الجمعة، 23 أبريل 2010

علاوي والجعفري والمالكي جرّبهم العراقيون..فمن الجديد؟!

الجبهة الوطنية للأحزاب والقوى العراقية المناهضة للاحتلال


السليمانية - واشنطن - النور:

لعلها "نظرية جديدة"، يطرحها معهد الحرب والسلام في واشنطن، فخبراؤه يعتقدون أن البحث عن رئيس وزراء "بديل" غير الثلاثة السابقين، ربما يكون الحل الأمثل بالنسبة للأزمة العراقية، ويشترطون فيه أن يكون لا عدائياً، سياسياً مجرِّباً، وقادراً على طرد النفوذ الأجنبي من العراق. وإذ يؤكد الخبراء أن العراقيين بحاجة فعلية إلى زعيم جديد، فإنهم يرون أن يبدأ بالمصالحة الوطنية، وبالقضاء على الفساد، ثم بتوفير الأمن وتعزيز الاستقرار. ويزعم الخبراء أن رؤساء الوزراء السابقين (علاوي، الجعفري، المالكي) فشلوا جميعاً في تحقيق هذه الأهداف، ولهذا يجب أن يدركوا أن تنحّيهم يشكل مصلحة عليا للبلد. ودليل خبراء المعهد الأميركي أن العراقيين انتخبوا للبرلمان المقبل وجوهاً جديدة بنسبة 80 بالمائة من أعضائه، أي نحو 260 نائباً من أصل 325 هم كل أعضائه. لكنّ "عيب" النظرية الجديدة التي يطرحها المعهد الأميركي، أنها تقترح "وجهاً جديداً" ربما لا يكون له أثر على الأرض، إذ يصعب للغاية اختيار شخصية ترضى عنها كل التحالفات والأحزاب، والطوائف، والقوميات، وتعمل بموجب "المسطرة" التي يتحدث عنها الخبراء. ولكن هل هناك "شخصية سياسية" يراها الأمريكان مناسبة لكنهم لا يريدون "حرقها" بمجرّد ترشيحها، أو التبكير بطرح اسمها؟. ذلك سؤال ربما تكون الإجابة عنه "مبكرة" أيضاً.

وكتب مراسل معهد الحرب والسلام الأميركي من السليمانية يقول: إن معركة سياسية عنيفة جارية الآن في العراق، لتحديد من هو الذي سيقود الحكومة الجديدة في البلد. ومنصب رئيس الوزراء، الذي يتمتع بالقوة الكاملة "شاغر" الآن في حقيقته، ولهذا فإن التحالفات السياسية الرئيسة، تخوض الآن مفاوضات سياسية شديدة الحساسية. ولم تتضح حتى الآن غير سمات "تحالف شيعي-شيعي" بين ائتلافين معروفين، وقد يكتب لهما أن يبقيا على التحالف مع الأكراد. وتلك مسألة ستجعل السنة "معزولين" ثانية عن السلطة. لكنّ هذا المشهد غير أكيد، ولا أحد يستطيع القول ما الذي سيحدث خلال الأيام المقبلة.

ويرى المحللون السياسيون في المعهد أن رئيس الوزراء العراقي المقبل، سيقود البلد خلال واحدة من أصعب الفترات الحرجة في تاريخ العراق الحديث، لاسيما أن ذلك يحدث تحت ظروف سحب الولايات المتحدة الأميركية لعدد كبير من قواتها المقاتلة –حتى نهاية آب المقبل- وإنهاء عملياتها العسكرية في العراق، وهي حالة ستعتبر "الاختبار الأقسى" بالنسبة للقوات الأمنية العراقية، وأيضاً بالنسبة للحكومة الجديدة التي ستترشح عن المفاوضات الجارية الآن بين التحالفات السياسية.

وبالإضافة إلى الأمن –يقول المحللون- فإن رئيس الوزراء الجديد، سوف يحتاج إلى بناء علاقات قوية مع حلفاء العراق، ومواجهة التحديات المحلية الجديدة، بضمتها؛ الفساد، والخدمات، والتطوير الاقتصادي، والمصالحة الوطنية. إن مستقبل العراق كله سيكون حتماً بين يديه. والمتنافسون الكبار الآن، جميعهم يعرضون أنهم جاهزون لتقديم ذلك السياسي الذي يرشحونه لمنصب رئيس الوزراء، لكنّ إعادة انتخاب هؤلاء سيكون خطأ كبيراً. وفي ضوء القضايا الجدية التي سيواجهها العراق، والخلافات السياسية بين الزعماء السابقين، فإن "الخيار الأحسن" في العراق، هو في اختيار "وجه جديد" ليقوم بمهمة "الزعيم الجديد في العراق".

إن زعيماً جديد الوجه سيخلق شعوراً بالأمل والتفاؤل، وهما "الحاجة الأساسية اليوم لكل العراقيين" بحسب تعبير مراسل معهد الحرب والسلام في واشنطن. وقال إن رؤساء الوزراء الثلاثة السابقين؛ أياد علاوي، إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، فشلوا في تحقيق الاستقرار، وفي معالجة الفساد، وفي الترويج الحقيقي والجذري للمصالحة الوطنية. إنهم جميعاً –بحسب محللي المعهد- بذروا "عدم الثقة" بين السُنّة، والشيعة، والأكراد.

وأوضح تقرير المعهد الأميركي، أن أياد علاوي –الذي فازت كتلته العراقية في الانتخابات البرلمانية بهامش ضئيل- كانت لديه فرصة، أن يكون "زعيماً كبيراً" عندما عُيّن رئيساً للوزراء "مؤقتاً" خلال الفترة من 2004 حتى 2005. ولكن حتى بوجود الدعم الأميركي، فإنه لم يستطع أن ينجح في جلب الاستقرار للعراق، وبدلاً من ذلك، دمّر الفلوجة، والمعاقل السُنّية. ولم يستطع تحقيق المصالحة الوطنية. والآن الأكراد، والشيعة، وإيران، قلقون من احتمالية دعمه من قبل البعثتين السابقين.

أما رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري –الذي يقود حزباً شيعياً صغيراً نسبياً- فقد ظهر كواحد من المتنافسين بعد أن فاز بالاستفتاء الشعبي الذي نظمه رجل الدين الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر. وقد تميّزت الـ13 شهراً التي كان فيها الجعفري رئيساً للوزراء، بمقاطعة السُنّة للحكومة، وبعدم الثقة بها في الأوساط الكردية، وبعمليات اختطاف واسعة النطاق، وبنزاع طائفي. وتحت هذه القيادة، اندفع العراق نحو حافة الحرب الأهلية.

أما بالنسبة إلى رئيس الوزراء الحالي، نوري المالكي –زعيم تحالف دولة القانون- فقد صنع له الكثيرين من الأعداء، وبخاصة في البلدان المجاورة. وبدلاً من أن يدعو الدول العربية إلى دعم العراق سياسياً واقتصادياً، اتهمها بالتدخل في الشؤون العراقية، لكنّه أبداً لم يتكلم ضد إيران!. لقد ألقى باللائمة على المملكة العربية السعودية، وعلى سوريا، متهماً كلا الدولتين بدعم الإرهاب في أعقاب تفجيرات كبيرة. وكانت للمالكي مشاكل كبيرة مع العرب السُنّة، وقيادته هي المسئولة عن خلق "الانشقاقات الدينية" حتى بين الشيعة أنفسهم. ولم يستطع كسب الأكراد، الذين أنقذوا حكومته من "التفكك"، بحسب تعبير تقرير المعهد الأميركي. وكان قراره بإرسال القوات العراقية إلى المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والعرب –كما يقول التقرير- قد أشعل التوترات بين المجموعات الإثنية المتنازعة.

ولهذا يرى خبراء معهد الحرب والسلام أن إعادة انتخاب أي من هؤلاء الزعماء الثلاثة، سوف يعيد العراق إلى "المربع الأول". إن رؤساء الوزراء السابقين الذين يتسابقون حالياً من أجل الوصول إلى "المنصب"، يجب أن يدركوا ويعترفوا أن من مصلحة العراق العليا، أن يتفقوا على "التنحّي جانباً" ليسمحوا للبرلمان أن ينتخب رئيس وزراء جديد للعراق.

ويضيف الخبراء قوله: بصرف النظر عن احترام إرادة المواطنين العراقيين والديمقراطية، فإن رئيس الوزراء الجديد، يجب أن يكون واحداً من القوائم الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أي إما من دولة القانون التي ربحت 89 مقعداً في البرلمان، أو من العراقية التي فازت بـ91 مقعدا. ولم يقل الخبراء لماذا قدّموا وأخـّروا في ذكر التفصيل الأخير!.

وحتى لو لم يكن رئيس الوزراء الجديد قد خدم من قبل في مثل هذا المنصب، فإن المصداقية التي يحظى بها كونه من قائمة قوية سوف يعطيه –أوتوماتيكياً- النفوذ والاحترام المطلوبين لزعيم جديد.

ويضيف تقرير المعهد: إن المالكي وعلاوي، هما المتسابقان الأولان في التنافس، وكلاهما ربح معظم أصوات الناخبين من بين الكثيرين من المرشحين. ولكن هذا بسبب أنهما سبق أن كانا في السلطة، وهذا ما جعلهما معروفين بشكل جيد. وفي الحقيقة، هناك أكثر من 80 بالمائة من المشرعين المنتخبين حديثاً، وجوه جديدة في الجمعية الوطنية، وهو مؤشر على أن العراقيين يريدون سياسيين جدداً في الحكومة المقبلة.

ويقول الخبراء: يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا يريد المالكي أو علاوي أن يكون كل منهما رئيساً للوزراء؟. ومن هو "الأفضل" للبلد؟. إن كلا الزعيمين يبحث عن فرصة للإمساك بالسلطة، برغم أنهما لم يستخدمانها بحكمة في الماضي. فإذا كانا يريدان الاستقرار للعراق، فهما يحتاجان الى وقف مسعاهما من أجل منصب رئاسة الوزراء. وعليهما أن يتفقا على مساومة معينة لانتخاب "شخصية جديدة" يرشحانها للمنصب، ومثل هذا العمل سيلقي ضوءاً إيجابياً على شخصيتيهما، وسيكون ذلك بالتأكيد شيئاً جيداً بالنسبة للعراق.

وفي ضوء "تاريخ تقلّباتهما السياسية" فإن الكثير من الأطراف تنظر الى المالكي وعلاوي بعيون الشك، مستريبين في الوقت نفسه من التسابق السياسي "ثقيل الوزن" الجاري بينهما، مشفوع بمحاولة ضمان الدعم من حلفاء سياسيين حذرين "محتملين".

ويقول تقرير المعهد إن مرشحاً جديداً، سوف لا يواجه مثل هذه الموانع. وللتأكد، فإن المرشّح سيحتاج إلى أن يكون سياسياً مجرّباً، مقبولاً من قبل معظم الأحزاب السياسية ذات النفوذ ومن المجموعات السياسية الصغيرة في العراق. ويجب أن لا يكون ذا تاريخ في الخلاف، ويجب أن لا يكون "عدائياً". يجب أن يكون ذا إرادة، وقادراً على طرد النفوذ الأجنبي.

وأوضح خبراء المعهد الأميركي أن الوجه الجديد، سوف يجعل الناس متفائلة، وسوف يبرهن اختياره على أن العراق فيه سياسيون جدد، وأنه لن يبقى دائما في قبضة حفنة من السياسيين المستهلكين. والدول المجاورة للعراق، سوف تعطيه أيضاً فرصة قبل أن تحكم عليه.

وقالوا: نحن نحتاج إلى شخص، يمكن أن يستقطب تأييد الشيعة، والسُنّة، والأكراد. زعيم جديد سوف يكون له حظ أوفر في التفاوض مع الأحزاب السياسية المتنافسة، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وهذه المسألة مهمة جداً بل تعتبر "قضية حاسمة" بالنسبة لمستقبل العراق، إذ كما أظهر لنا التاريخ فإن الحكومة لن تستطيع العمل ما لم تكن الغالبية الكبرى للأحزاب والمجموعات مشتركة في قرار اختيار هذا الزعيم.

وأخيراً - يرى معهد الحرب والسلام في واشنطن- أن رئيس الوزراء الجديد، يجب أن يعالج أولاً قضايا المصالحة الوطنية، والفساد، والأمن. وكان الزعماء السابقون قد فشلوا في إنجاز هذه الأهداف، وإذا ما أعيد تنصيب أحدهما من قبل البرلمان، فإن العراقيين سوف يظلون يتذكرون الماضي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق