الأربعاء، 7 أبريل 2010

اكاديب البرادعي


بقلم : ناصر أبو طاحون

يحلو للدكتور محمد البرادعى أن يفتخر ـ شأنه فى ذلك شأن كل مصرى ـ بوالده وبتاريخه كنقيب للمحامين فى مصر فى ستينات القرن الماضي، وفى أحاديثه يهاجم البرادعى المرحلة التى كانت وبالاً على المصريين حيث لا حرية ولا ديمقراطية بل سجون ومقابر جماعية للأحياء، البرادعى لم يجد حرجاً فى أن يقول مثلاً إن الإخوان المسلمين دفنوا أحياء والشيوعيين تعرضوا للاختفاء القسرى وهو كلام حتى لم يتقول به الإخوان أو الشيوعيون أنفسهم.
فى نفس الوقت نجد البرادعى الأب مقاوماً شرساً ومناضلاً قوياً دفاعاً عن الحريات ومعارضاً لنظام الحكم، وهذا شيء جيد فى حد ذاته وشهادة للنظام الذى يهاجمه البرادعى بوعى أو بدون ـ خاصة إذا كان ذلك مقترنا بأن هذا المعارض الصنديد ـ البرادعى الأب لم تمسه يد الأذى بسبب آرائه أو مواقفه ضد النظام، فهل النظام كان متسامحاً مع البرادعى فقط أم مع غيره من المعارضين؟ وهل كان البرادعى الأب حالة مستقلة بذاتها ـ يعارض ويتصدى ويذهب لبيته آمناً؟ أم أن الحياة السياسية كانت تسمح له ولغيره وقتها بمساحة ما للحرية؟ فإن لم يكن ما سبق صحيحاً والنظام كان يدفن الناس أحياء كما يدعى البرادعى الابن الآن، فلماذا لم يدفن البرادعى الأب حياً مثل غيره؟ هل كان يملك سلاحاً ما يشهره فى وجه النظام يمنعه من أن يمسه بسوء أو حتى يستضيفه لبعض الوقت فى السجن؟ ثم إن البرادعى يطرح نفسه كبديل لحسنى مبارك الآن وليس لجمال عبدالناصر.. وهل عبدالناصر العظيم وإنجازاته الخالدة فى حاجة طول الوقت للتقييم من الرايح والجاى والقائم والقاعد والهاجع والناجع؟ وهل عبدالناصر يقف على باب الجنة مثلاً فى حاجة لرأى البرادعى ليدخل أو يعود؟ شيء مفزع حقاً ونحن نتطلع للعمل للمستقبل أن يصر البعض على التعرض لزعيم تاريخى مثل عبدالناصر متحدياً مشاعر الملايين فى مصر وخارجها، هو يفعل ذلك ظناً أنه يرضى بضع عشرات من خصوم عبدالناصر فماذا عن الملايين من أنصاره؟، ورغم ادعاءاته بأن والده كان مستهدفاً ـ وهى بالطبع ادعاءات لا يقوم عليها دليل ـ فقد حصل فى تلك الأوضاع على تعليم متميز هو وأشقاؤه وتمكن من العمل فى السلك الدبلوماسى فى الخارجية ولم يقف فى طريقه أحد بدعوى أن والده كان معارضاً للنظام مثلاً، بل الواضح أنه حصل على حقوقه فى ظل تكافؤ الفرص الذى كان شعار المرحلة وقتها، أما حديثه عن أن الناس كانت تخشى أن تسند القضايا لوالده ـ نقيب المحامين ـ فيدخل فى عداد النكت أكثر ما يدخل فى إطار الكلام الجاد. وليسمح لى القارئ أن أقتطع له من أحاديث البرادعى جملاً تكشف التناقض الحاد الذى يقع فيه عندما يتحدث عن الثورة وجمال عبدالناصر: "لكل نظام حسناته ومساوئه فنظام عبدالناصر أدخل العزة للمصريين بمقولة ارفع رأسك يا أخي، والتركيز على العدالة الاجتماعية" هكذا يقول ويضيف "كنت أقرأ لـ....... و...... ومشروع الألف كتاب فى عهد عبدالناصر".
الدكتور محمد البرادعى يقع فى خطأ فادح إذا كان يظن أن محاولته اختلاق عداء بين والده والثورة قد يمهد له الطريق السياسي، فكل ما طرحه يصب فى صالح الثورة التى تبنت موضوع العدالة الاجتماعية، وقطعت فيها شوطاً كبيراً حتى جاء من أضاعوها ويأتى هو اليوم ليطالب بها، الدكتور البرادعى فى حاجة لضبط زوايا لتصريحاته وأن يكون متيقظاً لمناطق الخطر التى يجره البعض إليها جراً.. هذا إذا كانت لديه النية فعلياً للعمل للوصول لمقعد الرئاسة.. وللحديث بقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق