السبت، 20 فبراير 2010

رئيس للعراقيين أم للأكراد؟!!


جاسم الشمري
حددت الفقرة الأولى من الدستور الحالي في العراق، الصفات الواجب توفرها في رئيس الجمهورية، وذلك حسب ما ورد في المادة (67):" رئيس الجمهورية: هو رئيس الدولة، ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور".
هذه هي صفات رئيس الجمهورية وفق القانون العراقي المسمى الدستور، ومنذ قبول ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية لمدة (4) سنوات، في 22 ابريل 2006، أصبح السيد جلال الطالباني رئيساً للعراق المحتل، بعد أن كانت كل قوانين العفو العراقية الصادرة قبل الاحتلال، تستثني جلال الطالباني فقط، وعليه ينبغي أن يعمل" سيادته" بموجب هذا الدستور على اعتبار أن العملية الجارية في العراق لا تخرج عن الدستور.
إلا أن هذا الأمر لم يحدث، ففي يوم 17/1/2010، قال السيد الطالباني، الرئيس الحالي، والأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، الذي زار كركوك حينها، وعقد اجتماعا موسعا مع كادره الحزبي، قال إن " كركوك مدينة كردستانية، ولا يمكن التنازل عن هذه القضية".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استخدم السيد الطالباني لفظ الشعب الكردستاني، حينما أكد على "أهمية وحساسية المرحلة القادمة، التي تحتاج إلى جهود الجميع من أجل ترسيخ أسس الديمقراطية في العراق الجديد وتنفيذ الدستور، خصوصا المواد المتعلقة بحقوق الشعب الكردستاني، وفي مقدمتها المادتان 140 و142، وأن المادتين مهمتان ومصيريتان بالنسبة للشعب الكردستاني".
وقضية كركوك ـ الغنية بالنفط ـ والتي يصر الساسة الكرد على ضمها لإقليمهم، الذي يعد اليوم دولة داخل دولة، وليس إقليما داخل دولة، تعتبر من القضايا الشائكة التي تحظى بجدل واسع بين السياسيين، وكان لمبعوث الأمم المتحدة دي مستورا دور مخيف في هذه القضية، ضمن توصياته التي قدمها للحكومة "العراقية" بتاريخ 23/4/2009، والتي نصت على إدراج (4) من المناطق المتنازع عليها ضمن إدارة كل من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، والتي عقدت القضية أكثر، بدلا من إيجاد الحلول الناجعة لها.
عراقية كركوك مسألة لا مجال للنقاش فيها، كما لا يُختلف على أن الشمس تشرق من جهة الشرق وتغيب في المغرب، إلا أن المختلف فيه هو الولاء للعراق من قبل الساسة الحاليين، فالعراقي الأصيل لا يمكن أن يفكر بروح انفصالية انعزالية تخريبية، بل ينبغي أن يفكر بروح وحدوية بناءة معمرة، وهذا ما نفتقده اليوم في العراق الجديد.
وتشبيه مسألة "كردستانية" كركوك تماما كما لو أطل أي رئيس فلسطيني على الشعب ويقول لهم: إن "القدس يهودية"، فهل من الممكن أن يقبل أهلنا في فلسطين هذا القرار؟!!
والرئيس هو إنسان له انتماء معين لمبدأ، أو حزب، أو قومية، وهذا أمر لا خلاف عليه في الواقع، لكن الخلاف أن يتصرف الرئيس ـ بعد انتخابه ـ على أنه رئيس لطائفة، أو فرقة معينة، أو قومية ما؛ فهذا الكلام لا تقبله الأعراف، ولا القوانين، ولا حتى الدستور الذي كتبه ساسة العراق اليوم في ظل الاحتلال، وهذا ما ذكرته المادة (67) من الدستور.
المطلوب هو العمل على إيقاف التثقيف السلبي لأهلنا العراقيين من القومية الكردية بخصوص كردستانية كركوك، أو غيرها من القضايا، وهذا التثقيف يتم بأساليب مدروسة تحريضية تهدف إلى نزع شمالنا الحبيب من الجسد العراقي، وهذه المحاولات التآمرية مرفوضة من قبل الإخوة الأكراد قبلنا؛ لأنهم لا يفرطون في انتمائهم للعراق الواحد، لكن هذه الدعوات هي دعوات الساسة الكرد، وليست دعوات الإخوة الكرد، والتفريق ضروري بين الجانبين قبل إصدار أي حكم، وتفسير لأي مسألة تتعلق بالقضية الكردية.
والمؤكد أن القيادة هي فن التعامل مع الناس، قبل أن تكون سلطة تستخدم من قبل الحكومات في إدارة البلاد، والظاهر أن ساسة العراق وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها في أماكن لم تكن في مخيلتهم في يوم من الأيام، وهذا ما تعكسه تصريحاتهم الطائفية الضعيفة، وبالتالي فشلهم الذريع في التحرر من خلفياتهم الحزبية، والعرقية ليكونوا لكل العراقيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق