الاثنين، 9 نوفمبر 2009

الحوثيون والتهلهل العربي

د. محمد رحال.السويد

كشف الحوثيون وعبر أربع شهور من القتال الشديد أنهم قوة موجودة على ارض الواقع ،شاء من شاء ، وأبى من أبى ، ومع هذه القوة التي صمدت عبر أربع شهور ظهر معها تهلهل النظام العربي والذي مازال يعتمد في تركيبة جيوشه على نظام التجييش الذي أثبتت حروب الخليج المتتابعة فشله كنظام دفاعي فضلا عن كونه نظام هجومي .

لم انس أبدا أن الرئيس اليمني وفي بداية هذه الحرب الضروس انه وعدنا بإنهاء الحرب خلال أيام قليلة ، ومضى على تلك الحرب شهور أربعة حصدت من أبناء اليمن الواحد آلاف القتلى، ومع هذا الصمود المذهل للحوثيين ، وبغض النظر عمن يساعدهم أو يدعمهم ،فقد ظهر عجز الجيوش العربية والتي أثبتت الحرب الحوثية أنها جيوش انتهى دورها وسقطت هيبتها ، ولعل السبب في ذلك أن هذه الجيوش لم تعد جيوشا لتحمي الأوطان وترد سطوة المعتدي على المقدسات العربية والإسلامية ، وانما انحصر دورها الوطني الوحيد في الحفاظ على الكرسي الدوار لقادة الدول العربية وقصورهم الفخمة والتي بنوا حجارتها على حساب لقمة الفقراء ، وعاشوا داخل تلك الجدران يخططون لسرقة أبناء امتنا الفقيرة ، ولتتحول هذه الأمة إلى قسمين ، الأول وهو الذي يعيش من اجل أن يمتدح الحاكم ويمجده ويعيش من اجل الحفاظ على كرسيه وعرشه ، والقسم الثاني والذي أبت عليه كرامته أن يعيش تحت حذاء السلطة وأعوانها وكلابها ،وهو القسم الذي أصبح يعرف بأنه عدوا للوطن باعتبار أن رب أوطاننا هو الحاكم العربي ، ولم يعد أبدا العدو فيها هو ذاك المحتل الغاصب لفلسطيننا وقدسنا وعراقنا وإنما هو ذاك الذي صنفته أجهزة الأمن العربية عدوا للحاكم العربي ، ومع هذا التصنيف فان أجهزة الأمن العربية بكاملها تهب فيها النخوة من اجل الإيقاع بكل من تسول له نفسه مجرد التفكير في المس بإلوهية الحاكم العربي وربوبيته ، وليرى المواطن العربي أن الاتفاقيات الوحيدة التي تنفذ في عالمنا العربي هي تلك المتعلقة بأمن النظام العربي الذليل الخانع والخاضع لمشيئة الصهيونية العالمية .

التضامن العربي وخاصة الخليجي والذي يقوده مجموعات من القادة العرب الحكماء جدا ، هذا التضامن الذي يبرز دائما في الملمات بدا واضحا في الحرب الحوثية، ولقد سجل عرب الخليج من مواقف التضامن مع اليمن ومع شعب اليمن مواقف لاتنس أبدا ، وخاصة بعد أن تمكن الحوثيون من جر المملكة العربية السعودية إلى صراع مباشر لاقبل لحاكم المملكة الجديد به والذي بدأت تباشير انهيار المملكة تلوح على يديه بسبب المواقف الضعيفة جدا التي تبناها الملك الجديد ، فالملك الجديد ليس إسلاميا متمسكا بالدين ، فلم يحدثنا أي راو للحديث ضعيف ام سمين عن انه شوهد لمرة واحدة يصلي او يطوف ، ولعل احد المقربين الاتقياء منه تكفل بإقامة شعائر الصلاة بدلا منه وعنه او انه اكبر واعظم من ان تنحي هامته لرب البيت الذي هو خادمه ، وباعتباره إماما للمسلمين وولي الأمر فيهم وهو مايتطلب منه التفقه في الدين فانه لم يتمكن من حفظ فاتحة الكتاب حتى اليوم ، وبدلا من أن يعد جيشا عرمرما لحماية الحرمين فانه اعد جيوشا من المخبرين همهم الأول حماية الكرسي الفخم الذي يديره خادم الحرمين شتاء ، أما في الصيف فان قطعانهم تملأ شوارع الدول الأوربية وأرصفتها بحثا عن الرقيق الأبيض ينشدون المتعة واللذة ، وعقوبات قطع اليد والأرجل لاتقام على فساق الأسرة وخدمها وإنما تقام على بنغالي سرقه ربيب العمل، فسرق المسكين لحاجته للطعام فقطعت عدالة خادم الحرمين أيديهم ، وصور اعتداء أمراء الأسرة على المواطنين لاتعد ولا تحصى وهي موجودة على مواقع اليوتوب ، ومعها القصص المشينة لاعتداآت مراهقي الأمراء على المطوعين الشرفاء الشيوخ الاجلاء في نظام لايعرف اهل القانون رأسه من رجليه ، ومع هذه القصص فقرا انتشر في دولة من المفروض أن يكون شعبها من أكثر أهل الأرض نعيما ورفاها ، وفي مملكة ارتضت أن يركب حكامها سيارات المرسيدس الذهبية في الوقت الذي لايجد فيه حماة الأقصى لقمة طعام يسكتون بها أفواه أطفالهم الجياع ، وتفرق فيها أموال المملكة هدايا على أصحاب العيون الزرق وصاحباتها في نفس الوقت الذي يموت فيه ابناء الصومال والاوغادين ومالي والنيجر إمام عيون هؤلاء الأمراء وكأن المال الذي صرف ثمنا لبترول أراده الله إرثا لأمة محمد أصبح نقمة على امة محمد .

التضامن الخليجي هذا والذي دشنته دولة الإمارات المتحدة على صورة رسالة مفادها أن تحترق المملكة بلهيب الثورة الحوثية وتبعاتها ، وذلك بسبب الموقف السلبي الذي اتخذته المملكة من قضية الجزر كما تقول الإمارات سرا ، أما الموقف العماني والذي يحكمه سلطان يعتبر نفسه جزءا من عالم غلماني خاص وفريد في هذا العالم والذي ينتمي ببعض مفرداته إلى التعامل وبحذر مع كل الجيران وعلى حذاء المساواة ، ومازال الموقف الكويتي يحتاج إلى مترجم خاص ليترجمه ، وأكثر هذه المواقف تضامنا وصريحا هو الموقف القطري والذي استغل أميره الفذ الانتصارات الحوثية ليسجل دعمه للموقف السعودي عن طريق زيارة خاصة لطهران يسجل فيها عشقا بلا حدود ومعه طاقم قناة الجزيرة لطهران وعمائمها الشريفة مدعوما باضخم قاعدة امريكية في العديد ، والذي لن يرضيه أبدا إلا أن ينقسم اليمن إلى أربعين شطرا ودولة ، تسجل أعضاء في الأمم المتحدة فتزيد معهم قوتنا في المحافل الدولية، وليسجل تلفزيون الجزيرة معها سبقا صحفيا يحتسب لحرية الرأي في هذه القناة الغناء وليوزع مراسليها على هذه الدول الوليدة ويعين عليهم كبير مراسلين وكبير صحفيين ، وبهذا تزيد سطوة وقوة الامير القطري وفقه الله الى تقسيم امتنا مليون دولة .

الهجوم الخاطف الذي قامت به القوات الحوثية واحتلت بموجبه جبل دخان داخل أراضي المملكة ، اظهر مدى هشاشة النظام العربي وعجزه عن الرد المباشر ، وتهتك تلك الجيوش الخلبية إمام حفن من الرجال ، والذين لاتسترجل جيوشهم إلا على أفراد معزولة من الشعب وإلصاق ألاف التهم والافتراآت ضدهم، وتساءلت حين رأيت صور جبل دخان محتلا : أين هي تلك القوات المظلية والتي لانراها في ساحات القتال ، وإنما فقط في ساحات الاستعراض ، وأنا كخبير عسكري أدرك مدى وخطورة أن تقوم قوات الحوثيون باحتلال احدى المناطق الحدودية من المملكة ، وأدرك معها مدى حرج المملكة والتي كان من المفروض فيها كقوة لم نر منها إلا استعراض القوات على مدى عقود ، أن تتحرك القوات المظلية ومباشرة بإنزال جوي كثيف جدا يثبت للعالم أن هذا الجيش هو جيش قوي وانه يستحق تلك الأموال التي أغدقت عليه ، وانه قادر على سحق أي اعتداء خارجي ، أما أن ينهزم هذا الجيش إمام حفنة من الرجال ، بل ولم تستطع المملكة وعبر يومين من هذا الاحتلال أن تعيد ولو بعضا من الكرامة المداسة فان هذا لايبشر أبدا أن المملكة قادرة في يوم من الأيام أن ترفع رأسها إمام الاحتقار اليومي الذي تكيله لها عدوتها وغريمتها طهران والتي سلطت على المملكة حفنة قليلة من الحوثيين ، وهي رسالة لن يستطع أبدا ملك يعتمد في قوته واستشاراته على أعداء امتنا أن يفهمها أو يفك رموزها ، خاصة وان كبار مستشاريه تخصصوا في سباقات الخيول والهجن وسلالات الماعز بدلا من التخصص في التحديث والتطوير وتصنيع الاجيال وتحرير الانسان المسلم الذي جاء الاسلام ليخرجه من عبادة ارباب الى عبادة رب الارباب، ومن عبادة البشر والفراعنة الى عبادة رب البشر والفراعنة .

لست سعيدا أبدا ومعي شرفاء امتنا أن ينقسم اليمن إلى أجزاء ولا أن نقاد ونحكم من خارج الأوطان والحدود ، ولا ان نكون عبيدا لحاكم غبي وظالم وسارق ، وفي النهاية فان الخاسر الوحيد هو المواطن في هذه البلاد.