الخميس، 22 أبريل 2010

بلاغ رسمي إلى الوكيل العام للجمهوريّة التونسيّة


الموضوع: التبليغ عن محاولات قتل متعمّدة ومقصودة مع الترصّد وإعداد الوسيلة والتربّص والقصد

حين نزّلت الشرائع السماويّة والقوانين الوضعيّة وكذلك العهود الدوليّة وغيرها من المواثيق والاتفاقيات والإعلانات، الذات البشريّة في بعديها الجسدي والمعنوي، المنزلة الأرفع واعتبرت، بل أجمعت كلّها دون أدنى لبس أو شكّ أو غموض ـ أنّ الاعتداء على هذه الذات يمثّل أفظع الجرائم، أتوجّه لكم علنا وعبر هذه الرسالة المفتوحة على اعتبار أنّ المسألة لا تهمّ فردًا بعينه بل ـ وهنا المصيبة ـ أن صار هذا الاعتداء وأصبح هذا التجاوز، جزءا من آلية الممارسة الصحفيّة في تونس تقريبًا، حيث
اشتدّ الضغط وارتفعت حالات التجاوز حتّى أصبحت ـ وهنا المصيبة ـ من الحقوق المشروعة لأرباب عمل، اتّخذوا من الحصانة واصطنعوا من الحقّ ما يفوق وزارات السيادة مجتمعة...
كان أن حاولت إحدى الزميلات الانتحار، ولم تفعل ذلك لحبيب هجرها أو والد أطرها أو أمّ وبختها، بل لأنّ صاحب مؤسّسة إعلاميّة أو أحد العاملين تحت إمرته أقدم على كسر حلمها والاعتداء على توقها الطبيعي لممارسة المهنة في ظروف طبيعيّة...
لا أعلم إن كان القضاء تابع هذه القضيّة وأولاها ما تلزم به التشريعات، لكنّ الأكيد وما لا يقبل الشكّ هو أنّ هذه الزميلة رغم ما تمثّله محاولة الانتحار من مأساة إنسانيّة [ضمن المعنى الحقيقي للكلمة]، فهي لا تأتي خارج السياق، حيث أنّ الكثير والكثيرات يعملون ويعملن في ظروف قد تدفع الكثير إلى ارتكاب مثل هذه الأفعال غير المعقولة... حين غيّب الظلم وألغى الحيف كلّ أشكال العقلانيّة...
ما يحزّ في النفس أنّ مؤسّسات صحفيّة كانت لسنوات خلت تمثّل مرجعا في تطبيق التشريعات صارت إلى تراجع ملحوظ وتدهور لا يمكن وصفه...
سيّد الوكيل العام
لا يطالب أهل الصحافة والعاملين بها، بأنّ يصيروا إلى حصانة لا يرغبون فيها أصلا، بل أنّ يتمّ تطبيق التشريعات القائمة فقط، فذلك كفيل بتلبية جانب كبير وغير هيّن من الحقوق، حين لم يعد الطلب والسؤال يخصّ هذا التطبيق، بل القوّة التي تحمي أرباب الصحف وتجعل لهم هذه الحصانة وهذه المناعة، خاصّة وأنّ رئيس الدولة أعلن عبر عديد الخطب عن علويّة القانون وطالب بتطبيقه، بل السؤال ملح لدى عموم الصحفيين عن قيام المسؤولين عن مؤسستي الإذاعة والتلفزة برفض تطبيق أوامر رئيس الجمهوريّة، حين مكّن الصحفيين المعتصمين من تسوية الحالات التعيسة التي كانت قائمة.... ولا تزال لسوء الحظّ....
سيّدي الوكيل
مصالحكم وما تملك وزارة الداخلية من أجهزة أكثر كفاءة من شخصي لتحديد حالات التجاوز وما يُقدم عليه عدد متزايد من أرباب الصحف خصوصا في القطاع الخاص من تجاوزات يندى لها الجبين، فهذا يشتم ويعربد ويسبّ وذلك يرى أن على الصحفية أن تلبيّ رغبات صاحب المؤسّسة وقد رأى إعداد القهوة من ذلك... ولم يعلن صراحة عن طلبات أخرى!!!
المصيبة تتجاوز أزمة صحفيين لتمسّ المنظومة الإعلاميّة ومفهوم الأمن في البلاد، حين أقول ـ وأتحمّل مسؤوليتي القانونيّة والأخلاقيّة ـ أن المنظومة الإعلاميّة عاجزة أشدّ العجز عن الانخراط في أيّ جهد وطني دفاعي عن مكتسبات هذه البلاد!!!
سيّدي الوكيل العام
أمثال عبد اللطيف بن هدية وصالح الحاجة وعبد العزيز الجريدي، يمثّلون خطرًا على البلاد والعباد أشدّ من عصابة سليمان الإجراميّة، لأنّ هذا الإرهاب جعل نفسه نقيض الدولة من خارجها، حين يعلنون هؤلاء أنّهم جزءا من المنظومة الوطنيّة في شكلها الأوسع... وهذه مصيبة كبرى....
سيّدي الوكيل العام
هذه شهادة أمام التاريخ والضمير وما تملك هذه المهنة عليّ من حق... أقول كلمتي ليس طلبا لذاتي أو رغبة في مكسب شخصي، بل خشية أن يرنّ الهاتف على خبر انتحار زميل أو زميلة... أو وهذا الأدهى عجز فكري أصاب الصحفيين وجعلهم دون القدرة عن التصدي لأيّ تهديد إعلامي أو غيره...
لكم ما يليق بالعدالة من احترام
نصر الدين بن حديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق