الاثنين، 5 أبريل 2010

يا أطفال العالم ....احتجوا


د. هاني العقاد
الأطفال في بلادي  يعيشون بلا حرية , وبلا مستقبل ,وبلا أمل وحتى بلا طفولة , لان الاحتلال يقصدهم ويستهدف طفولتهم ,كما يستهدف غيرها ,بل أنه يقصد سلبهم  حريتهم و يقصد تدمير بناءهم النفسي وكامل كيانهم البريء حتى يعيشوا باقي حياتهم بعقدة الخوف وعقدة الانطواء و عقدة الأزمات النفسية وعقدة الضعف خوفا على ما تبقي من حياة ,وعندها لا يقارعوا الاحتلال كثائرين أو مقاتلين أو حتى متظاهرين ضد ممارسات وإجراءات الاحتلال بكافة المدن والقرى الفلسطينية دون استثناء . لقد أشارت الإحصاءات إلى ارتفاع وتيرة الاعتقال والاستهداف للأطفال الفلسطينيين في كافة مناطق الضفة الغربية والقدس , فقد بلغ عدد الأطفال المعتقلين خلال انتفاضة الأقصى أكثر من 3500 طفل لا يزال أكثر من 310 منهم يعانون القهر والحرمان و العزل خلف القضبان , أنهم بلا حرية كحال من يعيشون في المدن الفلسطينية التي تحولت إلى سجون بفارق بسيط أن الأطفال المعتقلين يخضعون لنوع اشد وأقصي من التعذيب الحاط بأدمتهم , فهناك العديد من الأطفال لازالوا يقبعون في مراكز التحقيق والتوقيف الصهيونية دون الاكتراث بقوانين حقوق الأطفال, ودون احترام للمواثيق الدولية التي تحمي حقوقهم أثناء الاعتقال.لم يتوقف انتهاك إسرائيل يوما من الأيام لحقوق الإنسان الفلسطيني ولم تحترم إسرائيل يوما من الأيام مادة واحدة من المواد الواردة في اتفاقية حقوق الطفل وكأن الطفل الفلسطيني هو طفل الطرول, ذلك الكائن الاسكندينافي الخيالي الذي يتخيل معظم الأطفال الاسكندينافيين أنه يعيش في الجبال والمغارات ويتمني أن يكون بشرا يوما من الأيام . لم تكن سهاد العودي ابنة 13 عاما والتي اعتقلت من أمام منزلها في الخليل  بدعوى رشقها المستوطنين بالحجارة  الطفل الأخير في مسلسل اعتقال الأطفال على أيدي الجنود الإسرائيليين ,كما لم يكن اعتقال الطفلين  الشقيقين في نفس المدينة أيضا هما حسن المحتسب البالغ 12 عاما وشقيقه أمير 7 سنوات, وبعد ساعات قامت السلطات الإسرائيلية بالإفراج عن الأمير في حين استمرت بحجز الحسن ثمانية أيام وأفرجت عنه بعد تقديمه للمحاكمة وتعهد والده بإحضاره إلى المحكمة عند تحديد جلسة جديدة. قد لا يتخيل أحدا من الفلاسفة التربويين والمهتمين بعالم الطفولة  والدول الأطراف باتفاقية حقوق الطفل حال طفل فلسطين عندما توثق يداه بالقيود التي لا ترحهم وقد لا يتخيل أحد من العارفين بمشاعر الطفولة مدي تألم الطفل الفلسطيني عند إخضاعه للتحقيق وممارسة ألوان من التعذيب النفسي والجسدي معه وفي بعض الأحيان يعتدي علية الجنود جنسيا بل ويهددوه بأن يفعلوا هذا إن لم يعترف ,وإن اعترف  يستمروا في تهديده بأن يفعلوا هذا إن لم يتعامل معهم , لكن يبقي الطفل الفلسطيني أسطورة عنيدة  لن تنكسر أمام قسوة الجلاد وأمام وحشية المحتل لأنه بالفعل طفل تربي على الرجولة منذ ولادته وطفل تعرف على الصعاب منذ نعومة أظافرة وطفل ليس ككل أطفال العالم و إنما طفل في صورة رجل اشد صلابة من أطفال اسبرطة القديمة , قد تفرض علية قسوة الحياة تحمل المسؤولية منذ بداية حياته واحتضان أخوته الصغار الذين تركتهم الأيام بلا راع .
بالفعل يعيش الأطفال في فلسطين اليوم بلا حرية وبلا حماية لان الاحتلال الإسرائيلي يمعن و يقصد في اعتقالهم من كل مكان, من الشوارع والحواجز ويقصد اقتحام البيوت والبحث عنهم في مضاجعهم وإرهابهم وتخويفهم والأخطر هنا أن معظم عمليات اعتقال الأطفال تأتي بتوصية من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلية، وبتنسيق مع وحدات جيش الاحتلال و الشرطة و حرس الحدود ، حيث يتم اقتحام البيوت في ساعات متأخرة من الليل ، وبطريقة نازية تثير الرعب والخوف في نفوس أفراد عائلة المعتقل، يتخللها تفتيش المنزل، والعبث بمحتوياته، وأحيانا تحطيمها، وربما تفجيرها،وشبح السكان في الخارج، والتدقيق في هوياتهم، وتفتيشهم جسدياً، وإلقاء القبض على الطفل المنوي اعتقاله، وعادة ما يتم تقييد يديه بقيود بلاستيكية أو معدنية، وتعصيب عينيه على مرأى من أفراد عائلته، مما يترك أثارا مرعبة على نفسية هذا الطفل و عائلته .
في يوم الطفل الفلسطيني فاقد الحرية وفاقد الأمن و السلام في وطن تكثر جراحاته النازفة لابد و أن يتحد أطفال العالم و يحتجوا و يثوروا و يرفعوا صوتهم بان طفولتهم منتهكة في فلسطين   لجبروا الحكومات على تحمل مسؤولية الصمت الرهيب عن انتهاك حقوق هذا الطفل وبقاءه داخل المعتقلات الإسرائيلية ,بل وفي كثير من الأحيان يقدم لمحاكمة ويقتص منه ويحكم عليه بالسجن عشرات الأعوام وكأن الدولة التي تحاكم هؤلاء الأطفال خارج هذا الكون ولا يحكمها قوانين دولية ولا قوانين إنسانية  . أن أطفال فلسطين لهم الحق في النضال كباقي أفراد المجتمع الفلسطيني ولهم الحق  في الدفاع عن ذاتهم ولهم الحق في إيصال رسالتهم للعالم الحر عسي أن يخجل من جولات التشدق بحقوق الطفل في العالم ويبادر لفضح ممارسات الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين في داخل وخارج المعتقلات , ورسالتهم اليوم تأتي مناشدة لكل أطفال العالم بأن يتحدوا ليدافعوا عنهم و يشعلوا شمعة أمام بوابات القصور الملكية والجمهورية والبيوت البيضاء والحمراء و الأرجوانية في بلادهم ليساهموا في إعادة الحرية المسلوبة لأطفال فلسطين ليعيشوا كباقي أطفال العالم.
Akkad_price@yahoo.com        




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق