الجمعة، 26 فبراير 2010

القومية العربية ونظرية الرعب


بلا أدنى شك أن فكرة القومية العربية وطرحها في أي زمان تشكل جدار واقي من كل الأطروحات والتدخلات الهادفةالعبث في شؤون الأمة .
 بقلم ./ سميح خلف

 وبالرغم من أن فكرة القومية العربية وجدت من يهاجمها ومن ينسبها إلى منابع علمانية ، ووقفت فكرة القومية العربية أمام تحديات من المعسكر الغربي وبعد ظهور زعامة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمحاولة التطوير في فكرة القومية العربية المبنية على التاريخ المشترك واللغة والعادات والتقاليد ، فكان لجمال عبد الناصر الريادة في طرح الجانب الإقتصادي والجانب الوطني والجانب الأمني كبرنامج تطبيقي نحو تكامل الجغرافيا والفكر في الوطن العربي .
 فكرة القومية العربية بلا شك أنها ترعب أكثر من طرف ، وتعري أي نظريات أخرى أثبتت فشلها في معالجة القضايا التي تعاني منها الأمة .
 ولولا انهيار برنامج القومية العربية بفعل أكثر من مناخ وتداخل وتجاذبات على المستوى الداخلي ومستوى القوى الإمبريالية لما تعرضت الأمة العربية لعمليات التهميش وتعرضت لمواقف الإستهتار في قواها وأرصدتها الشعبية .
 عندما كانت ثورة يوليو كمعبر حقيقي عن إرادة المواطن العربي من المحيط إلى الخليج فإنها قد قطعت شوقا في إذابة مصدات كانت قائمة ومحاولات لإلغاء وحدتها وثقافتها .
 تمثل نظرية القومية العربية والوحدة العربية ثقل رئيسي في موازين الرعب إن صح تطبيقها فلا يمكن أن يغزو الموساد أراضيها إلا وقد حسب ألف حساب على ما سيترتب على هذا الغزو ، لقد شهد القرن أواخر القرن الماضي وهذا القرن إنتهاكات واضحة من العدو الصهيوني وذراعه الموساد بالأرض العربية ، فكان إختراق الأرض العربية في تونس في عمليتين متتاليتين ، عملية حمام الشط ، وعملية إغتيال قائد الثورة الفلسطينية خليل الوزير ، في 16- 4- 1988 ف ، وكان في منتصف الثمانينات تقريبا في القرن الماضي عملية إنزال صهيونية على شواطئ الجزائر بحجة ملاحقة رجال الثورة الفلسطينية ، وامتد هذا التدخل ليقوم الطيران الصهيوني بتدمير المفاعل النووي العراقي ، ومن ثم إختراق الأجواء السورية وقصف منشآت تكنولوجية سورية ، ومنذ شهور قام الطيران الصهيوني بتنفيذ بعض العمليات على البحر الأحمر وما يقرب من حدود السودان بحجة ضرب قوافل السلاح المتوجهة لحماس .
 في السابق قام العدو الصهيوني بأكثر من إجتياح للجنوب اللبناني وكان آخرها الإجتياح الأكبر الذي خسر فيه العدو الصهيوني إرادته العسكرية وحجته بأن جيشه الذي لا يقهر على أيدي رجال المقاومة اللبنانية ، وكما حدث بالقطع في قطاع غزة والهجوم البربري على القطاع الذي خلف تدميرا شبه شاملا للبنية التحتية في القطاع ، وكان ضحيته 1500 شهيد ، غالبيتهم من النساء والأطفال .
  ومازال العدو الصهيوني ينتهك كرامة الأمة العربية في غياب فكرة القومية العربية وفكرة الوحدة وبتواجد أنظمة متشرذمة لا نستطيع وصفها إلا بالتحاقها ككنتونات تتبع معسكر الغرب وبالتحديد أميركا .
 مازالت إسرائيل في غياب القومية العربية تسعى لتهويد المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم عليه ، ومنذ يومين صرح الصهيوني بنيامين ناتنياهو بالحاق الحرم الإبراهيمي للتراث الصهيوني ، بالإضاف إلى مئات المستوطنات التي يعلن عن إقامتها العدو الصهيوني في الضفة الغربية ، وبالتحديد في مدينة القدس .
 كان لا يمكن أن تطفو على السطح وعلى واقع الحقيقة نظرية الجدران والفواصل في وجود فكرة القومية العربية ، وما كان لإسرائيل أن تبني جدارها الذي يقطع الضفة الغربية ، وما كان لنظرية الأمن القومي في مصر أن تتجه نحو بناء جدار فولاذي على حدود غزة التي هي قطعة من الأرض العربية والأمة العربية وشعبها هو القريب من العادات والتقاليد واللغة والدين من اخوتهم في الشعب المصري .
 لا يمكن لهذه الأمة أن تنهض إلا بفكر القومية العربية وببرنامج قومي عربي تتجرد فيه الأنظمة من شرذمتها التي تجعلها في حاجة إلى الحماية من دول الغرب .
 القوميات هي سمة من سمات الدفاع عن النفس وإثبات الذات كما هو الحال واتجهت إليه عدة أمم وآخرها الأمة الإيرانية ، في مجهودات لتحقيق وجودها على أنقاض برنامج القومية العربية وغيابه عن واقع الحقيقة ، حيث سرت لغة التشرذم وثقافة التشرذم التي نقلتها الأنظمة إلى شعوبها .
 من الطبيعي أن حالة الضعف وحالة الإقليمية البغيضة هي وسيلة من وسائل الدفاع للأنظمة عن مصالحها ووجودها ، فإذا كان هناك تشرذم فإن حالة الضعف الفكري والثقافي ستطفو على المجتمع وبالتالي ستبقى الشعوب أسيرة قضايا التشرذم وأطروحاتها ، وكما حدث أخيرا في مباريات كرة القدم بين الشقيقتين مصر والجزائر .
 إن البرنامج القومي وبرنامج الوحدة العربية هو الذي يقي حدود الأمة ويحفظ كرامتها ويحقق أمانيها ، ولو كانت القومية العربية فكرا وتطبيقا موجودة الآن لما استهتر الموساد بأراضي الإمارات الشقيقة وجعل أراضيها مرتعا لأغراضه العدوانية على المناضلين الفلسطينيين ، ولو كانت فكرة القومية العربية موجودة فعلا وقولا لما استطاعت أميركا أن تحشد جحافلها العدوانية لمساعدة بعض الأنظمة الارتزاقية الفاشلة بمساعدة هذا العدوان لضرب احدى القلعات المهمة في حياة الأمة ، وهي العراق .
 كل هذه المصائب التي أتت على الأمة بالوبال ما كان لها أن تحدث إذا توفرت عوامل ناجحة تقود الأمة في مواجهة الإرهاب الصهيوني أولا والأميركي ثانيا والقوى المضادة ثالثا .
 فهل نعي ما هي قوة القومية العربية ؟ وما هي تأثيراتها على الوجود العربي ؟ ..
 وطابت أوقاتكم ..

هناك تعليق واحد:

  1. الأخ سميح خلف
    تحية طيبة وبعد...
    عن تأثير القومية العربية على الوجود العربي نقول: هذا التأثير على أهميته يبقى قاصراً أمام تأثير العقيدة الإسلامية عليه. ولهذا لا زلنا نرى السعور الإستعماري منصباً في غالبيته العظمى على محاربة العقيدة الروحية وحاضنتها القومية العربية. فالإستعمار يرى في القومية العربية والعقيدة الإسلامية الخصم اللدود، فهو يعلم بأنها أفضل من يمثل عملية تحرير الأمة. هذه الأمة التي ليست ولا يمكن أن تكون يوماً في حقيقتها عدوة لأحد لا يناصبها العداء. بكلمات أخرى، أنها (الأمة وقوميتها وعقيدتها) في حالة الدفاع عن النفس، فمنطق العداوة مفروض عليها قسراً. وتوضيح وشرح وغربلة الأطراف المعنية خاصة في العقيدة الإسلامية والقومية العربية لهذا الأمر عبر كل الوسائل السلمية المتاحة خاصة الإعلامية والدبلوماسية والثقافية والفكرية، من أكبر الأسلحة الفاعلة ليس لتعرية عدوان وطمع وجشع المستعمر أمام الرأي العام العالمي فحسب، وإنما للمساهمة في دحره كذلك. شكرا.
    سالم عتيق

    ردحذف