الأربعاء، 7 أبريل 2010

متى سينكسر الصمت في سوريا


  صلاح الدين بلال

 5 ابريل / نيسان 2010

 لم يدم حلم الاصلاح 0648ءالتغير في سوريا طويلا، ولم تعطي نفعا الآمال التي علقتها وسائل إعلام النظام السوري وحزب البعث الحاكم وهي تهيؤ البيت السوري لمرحلة جديدة من توريث الرئيس الابن بشار الأسد لحكم البلاد إلى الأبد ؟؟؟ كما كانت حناجر الجماهير تنطح بها عنان السماء في عهد أبيه حافظ الأسد، الذي رحل عن تاجه تاركا ورائه تاريخا موسوماً و حافلاً من القمع والقهر والرعب والفساد، وهو مستقر العين والفؤاد إيمانا بحنكته و بدهائه مع الخصوم والأصدقاء وعهوده التي أعطته الضمانات الكافية لاستبتات الحكم لسلفه واستقرار دفة القيادة العسكرية والأمنية والحزبية في دائرة صغيرة وصفها البعض بالطائفية وتارة بالمافيا العائلية التي انفردت لوحدها في نهب واستملاك البلاد من بابها الشرقي إلى شمالها ومن غربها إلى جنوبها، ومحاباتها بحدود آمنه مع جيرانها  وتحالفها مع إطراف ابعد من حدود الخطاب القومي المعلن داخليا وخارجيا، لدعم الرئيس بشار الأسد وحماية قصره وحكمه مستقرا وآمناً من أي خطر داخلي الهاجس الأكثر رعباً لأهل الحكم من هاجس العدو المفترض في الخطابات" الشماعة " الرسمية، كذلك لم تدوم أيام العسل التي أعلنها الرئيس الابن وهو يغازل الشعب السوري ويقدم لهم صحن من الوعود المذهبة  و انتظار دسم الأيام القادمة لحكمه كما ورد في خطاب تتويجه حاكما لسوريا،  ولم يدم ربيع الكلام إلا وحلت أيام الشتاء الطويلة " كما غنتها فيروز"  على سماء سوريا، وسرعان ما تراجعت الأقوال من الإصلاح إلى الضرب بيد من حديد لكل من تسول نفسه بالتطاول على الذات الإلهية الحاكمة أو معصية إرادة الحاكم ؟؟؟
 وخوفا من "النفس الأمارة بالسوء" التي قد تدفع بعض المواطنين السوريين بإثارة العقل وفتح شهية الكلام والسؤال وتحريض "أعمال" العقل، كما تحدث عنها  المفكر والفيلسوف الألماني" عمانوئيل كانط " المعروف بندائه الشهير الذي استهله بعبارة " اعملوا عقولكم أيها البشر" لتنوير مستقبل الأجيال القادمة وتغير ملامحه أسوة بالمتغيرات الكبيرة التي أطاحت بجيران سوريا سياسيا واقتصاديا وديمقراطيا ؟؟؟ وبما إن العقل قيمة زائدة في ميزان النظام السوري فقد أدت السنين التالية من حكم بشار الأسد إلى زج الكثير من المفكرين والسياسيين والمعارضين السوريين ومنكل الاتجاهات في السجون ووضعهم في المنفردات لسنوات طويلة، وضرب الأصوات المطالبة بالحقوق القومية الكوردية في سوريا ضاربا بعرض الحائط بكل الوعود التي تحدث عنها سابقا بإنهاء حالة الغبن التي لحقت بالشعب الكوردي عبر السياسات السابقة وإنهاء قضية المجردين من الجنسية وسياسة التعريب والانفتاح على الكورد ضمن الوحدة الوطنية السورية كونهم يشكلون " مكون أساسي في النسيج السوري " كما عبر عنه ذات مرة الرئيس بشار الأسد لبعض وسائل الإعلام ؟.
 لكن استمرار خضوع سوريا لحالة إعلان الطوارئ المستمرة منذ قرابة خمسة عقود خلقت الحجة الدائمة في استمرار انتهاك حقوق الإنسان و تأجيل التعاطي بالمفردات الديمقراطية كون هذه المفردات لا تتناسب وشروط المجتمع السوري ومزاج النظام السوري والحكام في المنطقة كما عبر عنها " الكاتب الصحفي " غسان شربل " رئيس تحرير جريدة الحياة في إحدى أحاديثه الصحفية ؟؟؟  وهي غير محببة الذكر في مكاتب الأجهزة الأمنية ومستشاري القصر الحاكم، و من المؤكد وبحسب التجربة والبرهان، بأن " مفهوم الديمقراطية "  ليس منتجا محليا بل أن الديمقراطية ليست إلا أداة "خارجية " ومقولة مستوردة لتهديد الأمن والسلم الأهلي في المنطقة و للانقضاض من ورائها على روح الممانعة والمقاومة البادية مظاهرها " الصوتية " في التظاهرات المليونية في شوارع دمشق والمدن السورية الأخرى ؟؟؟  
الكثير من العاملين في حقل المنظمات الحقوقية في سوريا أصبحوا مصدر إزعاج للنظام ، لذا لم تتأخر الأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على بعض الرموز المهمة فيها بالرغم من سياسة " العصا والجزرة " التي كان يتبعها النظام مع هذا الطرف أو ذاك لتحسين صورته خارجيا ولكن للصبر حدود ؟؟؟ المحاكمات الصورية التي كانت تشهدها المحاكم السورية لم تفلح في إحقاق هؤلاء ولم يفيد حضور الكثير من المراقبين والسفراء الاوروبين إثناء جلسات تلك المحاكم بتغير محاضر الإحكام التي لا حول ولا قوة فيها لأي قاضي سوري مهما علت رتبته أو شأنه .
المثير في حضور السفراء الأجانب هذا الاندفاع الدائم للمواظبة على مراقبة المحاكمات التي تجري بحق الناشطين الحقوقيين والسياسيين تحت قوس محاكم النظام السوري، بينما دولهم وحكوماتهم تفتح الأبواب والنوافذ لتحرير النظام سياسيا ودوليا من أي مسائلة أو عقوبات، حتى أصبح البعض يشك بحضور هؤلاء المراقبين الشكلية ووظيفتهم في مراقبة سير العدالة السورية أم في مراقبة قوة وخطاب المعارضة السورية ؟؟؟؟ .
اليوم ثمة جديد ما ( لكسر الصمت في سوريا ) من خلال نداء منظمة العفو الدولية عبر " حث المعارضة السورية وناشطي حقوق الإنسان في العالم الحر على التظاهر إمام السفارة السورية في بروكسل لإثارة العالم "الغافل عن الوضع السوري" والتذكير بقضية المعتقلين السياسيين في سوريا وانتهاكات حقوق الإنسان، في يوم السابع عشر من نيسان/ ابريل، الذي يتزامن مع احتفالات النظام السوري في يوم عيد الجلاء عن المستعمر الفرنسي ...
 وقد ذكرت منظمة العفو الدولية في ندائها (  بالرغم إن سوريا بلد مستقل لكن هذا لا يعني أن المواطنين السوريين أحراراً ) .  
المثير أيضا انضمام فرعي المنظمة الدولية في لندن وواشنطن لقيام تظاهرات مماثلة أمام أسوار السفارات السورية في تلك العواصم  والملفت في نداء المنظمة حديثها في " رغبتها في هذا اليوم أعطاء/ وكما ورد في بيان المنظمة (  أسرى ) الضمير في أقبية النظام السوري  بعض الأمل ؟؟؟  وهذا الوصف لوضع المعتقلين يشكل سابقة كبيرة ومهمة في إثارة تعريف وتحديد انجاز الجلاء الوطني من المستعمر المحلي وتحرير هؤلاء الأسرى؟؟؟ والتي تخشى المعارضة السورية من الثرثرة في هذا الموضوع لاعتباره من المحرمات "المفتى بها " من قبل النظام ومن بعض إطراف المعارضة ؟؟؟ . لذا هل يحق لنا الحديث بقضية تحرير الوطن بعد إن حللته لنا " نداء " منظمة العفو الدولية ؟؟؟ 
في جانب آخر قد يكون النداء المرافق لدعوة التظاهرات إمام السفارات السورية في كل إنحاء العالم تحت شعار " كفى صمتا "  يدعونا لطرح تساؤلا ليس الغرض منه الدخول في نقاش بيزنطي ولكن المقصود منه إن يكون هدف كسر الصمت على امتداد الوطن كله  جغرافياً وسياسياً وحقوقياً ، وأن لا تتحول التظاهرة الى مناسبة " دعوية " للبعض أو لعرض بعض الواجهات السياسية بدون إن يدعو ذلك إلى استمرار " شعار كسر الصمت خارجيا وداخليا "  من قبل كل أطياف المعارضة السورية والشارع السوري، وبدون كسر الحقوق وتقسيمها في درجات أول وثاني  ... هناك تساءل آخر من المهم إثارته بكل جرأة  لبحث نداء المنظمة وبعض الاطراف ولوصف الدواء المناسب للمعارضة السورية للخروج من أزمتها و صمت بعض إطرافها المثيرة للجدل ومعرفة:  لماذا طال دهر " الكفى " الصمتية لدى المعارضة السورية وخاصة إمام الكثير من الانتهاكات التي وصفت إلى حدود المجزرة كما حصل في الرقة وما قبلها من اعتقال المئات ومحاكمة العشرات وسقوط عدد من الشهداء كان آخرها سقوط ثلاث شهداء من الكورد منهم  الفتى" محمد" التي إصابته طلقة هداف عسكري مغوار في عينه من إبطال قوات النظام التي استدعت إلى عجل من حدود المواجهة مع العدو الصهيوني إلى مدينة الرقة لقلع عين الشاب "محمد" وقتل شابة في ربيع عمرها بدم بارد تدعى "ميديا" لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها بحسب مسلسلا مخطط ومدبر لإثارة الوضع الداخلي ودفع ببعض الجحافل من قوات العشائر التي زجت بكل وقاحة داخل مكان احتفالات النوروز بشكل استفزازي وهي ترفع علم البعث والعلم السوري وصور ابن القائد" القائد الضرورة " لشرعنة تلك المجزرة  بحجج واهية والتي مرت " بصمت " على بعض إطراف المعارضة والمنظمات الدولية ؟؟؟   
من المهم أخيرا التذكير وبالرغم من بعض التساؤلات المحقة لنا كما هي محقة للبعض ... ضرورة الوقوف على أهمية نداء منظمة العفو الدولية وكل اطراف المعارضة السورية والزج بكل الإمكانيات والفعاليات وتوحيد جهود المعارضة السورية بكل أطيافها العربية والكوردية وغيرها في هذا اليوم وفي المستقبل؟وخاصة أمام السفارة السورية في العاصمة البلجيكية بروكسل كونها مركزا للكثير من طاولات الشراكة الأوربية السورية المقلوبة على حساب مصالح الشعب السوري وحقوقه المدنية والسياسية .
 وكما تعتبر التظاهرة المعلنة عنها إمام السفارة السورية في العاصمة الأمريكية واشنطن مهمة جدا إمام الرأي العام وفي المدى البعيد لمستقبل ومكانة المعارضة السورية، وامام الحكومة الحالية التي تعتبر الراعي الأول لسياسة  انفتاح " الامر الواقع " والتي منحت النظام السوري  مسحة من العطف في الآونة الأخيرة ، متغاضية بذلك عن انتهاكاته واستبداده الذي طال أمده لدوره في  ملفات أمنية مهمة للإدارة الأمريكية في لبنان والعراق  وغزة وغيرها وعلى حساب الشعب السوري  .....
من المهم ايضا التذكير بضرورة مشاركة كل الإطراف السياسية والشخصيات الوطنية والثقافية والاعلامية السورية واصدقائها المتواجدة على الأراضي الأمريكية، والحضور بكل فعالية وقوة لتعرية هذا النظام و مطالبة الإدارة الأمريكية الحالية وربما القادمة سحب بساط العطف الدولي ومحاسبة النظام الحاكم في سوريا عن شر أعماله في المستقبل القريب....
وإن طال شتاء الظلم فربيع الحرية قادم لا محال  لكل المعتقلين ولكل المظلومين من الشعب السوري مهما طال الاستبداد وعظم جبروته وسطوته، فنهاية الظالمين في نفق التاريخ والنصر للشعوب اولاً و أخيراً .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق