الاثنين، 9 نوفمبر 2009

الوحدة – الوحدة – الوحدة ....!

نهاية المطاف

د . شاكر الحاج مخلف

رئيس تحرير جريدة المدار الأدبي

الوحدة – الوحدة – الوحدة ....!

أقدر تقديرا عاليا تلك المحاولة والممارسة الواعية ذات النهج الوطني المخلص رفيع النوايا والغايات التي صدرت عدة مرات عن الكاتب الأستاذ – محمد الدليمي – صاحب موقع الرشيد نت ، الذي يستضيف مقالاتي مشكورا وملتزما بدعم الجهد الإعلامي الوطني الموجه للعراق بكل تكويناته العظيمة ، لقد عرفت كمواطن مستقل وككاتب بدأ حياته ومشواره في ظل نظام المرحوم – أحمد حسن البكر - الذي فتح لنا الأبواب على مصراعيها لنمارس مهام ثقافية في الكتابة والنشر ، وأتذكر عندما كتبت أول تمثيلية تلفزيونية لتلفزيون بغداد كانت بعنوان – أحزان الظهيرة – طلب مني المرحوم البكر أن أضيف فيلما عن قيادته للتظاهرة التي انطلقت في بغداد خلال العام 1967 احتجاجا من حزب البعث العربي الاشتراكي ضد عوامل النكسة ، وكانت مخابرات النظام الذي يقوده الرئيس المرحوم – عبد الرحمن عارف – قد سجلت تفاصيل تلك التظاهرة ، المدخل هنا هو أن تلك التمثيلية كتبها كاتب لا ينتمي لحزب البعث وفي بداية تكوينه الثقافي والفكري ، والآن أرى أعظم ما كتبته في سطور تلك الدراما الشجب المطلق لحالة التشرذم والتجافي والانفصال والموانع التي تعاكس الوحدة ، هكذا كنت منذ البداية أؤمن بالوحدة وشقيقتها الحرية وتاجهما الإنساني اللامع الاشتراكية ، وهكذا كان ذلك هو الصوت الأول الذي شغل ذهني وتفكيري وأطلقته للشعب وفق الصيغ السمعبصرية وأنا أمتلك تلك الأمكانات البسيطة ، فنال استحسان ورضى الكثير رغم تباعد المواقف الفكرية والسياسية ، أكثر من ثلاثة عقود مرت على تلك التجربة البهية الشابة المنطلقة من الفضاء النقي ، أعادها أمامي ذلك الإصرار المحبوب من – محمد الدليمي – والحرص غير المحدود على تكوين العراق ووضع الحجة على من يمسك بمقاليد الأمور وصاحب الكلمة الفصل في ما سيحدث ، أذكر من الحوادث الغريبة التي حصلت معي عندما غادرت الكويت سكنت في كركوك على أطرافها في العام 1991 بشكل مؤقت ، وضمن مرحلة الغوغاء دخلت قوات البيشمركة الكردية من عدة محاور – جمجمال – طريق أربيل ومناطق أخرى ، وقد هرب الجميع ممن يسكنون بالقرب منّا ، ولكني رأيت أن الهروب من تلك الدار التي أسكنها غير سليم ، وقفت على الشارع الرئيسي الذي يربط كركوك بتكريت ومعي جمع من الناس ، في تلك اللحظة توقفت بالقرب مني سيارة عسكرية وخلفها رتل من السيارات وأفراد الحماية ، هبط زجاج النافذة وكلمني مباشرة من يجلس فيها ، كان صاحب الصوت – الأستاذ عزة إبراهيم – قال بوضوح وثقة وأرسل إلى تلك النفوس المضطربة الأمان والشعور بالقوة ، " أخواني لا تغادروا بيوتكم ، قوات الجيش قادمة وستطرد هؤلاء الكلاب " فقط بعد ثلاث ساعات عادت كركوك عربية ، وخرج الجميع من ظلال الأسر ، حقيقة هذه الواقعة الكبيرة تم تسجيلها في رواية كتبتها تناولت ظروف احتلال كركوك ومن ثم تحريرها ، ولم أكشف عنها سابقا ، من هذه الحادثة يشع في تفكيري تصور عن هذا الرجل الكبير ذو القلب الطيب الرحيم صاحب العنفوان الشجاع المؤمن تماما بالوحدة وبقيم السماء والهادف عملا وخلقا إلى احتضان كل أبناء العراق ، لقد وصلت في هذه السن ومحطة المعرفة إلى تشبيه القائد العظيم الخارج من حنايا وأفياء الوطن بصورة ذلك الإله الموجود في المثيولوجيا السومرية ، هو الرمز الكبير النقي الذي يمثل خيمة السماء يكبر على الصغائر ويقصر من قامته للذين لا يساعدهم المدى بالوصول إليه ، في العراق ظهر رجال أماجد كبار أصحاب حمية وأخلاق ومواقف يعجز عنها القلم ، يوم أمس كنت في ضيافة دكتور عراقي عمل لمدة طويلة في مناطق غرب الفرات وخاصة بلد – الضلوعية – سامراء ، وغيرها ، تجاذبنا الحديث عن وحدة الحزب ولماذا تبق تلك الجفوة قائمة بين بندقية واحدة ، ومن سياق ذلك الحديث سمعت معلومات يعتز بها الإنسان المغترب عن الأستاذ – يونس الأحمد – عن وطنيته ووفاءه والتزامه وعمله الدءؤب ، وإيمانه بالعراق ووحدة ترابه ، والكثير الكثير ، وهذا ينطبق على جميع أبناء العراق ممن تكونوا خلال فضاء عقائدي نظيف وماسوا المسئولية بنكران ذات ، أنا كما يعرف الجميع لا أنتمي لحزب البعث ، ولكن لي أقارب وأصدقاء ينتمون وأشعر أنهم امتلكوا من خلال تجربتهم مواصفات عظيمة ومهمة في العمل الوطني ، أغلبهم والحق يقال كانوا فقراء ومازالوا ، هناك عناصر طفيلية استفادت من تلك المرحلة حسب منهجها وتكوينها ، ولكن الذي اعرفهم تماما قدموا كل ما يملكون من أجل الشعب والوطن ولهذا هم موضع اعتزازي ، بهذا الصدد أود أن أشير إلى رسالة تلقيتها منذ فترة من صاحب الموقع مع نص الرسالة التي وجهها السيد " الأحمد " إلى رفيقه وقائده " أبو أحمد " طلب مني – الدليمي – الكتابة أو توجيه رسالة بما يعزز تلك المحاولة ، أجبته بالتريث حالما تكتمل الصورة سأكتب ، اليوم أطلعت على رسالة ثانية تتضمن خطوات تقترب من الأمل الذي أحلم مع الكثير من أبناء العراق به ، وعندما يكتب الزميل العزيز الأستاذ – صلاح المختار – وهو الحريص تماما على التكوين الوحدوي ، أقول ثمة بارقة أمل وأبواب موصدة ستفتح لنسجل نهاية ذلك الخلاف الذي يجب أن لا يسود بين أفراد العائلة الواحدة ، أنني هنا أوجه التحية لهما ، ابلغهما تماما أننا أبناء العراق الذين نتوسد تراب المنافي القريبة والبعيدة نحيا على أمل – هو " الوحدة " ليس للبعث فقط ، بل لكل العراق هذا التكوين المقدس المزدهي بكم وبأهله ، كما أبلغهما عن لسان الذي يحيطون بيّ أن ما عاد في الصبر منزع ، الأيام تأكل القلوب والأبدان وتترك سواد الحزن في العيون وكلما اشتد بنا الخطب ننظر صوب العراق العظيم ليرسل زوارق الأمل تبحر بنا من جديد نحو مدنه المقدسة وشواطئه العذبة ، أيها الكرام ، يا أبنا المحتد العظيم عليكم التحيات وإليكم من خلال المدى الرحب ، فهل نحلق على أجنحة الأمل ونسمع ما يزيح كدر الليالي ، لقد طالت بنا المواجع وليس لكم الحق في أرواء عود التجافي اليابس الشيطاني ، لكم كل الود والتقدير .....!

9/11/2009