الجمعة، 5 فبراير 2010

الآمال معقودة على إرادة العراقيين الأحرار في تصحيح الأوضاع


د أيمن الهاشمي
      قررت هيئة التمييز القضائية الخاصة السماح بمشاركة مئات المرشحين المبعدين في الانتخابات، حيث كانت ما تسمى هيئة العدالة والمسائلة قد استبعدت اكثر من 600 مرشح من حق الترشيح، بحجة كونهم مشمولين بقرارات اجتثاث البعث. واثار قرار المسائلة المشبوهة ضجة واستنكارا داخل العراق وخارجه، في حين رحبت به ايران لانه يحقق هواها في ابعاد المرشحين المعارضين للتغلغل الايراني في الشان العراقي من القوى الوطنية العلمانية العراقية.
     يشار الى ان قرار "هيئة التمييز" صدر بالتزامن مع مطالبة الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في بغداد آد ميلكرت بان يبقى المرشح ضمن قائمة المرشحين حتى يتم البت في الطعون القضائية. فضلا عن تدخل نائب الرئيس الامريكي شخصيا في الموضوع، وصدور حملة اعتراضات عربية وعالمية على قرار الاستبعاد الطائفي المشبوه.
     نوري المالكي رئيس الحكومة اعرب عن امتعاضه لقرار الهيئة التمييزية رغم سبق تصريحه بان الامر لايحسمه الا القضاء، لكنه تراجع حينما راى القضاء العراقي يتخذ قرارا لا يتناسب مع هوى ايران ووكلائها. وطالب المالكي بعقد جلسة عاجلة لمجلس النواب لبحث الموضوع ودعا رئيس مجلس النواب العراقي اياد السامرائي الى جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة قرار هيئة التمييز السماح بمشاركة مئات المرشحين المبعدين في الانتخابات. واتهم ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي الهيئة التمييزية بانها تجاوزت صلاحياتها القانونية ومهامها التي وصفها بأنها (لا تتعدى النظر في الطعون التي يتقدم بها المبعدون عن الانتخابات!)، ووصف المتحدث علي الدباغ قرار هيئة التمييز بانه غير قانوني وغير دستوري. أما كتلة الائتلاف الشيعي الذي يضم التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى, فقد اعلن انه "يرفض الوصاية والتدخلات في عمل المؤسسات الرسمية" مشيرا الى تدخلات اميركية بهذا الخصوص.وندد الائتلاف الشيعي بقرار الهيئة التمييزية غير المستند الى مبدا دستوري او قانوني.
       لقد أرادوها مناسبة لتنفيذ أجندات إيران، وتهميش العناصر العراقية الوطنية العروبية المعادية للتغلغل الصفوي الإيراني في العراق، وارادوا منعهم من خوض الانتخابات في مارس القادم تحت ذريعة الاجتثاث، وظنوا أنهم قادرين على أن يفرضوا على العراقيين إرادة  ملالي طهران في خطف العراق نحو الوجهة التي تخدم المصالح الإيرانية.. ولكن خابت مساعيهم.. ولاشك في ان القرارات التي اتخذتها هيئة المساءلة والعدالة تعتبر مؤامرة إيرانية وان صح التعبير «انقلاب سياسي» يقوم به حكام طهران لتغيير مسار الانتخابات العراقية والعملية السياسية، مؤامرة اجريت في الوقت الذي وصلت فيه كراهية الشعب العراقي للنظام الإيراني ذروتها خاصة بعد الإعلان عن تكتلات وطنية عراقية علمانية مما أكد لحكام طهران أنهم سوف يخسرون موقعهم المهيمن في العراق اذا أجريت انتخابات حرة وشفافة ونزيهة في العراق، فلذلك لجأوا إلى تخطيط وتنفيذ موجة جديدة من التفجيرات والاعمال الاجرامية في العراق من أجل ارعاب وترهيب القوى السياسية الوطنية العراقية والأطراف الدولية حيث قاموا باستبعاد الشخصيات الوطنية من الانتخابات وذلك باستخدام نفوذهم في المفاصل الحكومية وباستغلال الهيئة البريمرية المسماة «المساءلة والعدالة».
وبذلك وجد العراق والشعب العراقي والقوى الوطنية العراقية أنفسهم أمام اختبار صعب يحسم من خلاله مستقبل العراق والعملية الديمقراطية فيه حيث استخدم النظام الإيراني الأجهزة الموصوفة بالقانونية بالتعاون مع عملائه في الحكومة العراقية ليواجه البديل العراقي الذي يمثل الشعب العراقي المضطهد في ميزان قوى غير عادل وغير متكافئ. وخلال هذه المواجهة التي استمرت لمدة شهر ثبت أن الظرف وميزان القوى قد تغيرا وأن النظام الإيراني ليس بامكانه الاستمرار في موقف المهيمن كما كان في انتخابات عام 2005 والتي أدت إلى فاجعة كبيرة في العراق، ولا يمكن له ان يفرض هيمنته على المجتمع العراقي، بل هناك ارادة شعبية لإحداث تغيير ديمقراطي في البلاد.. وبعد مرور سبع سنوات تأكد أن هناك قادة سياسيون قادرون على قيادة المجتمع إلى التغيير والاصلاح. وبالتالي لم يكن على سبيل الصدفة استبعادهم. ولكن صمود الكتل الوطنية وكذلك عشائر الجنوب الاشاوس والمحامين والحقوقيين الأحرار والمستقلين حيث افشلوا المؤامرة بدعم وتأييد لهم على المستويين الدولي والعربي الامر الذي اثبت لنا كعراقيين بانه اذا صمدنا ووقفنا فسوف يقف العالم إلى جانبنا ولا يمكن ان يعتبره امرًا بسيطًا. انه بداية لتطور سياسي هام في مستقبل العراق وهو بداية لنهاية هيمنة النظام الإيراني الخبيثة على العراق ونفوذه الظالمة في الاجهزة الحكومية واصحاب القرار في العراق.
        ان الانتخابات النيابية القادمة يمكن ان تكون حاسمة، ويمكن ان تغير وجه الخريطة السياسية في العراق، وتحمل امل كنس حلفاء الاحتلال من السلطة بعد ان كشفت الجماهير الانتخابية تضليلهم بتسمية احتلال بلادهم تحريرا، رغم انه احتلالا غير شرعي بقرار من مجلس الأمن. والجماهير العراقية الانتخابية مدعوة في الانتخابات القادمة الى تنظيف عقيدتها الدينية من اوساخ التعاون مع الاحتلال الايراني وحرفها عن نهج الامام علي الذي كتب الى قيصر الروم عندما حرك جيوشه على بلاد المسلمين منتهزا فرصة الخلاف بينه وبين معاوية : “لا يغرنك الذي بيني وبين معاوية، فوالله لو حدثتك نفسك بالغزو لأسيرن إليك تحت راية صاحبي هذا!!
لقد ادت انتخابات 2005 الى وقوف الجماهير الانتخابية في خندق واحد مع الاحتلال ضد بلادهم ، وقد تسبب هذا الموقف الى حرقهم في نار الارهاب التي نفذتها  فرق الموت الطائفية، فهل ستصلح الجماهير الانتخابية موقفها في انتخابات 2010 القادمة، وتثأر من حلفاء الاحتلال الذين مرّغوا عقيدة آل البيت الطاهر بالوحل، وتقذفهم في مزبلة التأريخإن الآمال معقودة على العراقيين الاحرار اصحاب الارادة الوطنية العراقية الحرة، وليس اولئك الذين يتلقون الاوامر من خلف الحدود الشرقية.. ولن يصح إلا الصحيح!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق