه المؤسسات مجتمعة هي التي استضافت الاثنين في الشهر الماضي في واشنطن تحت ستار دعوة من معهد السلام الامريكي وعقد قادتها سلسلة اجتماعات معهما، بعضها علني (بروتوكولي) وآخر سري (تنسيقي) بالتأكيد، تم تقييم تجربة السنوات الست المنصرمة، وكيفية الخروج من المآزق التي ضربت البلاد، وافضل الآليات الممكنة لانسحاب القوات الامريكية من العراق في نهاية عام 2011 حسب الاتفاقية الامنية الموقعة بين ادارة بوش وحكومة نوري المالكي، والنفوذ الايراني في العراق وكيفية مواجهته، وواقع الاحزاب الدينية الموالية لايران ونقاط الضعف والقوة فيها، اضافة الى استعراض السباق الانتخابي ومؤشراته الميدانية، ومسار وطبيعة التحالفات والائتلافات الانتخابية ونتائجها المتوقعة.

ولا يستبعد ان تكون اجتماعات واشنطن قد تناولت قضية توزيع المناصب (السيادية) حيث شاع كلام واسع عقب عودة الاثنين من العاصمة الامريكية بان ادارة اوباما، قد حددت موقفها منذ الان لشغل مناصب رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان من قبل سني عربي وشيعي عربي وكردي، ومنع وصول نوري المالكي الى رئاسة الحكومة من جديد الا اذا غادر حزبه (الدعوة) او غير منهجه الطائفي.

وفي هذا المجال يتردد ان المالكي في زيارته الاخيرة الى واشنطن وعد المسؤولين الامريكيين الذين قابلهم بانه سيحول حزب الدعوة من ديني الى ليبرالي ووطني عقب الانتخابات وطالب بدعمه امريكيا في هذا الاتجاه، والامر نفسه انطبق على أحد الطامحين برئاسة الجمهورية هو الشيخ احمد عبدالغفور السامرائي رئيس الوقف السني الذي قيل له ان الامريكان لا يحبذون رجل دين للمناصب السيادية الثلاثة، فنزع عمامته البيضاء واستبدلها بالغترة والعقال (لزوم الشغل) على حد قوله.

وليس سرا ايضا ان تحالف المطلك وعلاوي يحظى بدعم عربي وتحديدا
سورية !!!! والاردن في المقدمة والسعودية ومصر والامارات من الخلف، اضافة الى دعم قوي من تركيا.

ويقف حزب البعث بجناحيه وراء الاسراع باعلان التحالف، والمعلومات المؤكدة من داخل العراق تفيد ان عزة الدوري ومحمد يونس الاحمد وجها مؤيدي وأنصار وأعضاء الحزب بالمشاركة في الانتخابات بكثافة وحددا أسماء رؤساء كتل انتخابية للتصويت لهم حصرا في المقدمة منهم : صالح المطلك واياد علاوي واسامة النجيفي وظافر العاني والشيخ نواف الجربا وطارق الحلبوسي وجمال كربولي ، وشخصيا اطلعت على رسالة لعزة الدوري الى أحد النواب الحاليين يشيد بمواقفه ويؤكد مؤازرة الحزب له في الانتخابات المقبلة، وعرفت عن كثب ما دار بين موفد من الدوري مع أحد المرشحين الجدد، وتأكدت بالملموس ما يدعو اليه محمد يونس الاحمد في دعم بعض المرشحين المعروفين بمواقفهم الوطنية والقومية ومعارضتهم للاحتلال، واستعداده لزج بعثيين غير مشمولين بقوانين الاجتثاث السيئة الصيت ضمن مرشحي بعض الكتل، وقابلت عددا من ممثلي فصائل المقاومة ومنها جماعة المجلس السياسي ووجدت لديهم قناعة كاملة بتأييد بعض المرشحين من ذوي التوجهات الوطنية الرزينة.

وهذه المعطيات لها دلالات بالغة في مسارات العملية الانتخابية المقبلة، خصوصا اذا علمنا ان البعثيين في داخل العراق وخارجه اذا شاركوا في الانتخابات القادمة بكثافة فانهم قادرون بسهولة ان يأتوا بسبعين الى ثمانين نائبا على أقل تقدير، اذا كان القاسم الانتخابي في حدود اربعين ألف مصوت لكل نائب، مهما بلغ حجم التزوير.

واذا نجح تحالف المطلك وعلاوي في ضم اسامة النجيفي وطارق الهاشمي ورافع العيساوي والشيخ نواف الجربا كما هو متوقع، وائتلف مع قائمة (وحدة العراق) بقيادة جواد البولاني، فان فرص النجاح في احراز المزيد من المقاعد النيابية ستكون يسيرة بالفعل لما يتمتع به وزير الداخلية من صفات ومواقف حيادية وغير طائفية أثارت عليه نقمة نوري المالكي وشلته وغضب جماعة المجلس الاعلى (عادل عبد المهدي وهادي العامري وجلال الصغير).

وبالتأكيد فان وجود البولاني مع المطلك وعلاوي في قائمة ائتلافية واحدة سيضيف اليها زخما انتخابيا جيدا خصوصا في العاصمة بغداد ومحافظات الديوانية والكوت والعمارة التي يتمتع وزير الداخلية فيها بحضور متميز.

لكن المشكلة التي تعيق انضمام البولاني الى هذا التحالف ان اياد علاوي يتحسس منه ويعتقد انه سيكون منافسا قويا له في انتزاع رئاسة الحكومة المقبلة، في حين يرى صالح المطلك ان وجود البولاني في تحالفه مع علاوي، له مزايا كثيرة منها : اضفاء التوازن (الطائفي) على القائمة الموحدة والتخفيف من كثرة المرشحين السنة فيها، وتوحيد الجهود في مواجهة المالكي وجماعة الائتلاف في قائمة كبيرة قادرة على هزيمة الكتل الاخرى واحراز أكثر من مئة مقعد، مع ان أنصارا للمطلك يطالبون بضم البولاني وقائمته الى التحالف باستثناء سعدون الدليمي المتهم بانه (لغم) وضعه نوري المالكي لتفجيرالكتل المنافسة، في الوقت الذي يعتقد صالح ان الدليمي عنصر هامشي وغير مؤثر.

من جانب آخر تشير استطلاعات محلية يجب التعامل معها بحذر، من ضمنها استطلاع أجراه مركز دراسات مقرب لحزب الدعوة ان قائمة ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي سيحرز من 60 الى 65 مقعدا وقائمة الائتلاف الشيعي بين 50 الى 55 مقعدا يذهب أغلبها الى الصدريين، وقائمة التحالف الكردي 40 مقعدا وقائمة الحزب الاسلامي (التوافق) من 10 الى 15 مقعدا، فيما أعطت تلك الاستطلاعات لكل من اياد علاوي 40 مقعدا وصالح المطلك 30 مقعدا وطارق الهاشمي عشرة مقاعد واسامة النجيفي 25 مقعدا في محافظة الموصل وحدها، فيما تؤكد التوقعات الانتخابية ان جواد بولاني سيحصل على 15- 20 مقعدا ورافع العيساوي ثلاثة مقاعد، ويحصل كل من الشيوخ نواف الجربا واحمد ابو ريشة وعبدالله حميدي الياورعلى مقعدين لكل منهما، ويحصل كل من سعد عاصم الجنابي واحمد عبد الغفور وجمال كربولي وطارق الحلبوسي على مقعد واحد لكل منهم .

هذا يعني ان قائمة المطلك وعلاوي والبولاني اذا توحدت فانها ستحرز بحدود 138 مقعدا وستكون الاكبر عددا، ويعني ايضا انها ستكلف بتشكيل الحكومة المقبلة وتنجح في تأليفها، بعد ان تتحالف مع الكتل الصغيرة مثل كتلة الحزب الاسلامي وكتلة محمود المشهداني ونديم الجابري التي أعطتها الاستطلاعات مقعدين والكتلة التركمانية اربعة مقاعد والشبك مقعد واحد والمسيحيين مقعد واحد، حيث يمكنها جمع من 155- 160 مقعدا (النصف زائدا واحد) في الجولة الثانية من أصل 311 نائبا هم مجموع اعضاء البرلمان الجديد المقبل.

بذلك تفوت الفرصة على قائمتي نوري المالكي والائتلاف من تشكيل الحكومة المقبلة لان الدستور المعمول به حاليا، ينص بان القائمة الانتخابية الاكثر مقاعد، هي التي تكلف بتشكيل الحكومة، ويحق لها بعد التكليف وليس قبله بالتحالف مع الكتل الاخرى لتأليف الحكومة ونيل موافقة الاغلبية البسيطة من البرلمان.

من هنا فان انضمام جواد البولاني الى تحالف المطلك وعلاوي ليس فقط حاجة سياسية في المرحلة الراهنة فحسب، وانما ضرورة انتخابية لهزيمة نوري المالكي ومنعه من الوصول الى رئاسة الحكومة المقبلة، وهذا هدف تكتيكي ومرحلي لا بد لعلاوي تحديدا من التعاطي معه والخوض فيه وتحمل نتائجه، والا فان تحالفه مع صالح المطلك سيبقى في مهب الريح، خصوصا وانه أثبت في المرحلة السابقة انه شخصية (طاردة) وليست حاضنة، بعد ان تخلى عنه من جاء بهم من خلف الصفوف وعينهم وزراء ونوابا ولا داعي لذكر أسمائهم فهو يعرفهم أكثر من غيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق