الاثنين، 16 نوفمبر 2009

دولة من طرف واحد ..بين الجدية والمناورة.

الدكتور عدنان بكرية

ما من شك فيه أن مناورة إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد تجيء بعد انسداد أفق الحل والتفاوض وانهيار خيارات أوسلو والمشاريع التصفوية وبروز خيار المقاومة كخيار استراتجي بديل بعد أن اثبت الطرف الإسرائيلي رفضه التام للحلول السلمية .

وما من شك فيه أن خيار كهذا لا يحمل في طياته الجدية كونه يفتقر إلى عوامل النجاح الذاتية والموضوعية ..ولا يشكل إلا مناورة ذكية لأبي مازن ومعاونيه هدفها امتصاص غضب الشعب الفلسطيني والضغط على الطرف الإسرائيلي لاستئناف المفاوضات بهدف تجميل صورته المشوهة وحفظ خط الرجعة عن قراره بالتنحي .

السلطة الفلسطينية موجودة في وضع شعبي وسياسي لا تحسد عليه بعد فشل رهاناتها على التوصل إلى حل سلمي ..وهي بحاجة إلى تجميل صورتها والإعلان عن خطوة ولو من باب المناورة من اجل كسب تأييد الشارع وكسر الجمود المسيطر..وحتى لو كانت هذه الخطوة لا تستوفي عوامل النجاح ،فمجرد الإعلان عنها سيضع الشارع الفلسطيني في دوامة الأمل وسيحدث ردات فعل عربية وعالمية واسرائيلية .

لا ننكر أن الاحتلال وقادته يبدون قلقهم إزاء هذه الخطوة ويحاولون تجنيد دول العالم ضد الإعلان ويهددون بالفيتو الأمريكي وحتى بإعادة احتلال الضفة وضمها ..رغم إدراكهم أن هذه الخطوة لا يمكن اعتبارها إلا مناورة من مناورات "عباس" هدفها خدمة نفسه وموقعه الرئاسي وتجميل صورته في الشارع الفلسطيني.

ما نريد أن ننبه إليه أن هذه الخطوة كان من المفروض أن يسبقها تجنيد للرأي العام العربي والعالمي وضمان تأييد دول العالم لهذا الخيار وتبنيه والاهم أن تأتي المبادرة لإعلان الدولة من قبل الجامعة العربية وليس من قبل سلام فياض.. وان تجري التهيئة الدبلوماسية من قبل العالم العربي والدول الصديقة.

ان أي خطوة من هذا القبيل يجب ان يسبقها مصالحة وطنية فلسطينية وإجماع فلسطيني عليها كي يتسنى حمايتها من قبل الشعب ويجب الأخذ بمواقف الفصائل الفلسطينية الأخرى وان لا تكون خطوة انفرادية تخص فصيل أو شخص وهذا ما تفتقر إليه هذه الخطوة فعوامل نجاحها منوط بإجماع الشعب الفلسطيني حولها .

كلنا نتمنى أن نستيقظ صباحا ونرى الدولة الفلسطينية قائمة..لكن هذه الخطوة تفتقر للجدية كونها تأتي كردة فعل على تخلي اسرائيل عن حلفائها الفلسطينيين وتبقى هذه الخطوة مجرد وسيلة للضغط على الطرف الاسرائيلي للعودة إلى طاولة المفاوضات فاستئنافها بعد تجميد الاستيطان سيشكل إنقاذا لعباس من ورطته .

لا ننكر إن هذا الإعلان احدث صداعا لدى قادة إسرائيل وبدؤوا بتهيئة أنفسهم للتصدي للخطوة رغم إدراكهم أنها غير جدية والهدف منها لي ذراع الطرف الإسرائيلي وإرغامه على تقديم تنازلات حتى لو كانت صغيرة جدا .. فهذه التنازلات قد تحفظ لأبي مازن خط العودة عن قراره بالتنحي .

نشتم من هذه الخطوة الحسابات الشخصية لقادة أوسلو بعد أن وصلوا إلى طريق مسدود على المستويين الشعبي والدبلوماسي..فهاهو خيارهم "السلمي "يدفن في مقابر اليمين الإسرائيلي !وهاهو نهجهم الاستسلامي يثبت فشله ويمنى بهزيمة بين أوساط الشعب الفلسطيني.. وإسرائيل لم تحرك ساكنا لإنقاذهم من ورطتهم السياسية لذا اعتمدوا خيار التهديد والضغط من اجل إنقاذ أنفسهم أولا وإنقاذ نهجهم المتهاوي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق