الاثنين، 2 نوفمبر 2009

"وعد بلفور".."وعد أوباما"


كتب : عريب الرنتاوي

في مناخات من خيبة الأمل والإحباط، يحي الفلسطينييون الذكرى الثانية والتسعين لـ"وعد بلفور" المشؤوم، وعد من لا يملك لمن لا يستحق، الوعد المؤسس لدولة الاحتلال والاستيطان والتوسع وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

أما لماذا خيبة الأمل والإحباط، فذلك لأن أول رئيس أسود يسكن البيت الأبيض، نكث بـ"وعد" حمله في جعبته للفلسطينيين...وعد ببناء دولة مستقلة، بعد أن يكبح الشهية التوسعية المنفلتة من كل عقال لدبابات الاحتلال وجرّافاته... تبخر "وعد أوباما" سريعا، ولم يبق على الأرض سوى "وعد بلفور" المشؤوم ومفاعيله السوداء.

ماذا نحن فاعلون بعد أن أعلنتها السيدة هيلاري كلينتون مدوية وصامّة للآذان: تجميد الاستيطان ليس شرطا لاستئناف المفاوضات، وهي متفقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي على ذلك، أتم الاتفاق.

لماذا نتفاوض؟... وعلى ماذا نتفاوض؟

إن استئناف المفاوضات اليوم، ومن دون تجميد شامل للأنشطة الاستيطانية، هو بمثابة قبول فلسطيني ضمني بل وصريح بـ"مشروعية الاستيطان"، وهو إقرار فلسطيني بأن السلام والاستيطان يمكن أن يجتمعا...وهو انهيار في شبكة الأمان الفلسطينية، لن نعرف بعدها إلى أي منحدر سننزلق، فالحذر الحذر.

لم يعد أمام الرئيس عباس سوى قليل من الخيارات، ليس من بينها ولا ينبغي أن يكون من بينها، الانصياع لـ"مذكرة الجلب" الأمريكية تحت عنوان استئناف المفاوضات بلا شروط، فتلكم خاتمة مطاف المشروع الوطني الفلسطيني...لديه خيار العودة للشعب وتوحيد صفوفه وصياغة استراتيجية ولملمة شتاته وتفعيل ممثله الوطني الشرعي الوحيد، وإعادة الاعتبار لطاقة الصمود والانتفاضة والمقاومة لديه، وهو الذي قارع الاحتلال بلا كل ولا ملل، منذ أن كان "وعدا" وحتى يومنا هذا، وهو مستعد لمواجهة مائة عام أخرى من الصراع، ومن يعجز عن الأخذ بهذا الخيار، فما عليه سوى أن يستريح ويريح.

آن الأوان، لتركل بالأقدام، كل الوعود الزائفة والخرائط الوهمية والمفاوضات العبثية، فقد اتضح أننا إزاء أكبر عملية "خداع" يتعرض لها شعب على وجه البسيطة، ويطلب إليه، بل ويضغط عليه، لكي يكون طرفا فيها، وها نحن بعد مرور أكثر من أربعة عقود على الاحتلال ومبادرات وقرارات إنهائه، وما يقرب من العقدين على مدريد، و15 سنة على أوسلو، نفقد أرضنا شبرا شبرا، ونضيّع حقوقنا الواحد تلو الآخر، فلا قعر لتنازلاتنا، ولا حضيض لانهياراتنا.

الذين قالوا للفلسطينيين بالأمس "خذوا الدولة" واتركوا اللاجئين، وبذريعة أن الأرض هي جوهر الصراع، كذبوا عليهم، وها هم يتخلون عنهم اليوم، ويعرضون عليهم ما تبقى من الأرض، أو ما يفيض منها ومن مياهها الجوفية، عن حاجة الاستيطان والمستوطنين...وغدا سيعلنون رسميا خروج القدس من ملف المفاوضات، تماما مثلما أخرجوا الاستيطان والمستوطنات من ملف التفاوض.

أما حكاية "المستوطنات جزء من مفاوضات الوضع النهائي"، غير المسلية، فقد دفع الفلسطينييون ثمنها ما يقرب من نصف مليون مستوطن مزروع فوق صدورهم وأرواحهم، وكذب الدبلوماسيون الذين روّجوا لهذه الحكاية، وإن صدقوا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق