الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

السلام الشامل هدف مشترك وتنازلات نتنياهو غيرمسبوقة !!!

محمد خضر قرش – القدس

أعلن جورج ميتشل المبعوث ألأميركي لعملية السلام في الشرق ألأوسط عقب إجتماعه مع رئيس الوزراء ألإسرائيلي بنيامين نتنياهو " بان السلام ألإقليمي هو هدف مشترك " تبعه تصريحين مستغربين لكل من السيدة هيلاري كلينتون ونتنياهو نفسه . فوزيرة الخارجية أعلنت بان إسرائيل قدمت تنازلات غير مسبوقة ووصفتها بأنهالم يسبق لها مثيل!!! أما نتنياهو فقال بأن حكومته قدمت تنازلات لم تفعلها أي حكومة منذ 16 عاما؟ لقد ملَ وسئم شعبنا من هذه التصريحات اللفظية الخالية وغير المصحوبة باي إجراء فعلي ميداني على ألأرض . لم تعد هذه التصريحات قابلة للتسويق عند أيَ فلسطيني ، فهي ليست أكثر من شيكات متدنية القيمة وبدون رصيد وغير قابلة للصرف من أي بنك أوصراف أو حتى بائع خضار على الرغم من كونها ممهورة بختم الولايات المتحدة وموقعة من الممثلين الرسميين لها ومحدد عليها تواريخ صرفها وبموافقة الطرفين الفلسطيني وألإسرائيلي . لقد حولت أميركا وطفلها المدلل إسرائيل (المستثناه من كل القواعد والقوانين )الشيكات ذات وسيلة الدفع الفوريه غير القابله للتأجيل (حيث يجرَم كل من لا يلتزم بها ويوضع أسمه على القائمة السوداء ويحظرعليه التعامل بالشيكات ويشطب أسمه من السجلات ) الى وسيلة أوأداة نصب وتسويف غير خاضعة للمساءلة أو للمحاسبة وغير مرتبطة بسقف زمني له إستحقاق لا بد من الوفاء به تحت طائلة القانون . فمنذ إحتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس والقطاع وغيرها من ألأراضي العربية عام 1967 ونحن نسمع تصريحات مماثلة بل وأقوى من ذلك, دون أن نشاهد أو نرى أو نلمس أيَ خطوة عملية واحدة على ألأرض تؤكد مصداقية هذه ألأقوال وصحتها وموضوعيتها ومدى تناغمها أو توافقها أوتلازمها مع النوايا.لقد أكدت التجارب بأن إتخاذ إجراء عملي واحد أو ألقيام بفعل ميداني ملموس على ألأرض أفضل من مليون تصريح لفظي لا قيمة له. فالولايات المتحدة ألأميركية صرحت مرارا بأنها ضد ألإستيطان وضد تغيير المعالم الجغرافية للقدس وللضفة ولكنها بالمقابل لم تقم بأيِ إجراء واحد بسيط يثبت صدق تصريحاتها وأقوالها .ولو كانت التنازلات ألإسرائيلية غير مسبوقه وليس لها مثيل كما تقول السيدة كلينتون لأقدم الفلسطينييون على التوقيع على إتفاقية السلام التي يتطلعون اليها منذ عقود طويلة . والدليل على ذلك أن ألإستيطان العنصري إتسع وإبتلع ألأرض وبات عدد المستوطنين الغرباء يقارب نحو 500 ألف نصفهم في القدس ومحيطها . فلو كان السلام هدفا مشتركا حقا كما يقول ميتشل , لقامت ألولايات المتحدة بإتخاذ إجراءات عملية تربط بين كلامها اللفظي المكرر وبين أفعالها التي طال إنتظار وشوق ألفلسطينيين اليها . فلو كانت التصريحات اللفظية ألأميركية صادقة وتعكس رغبة أكيدة بالسلام لإمتنعت عن إستخدام الفيتوعشرات المرات لحماية ألإستيطان ولبقاء ألإحتلال البشع ؟ فالذي يقول لا للأستيطان حقا ونعم للسلام الحقيقي يتوجب عليه ان لا يستخدم الفيتو في مجلس ألأمن لصالح تكريس ألإحتلال وتوسيع رقعة ألإستيطان وإقامة الجدار وإطالة أمد ألإحتلال ووقف تدفق ألأموال والمساعدات. فلم يعد من الممكن فهم السلوك ألأميركي العجيب الغريب . هي مع السلام الشامل لكنها تقوم بتزويد إسرائيل بالأسلحة والمساعدات المالية وتشكل غطاء لكل ممارساتها العدوانية ضد الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين ..إلخ بالإضافة إلى انها تدين وتمنع ,إن إستطاعت, كل دولة تسعى للحصول على السلاح للدفاع عن نفسها . فهي تريد تحديد تسليح كل الدول عدا إسرائيل. هي ضد ألإستيطان لفظيا لكنها بالمقابل تسهل لإسرائيل كل ما تحتاجه من مستلزمات ومتطلبات وإحتياجات ألإستيطان وتمنع مجلس ألأمن عبر إستخدام الفيتو من إتخاذ أو إصدار أي قرارضد مشاريع التوسع ألإستيطانيه خشية ,كما تقول, من تأثير ذلك على عملية السلام !!! هي ضد الجدار العنصري الذي شبهته بالأفعى التي تتلوى فوق ألأرض لكنها بالمقابل ضد صدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي وما زالت ضد تحويله الى مجلس ألأمن لإتخاذ قرار بصدده . هي ضد ضم إسرائيل للقدس الشرقية ولكنها بالمقابل لا تتخذ أي إجراء ضد هدم بيوت الفلسطينيين فيها وسحب الهويات وحرمان الفلسطينيين من زيارة مدينتهم المقدسة وإقامة جدار عازل حولها. هي ضد جرائم الحرب التي ترتكبها أي دولة ضد الشعوب في أي مكان, لكنها تؤيد وبلا تحفظ جرائم الحرب ألإسرائيلية ضد الفلسطينيين واللبنانيين- بالإضافة الى جرائمها بالطبع ضد الشعب العراقي وألأفغاني ..إلخ وهذا ما برز بشكل واضح في تقرير غولدستون الذي أقر أخيرا في مجلس حقوق ألإنسان . هي مع السلام الشامل بإعتباره هدفا مشتركا , لكنها بالمقابل لا تمارس أي ضغط يذكر على إسرائيل لدفعها لتحقيق السلام وتنفيذ إستحقاقاته على ألأرض !! ولعل جورج ميتشل واضع خطة خارطة الطريق يذكر بأنها تنص على وقف ألإستيطان كإلتزام يتوجب على إسرائيل الوفاء به وتنفيذه مقابل إلتزام الفلسطينيين بتحقيق ألأمن في المدن الفلسطينية بالضفة الغربية. ماذا فعلت الولايات المتحدة ألأميركية إزاء كل ذلك ؟؟ .لا شيء سوى التصريحات اللفظية الخالية من اي عمل أو إجراء ملموس يترجم صدق النوايا هذا إذا كانت صادقة فعلا. !! تجربتنا المريرة مع الولايات المتحدة منذ عام 1967 تقول بأنها مؤيدة بالكامل لإسرائيل وإحتلالها وعدوانها وإستيطانها وإرهابها ولجدارها العنصريَ ولتهويد المدينة المقدسة .فهي لم تقف يوما مع حق شعب فلسطين في الحرية والإستقلال والتخلص من أبغض وآخر إحتلال عرفته البشرية , والذي ما كان له ان يستمر أكثر من 42 عاما لولا دعم ومساندة وتأييد وتمويل الولايات المتحدة ألإميركية له,اليس كذلك !. فإذا كان ما نقوله هنا غير صحيح أوغير دقيق أوفي غيرمحله فلتبين لنا جنابها عكس ما ذكرناه آنفا بألادلة والبراهين والحجج .السياسة ألأميركية المنحازة لإسرائيل يمكن تشبيهها بحالة الجزار – الذبَاح- الذي تولى مهمة ذبح الدجاج ,حينما أخذت دجاجة تواسي نفسها قبل أن يصلها الدور فقالت لإخرى تقف أمامها : إنظري الى عينيه إنها تدمع فقالت لها ايتها الدجاجة البائسة لا تنظري الى عينيه بل الى ما تفعله يداه بنا !! فالعبرة هنا وليس في الدمع الظاهرالممزوج بدمائنا والناجم عن رذاذ الماء المخصص لغسل الذبيحة . فلا يمكن النظر الى التصريحات وألأقوال ألأميركية اللفظية للحكم عليها بل لا بد من النظر والتمعن في أفعالها وممارستها على ألأرض لكونهاهي المعياروالمقياس والحكم . لقد وعدت الولايات المتحدة العرب والفلسطينيين بحل الصراع العربي ألإسرائيلي في حال مشاركتهم عمليا في تحرير الكويت عام 1990 وكان لها ما أرادت وتم التحريرفي 25 شباط 1991 . وقدعقدت سلسلة إجتماعات بين العرب وألإسرائيليين لذر الرماد في العيون , وإنتقلت بعدها من حل ألأزمة الى إدارتها وحتى تاريخه ما زالت عالقة في دهاليز أو ممرات أو قاعات المفاوضات العبثية التي مضى عليها أكثر من عقدين من الزمان مما سمح لإسرائيل بتغيير معالم الضفة والقدس وبناء الجدار وتوسيع ألإستيطان وخلق وقائع على ألأرض جعلت من إستمرار المفاوضات بين الفلسطينيين وألإسرائيليين تغطية لما تفعله الحكومات المتعاقبة من تسمين وتوسيع ألإستيطان وتهويد القدس ومصادرة ألأراضي . لقد تناسى ميتشل صاحب بنود خارطة الطريق بأن وقف ألإستيطان هو إلتزام على إسرائيل يماثل إلتزام االسلطة الوطنية بمحاربة ألإرهاب !!! وفقا لما جاء في بنود الخارطة التي وافق عليها الفلسطينييون ورفضها شارون من خلال وضعه 14 تحفظا عليها. فكيف تريد منا هيلاري كلينتون بان نتفاوض مع نتنياهو بدون ألإلتزام بخطة خارطة الطريق ؟ فهل نفهم من ذلك بأنها قد وضعتها على الرف ولم تعد قائمة !! فإذا كان الوضع كذلك فماذا سيكون موقف الولايات المتحدة في حال أعلن الفلسطينيون تخليهم عن بنود خارطة الطريق !!.ومن الذي يضمن بانه سيتم تنفيذ ألإتفاقية الجديدة التي قد يتم التوصل اليها !!. أريد ان أسأل كغيري من الفلسطينيين ,السيدة كلينتون ما هي التنازلات الكبيرة وغيرالمسبوقة التي قدمتها إسرائيل لإعادة التفاوض مع الفلسطينيين ؟ هل يمكن لها ان تذكر هذه التنازلات التي لم يسبق لها مثيل على سبيل الذكر !!! لعله ينفع المؤمنين بالسلام في المستقبل ؟ المكر والخداع والكذب ألأميركي لا ينافسه أو يجاريه سوى المكر والخداع ألإسرائيلي . ورغم وضوح سياستها وسلوكها المنحازة تماما لصالح حليفتها المفضلة إسرائيل, إلا ان العرب والفلسطينيين ما زالوا يمكثون ويجلسون بل ويؤيدون السياسة ألأميركية ويحمون مصالحها. فماذا تريد أمريكاأكثر من هذا !! عرب إستمرأوا الذل والمهانة فحق عليهم المكر والخداع والكذب والتضليل ألأميركي ألإسرائيلي , فهم يستحقون وعن جدارة كل ما هم فيه . عرب تندد وتستنكر محاولات إيران الحصول على ألأسلحة النووية وتتوافق بذلك مع المطالب ألأميركية ألإسرائيلية في هذا الشأن . فالعرب يعتبرون إمتلاك إيران للأسلحة النووية تهديدا لأمنهم القومي, في الوقت الذي يصمتون صمت القبور عما لدى إسرائيل من ألأسلحة النووية الفعليةالمخزنة والجاهزة للإطلاق !!. حقا إذا لم تستح فافعل ما شئت . فعلى السيدة كلينتون وميتشيل ان يبينَا لنا كيف يمكن أن يكون السلام الشامل هدفا أميركيا إسرائيليا عربيا فلسطينيا إقليميا مشتركا ؟؟مرة اخرى أميركا وإسرائيل تريدان تسويق نفس البضاعة الفاسدة أياها التي كسدت في مخازنهما منذ عقود طويلة خلت ولم تجد مشترٍ لها غيرالحكام العرب . لم يعد من الممكن السكوت عما يجري في قاعات المفاوضات , لقد إقتربت لحظة الحقيقة والتي مؤداها : هل باتت السلطة الوطنية تشكل عبئا على أصحابها ؟ أما آن ألأوان لتتحمل إسرائيل كلفة إحتلالها للأرض بدلا من تحميله لنا وللمجتمع الدولي والعربي الذي ضاق ذرعا بنا ؟ لقد ساهم قيام السلطة في تحويل ألإحتلال العسكري المباشر الى إحتلال مباشر من فئة فنادق الخمسة نجوم . هذا ما يجب ألإنتباه اليه والحوؤل دون تحقيقه مهما كلف ألأمر . فإذا كان ألإختيار بين بقاء الوضع هكذا وبين حلَ السلطة فعلى صانع القرار الفلسطيني ان لا يتردد ثانية واحدة في حل السلطة وتحميل إسرائيل تبعات وتكاليف إحتلالها . لم يعد من الجائز البقاء هكذا تحت اي ظرف . فهلا أدركت السيدة كلينتون وميتشيل بان السلام الذي يسعيان لتحقيقه أو الوصول اليه لن يكون هدفا مشتركا ما دام يتجاهل الحقوق والثوابت الفلسطينية المعروفة جيدا للولايات المتحدة ألأميركية ,وبعكس ذلك سيكون هدفا مشتركا أميركيا إسرائيليا فحسب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق