الثلاثاء، 23 مارس 2010

خطة أمريكة من أجل مفاوضات عبثية


 المحامي / لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
        هل الخطة الأمريكية المطروحة لاستئناف المفاوضات، خطة أعدت لتنفيذ استحقاقات خطة خارطة الطريق أم هي خطة جديدة تعمل على تغيير مسار المفاوضات لتتوافق مع التغيرات الديمغرافية التي أرستها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة؟، وهل عدم مشاركة حزب كاديما في حكومة نتنياهو مؤامرة صهيونية على الشعب الفلسطيني للتهرب من كافة الاتفاقيات الموقعة وما توصلت إليه حكومة أولمرت مع السلطة ودعما لما سيتخذه نتنياهو وأركان حكومته من المتطرفين المتزمتين من الصهاينة أمثال ليبرمان؟، التساؤلات كثيرة والإجابات في كلا الأحوال مرة; الاحتلال يتظاهر بالتفكك والانقسام كنوع من أنواع لعب الأدوار وفقا لخطة صهيونية محكمة من اجل انتزاع اكبر للأراضي الفلسطينية والعربية وتهويدها ، ونحن نختلف ونتعادى ونتشرذم من أجل التنازع على الصلاحيات والمهام وارساءا لمبدأ المحاصصة الذي تركته أردى الدول والكيانات السياسية في العالم وما زلنا نتمسك به، كانت المحاصصة في الماضي نهجا فلسطينيا نظرا لحالة الاحتلال وعدم تمكن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من إجراء أيا من الانتخابات الوطنية في الأراضي المحتلة وبعضا من الدول فكان لا مناص من المحاصصة ومبدأ التمثيل ألفصائلي كسياسة إرضائية لتوحيد العمل الوطني في إطار منظمة التحرير.
إن الحديث عن مقترح خطة مفاوضات أمريكية جاء قبيل عقد اجتماع الرباعية في موسكو، وقبيل اجتماع أهم أبرز لوبي يهودي (ايباك) في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يحظى باهتمام كبير من قبل الإدارة الأمريكية وخارجيتها، وقبيل اجتماع القمة العربية في ليبيا; هل من اجل طرح مقترح الخطة على المجتمع الدولي والرباعية ومباركته ومن ثم فرضه كالمعتاد على المنظومة العربية التي لا حول ولا قوة لها للترحيب والعمل بما جاء به، أو من أجل مباركة أهم لوبي صهيوني في العالم لمساعي وزيرة الخارجية الأمريكية المتصهينة هيلاري كلينتون، وهل مسرحية الخلافات الدبلوماسية الإسرائيلية الأمريكية الأخيرة الناتجة عن بناء 1600 وحدة سكنية في المدينة المقدسة، وقرار نتنياهو الأخير بوقف الاستيطان في الأحياء العربية، واستئنافه له في الأحياء اليهودية، جزءا من خطة أمريكية إسرائيلية لتخفيض سقف خطة خارطة الطريق وفقا لما يجرى على أرض الواقع من سياسة تهويد مدينة القدس والمقدسات الإسلامية، كإمتداد لخطة فك الارتباط المباركة أمريكيا وفقا لتصريحات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بقوله " إنه من الواقعي أن نتوقع أن أي اتفاق للوضع النهائي لن يتم تحقيقه إلا على أساس التغيرات المتفق عليها من الجانبين والتي تعكس هذه الحقائق." في موافقة ضمنية لمحاولة رئيس الوزراء الأسبق شارون الاحتفاظ ببعض المستوطنات اليهودية الرئيسية في الضفة الغربية في أي حل مستقبلي وخاصة وان جل الأحياء اليهودية في مدينة القدس تقع في مدينة القدس الشرقية المحتلة عام 1967م وهي من الأراضي المتنازع عليها وفقا للقرار 242 وإنها من الأراضي التي تنوي منظمة التحرير إقامة عاصمة الدولة الفلسطينية عليها; من أجل قبول الرباعية بالطرح الأمريكي الجديد بالقبول بسياسية الأمر الواقع الممنهجة إسرائيليا وأمريكيا كجزء من سياسة التطمينات الأمريكية بحامية الأمن الإسرائيلي، والتي من شأنها أن تعمل على تحقيق أماني الصهيونيين بشأن يهودية الدولة العبرية فضلا عن المنافع التي ستعود على دولة الاحتلال من جراء الاقتراح الأمريكي بالتطبيع الاقتصادي مع دولة الاحتلال والمقترح من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون.
وهل خطة المفاوضات الأمركية ستعمل على تنفيذ خطة خارطة الطريق الأمريكية المعلنة والموافق عليها من قبل منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، أم هي خطة خارطة الطريق الاسرامريكية أو ما تسمى بخطة فك الارتباط، المباركة من قبل رئيس الإدارة الأمريكية الأسبق جورج بوش بتصويره للخطة الإسرائيلية بأنها خطوة لتحقيق رؤيته لإقامة دولتين حلا للصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومعتبرا الخطة بأنها "إجراءات تاريخية ومشجعة". 
إن مقترح خطة المفاوضات الأمريكية ستعزز خطة الحكومة الصهيونية بإرباك المفاوض الفلسطيني، بتوجيهه للانجرار حول قضايا ثانوية تفتعلها الحكومة الإسرائيلية مثل قضية الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية، والتي لم تدخر الإدارة الامريكة جهدها في الإثناء على حكومة الاحتلال في المحافل الدولية بإزالتها بعضا منها تخفيفا لمعانة الفلسطينيين.
إنني أرى بأن ما وراء مقترح خطة المفاوضات الأمريكية هو ترك مساحة واسعة لحكومة الاحتلال لتجول كما تشاء في الضفة الغربية والقدس، بإلهاء المفاوض الفلسطيني بالتفاوض حول ماهية المفاوضات مع حكومة الاحتلال والتي ستمكث من وجهة نظري قرابة الأربع أشهر ومن ثم التوافق على أليه المفاوضات والتي ستمكث بضعة من الأشهر لندخل في مفاوضات عسيرة وعقيمة حول الحدود والأمن، مع الأخذ بعين الاعتبار استبعاد القدس من موضوع رسم الحدود بإرجائه إلى ما بعد الاتفاق على الحدود، وكأن القدس ليست من الأراضي التي تضمنها القرار ألأممي 242، والقرار 252 والقرارات الأخرى ذات الشأن، هذه هي الرؤى الأمريكية التي ستسهم في تعزيز الموقف الإسرائيلي وإعطائه صك براءة في المحافل الدولية ليجول كما يشاء في مدينة القدس ويفعل ما يريد، في ظل كافة المؤشرات من تصريحات لكبار المسئولين في الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسهم نتنياهو، والمعززة بالأفعال على أرض الواقع من مخططات بناء وتهويد لمدينة القدس وإقامة الكنس والحدائق والمؤسسات العامة، وضم المقدسات والتراث القومي الفلسطيني لقائمة التراث القومي الإسرائيلي وغيره من الإجراءات الإسرائيلية التي عززت بقوانين أصدرها الكنيست مؤخرا وعلى مدار ما يزيد عن 15 عاما فيما يتعلق بسياسة التهويد .
بالطبع وبلا شك الإدارة الأمريكية ومنذ إعلان الدولة العبرية وقبل الإعلان عنها عمدت على إحباط تنفيذ كافة القرارات الدولية فيما يتعلق بقيام الدولة الفلسطينية، حيث أحبطت في الماضي تنفيذ قرار التقسيم وفقا للرسالة السرية والعاجلة حين ذاك من قبل "ماكدونالد" السفير الأمريكي بتاريخ 4/10/1948م بعدم ضم منطقة النقب إلى الأراضي العربية بما فيها مدينة المجدل.
نظرا لكون المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي التي من شأنها أن تضع حدا للنزاع لم يعد لها مكان في ظل استهتار الحكومة الاسرائيلة بكافة الوساطة وتجاهلها لكافة القرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة، مطلوبا من اللجنة الرباعية والولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي،  مذكرة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية مشابهة تماما لمذكرة الرئيس الأمريكي هاري ترومان بتاريخ 11/9/1948م إلى وزير خارجيته مارشال حول الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، ليس أكثر أو أقل، أما دعاوي الرباعية خلال اجتماعها في موسكو لدولة الاحتلال إلى تجميد كافة إشكال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية دون اتخاذ قرارا رادعا لهذه الحكومة فلا مبرر لها كونه غير مجدي، ولكون اجتماع اللجنة الخاصة بعملية التسوية في الشرق الأوسط ساوت بين منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية التي نفذت ما عليها من التزامات وبين حكومة الاحتلال التي لم تلتزم بتنفيذ أيا من الالتزامات التي تقع على كاهلها استجابة لاستحقاق العملية السلمية والاتفاقيات الموقعة، والذي نرى فيه لمسات الإدارة الأمريكية ممثلة بوزيرة خارجيتها كلينتون التي كانت واضحة بتنكرها في خطاباتها وتصريحاتها للتضحيات الجسام التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية من اجل السلام ومن اجل مستقبل أكثر استقرار لمنطقة الشرق الأوسط، دون مطالبة إسرائيل بالالتزام بالاتفاقيات متعاطفة معها بمطالبتها بخيارات صعبة وضرورية وكأنها صاحبة حق فيما تسيطر عليه من أراض، متجاهلة قرارات الشرعية الدولية، أسوة بالسيناتور جورج ميتشل مبعوث الادراة الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط الذي لم يدخر جهدا بمساواته أيضا الجلاد بالضحية بمطالبته جميع الأطراف إلى ضبط النفس، إنني لا أعرف من هو المطلوب منه ضبط النفس الشعب الفلسطيني الضحية، أم حكومة الاحتلال الجلاد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق