الجمعة، 5 فبراير 2010

صراع النفوذ وتمايز الأدوات

مركز الأمة للدراسات والتطوير
في مشهد من مشاهد الصراع على النفوذ في العراق بين القطبين الرئيسين الأمريكي والإيراني تتكشف أدوات هذا الصراع أكثر كلما تصاعدت وتيرته مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في السابع من شهر آذار المقبل، ولعل ما يلفت النظر في هذا المشهد المحتدم هو التمايز الحاصل بين أدوات هذا الصراع، فحكومة المالكي وبعد تفعيل قرارات الاجتثاث والسعي إلى إبعاد بعض المرشحين من الانتخابات القادمة يدخل فجأة الطرف الأمريكي على الخط ويعلن تأييده لقرار ما يعرف بالهيئة التمييزية القاضي بإرجاء النظر في قوائم المرشحين المستبعدين إلى ما بعد الانتخابات.
الحكومة من جهتها عدَّت هذا القرار تدخلاً وأنه جاء نتيجة ضغوط مارسها السفير الأمريكي في العراق (كريستوفر هيل)، ونددت بما أسمته التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية للبلد وفقًا لما جاء على لسان المتحدث باسمها علي الدباغ، في حين سارع المالكي إلى مطالبة رئيس البرلمان بالدعوة إلى جلسة استثنائية لأعضاء البرلمان الأحد القادم لمناقشة قرار الهيئة التمييزية في محاولة ربما الأخيرة لقطع الطريق على المستبعدين وعدم السماح لهم بالترشيح والمشاركة في هذه الانتخابات.
وإذا حاولنا إعادة قراءة ما جرى من زوايا مختلفة ووفقًا لهذه المعطيات وغيرها وتحليل ردة فعل الحكومة فإنه بات واضحًا أن المالكي فقد الدعم الأمريكي ولن يكون رهان واشنطن القادم، وأن هذه الأزمة الأخيرة قطعت كل التكهنات التي تتحدث عن احتمالية تجديد ولاية ثانية للمالكي، وأن حظوظه باتت ضعيفة جدًا في ذلك، وهو ما كان معلومًا للمالكي نفسه فيما يبدو فدفعه ذلك إلى السعي إلى إسقاط خصومه عبر ما يسمى بهيئة المساءلة والعدالة.
المالكي الذي خسر الكثير من رصيده السياسي بعد تبخر أحلام إنجازاته الأمنية لن يكون أمامه فيما يبدو إلا العودة إلى الائتلاف المدعوم من قوى إقليمية بعد أن نجحت واشنطن في استقطابه إلى طرفها خارج (الائتلاف الموحد) خلال الفترة الماضية وتحييد ولاءاته الأخرى وخاصة ميوله الطائفية (الإقليمية).
لكن السؤال الأهم اليوم وبعد الزيارة الأخيرة لأحد قياديي الائتلاف وهو عادل عبد المهدي إلى الولايات المتحدة، هل ستحاول واشنطن إعادة السيناريو نفسه مع عبد المهدي؟ وهل سيكون الأخير جزءً من صفقة قادمة مع واشنطن على حساب غرمائه السياسيين في الائتلاف؟
الأيام القادمة هي وحدها الكفيلة بالجواب على هذه التساؤلات...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق