الأحد، 21 مارس 2010

الحكومات لا تحب البوس


وليد السبول
لا شك أن المعاصر لكافة الحكومات الدكتاتورية يكتشف أنها لا تحب البوس! كيف يمكن أن نكتشف ذلك وبكل بساطة لأننا نعلم جميعا أنها حكومات لا تحب الشعوب التي لها أفواه. إن كانت المشكلة في التغذية فالمسألة أبسط من أن تحل. الأمصال والتغذية عن طريق الأوردة في الأذرع أصبحت سهلة وبسيطة ولكنها تتطلب أن يكون للمواطنين أذرعا كثيرة لزرق الإبر و المحاليل وهذا مرحب به ومطلب أساسي للحكومات لأنه بتعدد الأذرعة يسهل التصفيق وهذا ديدنها وعشقها وغرامها. المشكلة أنها كثيرا بل وفي أغلب الأحيان تصدّق نفسها حين تأمر زبانيتها وعملائها بكثرة التهريج والتصفيق وهذا حدث كثيرا إبان حكم ستالين وصدام حسين حين كان يقاس ولاء المرء بتوقفه عن التصفيق كآخر فرد وأن كفّاه ما شاء الله عليهما تصفقان حتى الإحمرار بل وحتى الإلتهاب، المهم أن طويل العمر راض وسعيد لكن، من يضحك على الآخر؟؟؟ الكل يدري
أن تقوم حكومات بتخفيض رواتبها بنسبة 20% فهو جميل بل وأروع من رائع لكن أن تصل المسألة لهذه الدرجة من الإستخفاف بعقول الملايين، ولا داعي للملايين فلنقل مئات الألوف فهو كثير. من منكم أيتها الشعوب المقهورة، المبعوطة، المبطوحة، المنبعجة الملعون سنسفيل أبوها لم يفهم اللعبة؟ 20% من رواتب الوزراء ستذهب إلى الفقراء وبحسبة بسيطة فإن راتب معالي الوزير الأساسي إن وصل إلى ألفي دينار فمعناه أن أربعمئة دينار من راتبه ستذهب للفقراء وبمعدل ثلاثين وزيرا يصبح قيمة المبلغ الشهري الذي سيدخل جيوب الفقراء إثني عشر ألف دينار للحكومة بأكملها أي بما معناه مائة وأربعة وأربعون ألف دينار ستتوزع سنويا  في كل عام على فقراء الوطن شرقه وغربه شماله وجنوبه، فليهنأوا وليسعدوا بهذا الكرم الحاتمي وهذا السخاء الذي لا قبله ولا بعده. والسؤال الذي يطرح نفسه والذي لا بد أن كلا منا سأله علنا أو سرا هل يا ترى شعر أي من هؤلاء الوزراء بنقصان قيمة دخله الشهري بمبلغ أربعمئة دينار شهريا؟ هل إذا أصدر معاليه شيكا بقيمة راتبه حسب العادة سيكتشف أن شيكه أعيد من البنك لعدم كفاية الرصيد بقيمة أربعمئة دينار خصمت من حسابه وذهبت لأفواه الفقراء لإشباع جوعهم وعطشهم ودائهم ودوائهم وعلمهم مدارسا وجامعاتهم ومواصلاتهم وتدفئتهم وأسمالهم وحتى كفنهم وقبورهم! والسؤال الأهم والأكبر هل من هؤلاء الوزراء معني بهاته الألفي دينار أن تصله كراتب أم لا تصله. هي لا تمثل لأغلبهم أكثر من قيمة عزومة أو اثنتين أو سفرة لأحد الأبناء لبريطانيا كي يرى صديقته أو رسم انتساب لإبنته الصغيرة لمعهد رقص البالية. يا إخوان نقول كما قالها رسول الله دعوها فإنها منتنة. أنا شخصيا متنازل عن حصتي من هذه النسبة إن كانوا احتسبوني من الفقراء وسأقبل رزقي كما هو دون حبة مسك وبركة منهم.
ثم علمنا أن الحكومة قد أبدعت وتألقت في قضية كشف الفساد في مصفاة البترول فشكرنا وحمدنا بثناء ما بعده ثناء ثم قيل لنا أن القرار قد صدر بكشف الغطاء عن كل قضايا الفاسدين وانتظرنا فإذا المعني هو فقط رجل الأعمال خالد شاهين وبأنه الفاسد الأول وراء فساد البلد كله، ذلك الرجل الذي كان يسافر بطائرته الخاصة إلى مصر فيستقبله رئيس وزراءها على درج الطائرة ولم يكتشف أي فساد هناك في مصر سوى الإستثمارات الناجحة، وفي الحقيقة لا أعلم من اصطدم معه هنا حتى أدّى لأن يسجن كالمجرمين. لا أدافع عن الرجل لكن منع الإعلام من أن ينشر التفاصيل خطأ.
كيف يتم التغطية على كل قضايا الفساد فهذا أمر لا زال يحير. عشرات من قضايا الفساد بالمليارات تكتشف وتعلن ثم تطمر فلا أحد يعرف لها مصيرا. أموت وأعرف مصير السيارة التي هرّب بها سعادة النائب السابق المخدرات والعملات المزورة. فإن كانت لا زالت في حوزة الحكومة فالبلد بألف خير أما وإنها عادت إلى حوزة النائب السابق فتلك طامة كبرى وفساد لا بد من أن تحته أياد تتبادل المعلوم والتعليمات.
قضايا لأ احد يجرؤ حتى أن يحقق بها كقضية الإتفاقية الحصرية التي منحت إلى شركة جت. اتفاقية ملوثة من ألفها إلى يائها والأموال تهرب من خلالها بالملايين دون أن يملك أحد أن يحقق بها. ملايين تدخل جيب أحدهم أو فلنقل جهة ما ولا أحد يملك أن يسأل حتى من مساهمي الشركة.
شركة مصفاة البترول تربح الملايين فيصدر قرار بأن تحدد نسبة الربح ب8.5% وهذا لا غبار عليه لكن أين ذهبت بقية الأرباح وهي بالملايين وإلى جيب من دخلت وكيف صرفت فهذا ما لا يعلمه إلا الراسخون في العلم وأولياء الله؟
أراض بمئات الدونمات صودرت واستملكت ثم بيعت بعد أن مدت إليها الكهرباء والمياه كما مدت لأرض متنفذ آخر في أعالي ضواحي عمان بينما لم تزل لا تصل إلى أراض حولها وفي الطريق إليها. قصر ومزرعة في رأس الجبل أصبحت جنة دون أن تدفع فلسا حتى ثمن الماء الذي يستهلك بينما جيرانها لا تصلهم الكهرباء ولا الماء بل هم أصلا خارج التنظيم.
آراض صودرت واستملكت وقيل أن الواجهة هو الضمان الإجتماعي فهل لا زالت مسجلة باسمه؟. أموال الضمان الإجتماعي التي هي بالمليارات رصيد الأجيال، توزع ذات اليمين وذات الشمال دون حساب. رواتب عالية بل ضخمة وأعطيات دون أي سند أو منطق. أحدهم صاحب موقع الكتروني تم الإتصال به لأخذ حصته فقال ولكنني لم أبعكم شيئا فقالوا له الكل يكسب فتعال اكسب وخذ الشيك ولا داعي لأن تستنكف وإلا راحت عليك فذهب وأحضر الشيك.
قد يبدو هذا مقالا جريئا أو ضعيفا بعموميته لكن ملخصه أن اللي على راسه بطحة يحسس عليها. أقول بلا مواربة أن الشعوب وإن استكانت وإن غلبت فاستكانتها لا تطول وغلبها وقهرها لن يطول. يكفيها فتيل من هنا وشرارة من هناك كي تتبدل الحكومات و تنهار وتطيح الرؤوس. أما دخول المدارس الفقيرة والإبتسام في وجه طلاب يرتعدون بردا وأهلهم يرتعدون في كل فصول السنة فلن يؤدي لنتيجة سلمية. ويبقى الضحية الأولى هو الوطن الذي تنهب أمواله ويظل يدفع الرواتب التقاعدية والميزات الضخمة دون وجه حق.
أنا أنبه المسؤولين في كل حكومات الأرض بأن بركانا قد يتفجر تحت الأرض دون أن يروه. تزين للمسؤول بطانته أن الأمور مسيطر عليها وأن الأمن مستتب لكن أنا الذي أصدقكم القول فلا أمن مسيطر ولا أمن مستتب. الأمن الحقيقي هو فقط ما يغلي في الصدور عندما يرون ثروات الوطن أرضه ومقدراته تباع وهم لا يملكون إيقافا ولا تدخلا. عندما يرون مجالس نيابية عينت تزويرا بالعين والشاهد والإعتراف من قبل منظميها ومسؤوليها قبل أن يلاحظها الغريب. ثم حل للمجلس النيابي دون أدنى تفسير. فقط شيء ما ربطها وشيء ما حلها ولا أحد ملزم بأي تبرير. نواب لهطوا وزوروا و تكسبوا من مجلسهم الموقر ولا حسيب لهم ولا رقيب عليهم. الناس تعلم أين الخلل. لا زيارة هنا ولا بيت لفقيرة يبنى هناك يشفي ما في الصدور. الناس مليانة وقلوبها عمرانة. الأعطيات الشخصية والإنتقائية لم تعد تؤدي دورها. الناس تريد أن تعرف أين تذهب ضرائبها. أكثر من مائتي ضريبة تدفع فإلى أين ومن هو المستفيد. الشعب لا يمانع أن يدفع لكن يجب أن يعرف كيف ولماذا وأين؟؟
اجتماعات على مستوى القمة والكل يطمئنون صاحب القرار أن لا تعبأ فالشعب تحت البنديرة وهي جاهزة لمن يرفع العين قبل الكلمة. أنا الكويتب البسيط أحذر من أن كافة استشارات هؤلاء المستشارين ستؤدي إلى الدمار وأهمها الإعتماد على الأجنبي. هؤلاء لا دين لهم ولا سياسة. في كل يوم لهم ولاءاتهم المختلفة وهم قادرون على أن يعيدوا الكرة بما فعلوه سابقا. ليس لديهم كبير إلا مصالحهم.
الفساد أصبح ينخر في البطانة. أتحدى إن كان واحدا في الوطن العربي كله لا يعرف من هو الناهب الأول للآثار وللذهب في باطن الأرض. اسألوا صاحب أي بسطة في أي زاوية شارع من هو أكبر ناهب للذهب المدفون وهو سيقول لكم، إن أعطيتموه الأمان. هذه مسألة بديهية أصبحت معلومة للأجانب قبل المواطنين. لديكم نائبا سابقا أنتقل بين يوم وليلة من فقير مطقع حتى العدم إلى مليونير كبير يشار إليه بالبنان ثم نائبا لدورتين. الناس تريد أن تعرف مصدر ثروته، هكذا وبكل بساطة فهل من مجيب؟ وجد ذهبا أم بترولا ساعده الجن أم ساعده اليهود وسهلوا له استثمار الملايين كل ذلك لا يهم. المهم أن يعرف الناس كيف ولماذا ومن قاسمه الجزء الأكبر من الغنيمة.
مسؤول كبير كان يسكن لعهد قريب جدا في شقة سكنية عادية أصبح وفي ظرف أشهر عدة يسكن قصرا بالملايين، كيف ولماذا؟ نريد كمواطنين أن نعرف المبرر. وعلى فكرة هم أكثر من مسؤول سابق نعرفهم واحدا واحدا فإذا كانت الصحف لا تتحدث بأسمائهم فالكل يتحدث في دواوينهم. وهذه هي القنبلة.
اسألوا عن دور النساء وكيف أصبحت تسيطر على قطاعات كبيرة من الأعمال بواسطة الأخوة وأبناء الأخوة وكيف توزع المناصب وتتحكم في الترقيات. كل هذا موجود ومن السهل إسكاتي وإخراسي وإلقائي في غياهب السجون لكن كل هذا لن يلغي أن الشعب يعرف ويتحدث، كبارهم وصغارهم مسؤوليهم وعامتهم.
أحذركم من رخصة اكسبريس للخلوي فهي قادمة وستنمح لها افضل الشروط وبأقل الأسعار. يقوم على الوزارة المعنية وزير كان مديرا عاما للشركة نفسها ويقوم على الهيئة المراقبة لهذا العمل أحد موظفيه في الشركة والجميع مرتبط بمصالح مع ألكبير الذي سيعطيهم الموافقة وكما تكررت رخصة أمنية ستتكرر مع اكسبريس والعايش يخبر أصحابه والميت راحت عليه الأخبار.
وأخيرا وعدتكم في البداية بوجه دون أنف وذرعان متعددة للتصفيق وصدقت معكم فأغلقت فمي لكن أصابعي بدلا من أن تنطلق بالتصفيق فقد انطلقت بالكتابة، إذا المطلوب للمواطنين أذرعة وأكفف بلا أصابع وهذا هو الحل الأمثل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق