الاثنين، 23 نوفمبر 2009

تعمية على تخاذل الأنظمة الإقليمية ومحاولة لاكتساب شرعية مفقودة



 قد  يستغرب المرء أن تثار مثل هذه الضجة  الكبرى حول حدث  رياضي عادي يفترض  أن يكون مباراة بين  منتخبين عربيين يمثل الفائز فيها العرب  في مباريات كأس  العالم المقبلة ،  وبالتالي لا يهم من يكون ما دام سيتحدد من خلال التنافس الرياضي  وسيكون ممثلاً للجميع في النهاية .
ووجه  الاستغراب أن المنطقة  العربية  تعج بالأحداث الجسام التي هي أجدر بالاهتمام وتكريس الجهود لمواجهة أخطارها  المصيرية ؛ فها  هي الهجمة المعادية على أمة العرب  تبلغ ذروتها القصوى .. فالاستيطان الصهيوني يقضم البقية الباقية  من أرض فلسطين والقدس تتهود والأقصى  يهدم ، والعراق  يتشظى ، والسودان تنهشه القوى الدولية  الطامعة في جنوبه  وغربه وشرقه ،  واليمن يغرق في دوامة  الحرب الأهلية  التي يسعر أوارها سوء  إدارة النظام الحاكم فيه وأصابع الأنظمة  المجاورة المساندة له .. إلى آخر ما يجتاح  الساحة العربية من المحيط إلى الخليج .
ولكن  النظرة الفاحصة للأحداث  التي سبقت وراقت وتلت هذه المباراة ،  والتصعيد المكسعور والمفتعل الذي لجأت إليه السلطات  في كلا الجزئين  العربيين ، لا تدع  مجالاً للشك في أن هذه  الأحداث جزء متناغم وأصيل من السيناريو الدائر لتحقيق أغراض الهجمة الاستعمارية الضارية على الأمة .
فالقوى  الدولية المعادية تريد بسط سيطرتها  النهائية على كامل المنطقة العربية  ووضع يدها على ثرواتها  ومقدراتها وتكريس الوجود الصهيوني فيها بشكل دائم ومعترف به ، ووسيلتها إلى  ذلك – عدا عن الاحتلال المباشر – تفتيت الأمة نهائياً أرضاً وشعباً ، وتكريس حلفائها من كيانات قطرية ، بل وتمزيق الكتل الكبرى منها إلى شظايا .
بذلك  تتضح أبعاد ما حدث  حول هذه المباراة وموقعه ضمن هذه  الصورة العامة لما  يرسم للمنطقة من قبل  أعدائها ، كما  تتضح دوافع السلوك الغريب والمريب لكلا النظامين في مصر والجزائر .. فلقد قامت السلطات  في كلا النظامين بتصعيد إعلامي مبرمج واستغلت  الحماس الطبيعي لجماهير  الكرة لتوجهه لإذكاء الروح الإقليمية  المقيتة وزرع الكره والشقااق في صفوف الشعب العربي في كلا البلدين ، وبذلك يتحقق لها الأهداف التالية :
·                                 تكريس انقسام الأمة إلى أجزاء إقليمية متناحرة تدفن دعوة الوحدة العربية وتشرعن أنظمتها القطرية .
·           صرف أنظار الشعب العربي في البلدين إلى هذه المعركة المفتعلة والمضخمة عن الأخطار الحقيقية التي تحيق بالأمة وأقطارها واحداً واحداً .
·           تبرير التصالح مع الكيان الصهيوني وتوجيه دفة العداء باتجاهات أخرى كأن تصبح الأجزاء العربية عدوة لبعضها بعضاً ( الجزائر عدوة لمصر  أو العكس مثلاً ) ، أو أن تصبح ايران هي العدو لكل العرب .. وهكذا .
·           تغطية عجز هذه الأنظمة وتقاعسها – وتحالفها مع القوى المعادية – ، وإظهارها بمظهر المنتصر للكرامة المصرية أو الجزائرية .. الخ ، كما تبدى من تصريحات قمة النظام في البلدين ، لعلها بذلك تكتسب شرعية شعبية طالما افتقدتها نتيجة لما سبق .
من  هنا يتبين بوضوح  خطورة هذا النفخ  في نار الفرقة والبغضاء وجر الجماهير إلى  معارك وهمية لا تخدم إلا القوى  الخارجية المعادية للأمة  وترفع المسؤولية  عن كاهل الأنظمية العربية  المتخاذلة والمتواطئة معها .
إن  المؤتمر الناصري  العام – الذي أتشرف برئاسته – ليدين وبأقصى شدة ما جرى من تحريض مسعور انحرف بحدث رياضي طبيعي وحماس جماهيري مفهوم إلى مادة للشحناء والكراهية والروح الإقليمية البغيضة بين إخوة من شعب عربي واحد ، كما يدين المؤتمر الناصري العام التصعيد المشبوه الذي ما يزال يسم سلوك السلطة الحاكمة في كلا البلدين لإحداث القطيعة بينهما.
ويهيب المؤتمر الناصري  العام بكل قوى  الشعب في البلدين  وكافة تجمعاتها السياسية والاجتماعية والنقابية  للانتباه إلى أهداف  هذا السلوك المشبوه  وإحباطه ، والتمسك  بعروة الأخوة العربية  الوثقى ، والنهوض  إلى المعارك الحقيقية لدرء الأخطار التي تهدد بالقضاء على  الأمة جمعاء .
22/11/2009

 د. خالد الناصر
رئيس المؤتمر الناصري العام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق