الأربعاء، 31 مارس 2010

مسلسل القمة


د. هاني العقاد
جاءت الحلقة الثانية والعشرين من المسلسل العربي "القمة" تحت عنوان قمة سرت  وكان مخرجها  بارعا في الإخراج لأنه أوحي للمشاهد بأنه سيقدم حلولا لكل القضايا العربية وستنطلق من حدود بلده صفارة لم الشمل العربي ,وسيعود الفلسطينيون إلى أحضان بعضهم من خلال مصر التاريخ وسيرحل اليهود من القدس تاركين شوارعها بلا عسس ولا درك حتى قدوم عسس و درك قادتنا من سرت  . أن حلقة هذا الموسم كانت لدعم القدس بالمال وهذا فخر لنا كعرب وعز فوق عزنا لان الدعم سينقذ القدس من مغتصبيها ويلبسها ثوب العفاف مرة أخري...!! ,ولا بد أن يعرف الجميع أن المال لا يغسل شرفا منتهك
 
ومغتصب , وهنا قد يكون الدفع  مصيبة وقد يكون مؤامرة إن لم يرافقه البارود والنفط طريقا لان يقف المغتصب حائرا ماذا سيفعل ولمن سيلجأ ليحميه من فعلته , بل أفعالة وجرائمه الحقيرة , ولعل ما يثلج صدورنا أيضا  أن دعم القدس هذا سيستمر إلى حين قيام الدولة وعاصمتها القدس...!, مهما طال الأمر أيها السادة , قد تتظلموا من الدفع يوما من الأيام إن بقيتم على قراركم هذا دون غيره من الإجراءات التي تعيد الكرامة لأصحابها وتلقن المحتل درسا لا يريد أن يفهمه . إن خطة العمل التي يقصدها قادة العرب تتضمن إجراءات سياسية وقانونية من شانها التصدي للاحتلال الصهيوني
 
وإجراءاته التهويدية بالقدس والأراضي المحتلة قد تخفف عن أهل القدس فقط دون  إبقائها عربية  بثوبها العربي العتيق ورائحة أسواقها الزيتية وقبة صخرتها مرفوعة الهامة ومسجدها الأقصى تعلن فيه الصلاة خمس مرات باليوم  ,ويصل إليها كل مصلي مسلم من شتي بقاع المسلمين,وإبقاء القدس بهذه العروبة لن يأتي إلا  بإجراءات تعتمد  حصار المحتل وحلفائه وإغلاق المنافذ أمام بوارجه وإغلاق البوابات العربية أمام كل يهودي وأمريكي وأي  متعاون أخر , ليس فقط وإنما الزيت يحرق في قاع الأرض ولا يخرج ليحمل في ناقلاتهم  ويبقوا معه اقوي من عروبتنا , لكن اخشي أن يكون
 
العرب لا حكم ولا سيطرة لهم على بوابات بلادهم ولا على منافذ بلادهم ولا على ثروات بلادهم ولا حتى على السياسة في بلادهم  , وهنا ستبقي خططهم و إجراءاتهم القادمة  إجراءات  تتراوح بين المناشدة و الشجب والاستنكار وهي اقسي إجراءات سياسية  يمكن للحكومات العربية اتخاذها في ظل التفتت الحادث بين صفوف الأمة العربية .
 
نفهم أن رسالة القمة الحالية للعالم أن الأمة العربية باقية على عهدها بهم لصنع السلام لكن السلام  لن يصنع مع محتل ينفذ مشاريع توسعية وتهويدية داخل كبد الأمة العربية , لا يمنع هذا التوجه سحب  أو تجميد مبادرة السلام العربية بشكل نهائي حتى لا  تكون حلقة مسلسل قمة بيروت غير مفهومة من قبل المشاهدين إلى يومنا هذا , وهذا لا يعني تخلي العرب عن السلام كخيار استراتيجي ولكنة تنفيذا لمقررات القمة السابقة بأن المبادرة العربية لن تبقي إلى الأبد على الطاولة . إن عودة العرب إلى التأكيد على عوامل تحقيق السلام بالشرق الأوسط من خلال الانسحاب
 
الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت عام 1967 والجولان والأراضي اللبنانية ما هو إلا كلاما عاما وكلاما لا يسمن ولا يغني من جوع بعد أكثر من أربعين عام من النكسات و العثرات و الزحف إلى الخلف بمؤخرات عارية , والمثير للشفقة في هذه القمة الصحوة الحقيقة من صدمة الغارة الإسرائيلية لموقع " دير الزور "  دون الرد على هذا الانتهاك أو حتى تذكير أبناء الوطن العربي  بنية الرد أو إصدار تصريحا قاسيا يخيف العدو, ولو بقي العرب و السوريين على صمتهم لكان أفضل , حتى ولو كانت مدخلا لإثارة انتباه العالم اتجاه إسرائيل كدولة تمتلك أسلحة نووية ولم تلتزم بمعاهدة
 
منع الانتشار النووي, و أن عالمية هذه المعاهدة بالفعل جوهري وهام بل والمجتمع الدولي أصبح مطالب بعدم غض النظر عما تمتلكه إسرائيل من أسلحة تهدد بها المنطقة كاملة ,بل عليها فتح مفاعلها النووية أمام حملات التفتيش الدولي كباقي دول المنطقة لتبقي المنطقة خالية من أي أسلحة نووية قد تكون مصدر تهديد مستقبلي للجميع.
أما الإرهاب بجميع أشكاله فقد كان له بالمسلسل جانب دون تشخيصه وكان لابد من إدراج كافة أفعال إسرائيل بفلسطين وأمريكا بالعراق كدولتين محتلين تمارسان الإرهاب المنظم في عالمنا العربي ,والذي من شانه أن ينجب أنواعا أخري من الإرهاب , وهنا توجب على القمة العربية أن تؤكد على حقوق الشعوب المحتلة بمقاومة سلطات الاحتلال بالشكل والطريقة التي كفلها لهم القانون الدولي وبالتالي توجب على القادة الإعلان صراحة دعم وتجسيد المقاومة في كافة البقاع المحتلة بما فيها الجولان العربي السوري.
إن تطوير وتحديث الجامعة العربية لهو مطلب أساسي وهام على مستوي العمل العربي المشترك ,وعلية لا بد وان تكون للجامعة العربية قرارات نافذة المفعول للدول الأعضاء بما فيها إعادة إحياء المعاهدات العربية التي تم إعلانها في مسلسلات القمم السابقة وحلقاتها المختلفة , أما اقتراح إقامة اتحادات للدول العربية ,فهذا يعتبر التفاف على عروبة الجامعة العربية ودورها فهي بيت الجميع وهي من يلم شمل العرب في مكان واحد وتحت قبتها يستطيع العرب خلق برامج التكامل و التنمية  الاقتصادية والبشرية وبرامج تبادل الفكر وتبادل المعلومات الكونية و العربية وبرامج
 
الدفاع المشترك وبرامج حماية المقدسات وبرامج رعاية الأوطان الضعيفة وبرامج التفاوض مع إسرائيل ,وبرامج حماية الحدود العربية من ألغام القبائل المتمردة وهنا لابد وأن يؤسس لجيش بجامعة الدول العربية يتواجد أفراده تحت قيادة واحدة وينفذ برامج واحده لحماية أي كيان عربي يتعرض للتفتيت و لتمزيق . أن الحلقة الأخيرة من مسلسل القمة يعتقد أنها بعيدة ولم يفكر فيها أحد , لكن أعتقد أنه لن يكون هناك  قمة أخيرة ولعروبتنا نوصي أن تبقي حلقات المسلسل تبث كل ستة شهور لنشاهد ونري زعمائنا على الأقل يجتمعوا تحت سقف واحد ولو لساعات ,ويبقى  المسلسل العربي
 "
القمة" مفتوح الحلقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق