الأربعاء، 24 مارس 2010

أوهامنا أقفال لأبواب الجهاد


ا.د. محمد اسحق الريفي

عندما يتعرض الشعب الفلسطيني أو المقدسات الإسلامية في فلسطين إلى عدوان صهيوني، تتعالى صرخات الغضب في وجه الحكومات العربية المتخاذلة، ولا سيما في مصر والأردن، وتطالب الجماهير العربية الغاضبة حكوماتها بفتح أبواب الجهاد، لنصرة الشعب الفلسطيني، وللدفاع عن مقدساتنا في القدس المحتلة وخصوصاً المسجد الأقصى المبارك، ولكن هذه الصرخات تذهب سدى، وينطفئ الغضب الشعبي، وتظل أبواب الجهاد في فلسطين مغلقة، فما حقيقة المطالبة بفتح أبواب الجهاد؟
 ليست الحكومات العربية هي وحدها التي تغلق أبواب الجهاد في فلسطين المحتلة، وأقصد هنا بالجهاد "الجهاد بالنفس"؛ عبر شن عمليات فدائية ضد العدو الصهيوني، انطلاقاً من الحدود الأردنية والمصرية واللبنانية والسورية، فالجهاد بالنفس أبوابه مغلقة، أما باقي أبواب الجهاد، فهي مفتوحة لمن أراد الجهاد بمفهومه الواسع ومقاومة المخططات الصهيوأمريكية، التي لا تستهدف فلسطين فحسب، بل تستهدف كل الوطن العربي.  أبواب الجهاد مغلقة لأن هناك من يريد لها أن تظل مغلقة، ولأن هناك من يتلطى وراء مقولة "أبواب الجهاد مغلقة"ويتخذها ذريعة لتنصله من المسؤولية القومية والدينية والإنسانية تجاه قضية فلسطين والشعب الفلسطيني؛ بل تجاه الأمة العربية والإسلامية!
 إن مواجهة العدو الصهيوني على كافة الأصعدة وفي كافة الميادين يجب أن لا تتوقف أو تفتر؛ لأن العدو الصهيوني مدعوماً من الغربيين والأمريكيين خصوصاً، لا يكف عن مواصلة تنفيذ مخططاته الصهيونية الهادفة إلى إقامة دولة يهودية على أنقاض فلسطين وإنهاء وجود الشعب الفلسطيني وإزالة المقدسات الإسلامية من القدس المحتلة؛ تمهيداً للهيمنة الصهيوأمريكية على الوطن العربي كله.  فالتنكيل بالشعب الفلسطيني لم يتوقف منذ إنشاء الكيان الصهيوني السرطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، ولم تتوقف عمليات نهب الأرضي الفلسطينية وضمها لهذا الكيان الغشوم وبناء المغتصبات اليهودية والصهيونية عليها، ولم تتوقف عملية تهويد القدس المحتلة تهويداً شاملاً، ولم تتوقف عمليات تمزيق التواصل الجغرافي بين مدن الضفة الغربية وقراها، وبين كل المناطق التي لا يزال الشعب الفلسطيني صامداً فيها رغم المعاناة القاسية والعدوان الصهيوني المتواصل.
 إذاً لماذا نتوقف نحن العرب عن مواجهة العدو الصهيوني وننتظر عشرات السنين حتى تفتح لنا الحكومات العربية أبواب الجهاد دون جدوى؟
 الإجابة على هذا السؤال تتضمن إشارة لا بد منها إلى خلل كبير في الوعي السياسي لدينا نحن العرب، فنحن العرب نعول لحل قضية فلسطين (والذي يجب ألا يعني لنا سوى تحرير فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني) نعول على أوهام أكثر من تعولينا على جهودنا الذاتية، فنحن نعول على التسوية السياسية وما يسمى "عملية السلام"، ووعود الدول الغربية؛ مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، والقمم العربية وقرارات جامعة الدول العربية، وتغيير الولايات المتحدة لسياستها تجاه قضية فلسطين، وما يسمى "حل الدولتين"، وقرارات ما يسمى "الشرعية الدولية"... وهكذا.  هذه الأوهام التي نعول عليها هي التي تغلق أبواب الجهاد بالنفس أمامنا، وتمنح العدو الصهيوني وقتاً كافياً لبناء كيانه وجيشه والموساد واختراق العالم العربي أمنياً؛ عبر تكوين شبكات التجسس التابعة للموساد في كل الدول العربية، إضافة إلى تنفيذ مخططاته في إطار ما يسمى "المشروع الصهيوني" وقلع وجود الشعب الفلسطيني من جذوره.
وبعبارة أخرى؛ بينما لا يتوانى العدو الصهيوني لحظة عن تنفيذ مخططاته الشيطانية، ننتظر نحن العرب فتح أبواب الجهاد أمامنا!
 هذه الأوهام هي الأقفال الصدئة التي تغلق بها الحكومات العربية المتخاذلة والمتواطئة أبواب الجهاد، والكثير من العرب مع الأسف الشديد، يستكينون لهذه الأوهام والأقفال والحكومات، ويتجاهلون حقيقة الارتباط العضوي والوظيفي بين هذه الحكومات والأنظمة من جهة، وبين المشروع الصهيوني ومشاريع الهيمنة الصهيوأمريكية الأخرى الخاصة بمنطقتنا العربية والإسلامية من جهة أخرى!  وهذه الأوهام هي الجدر التي وضعناها بأنفسنا أمامنا وحاصرنا بها أنفسنا، فحالت هذه الأوهام والجدر بيننا وبين المواجهة العسكرية مع العدو الصهيوني، وهي مواجهة حتمية لا يمكن تجنبها أو تأجيلها إذا أردنا الدفاع عن فلسطين وأمتنا.
 قد يعد بعض الناس هذا التوجه تطرفاً، وهذا ليس غريباً في زمن صار الجهاد فيه عنفاً يخجل من الحديث عنه كثير من الناس والعلماء والدعاة المسلمين!  لذلك لا بد من التخلص من هذه الأوهام والتصدي في كل الميادين للعدو الصهيوني وأهمها الميدان العسكري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق