السبت، 30 يناير 2010

هل سيحدد العراق مصير العلاقة السورية الإيرانية ؟


صباح علي الشاهر
   ثمة مفارقة تبدو غريبة لأول وهلة في موقف النظامين الحليفين سوريا وإيران من النظام العراقي الحالي .... سوريا وإيران تتفقان في كل شيء تقريباً بإستثناء الموقف من حكومة المنطقة الخضراء.
 فهذه الحكومة تحضي بكامل الدعم من طهران، ليس لأسباب طائفية فقط كما يتوهم البعض، وإنما لحسابات أخرى لا يصعب تلمسها، فإيران لا تدعم الشيعة فقط بل تدعم السنة الكرد والعرب الذين هم على علاقة جيدة بها، يضاف إلى هذا أن ثمة الكثير من الشيعة العراقيين الذين يناصبون النظام الإسلامي العداء .
 في حين تتسم العلاقة بين دمشق وبغداد ليس بإضطراب كما كان يبدو سابقاً، وإنما بالعداء المستحكم، والذي يترجم إلى مواقف بالغة الحدة .
 وهذا العداء لا يندرج ضمن المواقف الطائفية ، إذ أن قيادة سوريا ليست من القيادات المعادية للشيعة، فهي في الأغلب علوية، والعلويون أقرب إلى الشيعة إن لم يكونوا شيعة حصراً.
وهي إذ تحضي بتأييد بعض الشيعة والسنة العراقيين، فإنها أيضاً تواجه بعداء بعض الشيعة والسنة العراقيين أيضاً، لذا فإن تفسير الخلاف على أنه خلاف طائفي يبدو تفسيراً متهافتاً وقميئاً ، لا يصمد أما الوقائع والأحداث.
ومن أجل تتبع بدايات هذا الموقف الملتبس سنضطر إلى الرجوع ثلاثين عاماً إلى الوراء .
وقتها كانت الحرب العراقية الإيرانية قد إنطلقت .... ومع إندلاع الحرب وقف العرب بأغلبيتهم إلى جانب العراق، ووقفت سوريا، ربما لوحدها , إلى جانب إيران، فيما كان موقف ليبيا والجزائر محايداً إلى حد ما.
 في تلك الفترة إحتضنت سوريا المعارضين للنظام العراقي، وكذا الرافضين للحرب، ودعمتهم، ونظمتهم في جبهات، مثل جود وجوقد،  ولم يكن العرب كل العرب بوارد الإهتمام بأي معارض عراقي، لا بل كانوا يشددون الخناق على أي شخص تدور حوله شبه بكونه معارضاً ، بإستثناء ليبيا والجزائر واليمن الجنوبي ، حيث إحتضنت هذه الدول المعارضين اليساريين الهاربين من الملاحقة والمتابعة، علماً بأن الغالبية العظمى من هؤلاء كانوا من أصحاب الكفاءات ، بحيث أنهم خدموا في كل بلد من هذه البلدان ضمن إختصاصاتهم .
أما إيران فقد أهتمت بتنظيم العراقيين المبعدين بحجة التبعية الإيرانية، وبعض الشخصيات الإسلامية الهاربة إلى إيران بعد أن شن النظام حملة شعواء على التنظيمات والحركات الشيعية، وأثناء الحرب جندت الأسرى أيضاً، بحيث ما أن إنتهت الحرب حتى كان لدى إيران تنظيمات موالية تتحين الفرص للعودة للعراق، في حين أن العراق بدوره دعم مجاهدي خلق.
أثناء الحرب وبعدها لم ينتظم المعارضون، ولم يتحركوا بشكل علني، ولم يُقيموا مقراتهم ، إلا في بلدين هما سوريا وإيران، وعدن بالنسبة للشيوعيين.
وجاء دخول العراق الى الكويت ، ثم إخراجه منه بحرب مدمرة، ثم أحداث الإنتفاضة ، وشهدت رفحا وجود عشرات الإلوف من اللاجئيين العراقيين الذين لم تستثمر السعودية وجودهم ، فتناوشتهم دول الغرب ، أما من ظل في السعودية فقد أساءت  السعودية معاملته .
في فترة إحتلال العراق للكويت حاولت الدول النفطية وتحديداً السعودية التأثير على بعض الشخصيات المعارضة ، لكن عملها إقتصر على تزويد هذه الشخصيات بملايين الدولارات مكتفية بشراء ولاء هذه الشخصيات التي لم يكن لها أي تأثير في الوسط العراقي المعارض ، والتي سينقلب ولاؤها فيما بعد لأمريكا، وستصبح السعودية تابعاً لما تقرره أمريكا ، تنفذ ما يقرره موفدوها، وكان آخر عمل تحشيدي كبير بإشراف سوري، هو مؤتمر بيروت .
 بعدها إنتقل ثقل المعارضة إلى أمريكا وأوربا ، وإلى لندن تحديدا، وحتى إلى ما قبل حرب إحتلال العراق بإسبوعين كان حزب الدعوة والحزب الشيوعي العراقي ، والتيار القومي مع قيادة قطر العراق لحزب البعث ( التنظيم السوري) ضد الحرب ، وضد محاولات أمريكا إحتلال العراق، ولكن الدعوة والشيوعي تنكرا لإتفاقهما مع قيادة قطر العراق وأتجها إلى التعاون الكامل مع أمريكا ، بإدعاء أن الحرب قائمة قائمة ، وإن الإحتلال حاصل ، لذا لا بد أن يكون لهما موقع في العراق الجديد  يستطيعون عبره ومن خلاله خدمة الشعب !. 
القيادة السورية أعلنت موقفها مبكراً ضد الحرب ، وضد إحتلال العراق ، لكن هذه القيادة فقدت تأثيرها على المعارضة العراقية ، أو الجسم الأكبر من هذه المعارضة الذي غادرها ، وغادر نفوذها، والتحق بالزاحف على بغداد، ليستلم منه حكم البلد شكلياً .
وإذ فقدت القيادة السورية سطوتها وتأثيرها على معارضة الأمس التي كانت رهن إشارتها ، فإنها باتت تطمح إلى إستثمار قوى المعارضة الحالية للإحتلال ولعمليته السياسية، وكذا المقاومة.
ومن المؤكد أنها تمني النفس بأن ترث حزب البعث العراقي كله، وليس مستغرباً أن الجناحان المختلفان، والمتخاصمان في حزب البعث العراقي، يعملان وينشطان في سوريا .
سوريا بهذا المعنى تريد أن تكون لاعباً في عراق المستقبل ، بعد زوال الإحتلال ، وهي لن تكون لاعباً عبر حلفاء الأمس الذين خانوها ، لذا فهي تنسج حلفاء جدد .
أما إيران فقد دفعت حلفاءها وأتباعها إلى العمل مبكراً مع الأمريكان ، وهي الآن اللاعب الرئيس بعد الأمريكان ، ولا تريد أن يشاركها أحد بعد زوال ألإحتلال، حتى ولو كان هذا الشريك حليف عتيد كالحليف السوري .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق