الجمعة، 9 أبريل 2010

لنأخذ دورنا على جبهة السجون الصهيونية


ا.د. محمد اسحق الريفي
 لا تقل قضية الأسرى العرب والفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني أهمية عن قضايا القدس واللاجئين والحصار، ليس لأنها قضية إنسانية فحسب، بل أيضاً لأن إحياءها في نفوس الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية يحبط أخطر المخططات الصهيونية على أمتنا العربية؛ وهو مخطط التطبيع، ويكشف الوجه الحقيقي الوحشي والدموي للعدو الصهيوني الجاثم على صدر الشعب الفلسطيني، ويسقط كذبة المظلومية التي يدعيها العدو الصهيوني أمام العالم؛ ليستعطف الغربيين ويبتزهم مالياً وسياسياً، والتي يتخذها العدو الصهيوني لتبرير عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني.
 فعلى الصعيد الإنساني لقضية الأسرى؛ هناك أكثر من عشرة آلاف أسير يعانون في سجون العدو الصهيوني، وتعرض أكثر من 60% من الفلسطينيين للأسر في تلك السجون، انتهك العدو الصهيوني حقوقهم الإنسانية، وامتهن كرامتهم، وعذبهم عذاباً وحشياً وسادياً، وعاملهم هم وأهاليهم بإذلال فظيع يكشف عن حقيقة العدو الصهيوني من حيث نظرته للعرب والفلسطينيين، فهو ينظر إليهم نظرة دونية؛ ليخلص نفسه من عقدة الاضطهاد الذي تعرض له اليهود على أيدي النازيين، ويستحل حرمات الأسرى من منطلق يهودي عنصري حاقد، فاليهود هم الذين يقولون "لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ"، كما ورد في الآية 75 من سورة آل عمران، أي ليس على اليهود إثم في استحلال العرب، هكذا يزعم اليهود ويعتقدون ظلماً وعدواناً.  إنه التبرير العقدي ذاته الذي يستحل به العدو الصهيوني تلويث مياه الشرب في الأردن، وتزويد مصر بأسمدة كيماوية مسرطنة، ودفن نفاياته النووية بالقرب من مصر والأردن وفي أراضي العرب والأفارقة، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد الفلسطينيين واللبنانيين، واستخدام اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض لحرق جنوب لبنان وغزة...
 وإذا كان العدو الصهيوني يعتقد أن من حقه أسر من يتصدى له بالمقاومة، وتعذيبه وانتهاك حقوقه الإنسانية، فإن من واجبنا نحن العرب والفلسطينيين أن نجعل من قضية هؤلاء الأسرى سداً منيعاً في وجه التطبيع، وحصناً منيعاً في وجه الاختراق الصهيوني لأمتنا العربية، ونزفاً مستمراً لصورة الكيان الصهيوني البغيض لدى العرب والمسلمين والغربيين والعالم كله، وأزمة علاقات عامة دولية متفاقمة للكيان الصهيوني، وثمناً باهظاً يدفعه، وصداعاً مستمراً في رأس قادة الكيان الصهيوني ومن يدعمه أو يتواطأ معه.  يجب ألا يشعر المغتصبون الصهاينة بالأمن والاطمئنان أثناء زيارتهم لمصر أو الأردن أو منطقة المغرب العربي، وألا يسمح لهم بالسياحة في سيناء والبتراء ودبي وقطر والبحرين، وغيرها من المناطق السياحية والمدن العربية، ما دام هناك أسيراً عربياً وفلسطينياً في السجون الصهيونية؛ بل يجب ألا يسمح لهؤلاء الصهاينة دخول البلاد العربية أبداً، لأنهم مغتصبون لأرضنا ويخططون للقضاء على أمتنا.
 وبإبقاء قضية الأسرى حية في الوجدان العربي والإسلامي؛ نكون قد أخذنا دورنا على جبهة السجون الصهيونية؛ جنباً إلى جنب مع أسرانا البواسل هناك، وهي جبهة ساخنة أحسن فيها أسرانا الأبطال التصدي للعدو الصهيوني وإحباطه وهزيمته نفسياً، فثبات أسرانا الأبطال في السجون العسكرية للعدو الصهيوني، يجعله يتجرع مرارة الإحباط، وذلك بسبب صمود الأسرى وبقاء إرادتهم قوية لا تلين أمام الضغوط الصهيونية الوحشية، وبسبب ثباتهم على مبادئهم ونهج الجهاد والمقاومة، رغم القيد والقهر والتعذيب، ورغم تواطؤ الجهات الرسمية العربية.  فمما يقض مضاجع الصهاينة ويصيبهم باليأس والبؤس والإحباط؛ أن أسرانا الأبطال لا تتسرب إلى نفوسهم ثقافة الهزيمة والاستسلام، ولا يساورهم شك في أن هذا الكيان الصهيوني الغشوم زائل لا محالة، فهم يؤمنون أن ثباتهم في وجه العدو الصهيوني هو انتصار كبير لشعبنا الفلسطيني ولمقاومته الباسلة ولأمتنا.
 ويطمع العدو الصهيوني في مقايضة الأسرى بثوابتنا وأرضنا، ضمن صفقة استسلام يتم بمقتضاها تعزيز فريق التسوية وإضعاف نهج المقاومة، وذلك بمساعدة سلطة رام الله، التي لا تدخر جهداً في حماية أمن الكيان الصهيوني والمغتصبين الصهاينة، وتعيد الضالين طريقهم من هؤلاء المغتصبين المجرمين إلى سلطات الاحتلال، رغم إجرام هؤلاء المغتصبين ضد شعبنا الفلسطيني في القدس والضفة على مرأى من العالم ومسمع، بينما لا تكف أجهزة سلطة رام الله الأمنية عن اعتقال المقاومين في الضفة!  وبسبب هذه الأطماع، لا يزال العدو يرفض إتمام صفقة إطلاق سراح "جلعاد شاليط" في مقابل إطلاق سراح أسرانا، وتعمل سلطة رام الله على إفشال هذه الصفقة!

9/4/2010


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق