الاثنين، 9 نوفمبر 2009

في ظل غياب المصالحة ..لا زلنا نحلم بالوحدة..!!

بعد فشل جهود المصالحة المصرية بين الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركتي فتح وحماس للخروج من المشهد الغابر في تاريخ القضية الفلسطينية وهو حالة الانقسام وما تبعه من قضايا داخلية أثرت علي الشأن الفلسطيني برمته ،قد أصاب غالبية الشعب الفلسطيني بفاجعة كبيرة بعد طول انتظار لكل جولات الحوار وصولاً لإتفاق مصالحة وطني بين الكل الفلسطيني ينهي الانقسام ويعزز الوحدة الوطنية ،بدلاً من حالة الصدام التي جعلت من الفلسطينيين فريقين وضفتين ،ضفة مغلوبة علي أمرها بحكم وصايا الاحتلال وتدخلاته في شأنها وضفة أخري غابرة بحكم تصارعنا مع ذاتنا وجلدنا لأنفسنا ومن حولنا يراقبنا المحتل ويتفرج علي الدراما الفلسطينية صاحبة النموذج الأكثر سخرية وأكثر قباحة سياسية عرفها التاريخ السياسي المعاصر. لنتساءل :-

أيها الفلسطيني وحوش الغابة ذات الجنس الواحد تتعايش ..وتتفاهم ....مالك أنت غير قادر على أن تتفاهم مع أخيك الفلسطيني...

أيها الفلسطيني الغيور إن داحس والغبراء والبسوس ليست موضع فخر لديك فلماذا تحييها من جديد بكل وسائلك بقلمك بإعلامك بسلاحك بحديثك ضد أخيك الفلسطيني...

أيها الفلسطيني المسلم ألا تتذكر معي عندما أراد الأوس والخزرج أن يتقاتلوا بتحريض و بفتنة من بعض المنافقين الذين ذكّروهم بما وقع بينهم في الجاهليه ..فعندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم .غضب غضبا شديدا وقال دعوها فإنها منتنه...

أيها الفلسطيني القائد هل مهمتك أن تنقل الناس من النور إلى الظلمات ..أم من الظلمات إلى النور ومن الشك إلى اليقين ....؟!!

جميعنا يدرك أن الواقع الفلسطيني لا يمكن إنقاذه دون وضع حلول جذرية ومسئولة لكل الانعكاسات السلبية الحاصلة فيه داخلياً ، وكلنا يدرك أن الحوار من مسلمات هذه العملية والذي لا يمكن بدونه أن يتغير حالنا لما هو أفضل أو حتى إنقاذه ، فلماذا ندخل قاعات الحوار ونتناسى ما يحدث لشعبنا ..؟؟ لماذا نتحاور وبداخلنا نوايا سلبية كل طرف تجاه الطرف الأخر..؟؟لماذا نتحاور ونحن نتطلع لمصالحنا الفئوية والحزبية الضيقة ونتجاهل مصلحة شعبنا العليا ؟؟لماذا نتحاور ونحن غير قادرين حتى بالخروج ببرنامج وطني يجمع بالحد الادني من القواسم المشتركة بيننا كفصائل ؟؟؟

لا ادري لماذا تناسينا قضيتنا وتركنا صراعنا مع عدونا الإسرائيلي الذي يستعد ويجهز العدة لشن حرباً جديدة علينا ليقتل ويدمر ويشرد ويعتقل ويزيد من التوسع والاستيلاء علي الأرض الفلسطينية ويفرض حصاره الخانق الظالم والغير أخلاقي علي شعبنا ، وبدأنا نعد العدة من جديد لجولة أخري من الصراع مع ذاتنا تارة لتحميل بعضنا فشل الحوار والمصالحة ..وتارة أخري يهاجم كل طرف الطرف الأخر علي الصلاحيات والشرعيات ،وكأننا نتحاور لنشرع الانقسام لا أن نجثثه من واقعنا وحياتنا ..إذن فأي حوار يريده المتحاورون..؟؟وأي مصالحة ينتظرها الشعب المكلوم ..؟؟

وهنا لا أريد أن أزيد الطين بلة أو أن أجلد ذاتنا أو أحمل الأمور أكثر مما تحتمل ، ولكني ليست علي قناعة بأن المتحاورين العظماء عاجزون عن قراءة الحالة السوداوية التي تمر بها القضية الفلسطينية ،وضرورة استدراكها قبل فوات الأوان ، في الوقت الذي باتت فيه السياسة الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي واضحة المعالم تجاهنا كفلسطينيين وأصبحت الذرائع والمبررات لديها جاهزة وملموسة عن عدم وجود شريك فلسطيني مستغلة بذلك الأوضاع الفلسطينية الداخلية وانشغال الفلسطينيين بمشاكلهم وخلافاتهم وتصارعهم وتنازعهم لتطبيق مخططاتها العنصرية وفرض سياسة الأمر الواقع و الحلول الأحادية وترسيم الحدود وبالتالي محاصرتنا ووضعنا في سجن محاط بجدار محكم من كل الاتجاهات نتطاحن بداخله وغير قادر علي الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي ،وهذا ما خطط له شارون في عهده عندما فك الارتباط مع الفلسطينيين بقطاع غزة واستكمل مشروعه اولمرت من بعده والآن جاء نتنياهو الأكثر تطرفاً ليسيرعلي نفس هذه السياسة ويستكمل تطبيق ما بقي منها علي باقي مدن الضفة الغربية .

فإسرائيل انتهجت ولازالت سياسة الأرض المحروقة وتصعد جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وبشكل واضح أمام مرئي ومسمع العالم كله ،تحت مسميات مختلفة لعملياتها العسكرية في غزة ، فمن عملية أمطار الصيف الفاشلة إلي عملية سيف جلعاد المهزومة إلي عملية الرصاص المسكوب الفاشية التي نفذتها من خلال حربها الهمجية أواخر العام 2008 علي قطاع غزة ، وبوقاحة سياسية شديدة تحاول الحكومة الإسرائيلية الآن التهديد والوعيد والتلويح بحرب جديدة أخري علي غزة والتي لم تلتئم جراحها بعد جراء الحرب المغولية الصهيونية عليها ، ضاربة بعرض الحائط أدني قواعد ومعايير الإنسانية بل معايير وقواعد القانون والأخلاق .

ففي ظل الفشل الذريع للجيش الأمريكي في كل من العراق وأفغانستان ،تعتقد أمريكا ومن خلال حليفتها بالمنطقة إسرائيل أنها تستطيع إعادة ترتيب الشرق الأوسط كما تريد ، شرق أوسط جديد يتم من خلاله تصفية القضية الفلسطينية والقضاء علي حركات المقاومة فيه ، شرق أوسط جديد من خلاله يتم الهيمنة علي سوريا ولبنان وفلسطين وبالتالي تكون المنطقة العربية بأسرها تحت السيطرة والهيمنة الصهيو أمريكية لإفراغ ساحة المواجهة مع إيران من خلال تشكيل قوة عربية صهيو امريكية لمحاربتها باعتبارها الخطر الأكبر علي إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط بأسره .

وحقيقة الأمر أن امتنا وحكوماتنا العربية لم تعد تصلح حتي للاستجداء ، فهذه الحكومات التي قاتلت طويلا لتنتصر في معركة التحول إلي خنافس مهذبة ، قد خيروها فاختارت الصمت والتواطيء العربي وبقي لإسرائيل الدم الفلسطيني واللبناني ، فالعدو الإسرائيلي يخوض بجدارة المباريات الدموية من قتل للأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المنازل وتهويد الاقصي والمقدسات وتجريد القدس من هويتها العربية والإسلامية والحكومات العربية تخوض بجدارة التسابق نحو التصفيق والتواطيء مع الكيان الصهيوني ، تري كيف استوطن في عقل العرب ذلك المثل الصيني الذي يقول " اجعل عدوك صديقك واخلد إلي الراحة "؟؟

العالم كله الآن أصبح يتفرج علينا ..وشعبنا المكلوم ينتظر ساعة انفراج حقيقية لواقعه وحياته ..ومع كل أسف قادة هذا الشعب انخرطوا ضمن المشهد العربي العقيم وأصبحوا يمارسون الدراما السياسية عبر وسائل الإعلام ،وبإتقان شديد يتلاعبون بالألفاظ ويمارسون بحنكه شوفينية عبر شاشات التلفزة مدي حزنهم وشعورهم بمعاناة الشعب الفلسطيني..!! فهل اختلافنا كفصائل وحكومة هنا وحكومة هناك ورئاسة أكبر من مصلحة شعبنا العليا ؟ لا أدري إن أصبحنا فعلاً كطاولة الشطرنج تحركنا الوصايا والولاءات للأجندة الخارجية ومن يعبث بشأننا الداخلي لهذا الحد وهذه الدرجة ونرتضي لأنفسنا أن نكون دمي تتحرك وتنطق بلسان ما يطلبه منا هذا النظام وذاك الحاكم !!

وأخيراً أقول للجميع فتح وحماس ولكل الفصائل الفلسطينية جميل أن نختلف سويةً ولكن الأجمل أن يكون هذا الاختلاف من اجل مصلحة شعبنا وليس مصالحنا الذاتية ..؟؟

فشعبنا بحاجة لتغيير واقعه وحياته وتوحيد طاقاته وفصائله وبرنامجه وتصحيح مساره ، وليس بحاجة إلى مرحلة جديدة تشرعن الانقسام ،وتنعي قضيته الوطنية ..!!