الاثنين، 15 فبراير 2010

التعصب الحزبي بلغ حد الجنون


 المحامي / لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
كثر في السنوات الاخيرة العديد من ظواهر التعصب الحزبي من رفع اعلام الفصائل بألوانها المختلفة دون رفع العلم الفلسطيني ، وتعين الموظفين الحكوميين حسب اللون السياسي ، و ارتداء الملابس والقبعات التي تحمل شعارا حزبيا لفصيل ما كإثبات للهوية الحزبية لمرتدي هذه الملابس ، مما حذا بالكثير من التجار بإستغلال ظاهرة التعصب الحزبي والعمل على الترويج لها بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة من خلال تصميم السلاسل والقلادات التي يكتب عليها شعارات الاحزاب وصور قادتهم ، والتي ساهمت في تجسيد ظاهرة التعصب الحزبي من خلال ارتداء الشباب لها كتقليد أعمى في سن المراهقة في المدارس والجامعات اوتعاطفا مع قيادات الفصائل الفلسطينية التاريخية اونوعا من رد الجميل للشهداء البارزين للحركة الوطنية والاسلامية ، وإن كان الغالبية العظمى من هذه المجموعات الشبابية لا تنتمي لاي حزب سياسي ولكنها توهم من يشاهدها بأنها منتمية  .. المنتمي للحزب السياسي ليس بحاجة لاظهار هويته السياسية للمارة بل من خلال النشاطات الحزبية ومن خلال النضال الحزبي كل في موقعة ، على مدار نشاطي الحزبي لم أرى رفيقا وضع قلادة او حمل ميدالية تحمل صورة قائد لتمجيده بل بالعكس كان الكل الفسطيني يرتدي فقط الكوفية العرفاتية اعتزازا بالثورة الفلسطينية المعاصرة التي كان يقودها الزعيم الخالد ياسر عرفات .
ولكننا اذا بحثنا الان عن مصدر هذه القلادات فسنجد ان مصدرها او منتجها حزبا سياسيا اوعسكريا اراد من خلالها الترويج لحزبه ، وخاصة بعد ما حظيت اعجاب الشباب في سن المراهقة واصبح معيار قوة الحزب ومدى نفوذه في الشارع معتمدا على حجم أعداد مرتدي هذه القلادات والشارات وحاملي الرايات ، فسخرت الاحزاب اموالها لاصدار هذه القلادات والرايات وتوزيعها على عناصرها ومؤيديها إلى أن اصبحت عرفا حزبيا متداولا في اوساط الاحزاب الفلسطينية رغما عن كثرة اصوات المنادين بضرورة رفع العلم الفلسطيني وعدم رفع كل ما يشير إلى الحزبية أو أي معلم من معالم التعصب الحزبي الذي اضر بقضيتنا الفلسطينية .
إن ظاهرة التعصب الحزبي هي آفة مرفوضة وعلينا أن نعمل كل ما في وسعنا للقضاء على هذه الآفة التي أضرت بالمصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني وأدت إلى حالة الانقسام الاجتماعي في الماضي وإلى حالة الانقسام السياسي الخطير الذي عزز الانقسام الاجتماعي بتشتت الاسرة الفلسطينية التي دوما تغنينا بتماسكها وترابطها مما جعل المجتمع الفلسطيني مجتمعا مفككا .. الانتماء به فقط للحزبية الضيقة والنضال فيه من اجل الحزب لا من اجل الوطن حيث بات واضحا اثار التعصب الحزبي في المؤسسات الحكومية من خلال سياسة التطهير والاقصاء الوظيفي والتهميش لحزب دون غيره لتعزيز وتمكين تيار سياسي بمفرده بفرض رؤيته السياسية وايديولوجيته على الجمهور والشعب من خلال المؤسسة الحكومية مستنزفا الامكانيات البشرية صاحبة الخبرة بل لكل الانجازات الوطنية .
ان التعصب الحزبي هو سبب فشل جولات الحوار المتتالية وعدم التوصل إلى شراكة حقيقية لانهاء حالة الانقسام نظرا لتعزيزه من خلال طرح مبدأ المحاصصة الذي نتعبره نمطا تعصبيا جديدا يعمل على مزيد من حالة التفكك والتشرذم وتثبيتا لكل ظواهر التعصب في مجتمعنا الفلسطيني الذي وصل إلى المؤسسة الحكومية.
ان التربية السياسية المبنية على اساس استئثار حزب دون غيره على مقومات السلطة وتنزيهه من كل المعيبات جعل المنتمين لها بالتغاضي عن اخطاء الحزب وعن أخطاء قيادته بل بالعكس الاستماتة في الدفاع عنها وتمجيدها واضفاء القدسية على تصرفات و سلوك ورؤى ومواقف هذه القيادات ، مما جعل المتعصب يخرج عن الاداب العامة والعادات والتقاليد المجتمعية وثقافتنا الوطنية في التعامل مع ابناء شعبه بل حتى مع افراد اسرته متسلحا بمواقف هدامة املتها عليه قيادته من خلال دوراتها التثقيفية الفئوية العنصرية .
تناسى المتعصبون لاحزابهم بأننا في هذا الوطن شركاء في النضال ولا طرف يسمو على الاخر الا بما اخذ من نصيب في النضال وهذا ايضا لا يعطيه الحق في التهميش او الاقصاء المجتمعي والسياسي والنقابي والمهني للطرف الاخر بل على العكس علينا جميعا ان نعزز الشراكة وان نكون شركاء مع اختلاف الرؤى والا يكون للاكثرية حق التسلط على الغيرمن ذوي الايديولوجات والمناهج السياسية الاخرى .
لا شك بأن للتعصب الحزبي اسباباً كثيرة ولكننا نرى بالانتماء للحزب السياسي دون الانتماء للبرنامج الحزبي هو الاساس في وجود التعصب الحزبي فدوما سمعنا المنتمين للاحزاب السياسية يتحدثون عن شدة انتمائهم لاحزابهم بعبارة " أن حزبي حتى النخاع " هذه الثقافة التي روج لها قادة الاحزاب السياسية او ما نسميهم القيادات التاريخية المتشبثين بمقاعدهم متحدثين عن الديمقراطية مشهرين بكل من عارضهم او حاول نبذ  الترويج للتعصب الحزبي الاعمي ، الذي أدى في بعض الاحيان إلى التخوين وتغيير التاريخ ، هذا التعصب الذي بلغ حد الجنون بدفع المصابين به إلى النظر إلى من يختلف معهم في الرأي نظرة دونية، فيجعلون من الاختلاف مع غيرهم في الرأي مبرراً لاستباحة حقوقهم والاعتداء عليهم، ويحد من قدرة المصاب به على إدراك حقيقة الواقع وتحدياته، فلا يبالي بمكر الأعداء ضد مشروعنا الوطني، ولا لما يصيبه من أذى ومصائب بسبب التشرذم والتنازع الذي يكاد يفتك بقضيتنا الفلسطينية، وذلك لسبب واحد فقط، وهو أن المتعصب لا يرى الأمور إلى من منظار حزبه او فصيله، ولا يؤمن إلا بمواقفه وسياسته، وكأن هذا الحزب له دين خاص ، وهذا لا يجعلنا ان نذكر ان للتعصب اسباب كثيرة جلها الابتعاد عن المدنية ، الجهل ، ضيق الافق ، الانغلاق الفكري ، والافتقار إلى مهارات الحوار المعزز بقوة البرهان ، عدم القدرة على الاتصال والتواصل ، وعدم احترام الرأي والرأي الاخر  ..... إلخ
إن التربية السياسية سواء بالمجتمع او بالحزب نفسه هي التي تنتج جيلا متعصب سياسيا ، فالتعصب السياسي ناتج عن تربية سياسية حزبية فئوية ضيقة ناتج عن رؤى وافكار مرتبطة بشخص من روج لها سواء كان في البيت ( الاب ، الام ، الاخ ....... ) او في الحزب من قبل القيادة السياسية وغيرها من القيادات التي لم تأخذ من التربية الحزبية المبنية على اساس من الوحده بين ابناء الشعب الواحد وعدم استئثار طرف دون الاخر بالوضع السياسي وتاسيس وتعزيز الشراكه السياسيه المتبادله نهجا لها  ، واشدها خطرا هي التربية السياسية القائمة على ثقافة رب الاسرة التي يسعى إلى فرضها على اسرته ومن هنا يكمن الخطر على اعتبار أن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع، وهي البيئة الأولى الذي يكتسب منها الفرد قيمه وثقافته، ومنظوره إلى العالم الخارجي المحيط بمعنى أن التربية السياسية البيتية القمعية والتلقينية التي يغيب فيها حرية التعبير عن الرأي وفرض الرأي الآخر لا يمكن أن تنتج إلا شخصاً متعصباً سلطوياً قمعياً تلقينياً يقوم بعملية تقمص مستمرة لشخصية من قام بقمعه سواء على صعيد الأب أو الأم أو الأخ الأكبر، وهو هنا يدور في عملية لا متناهية من تقمص الأدوار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق