الاثنين، 23 نوفمبر 2009

اللاجئون العراقيون ومخاطر تضاؤل التمويل الدولي


ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
تواجه الأمم المتحدة الصعوبات لتأمين أموال دولية لدعم ما يصل إلى 2 مليون لاجئ عراقي
 في كافة أرجاء منطقة الشرق الأوسط في ظروف المنع المفروض عليهم
 ممارسة العمل في الدول المضيفة.
     بعد أكثر من ست سنوات على غزو/ احتلال العراق، لا يزال حوالي 2 مليون عراقي عالقون في الدول المجاورة.. وتتزايد المخاوف من أن الدعم الدولي لهم في طريقه إلى التلاشي، مما يهدد في الأمد الطويل إثارة المزيد من الاضطرابات الإقليمية.
     في هذا الأسبوع بادر Eric Schwartz- مساعد وزارة الخارجية الأمريكية لشئون اللاجئين والهجرة- بأول جولة في المنطقة منذ توليه منصبه في تموز/ يوليو، وقدّم تقريراً قاتماً إلى اوباما عند وجوده في دمشق. وقال في مقابلة له يوم الأربعاء: "هذه لحظة حاسمة.. أنا في غاية القلق أزاء عدم كفاية الاستجابات لنداءات الأمم المتحدة لدعم المساعدات الإنسانية للعراقيين."
     طلبت المفوضية الأممية للاجئين UNHCR تمويل ميزانية تشغيلية للعام 2010 بمبلغ 166 مليون دولار لمواجهة المتطلبات الضرورية لعدد من اللاجئين العراقيين يصل إلى مليون لاجئ في سوريا. جمعت المفوضية الأممية فقط 55 مليون دولار وبواقع 83 مليون دولار دون ميزانية العام 2009. القصة متمائلة في أي مكان آخر من الإقليم.
     أخذت كافة جهود المفوضية تواجه التحديات، ويخشى المراقبون من أن يؤدي تضاؤل المعونة إلى خلق المزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية- التطرف والعنف بين مجتمع اللاجئين. "يُريد المجتمع الدولي أن يعتقد بأن الأمور تتحسن في العراق، من هنا يتجه إلى إعطاء اهتمام أقل للاجئين خارج البلاد،" وفقاً لدبلوماسي غربي طلب عدم كشف هويته.
     وفي حين أن الحديث عن الاستقرار في العراق يعكس صداه دولياً، فإن أكثر من 1000 لاجئ جديد يستمرون في التسجيل لدى المفوضية على مستوى الإقليم شهرياً. وهذا الرقم مطابق تقريباً لعدد العراقيين ممن يعودون إلى العراق أو تتحقق إعادة توطينهم في بلدان ثالثة. ومع اقتراب الانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في يناير القادم، هناك احتمالات من تجدد عدم الاستقرار، مما سيثير موجة جديدة من اللاجئين..
* الحاجة ماسّة للمساعدة  Desperate for help
      في مقر UNHCR بدمشق، يتجمع مئات اللاجئين وعلى نحو متواصل، وهم يسعون جاهدين الحصول على المساعدة. "ليس لديّ شيء، وبحاجة حقاً للمساعدة." وقال أبو علي- دون أن يكشف عن اسمه، حيث وصل إلى سوريا من بغداد قبل ثلاثة أشهر فقط في ظروف الهروب المستمر من العنف الطائفي: "اضطررت للمغادرة.. يقولون بأن الأمن قد تحقق، ولكن على أرض الواقع فالقصة مغايرة.. فما زال القتل على الهوية جارياً."
      شأنه شأن الكثيرين من اللاجئين المشتتين في أنحاء المنطقة، بخاصة سوريا والأردن، يُعاني أبو علي من نفاد مدخراته وقلقه المتزايد بشأن محنته plight- في ظروف حرمان اللاجئين من العمل من قبل السلطات المحلية- وليس راغباً في العودة إلى الوطن بسبب استمرار العنف. ويبقى دعم المفوضية شريان حياته الوحيد.
* نفاد اهتمام الجهات المانحة 'Expiration date' for donor interest
     لكن المفوضية تعترف بأن الاهتمام الدولي والدعم المالي يبتعد عن الأزمة، الأمر الذي يجعلهاغير قادرة على تلبية الحاجات الضرورية للاجئين اللذين طال أمد هجرتهم. "الحقيقة هي أن هناك تاريخ محدد لنفاد expiry date العمليات المبرمجة للمفوضية، والتصور القائم هو أن اهتمام الرأي العام والمانحين بالشأن العراقي قد نفد في وقت بالغ الحرج particularly critical.. ولكن على الناس أن لا يتصوروا إنتهاء حالة اللاجئين،" وفقاً لـ Andrew Harper- رئيس وحدة المفوضية للعراق.
     وأضاف Harper: إن حالة نمو الفقر impoverishment بعد خمس سنوات من اللجوء دون أن يُسمح للاجئين بالعمل وفقاً للقانون، جعلت حاجاتهم أشد إلحاحاً أكثر من أي وقت مضى. الكثيرون يعتمدون على توفير طعامهم من خلال المساعدة النقدية، وهذه المساعدة تخضع الآن لظروف اضطرارية باتجاه تقليصها نتيجة عجز الميزانية.
     في سوريا، الأردن، ولبنان، تنتشر حكايات الدعارة، تشغيل الأطفال، والزيجات القسرية forced marriages وعلى نحو واسع بالعلاقة مع محاولات اللاجئين اليائسة توفير حاجاتهم الأساسية.
     تقول كل من حكومة سوريا والأردن بأن اللاجئين يتمتعون بحرية الحصول على الخدمات الطبية والتعليمية المجانية في كلا البلدين، وهذه تكلف كل منها أكثر من بليون دولار سنوياً، وتشكو من محدودية الدعم الدولي. يلاحظ أن حكومة الاحتلال في بغداد ساهمت فقط بـ 15 مليون دولار لسوريا و7 ملايين دولار للأردن!!  
     وفي نفس الوقت، يقول Schwartz بأن الأمر يعود إلى الدول الأوربية لتنهض الآن، تُزيد مساهمتها، وتتحمل العبء عن طريق زيادة الدعم المالي، وترفع استعدادها لقبول المزيد من اللاجئين.. وتبقى حكومة الولايات المتحدة المساهمة الأكبر في دعم عمليات المفوضية الأممية، إذ ساهمت بـ 80% من ميزايتها العام 2009.
* حلول قليلة ما زالت متاحة Few solutions yet
     الحلول المتاحة قليلة في هذه اللحظة- بلدان مثل سوريا والأردن، هي أصلاً موطن لمئات الآلاف من اللاجئين بما يترتب على ذلك من أعباء اقتصادية وتحديات اجتماعية.. غير راغبة لقبول البقاء الطويل، وتمنع نشاطات تُلمّح إلى اندماج اللاجئين.
     ولكن في حين حصلت حالات طرد عراقيين لاجئين في البلدان المضيفة (المملكة المتحدة، السويد...)، فلم تظهر علامة على طرد كافة اللاجئين. أوضح الرئيس السوري بشار الأسد وعلى نحو صريح أثناء الاتهامات الأخيرة لحكومة بغداد لسوريا.. على أن الخلافات السياسية لن تؤثر على وجود العراقيين المقيمين في سوريا..
     كذلك هناك إعادة توطين محدودة للغاية بحيث تشكل قطرة في محيط بالعلاقة مع العدد الإجمالي للاجئين. تمت إعادة توطين 33 ألفاً فقط من اللاجئين العراقيين منذ العام 2007، والكثيرون منهم في الولايات المتحدة.
     وفي نهاية المطاف يتفق -Schwartz المفوضية الأممية للاجئين- والمنظمات غير الحكومية NGOs التي تتعامل أيضاً مع اللاجئين، بأن عودة اللاجئين إلى ديارهم هي السبيل الوحيد والفعلي لحل هذه الأزمة. لكنهم يقولون أيضاً بأنه لا يمكن إجبار العراقيين على العودة حتى يحين الوقت المناسب.
* زيادة تمويل عودة اللاجئين بنسبة 250%
250 percent rise in funding for returning refugees
     خلال العام الماضي، بدأ عدد قليل من اللاجئين العودة إلى ديارهم نتيجة تحسن الظروف الأمنية في بغداد.. وحالياً يُقال أن الظروف مهيأة للعودة.. وفي هذا الأسبوع أُعلن عن زيادة بمقدار 250% لمساعدة اللاجئين على العودة، كما تقرر تعيين منسق لتخفيف وتسهيل عملية العودة.
     ومع ذلك، فأغلبية اللاجئين يقولون بأن الظروف الحالية في بغداد ليست آمنة على نحو كافٍ لتسمح لهم بالعودة، وعليه فهم يفضلون التريث والبقاء في منفاهم في الوقت الحاضر.
     "هل تتصور بأني لا أعود إذا تمكنت.. ولكن أين هو الأمن؟" يتساءل Mazar- هرب من بغداد قبل ثلاث سنوات بعد اختطافة وإطلاق الرصاص عليه.. اليوم هو على قيد الحياة، ويدعم عائلته في دمشق من خلال العمل بشكل غير قانوني..
ممممممممممممممممممممممممـ
Iraq refugees face dwindling UN funds, creating concerns of unrest,By Julien Barnes-Dace,uruknet.info, November 19, 2009.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق