الأحد، 21 مارس 2010

آلام الجنود الامركيين تحصد جوائز الاوسكار


ثامر الزغلامي
صحافي من تونس

على غير المتوقع فاز فيلم " خزانة الالم " باغلب جوائز الاوسكار و افضلها امام شريط " افاتار " الذي يفوقه في الميزانية و نسبة المشاهدة و التصور التقني… حدث لا  يخلو من سياسة و عاطفة اذا ادركنا ان طليقة "جيميس كامرون "مخرج"افاتار " هي التي قالت و هي تحمل تمثال الاوسكار لافضل فيلم انها تهدي هذه الجائزة الى الجنود الامركيين في العراق و افغانستان .
  في الحقيقة لم يتفوق " خزانة الالم" لكاثرين بيغلو على "افاتار"  الا بتزامن الحفل 82 للاوسكار مع العيد العالمي للمراة و بطرحه قضية مازالت الادارة الامريكية تبحث لها عن مخرج يلح سياسيا على الرؤية الامريكية المبشرة بالديموقراطية في كل انحاء العالم و يؤكد عسكريا على نظرية  تفوق جنود المارينز و كفاءتهم في ساحة المعركة .
 لم تغب الاعتبارات السياسية و الايديولوجية في تقييم الافلام المشاركة في مسابقة الاوسكار للاكاديمية الامريكية للعلوم و الفنون السينمائية… حيث عاد الحنين بلجنة اسناد الجوائز الى بطولات الجيش  الامريكي و انسانيته في الحرب العالمية الثانية و غزو الفيتنام و الحرب الكورية الامريكية عندما كان " سيلفيستر ستالون" يهزم جيوشا باكملها و لا يقتل طفلا و لا يغتصب امراة و يحمي المدنيين من شر اخوانهم .
 و انحازت اللجنة الى وجهة نظر الادارة الامريكية التي تعتبر جنودها طيور سلام يحملون الامن و الحرية و الرخاء الى العراق و افغانستان  فكان التتويج لخزانة الالم منصفا لالام العسكريين الامريكيين و مروجا للصورة النمطية للعربي المسلم التي دابت هوليود منذ مئة عام على تكرارها .
 من الاف الصور المتواترة في التقارير الصحفية منذ غزو العراق  الى الان اخرج الشريط صورتين وقدمهما في شكل يثير الكثير من التعاطف و الاعجاب...  الاولى هي خزانة الالم الملفوفة بالعلم الامريكي و العائدة الى ارض الوطن تحمل اشلاء جنود المارينز... اما الثانية فهي للمجند " وليام جيميس" المكافح بكل جراة و مهارة لتعطيل العبوات الناسفة التي يزرعها افراد المقاومة العراقية و ترحل " كاثرين بيغلو" معاناة خبير المتفجرات بحرفية عالية الى زوجته المقيمة في  الولايات المتحدة و منها الى الشعب الامريكي بواسطة الهاتف النقال الذي يستعمله "وليام" فقط لسماع صوت رفيقته البعيدة .
 و يذكرني هذا المشهد باغتيال  المناضل الفلسطيني " يحي عياش" مع اختلاف بسيط في ان الاخير لم ينل حظ عمل سينمائي و لولا "فيروز" لما تعرفنا على حادثة تصفيته المثيرة لمشاعر الحب و الوفاء و الانسانية .
 و بين المشهدين صور متناثرة للعراقيين في شوارع بغداد تقسمهم عدسة "كاترين بيغلو " الى طيبيين و اشرار او لنقل موضوعيا  الى مدنيين و مقاومة يشتركون في الفقر و الفوضى و الوجوه المتخفية .
 و رغم ان الشريط لم يبحث في مضامين الحرب على العراق و لم يعلن مساندته لليمين المؤيد او اليسار الرافض فانه لم يتنكر لقصة هوليود مع العرب الاشرار التي بدات منذ قرن مضى بتمجيده للجندي المحتل و تصويره للمقاومة اشبه بعصابة من اللصوص تهدد البلاد و العباد .
 و قصة العرب مع صناعة السينما في امريكا كان الكاتب الامريكي من اصل لبناني " جاك شاهين " لخصها في كتاب بعنوان" العرب الاشرار في السينما " وهو عبارة عن دراسة تحليلية لصورة العرب في 900 فيلم من انتاج هوليود خلص من خلالها الكاتب الى علاقة وثيقة بين الفن و السياسة في معالجة القضايا المتصلة بالعرب المسلمين بعدسة هوليود حيث بدا المشهد بصورة العربي المتخلف اللاهث وراء نزواته الجنسية و المبذر للاموال و انتهى الى العربي الارهابي المتعطش لسفك الدماء .
 و لا يعدو الفن و الانتاج الثقافي عموما استثناء في هزائم العرب العسكرية و السياسية و الاقتصادية  و صورتهم في سينما هوليود ليست مؤامرة  و انما هزيمة اخرى لشعوب فشلت في تصحيح الصورة و  ومازالت تبحث عن الفكرة التي تقنع بها الغرب بان العربي ليس ذلك الشيخ القادم الى امريكا و يريد شراء كل شيئ... و ليس ذلك الشاب الذي يحمل سيفا ليقطع به رقاب الاخرين .


                                                                       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق