الثلاثاء، 23 مارس 2010

"حماس" و "فتح" ومعركة "القدس"


أنس أبوسعده - هولندا
 لم يعد هناك من أحد لا يدرك حجم تلك المعركة التي تُشّن على أقدس بقعة على الأرض لدى الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام.. لم يعد من أحد لا يلمس الهجمة الصهيونية الشرسة على ما هو عربي وفلسطيني ليس فقط في مدينة "القدس" وإنما في كل الأرض الفلسطينية.. الكثير من هذه الإجراءات التهويده بقيت سرية لم يعلن عنها ومرت دون اي احتجاجات أو ادانة سواء كانت دولية أو وطنية.. فقط هي الجرائم التي يَقر بها أحد وزراء حكومة الإحتلال هو ما يظهر ويُحدث بعضاً من ردود الفعل الكلامية التي لا تزيد عن الشجب والاستنكار في افضل الأحوال، والمطالبة بضبط النفس والعودة للمفاوضات السلمية وكأنه لم يحدث شيئاً في اكثر الاحيان..!! هذه الوقاحة التي عبر عنها رئيس حكومة الإحتلال نتنياهو وهو يوضّح الصورة والمبدأ الذي يؤمن به لوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بأنه يعتذر عن بناء الآف الشقق السكنية خلال زيارة نائب الرئيس الاميريكي وليس قبلها أو بعدها..! وكأن الاشكالية لا تتعدى العلنية أو السرية لا أكثر ولا أقل..!
إذا كان هذا التوضيح ما هدأ من روع الادارة الاميريكية ومن ورائها المجتمع الدولي ومما خفف من الإهانة التي أحس بها نائب الرئيس الاميريكي "بايدن" فما بالكم في قضايا أقل أهمية من قيمة مدينة القدس والاستيطان بها !! لقد ضم الاحتلال موقع مسجد بلال والحرم الإبراهيمي للتراث الصهيوني وأقام فعلاً ما سماه "كنيس الخراب" على بعد أمتار من المسجد الأقصى ولم نحصل حتى على توضيح أو اي موقف من أحد سواء عربياً أو إسلامياً أو دولياً..!! استطاع الاحتلال أن يغّير من معالم القدس والمدن العربيه الأخرى بأسلوب خبيث وبالتدريج وفي الظلام  ولم يحرك لنا ولا لسكان الارض قاطبة ساكن..!!
تخيل الجميع وخاصة بعد الهجمة الاستيطانية الاخيرة في القدس أن يُبادرَ الى عقد مؤتمر صحفي مشترك في غزة المحاصرة لحركتي فتح وحماس يلقي فيها قياديان من كلا الحركتين خطابين للعالم يعلنان به وامام الجماهير التي تحمل الاعلام الفلسطينية واعلام الحركتين توحيد الصف ونسيان ما سلف.. توقعنا أن يتكلم القيادي الحمساوي عن شراسة الهجمة التي تشن على القدس والمقدسات.. عن أهمية هذه المدينة للشعب الفلسطيني ولقضيتة ولمستقبلة.. توقعنا أن يتكلم في هذا المؤتمر عن مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي المكان الذي عاش فيه أبو الانبياء إبراهيم عليه السلام الذي اصبح في معظمه للصهاينة بعد الاستيلاء عليه في القرن الماضي وتحويله الى كنيس مع ابقاء جزء بسيط للمسلمين يسمح لهم في الصلاة فيه في اوقات محدودة فقط..! توقعنا أن يقدم اعتذاره واعتذار حركتة عن التقصير- لإنشغالها بامور الحكم وبسبب الإنقسام في الدفاع خلال هذه الهجمات التي يشنها الاحتلال في كل الاماكن على ارض فلسطين، فلم تجد من يدافع عنها أو يتصدى للاحتلال وجرائمه المستمره، فُتركت الساحات مفتوحة يصول الاحتلال ويجول فيها بدون اي عائق..!
 توقعنا أن يقف قيادي فتح ويقدم الاعتذار أولاً عن أن حركته جعلت من المصالحة الوطنية امراً ثانوياً لصالح المفاوضات وامكانية التسوية التي هي اقرب أن تكون الى طاحونة هواء من أن تكون عملاً حقيقياً يمكن أن ينتج تسوية ولو غير عادلة..!!
توقعنا أن يذكّرنا هذا القيادي بذكرى الكرامة التي تمر هذا اليوم حين انتصر قلة من الابطال الفدائيين على جيش منظم للاحتلال في الحادي والعشرين من آذار عام 1968م..! تخيلنا انه سيبشرنا أنه إحتراماً للأم الفلسطينية التي نحتفل ايضاً اليوم بعيدها ولتضحياتها الكبيرة ومعاناتها القاسية قررت الحركتان نسيان الماضي، وتضميد الجراح، والتعالي على المصالح الفصائلية وفتح صفحة جديدة من النضال المشترك... من أجل معركة القدس التي هي لب معركة فلسطين للتحرر والاستقلال الوطني.. تخيلنا أنه سيعلن الانتصار للقادة الذين استشهدوا دفاعاً عن الحق الفلسطيني خاصة في ذكرى استشهاد شيخ الانتفاضة أحمد ياسين التي تصادف غداً الثاني والعشرين من آذار..!! أن يعلن هذا القيادي الاتفاق على الوحدة الوطنية التي توّحد البرنامج الوطني مع خطاب واضح للشعب الفلسطيني بأسره وليس لحكومة لا تملك أرضاً فعلية ولا سيادة حقيقة حتى الآن..! تخيلنا وللأسف لم يحصل ذلك أن يتعالى الجميع على كل ما فرقهم وفرق قوتهم وأحتراماً لارادة الشعب كله الذي ما زال يعبر عن رفضه لاستمرار الانقسام.. أنهم سوف يقومون بتعويض العائلات المتضررة ومواساتهم فيمن فُقدوا خلال الاحداث المؤسفة عام 2007م..! توقعنا ولم يكن توقعنا للاسف في محله أن يتحملا المسؤولية ويعلنا أن "حماس" و "فتح" شريكان وفي خندق واحد على الارض في معركة "القدس" والمعارك الاخرى التي لا بد قادمة ...!!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق