الأربعاء، 27 يناير 2010

سلام الشماع ومصادر لعبة المظلومية الشيعية


د . موسى الحسيني
27 /1/2010

على مدى ستة حلقات ، وفي زاويته المعروفة  باسم عزف منفرد" تابع الاستاذ الصحفي سلام الشماع الكتابة عن مقال قديم كنا قد نشرناه في جريدة الزمان اللندنية بتاريخ 4/2/2008،تحت عنوان " اعلان المبادئ سقوط للمالكي ام للاسلام السياسي" . والدراسة الاصلية حاولت محاكمة سلوك المالكي والاحزاب الاسلامية في موافقتها على الاتفاقية الامنية مع اميركا ،من منظور هذه الحركات للتعاون مع اميركا ، يوم كانت في موقع المعارضة للنظام الوطني قبل الاحتلال .
رغم قدم المقال الا ان موضوعه يظل قائماً لتوصيف   واقع الاحداث اليومية في العراق ، والنفق المظلم الذي ادخل به الاسلاميين انفسهم ، ويريدون جر الشعب العراقي باكمله معهم . ولايستبعد ان اختيار الاستاذ سلام الشماع ، لهذه الدراسة بالذات جاء مدروسا ، ومقصودا مع احتلال ايران لابار الفكة العراقية ،  فأحد اهم المبررات التي طرحت في حينها لتوقيع المعاهدة العراقية – الاميركية ، هي الحرص على حماية الاراضي العراقية من اطماع جيرانه . لكن اميركا لم تحرك ساكنا على الاقل حفاظا على سمعتها كدولة عظمى ، تمتلك ولو قدرا قليلا من المصداقية في الالتزام بتعهداتها الدولية . ما يوحي بل يوضح بشكل مكشوف ، ان احتلال هذه الابار تم بموافقة اميركية ، والا فان الادارة السياسية الايرانية ليست بغافلة عن وجود اكثر من 150 الف جندي اميركي في العراق مع الاف اخرى من العاملين باجهزة المخابرات وشركات الحماية . يرتبطون جميعا بمعاهدة دولية لحماية ارض العراق من اعتداء اجنبي ، كما تزعم المعاهدة موضوع النقاش .
ان احتلال الابار في الفكة العراقية ، يعطي مؤشر جديد على ما سبق ان قلناه ومنذ اوائل 2006 عن تلاحم العلاقات الاميركية – الايرانية ، واستحالة ضرب ايران بسبب مضيها في برنامجها النووي .والا فاحتلال الفكة كان يشكل عذرا مشروعا دوليا لاميركا بموجب المعاهدة الامنية مع العراق ، لضرب ايران ، وتصعيد المواجهة معها، وهذا امر ليس بعيد عن حسابات السياسيين في ايران ، فكيف لم ياخذوه بنظر الاعتبار، وما الذي يمنع اميركا من الوفاء بتعهداتها للعراق .!؟
هذا هو العنصر الاول في الدوافع التي نعتقد انها شجعت الاستاذ سلام الشماع لاختيار الموضوع ليكون حديث حواراته وعزفه المنفرد  .
اما العامل الاخر  لاثارة اهتمام الاستاذ سلام الشماع  المقال رغم مرور سنتين على كتابته ،  لاختياره موضوعا لزاويته ، هوما اشرنا له عن النفق المظلم الذي ادخل به المتاسلمون انفسهم ويريدون جر الشعب جميعه ورائهم . باستخدامهم الطائفية ، وتوضيفها في خدمة محتل غاشم يريد تدمير قدرات العراق وانهاك الشعب العراقي بصراعات لامصلحة له بها . كالحيات نزع هؤلاء المتاسلمون جلودهم وارتدو لبوس مشاريع العدو الصهيوني الذي ظل يخطط منذ ثمانينات القرن الماضي لتقسيم العراق في مشروع معلن عرف بمشروع شارون – ايتان ، الذي نشر تحت عنوان " استراتيجية اسرائيل للثمانينات والتسعينات " والداعي الى تقسيم الدول العربية والعراق منها ، لدول صغيرة متناحرة . مع ان الفقه الاسلامي والشريعة يحرمان ما يريد ان يخدعنا به مراجع الضلالة من فتاوى ما انزل الله بها من سلطان عن"الكافر العادل خير من المسلم الجائر " .
اين العدل ، والاحزاب المتاسلمة الثلاث وتوابعها ، كلها كانت تدعي العداء للشيطان الاكبر باعتباره مصدر لكل بلاء . لكنها فجأة اصبحت الحليف القوي لهذا الشيطان ، تمارس كل المحرمات من اجل ان تبرر له ممارساته العدوانية ضد المسلمين وممتلكاتهم وبلدانهم . يلاحظ الانسان بوضوح غياب الاسلام ، تماما ، عند هذه الجماعات والتركيز على جزئيات منه لاتتطابق صورتها مع حقيقة ما نعرفه عن الاسلام ، كدين سماوي بشر به نبي الرحمة ، وتلاقفه عرب الجزيرة لينشروه في العالم اجمع، وليس في الاسلام ما يدعو لان يتحول المسلمين الى مجرد خراف لاتملك الا المعمعة بوجه جزارها ، هناك الجهاد فريضة لاتقل اهمية عن الصلاة والصيام والحج والزكاة ، فما الذي يمنعهم عن التمسك به غير انجرارهم وراء متع الدنيا ، وهم من كانوا بقول ان الركض وراء المنافع الدنيوية عمل من اعمال الشيطان ، فأي شياطين ماكرين هم ..!؟ 
هكذا فهمت اسباب اختيار الاستاذ الشماع لدراستي ليجعلها موضوعا لمقالاته الستة .
لاشك ان عرض افكار كاتب ما من قبل كاتب اخر تعني استحسان الاخر لما كتبه الاول ، ولايمتلك الانسان حيال هذه الظاهرة ا لا ان يشكر الاستاذ الشماع ، خاصة وانه لم يسبق لي التعرف عليه الا برسالتين من خلال الانترنت . لكني  كنت  اطمع ان يطرح الاخ الشماع نقدا موضوعيا للافكار الواردة في الدراسة ،  يعززها او يكشف ما فيها من عوامل ضعف   ، خاصة وانه صاحب تجربة وخبرة واسعة تمكنه من هذا . ولم تكن هذه وجهة نظري الخاصة فقط ، بل هي ملاحظة يمكن ان يلتقطها القارئ النبه ، والمثقف المتابع لما يجري في الساحة العراقية ، كما هو ظاهر من الملاحظات التي ارسلها لي الاستاذ عامر العاني تعقيبا على المقالات التي كتبها الاستاذ سلام الشماع .
يقول الاستاذ عامر العاني : "جاء عرض الشماع عن محتوى افكار الحسيني ، وكانها تلقى الاستحسان والرضى من دون اضافات يمكن ان تعزز من وجهة نظر الحسيني ".
النقد يعزز الافكار ويشحذها ، او يفندها ويكشف عدم صحتها . وفي كلتا الحالتين ، وفي موضوعات  تتلعلق باوضاع العراق الحالية وما يجري فيه من تحرك شعوبي وتزييف للعقائد  والحقائق الدينية منها، اوالواقعية بهدف الغاء  هوية العراق العربية ،وعزله عن محيطه العربي ، وانهاكه كدولة وشعب بصراعات مفتعلة لتعطيل نموه ،وعزله عن اداء ادواره القومية ومساهماته في معالجة قضايا الامة وحل مشكلاتها . تصبح وظيفة النقد الملتزم والهادف جزء من الوظيفةالوطنية للكاتب الملتزم بقضايا امته  . نحن لانكتب   للتسلية واستهلاك الوقت بل لنساهم في هذا الصراع جنبا لجنب مع المقاتل في صفوف المقاومة الوطنية ، من خلال كشفنا لزيف الاخر وبطلان دعاويه الدينية الكاذبة وكشف استثماره وتوظيفه للدين في خدمة عدو محتل ، ولأغراض دنيوية ليس فيها ما يكشف  عن ما نعرفه من صفات المسلم من تقوى وورع وخشية من رب العالمين ( عز وجل ).
الا اني لاحظت كما لاحظ الاستاذ عامر العاني في ملاحظاته التي اشرنا اليها اعلاه ، ما ورد في الحلقة الثالثة من الحلقات التي كتبها الاستاذ الشماع   " المظلومية لعبة شاهنشاهية "  عن خلاف في التقيم لدور عائلة الحكيم الخيانية منذ الاب محسن الحكيم حتى الكتاكيت الاحفاد الصغار . يقول الاستاذ  الشماع  :" إني قد أتفق مع السيد الحسيني على أن باقر الحكيم تبنى هذه المقولة فعلاً ( يقصد بها مقولة مظلومية الشيعة )لارتباطه بإيران وتنفيذه لأجندتها كما رأينا بعد احتلال العراق وقبله أخوه مهدي الحكيم الذي كان مرتبطاً بالغرب، ولكني، وعلى الرغم من العلاقات الطيبة التي ربطت المرجع محسن الحكيم بشاه إيران، يومئذ، أستبعد تورّطه في مثل هذا الأمر، لأنه كانت تربطه بالأخوين عارف علاقة مماثلة وقد هيأ عبد الرحمن عارف طائرة خاصة للمرجع الحكيم يوم ذهب حاجاً إلى بيت الله وفي مناسبات أخرى، وأظن أن من صعّد وتيرة هذه المقولة، وقتئذ، هو الأحزاب الطائفية وفي مقدمتها حزب الدعوة."
" قد اتفق " هذه توحي بعدم الاتفاق ، كما لاحظ ذلك الاستاذ عامر العاني .الا ان الوقائع على الارض ترجح ما قلناه ، وتبدد حيرة الاستاذ الشماع في التردد في الاتفاق . لم تكن علاقة محسن الحكيم بالاخوين عارف جيدة ، او هي كانت جيدة من طرف الاخوين عارف ، عدوانية ، جاحدة من قبل الحكيم .
ففي زمان الرئيس عبد السلام عارف طرح شعار الوحدة مع مصر بقوة من قبل الجماهير المتعاطفة مع عبد الناصر والحركة الناصرية في العراق . وتظاهر او استجاب الرئيس عبد السلام  لهذه الرغبة الجماهيرية ،باتخاذ بعض الخطوات التي توحي بقرب اعلان الوحدة وتعزز التقارب العراقي مع الجمهورية العربية المتحدة – مصر الناصرية – ما اثار مخاوف اسرائيل وايران الشاهنشاهية .
 تقرب الشاه من محسن الحكيم  ، باعلانه تاييد مرجعية الحكيم من خلال برقية التعزية التي بعث بها الشاه للحكيم معزياً بوفاة بوفاةالمرجع الاعلى السيد حسين البروجردي عام  1961، التي فهمت على انها تفضيل للحكيم على غيره من المراجع .(فهمي هويدي : ايران من الداخل ، ص : 27 ) . كما فهمت هذه الخطوة على انها محاولة من الشاه لابعاد المرجعية من ايران ، والتخلص من مشاكلها .
جاء التقارب العراقي – المصري ،في عام 1963 ، ليرد الحكيم لسيده الشاه بعض من افضاله ، ونعتقد ان كل سلوكيات الحكيم   تمت باتفاق تام مع الشاه   ، ولم يكن موقفا تزامن عفويا بدون ترتيب . قام الحكيم واولاده للترويج لفكرة طائفية عبد السلام عارف ، مستثمرا ظروف التنمية وتطور النظام التعليمي في العراق  ، حيث بلغ عدد خريجي الكليات في العراق حجما اكبر مما تتسع له دوائر الدولة للتوظيف . ورغم ان البطالة طالت الخريجين من الطائفتين ، الا ان المرجعية كانت تصور الامر وتلبسه لباس الطائفية ، وتروج الى ان الحيف وقع على الخريجين الشيعة فقط .
لاشك ان تزايد عدد العاطلين من خريجي الجامعات ، ادى الى تشديد القبول في هذه الجامعات ، فانتشرت الظاهرة نفسها بين خريجي الدراسة الثانوية الذين لم يقبلوا في الجامعة بسبب تدني معدلاتهم النهائية .
كالعادة فالطالب المحبط من عدم قبوله بالجامعة او ذاك العاجز عن ايجاد وظيفة كلاهما يبحث   عن مبررات لتفسير فشله بالحصول على معدل مناسب لتحقيق رغباته ، ليطمئن بها الضغوطات النفسية التي يتعرض لها من لومه لنفسه او كسله . فوجدت تخريصات الحكيم أُكلها بين الناس ، وواقع الحال يؤشر ان عبد السلام وليس الطائفة كان يخضع لقمعا طائفيا من قبل المرجعية لصالح الشاه .
ثم جاءت القرارات الاشتراكية التي لم يتضرر منها الا كبار التجار السنة مثل محمد حديد ، الدامرجي ، جقمقجي .فاضفى عليها الحكيم صفة الخطوة الطائفية المقصودة لمحاربة التجار الشيعة .
ان الرعب الذي انتاب كل من الشاه واسرائيل من التقارب العراقي – المصري  ، دفع الدولتان للتعاون في اتخاذ مجموعة من الخطوات لزعزعت الوضع في العراق .فالاول مرة تسجل الوثائق تدخل اسرائيل لمساعدة المتمردين الاكراد عام 1963، عن طريق ايران .
ولم يكتفي الشاه بتحرك المرجعية ، بل ارسل سفيرا متخصصا بعلم النفس الاجتماعي للعراق يدعى- البير استه- ، ولايخفى ما معنى هذا التخصص من تدريب ومعرفة  بكيفية التعامل مع الجماعات و التاثير فيها  ، وكيفية صياغة الاشاعة المؤثرة في العقل والسلوك . ويذكر وير الخارجية العراقي في حينها الاستاذ صبحي عبد الحميد الذي حضر حفل تقديم اوراق السفير الايراني الى الرئيس عبد السلام ، كيف ان البير استه استهل حديثه مع عبد السلام بالقول : " يهديكم جلالة الشاه تحياته ويوصيكم خيرا بالشيعة والعتبات المقدسة " مما اضطر عبد السلام ليظهر غضبه بالقول : قول لشاهك ان الشيعة اهلنا وهم بخير ، والعتبات عتباتنا ، وماله دخل بيهم . واعلن عبد السلام عن انتهاء المقابلة .
ليس هناك في سلوكيات عبد السلام مايعكس اي انطباعات طائفية ، ففي زمنه ولاول مرة في تاريخ الوزارات العراقية يتم توزير تسعة وزراء شيعة  من أصل 22 وزيراً في الوزارة التي شكلها طاهر يحيى  في أواخر عام 1963 .  ويشكل هذا الرقم نسبة 40% من الوزراء ، وعند الاخذ بنظر الاعتبار عدد الوزراء الاكراد ، يعني أن الشيعة ولاول مرة يتقاسمون الوزارة مناصفة مع السنة ، الامر الذي لم يحصل حتى في زمن عبد الكريم قاسم الذي يبرئه البعض من الطائفية لان سياسته اتجهت لضرب القيم الاسلامية ككل ، حيث بلغت نسب توزير الشيعة في عهده  31 % ، 21% .  (- مجيد خدوري ، العراق الجمهوري  ، ص : 324)
كما كان رئيس الدائرة المخصصة لاختيار وتعين الموظفين لجميع دوائر الدولة ، مؤسسة الخدمة العامة ،  شيعيا . فجميع دوائر الدولة تبعث عادة كشفا بعدد ما تحتاجه من الموظفين وتحدد نوعية اختصاصاتهم الى هذه الدائرة التي تعلن عن توفر الشواغر المطلوبة ، وتتولى  هذه المؤسسة اختبار المتقدمين وتنهي عملية اختيار الناجحين منهم قبل تحويلهم للدائرة المختصة . اي ان عملية توظيف الخرجين الراغبين بالعمل في دوائر الدولة تخضع لاشراف شيعي من الاسياد ، ويغدو اتهامه بالطائفية ضد الشيعة ليس الاتخريصات مغرضة لاتراعي تقوى الله ومخافته .
حاول عبد السلام  تصحيح سوء الفهم ، ان كان عفويا ، باللقاء المباشر مع محسن الحكيم . الا ان الاخير رفض متحججا بحرمة القرارات الاشتراكية .
 هكذا نجد أن عبد السلام هو نفسه من خضع لعملية ابتزاز طائفي لصالح الشاه الخائف من تنامي التيار القومي العربي ، ولم يكن طائفياً في سلوكه الاداري ، ومن الصعب الحكم على نواياه ، لمجرد أنه كان متديناً سنياً بعكس الملحد العلماني عبد الكريم قاسم الذي كان يحضى برضى الحكيم وتاييده . ولم تفسح مرجعية الحكيم اي طريق لتسوية خلافات طائفية صنعتها دوائر الشاه الاستخبارية في زمن عارف المؤمن.
اما تحسن علاقات الحكيم مع الرئيس عبد الرحمن عارف الذي اشار له الاستاذ سلام الشماع ، يعود الى ان التيار الوحدوي ، والتقارب مع الجمهورية العرية المتحدة اخذ منحى اخر لايؤشر الى احتمالية قيام الوحدة بين البلدين ، بعد الخلاف الذي برز بين الضباط الوحدويين وعبد الرحمن عارف ، مما طمئن مخاوف الشاه ، وتابعه محسن الحكيم ، الذي لم يجد ضيرا من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها له الدولة ، رغم ان القرارات الاشتراكية ، التي وضعها شرطا للتقارب مع عبد السلام ، لم تلغى في زمن عبد الرحمن . وازمة الوظائف والخريجين تفاقمت ولم تحل .
كانت مشكلة الخريجين من الامور الضاغطة على الحكومة ، حتى اني اتذكر ان رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز جعل منها موضوعا لأحد لقاءاته التي كان يقدمها كل اربعاء من على شاشة  تلفزيون بغداد . وتشاء الصدف ان استمع لنفس الحديث عن نفس المشكلة قبل حوالي اسبوعين من محطة تلفزيون العراقية في لقاء مع وزير التربية الحالي خضير الخزاعي، ليناقشها بنفس منطق البزاز وليقترح نفس الحلول . خريجين اكثر من حاجة دوائر الدولة . ولا حل . لماذا تغدو المشكلة  موقفا طائفيا في وقت عبد السلام عارف  ، وهي اليوم مشكلة طبيعية تعتبر دلالة على وعي الانسان العراقي المصمم على كسب المعرفة ، كما يقول الوزير الحالي ..!؟
الملاحظة الاخرى التي تعكس اختلاف في النظر للامور بيني وبين الكاتب الاستاذ سلام الشماع هي  ملاحظته التي ذكرها في الحلقة الاخيرة :
:" الواقع ان الأفكار التي طرحها الدكتور موسى الحسيني وإن كانت قد اتسمت بالحدة شيئا ما  ، لكنها اتسمت، بقدر أكبر، بالموضوعية والمحاججة المنطقية التي كشفت بوضوح كيف يتعامل بعض الناس بازدواجية مع الآخرين وبالأسلوب الظالم (الكيل بمكيالين)، فيحللون المحرم لأنفسهم ويحرمون المحلل على الآخرين، كما كشفت خطر الطائفية على عموم أبناء المنطقة." 
واركز هنا ، وانا اتحدث عن اختلاف على  الجملة التالية : :" الواقع ان الأفكار التي طرحها الدكتور    موسى الحسيني وإن كانت قد اتسمت بالحدة شيئا ما "                                         
ولعل مصدر الاختلاف يكمن في ان الاستاذ الشماع لم يطلع على ما يبدو على النشرات والبيانات وحتى الكتب التي نشرها حزب الدعوة او المجلس الاسلامي ، في مرحلة معارضتهم للنظام الوطني ، وما تتصف به من حدة واستخدام لمصطلحات اقل ما يمكن ان يقال عنها انها شتائم صريحة لكل من يتعامل مع الغرب الاستعماري او الاستكبار الغربي كما يقولون . فكل مصطلح يوحي بالقسوة ، هو ليس من اختراعي او ابتدعته انا بل هي مصطلحاتهم هم .
اعيد كتابة بعضها كما وردت في مجال استخدامها ، مع الاشارة الى المصادر التي وردت بها :
نصوص من بيان التفاهم الصادر من حزب الدعوة في عام 1982 :
"ويلعب ساسة الدول الكبري ببلادنا ويقسمونها، ويستولون علي خيراتنا، ويسلطون علينا من لا يرحمنا من اليهود والعملاء، وان عذاب الانسان في فلسطين والساواك ومخابرات الحكام في البلاد العربية اوضح شاهد علي ما يقوم به المستعمرون في بلادنا علي ايدي حلفائهم اليهود واتباعهم الحكام.
واصبح الكثير من ابناء امتنا ينساق وراء العملاء الفكريين والسياسيين ويقلد حياة المستعمرين تقليد القردة دون تفكير". ص: 3
"ان تفريق المسلمين وضرب الحركة الاسلامية ببعض علماء الدين باستعمال سلاح التفرقة المذهبية انما هو ضلال مبين، ولا يقوم بذلك الا عميل نذل". ص: 27
"وسيلجأ الاستعماريون واذنابهم الي لباس الاسلام ليمتص النقمة الشعبية الاسلامية، ويبعد بعضنا عن بعض.فلا ينخدع أحد بألاعيب الاستعمار الكافر" ص: 12
نص ماخوذ من البيان التاسيسي للمجلس الاسلامي الاعلى للثورة الاسلامية في العراق :
وبعد مناقشت الفرق بين العمل السياسي والعمل الجهادي وتأكيد البيان لرفض العمل السياسي ، يقول البيان معرفا العمل السياسي اولاً : " ولايعني العمل السياسي الا التفاهم المطلق مع الاستكبار العالمي ، والمستكبرون ليسوا أناس مغفلين  او ضعفاء العقول يمكننا تحقيق أهدافنا عن طريقهم ونحتفظ بوجودنا وأستقلالنا ، فالأستكبار العالمي يرى نفسه ( الرب الأعلى ) الذي بيده زمام الأمور ، والتفاهم معه يعني الأستسلام المطلق له .
ونقول للبعض ممن يفكر بهذا الشكل ، أن الأستكبار اذا أراد التفاهم فأنه لايتفاهم مع الطيبين من أبناء الاسلام ، لأنه لايحبهم ولا يراهم مؤهلين لهذا التفاهم ، وهناك أناس أقرب الى ذوقه وفهمه وتفكيره وأخلاقياته يراهم 
مؤهلين لذلك ، ويمكنهم ان يتحولوا الى أتباع ، ونحن  لايمكن ان نتحول الى اتباع ، وأقول لهؤلاء المسلمين الذين لديهم رغبة في ذلك حيث نلاحظ  مع الأسف هذه الظاهرة عند بعض الاشخاص ممن كان يطرح الشعارات الاسلامية ويتحدث بالاسلام ينحدر تدريجيا بهذا المنحدر ويتحول بالتدريج الى تابع وعميل للاستكبار لحل مشاكله ، ونحن نقول لهم ان الأ ستكبار مع ذلك لايقبل بكم ويختار غيركم ويستخدمكم مخلب قط لايذاء اخوانكم."
والسؤال المطروح ، لو رفعنا اسماء المصادر التي وردت بها هذه النصوص ، الا تجدها تعبر خير تعبير عن واقع حال الاحزاب المتاسلمة الان ، وتوصفها بدقة .
فما الذي تغير هل هو الاسلام الذي يدعون تمثيله ام انهم  هم من انحرف عنه ..!؟
هذه النصوص بما فيها من قسوة على من تسول له نفسه ان يصطف بصف العملاء والخونة ، تظل منطقية ومقبولة بل ومعبره عن حقائق ملموسه ،كما انها مؤدبة جداً حيال الكلمات النابية التي شتم بها المجلس الاعلى كل من السيدين محمد صادق الصدر ومحمد حسين فضل الله ، بنشرات كان يكتبها ويوزعها كل من صدر الدين القبانجي ، وجلال الصغير ، بتحريض واشراف مباشر من قبل باقر الحكيم .كانت من البذاءة بحيث لايستخدمها الا ابن شارع غير مؤدب .
لذلك لم تكن الحدة بما تعنيه من قسوة ، اوشدة هي من سمات مقالاتي ، بل هم من اصبح بموقف اسوء مما وصفوا به اعدائهم . والتوصيف موقف موضوعي ، والحدة قد تكون موقفا متاثراً بالانفعالية . ولم اكن منفعلا لان الحقيقة ان هؤلاء الناس الذين اتكلم عنهم كانوا معارف او اصدقاء لي او للمرحوم السيد الوالد ، مما يفرض علي ان امتنع عن القسوة عليهم او شتمهم التزاما بالاداب العامة الشائعة والمقبولة اجتماعيا في عرفنا وتقاليدنا  ، لولا ان مواقفهم الخيانية لم تتوقف عند حد الالتزام الشخصي الخاص بهم  لكنهم عمموها لتمس كل المصالح الوطنية للبلد  والشعب ، فهو ليسوا الامخالب قط يستخدمهم الاعداء لجر الشعب الى نفق مظلم  .
لايمتلك الانسان الا ان يشكر الاستاذ سلام الشماع لاختيار مقال " اعلان المبادئ سقوط للمالكي ام للاسلام السياسي ." كموضوعا لمقالاته الستة المشار اليها اعلاه والمنشورة في جريدة البلاد البحرينية . كما نتمنى ان ان يتحمل نقدنا لبعض ملاحظاته ، اكمالا للفائدة .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق