الثلاثاء، 9 فبراير 2010

أيقظوا المقاتل من غفوته


عبد الرحمن أبو العطا*
الاثنين 8/2/2010
أكتب هذه الكلمات رغما عن قلمي الممتعض من كثرة النصائح التي يسديها المخلصون أو يلمز بها الشامتون إلى المقاومين وإلى المجاهدين على أرض فلسطين _دون جدوى_ بغية تدارك حالة التدهور الخطيرة التي آلت إليها أوضاع القضية بعد فتور قاتل في العمليات الجهادية.
فالجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي باتت أكثر من أن تحصر، ورقعة المعركة آخذة في الامتداد ولن يكون آخرها اغتيال القائد القسامي محمود المبحوح ، وعناوين الحرب متعددة وقائمتها طويلة والفاعل الوحيد في هذا النحو هو الصهاينة وحلفاؤهم في أكثر من موضع وتحت أكثر من عنوان وبالتالي هم من يحرز النتائج ويحقق الأهداف.
أيها الضاغطون على الزناد لا تحتاجون إلى التذكير بأن عشرات القتلى ارتقوا _إن شاء الله_ شهداء على أرض قطاع غزة وحدها منذ انتهاء الحرب المعلنة بتاريخ 17/1/2009م، ومئات الأسرى وقعوا في قبضة من يكيل لهم الإهانات ويسقيهم الذل بألوان عديدة، وعشرات المرضى قضوا جراء نقص الدواء وقلة الخبرات الطبية، واستمرار الحصار والقصف والتجسس والتوغل والمطاردات في البر والبحر.
فلا معنى لسلاح المقاومة إن بقي في مخازنه ولا قيمة له إن لم يمنع جرائم العدو ويردعه عن غطرسته ويحمي المستضعفين من شعبنا في بحر غزة وأراضيها الزراعية وقراها النائية، وفي جبال الضفة ووديانها الخصبة ومدينة القدس وأكنافها الطاهرة وكذلك أصحاب المنازل المدمرة في اللد والنقب؛ لا تعطلوه نرجوكم حتى لا يصبح كأسلحة الأنظمة العربية التي يأكلها الصدأ.
والله سبحانه وتعالى لم يكلفنا بأكثر من استطاعتنا بقوله: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" (60) سورة الأنفال.
ففي ظل استراحة المقاتل بل غفوته التي أعلنت عنها فصائل المقاومة الفلسطينية باسم "التوافق الوطني على التهدئة" تحت ضغوط شديدة كبيرة انطلقت جرذان الأرض من الصهاينة وأعوانهم تحفر تحت أساسات البيت الذي شيدناه من دماء قادتنا وعلى أشلاء علمائنا ومشايخنا حتى إنه ليكاد أن يخرّ فوق رؤوسنا إن لم يفق المقاتل من غفوته ويستعيد نشاطه وهمته.
لقد حان الوقت ليتنحى السياسيون عن قيادة البندقية ويندحروا إلى مخابئ العجائز وملاجئ الضعفاء فلا هم يشعرون بمرارة عيش المجاهدين ولا يحسون بغيض نفوس الثكالى وأهالي الأسرى وآلام الجرحى والمعاقين ؛ على الأقل هذا ما نلمسه ويظهر لنا.
ها أنتم قد استجبتم لألاعيب السياسة وأوقفتم جهادكم في وقت يحتاجه أهلكم أيما احتياج ، وأسكتم بنادقكم عن واجبها ، ورهنتم مستقبل شعبنا وأمتنا بما يمكن أن يحرزه السياسيون، ولكن ما الذي جنيناه سوى مزيد من الآلام والتجاهل وإدارة الظهر، وترسيخ لأقدام العابثين بأمننا المتعاونين مع عدونا على قتلنا وطردنا وذبحنا.
نعم لقد حان الوقت لتقييم الفترة القاسية التي مرت علينا بدون حماية من المقاومة وبدون جهاد يحقق الأمن ويدفع الظلم ويغير واقع القوى غير المتزن.
وإنني لا زلت أذكر تلك النشوة التي رفعت همتي وأنا أستمع إلى بيان كتائب عز الدين القسام الذي يمهل العدو الإسرائيلي مدة أسبوعين لوقف الحرب وسحب قواته ؛ على أن يتم خلالها رفع الحصار تدريجيا إلى أن يرفع نهائيا في غضون شهرين.
نعم كان وقف الحرب ورفع الحصار إنجازا مهما لو تحقق ؛ غير أن الحرب مستمرة تلهب بنيرانها المزارعين والصيادين والمقاومين الذين يرابطون عند الحدود ، والحصار يشتد مع مضي الأيام والجدران تقام لمنع الغذاء والدواء بمعية السلاح.
واليوم تطالعنا الأخبار بأن حالة من التوتر والغليان تسود الشارع المقدسي بعد اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو 60 مقدسيا من مخيم شعفاط ، وذلك إلى جانب ما شهده حي الشيخ جراح في ساعات الليل من اشتباكات بين المقدسيين والصهاينة الذين اعتدوا على مسنة مقدسية في الثمانين من عمرها.
وهذا الأمر الخطير أقل ما تتعرض إليه المدينة من جرائم صهيونية بحق أهلنا ومقدساتنا إذا اعتبرنا أننا لا نفكر في اقتلاع الاحتلال منها ونتعامل معه كأمرٍ واقعٍ يمكن للسياسة التي يرضى بها المجتمع الدولي واللجنة الرباعية أن تخرجه بدون عناء.
والحقيقة أنه لا عذر لأحد يقدر على المواجهة والمساهمة في صد العدوان الصهيوني في غزة وفي الضفة وفي مناطق سيطرة الكيان الصهيوني الكاملة ويقف مكتوف اليدين ينتظر غوثا من خارج البلاد أو حربا يفرض العدو تفاصيلها تهدم المزيد من البيوت وتقتل المزيد من الأبرياء وتحرق الأخضر واليابس وخسائرنا فيها أضعاف ما يخسر عدونا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في غزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق