الثلاثاء، 23 مارس 2010

في تونس دعارة مقننة" ان لم تستحي فافعل ما شئت


رامي جغام
 للوهلة الأولى ينال فضاء "اربسك القنطاوي " إعجاب زائره ، لتميز معماره و هندسته و تزويقه ، كما لنظافته و احتوائه على عناصر ثقافية و حضارية ، تزيده فخامة و تميزا . و كان أمام صاحب المقهى فرصة ذهبية لتحويله لمقهى ثقافي راقي يسهم من موقعه في سد الفراغ الحاصل في المنطقة السياحية في هذا المجال ، لكن جشعه و طمعه و تكالبه اللامبرر على المادة و تغليبه المصلحة الذاتية على مصلحة المنطقة حال دونه و دون ذلك .بل و حول هذا الفضاء الجميل و ما يحتويه من رمزيات ثقافية و تاريخية إلى سوق مهيأة للدعارة و تجارة الجسد و فضاءا آمنا لتعاطي بعض أنواع المخدرات .
ككل فضاءتجاري تضبط تسعيرة البضائع او الخدمات المقدمة طبيعة حرفاء هذا الفضاء ، و باعتبار غلاء اسعاره فإن حرفاء مقهى الأربسك هم من الطبقة الميسورة ضرورة و هو امر يتعمده بعض أصحاب المقاهي لتفادي عديد المشاكل و الاشكاليات . لكن الأمر مختلفا بالنسبة لصاحب الأربسك حيث ان جشعه و دهائه هما اللذان جعلاه يهيء المكان بطريقة ما و يرفع الأسعار حتى يكون فضاءه كما شاع صيطه في المنطقة و المناطق المجاورة سوقا للمتكالبين على اللذة .
الهدوء ، كما السكينة ، الأضواء كما الألوان ، كلها رموز تبعث في الزائر الأمان و تحرك فيه و من حيث لا يشعر كل الرغبات و النوازع المقبورة و هي طريقة علمية معتمدة في الغرب . و بوجود نوعية معينة من الفتيات اللواتي احترفن الإثارة و فنونها تكون الأرضية مهياة لتدخل الوسييط و هن نادلات المقهى نفسه فيربطن بحرفية فائقة بين " الطالب " و " المطلوب " بمقابل يحدد حسب قانون السوق ( العرض و الطلب ) و حين يحصل الرضاء و يتم الاتفاق يحيل النادل حرفائه إلى مراحيض المقهى إن كان الحريف على عجلة من أمره أو إلى إحدى الشقق التي تحتويها عمارة المقهى ، هذا و قد هيأ صاحب الأربسك مراحيضه و أحكم غلق منافذها لاحتضان مثل هذه الأنشطة كما هيأ عمارته و تفنن في فرشها و تزويقها حتى تكون فضاءا للذة الحرام و سوقا حرة للحم الرخيص و ليس هذا من باب الافتراء و المزايدة فلنا صور شمسية ومقاطع فيديو تثبت بشكل قطعي ذلك .
و في مجال آخر ، و حتى يوفر لنشاطه أقصى ظروف النجاح و أمام تنامي ظاهرة المخدرات و رغم علمه بمثل هذه الأنشطة الممنوعة في محله فإن صاحب المقهى يغض الطرف عنها موصيا عماله بذلك و بعدم التدخل في الاستهلاك الشخصي للحريف لضمان حرية الحريف إلا أن صاحبنا لا تهمه حرية الحريف في شيء بل همه الوحيد هو تكديس المال و الثراء الفاحش على حساب الأخلاق و الدين و حتى القانون .
و مع انعدام الرقابة الفاعلة و الجدية و خاصة الرقابة الأمنية الحازمة والمتشددة فإن أربسك القنطاوي و بعض الفضاءات و المقاهي الأخرى ستظل بؤرا للفساد المتنامي يوما بعد يوم فضاءات تسمم الأخلاق و تسيء لمبائ الناس و تلغي كل القيم و القوانين باستهتار واضح على مرئ و مسمع من القاصي و   الداني و تجعل من الحرية و المدنية مفاخر الدول الحديثة رديفا للانحلال والتسيب




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق