الثلاثاء، 23 مارس 2010

غزة: المجتمع المدني من يمثل من؟


مصطفى إبراهيم
  23/3/2010
ربما لا يعلم كثيرون من الفلسطينيين في قطاع غزة أن هناك ململة وغمز ولمز في صفوف بعض من ممثلي المجتمع المدني في القطاع حول تشكيلة الوفد الذي التقى  الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته الأخيرة إلى القطاع، كما حصل إثر اللقاء الذي جرى مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون خلال زيارتها إلى القطاع الأسبوع الماضي.
وهي ليست المرة الأولى التي تجرى فيها لقاءات مع وفود ومسؤولين دوليين وأجانب يزورن غزة خطفاً "التيك أوي" للاطلاع على معاناة السكان كما يدعون، وتثار حولها أسئلة وغمز ولمز ومدى الجدوى من تلك اللقاءات التي تجرى عادة مع عدد قليل جداً من ممثلي القطاع الخاص، والمجتمع المدني تتم دعوتهم من قبل الزائرين بشكل فردي، لا تراعي تمثيلهم للقطاعات المختلفة في القطاع.
زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فجرت جدلاً أثاره عدد من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، وعدد من ممثلي المجتمع المدني، الجدل والغمز الداخلي ثار من دون ضجة أو وسائل إعلام، فقط هو احتجاج داخلي وتعبير عن آلية اختيار أولئك الممثلين انتقائي وبناء على علاقات شخصية واقتصادية.
 و ما هي المعايير المتبعة وهل كل ذلك يحقق الغاية المرجوة من لقاءات من هذا النوع في نقل صوت الضحايا إليهم وإيصال رسائل سياسية وفق رؤية موحدة، ومطالبات محددة وليس اختزال الحديث حول تحسين الوضع الإنساني، كما قالت كاثرين اشتون خلال زيارتها إن  "الزيارة مهمة جداً بالنسبة إليّ للاطلاع على الأوضاع الإنسانية في غزة، والتحدث مع الناس من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية وتحسين أوضاع الأمن".
زيارة بان كي  مون إلى قطاع غزة استمرت ساعتين التقى خلالها عدد من ممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني، اللقاء استمر نحو نصف ساعة تحدث مون خلال تلك الدقائق حول ضرورة إنهاء الحصار وإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، وفي معرض رده حول ما تتعرض له المرأة الفلسطينية أفرد جزءا مهما من وقت الاجتماع للحديث لما قام به من دور في تعزيز دور المرأة في الأمم المتحدة وتعيين شخصيات مرموقة في مواقع قيادية.
ونقل بعض ممن حضروا اللقاء للأمين العام، ممن أتيحت لهم فرصة الحديث حيث لم تتح الفرصة لجميعهم بفعل عامل الوقت، الأوضاع الكارثية للفلسطينيين في القطاع جراء الحصار والعدوان الإسرائيلي المستمر، مطالبين الأمم المتحدة بالقيام بدور أكثر فعالية لحماية السكان.
مون أثناء تفقده مشروع 150 وحدة سكنية في مدينة خان يونس كان في مراحله الأخيرة قبل فرض الحصار قال: "أخبرت إسرائيل أن الحصار غير مفيد وغير مقبول، وان نصف السكان في غزة تحت سن 18 عاما يعانون أكثر من أي فئات أخرى بسبب الحصار، وهذه السياسة غير مفيدة، وهي تشجع التهريب وتضعف المعتدلين وتشجع المتطرفين".
الزيارة الخاطفة أثارت ردود فعل متباينة وانتقادات حادة له خاصة وأنها الثانية له بعد 13 شهرا من الزيارة الأولى التي قام بها في 19/2/2009، إلى مقر الأمم المتحدة الذي تم تدميره من قبل قوات الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، فالزيارة لم تلبِ الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين من رفع الحصار الذي وصفه غولدستون في تقريره بأنه عقاب جماعي من خلال سياسات توازي جريمة ضد الإنسانية.
ومون مطالب كذلك الأخذ بتوصيات غولدستون  خاصة وان الأمم المتحدة عضو في اللجنة الرباعية الدولية التي تشارك في فرض الحصار على قطاع غزة، وكذلك قضية الأسرى الذي لم يلتق أي من ذويهم، فيما التقى ذوي غلعاد شاليت.
ويتساءل الفلسطينيون لماذا كانت الزيارة خاطفة وسريعة "التيك أوي" ؟ ولماذا لم يدعَ إليها قطاعات أخرى؟ مثل المرأة والطفل والإعلام والأسرى وحقوق الإنسان والصحة وكل قطاع لديه من الهموم والمعاناة اليومية يستطيع نقلها مباشرة إلى مون، ومطالبته بذل المزيد من الجهد من خلال منصبه.
الاعتراض ليس على الزيارات واللقاءات التي يقوم بها بعض المسؤولين الدوليين والأجانب بوزن سياسي رفيع مثل مون وآشتون، بل على الآلية في اختيار بعض الشخصيات الذين يتم اختيارهم كل مرة وكل لقاء من دون التدقيق في القطاعات التي يمثلونها، فالناس يتساءلون هل هؤلاء هم ممثلو القطاع الخاص؟ فهم لا يمثلون كل القطاع الخاص، وتوجه اتهامات لبعضهم من أنهم يطرحون خلال اللقاءات  الأوضاع المعيشية، ويكون التركيز على الوضع الإنساني والاقتصادي فقط.
 ويطرحون مشاكلهم الخاصة والبزنس الخاص بهم، ولم يقوموا بنقل معاناة الناس وفق رؤية موحدة، و أن ما يجري في القطاع من حصار وعدوان إسرائيلي متواصل، وحصره بالهموم والمشاكل وتحسين الوضع الإنساني، فالحديث يجب ان يكون من خلال توجيه رسائل سياسية وطنية تعبر عن رفض سياسة الاحتلال وسياساته وضرورة وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على القطاع وإعادة الاعمار.
المطلوب الخروج بوفد موحد يمثل كل قطاعات المجتمع المدني والقطاع الخاص بعيداً عن الصالونات المغلقة والحسابات الشخصية والخاصة، ويكون ممثل حقيقي للفلسطينيين، ويعبر عن رؤية سياسية وطنية للضغط والتأثير على المجتمع الدولي خاصة الاتحاد الأوروبي ومطالبته بتطبيق القانون الدولي حيال ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب ضد الفلسطينيين وملاحقة إسرائيل وعدم إفلات قادتها من العقاب، والضغط عليها لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وإلا سيظل المجتمع الدولي يلتقي من يريد بناء على مصالحه الخاصة، وليس بناء على المصالح المشتركة بين الطرفين.
الفلسطينيون بحاجة كبيرة لتلك الزيارات فهي مصلحة لنا في القطاع خاصة من مسؤولين دوليين رفيعي المستوى بحجم مون أو اشتون للاطلاع على معاناة الناس، ووضع قضية الحصار على أجندة المجتمع الدولي ونقل صوت الضحايا وطرحه بشكل سياسي وليس إنسانياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق