الاثنين، 25 يناير 2010

فشل ميتشل يستدعي اشراك الاتحاد الاوروبي كوسيط لحل النزاع في الشرق الاوسط





 المحامي / لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا

سئمنا وسئم الرأي العام العربي والفلسطيني مساعي السيناتور جورج ميتشل المبعوث الامريكي لمحادثات السلام في الشرق الاوسط لكونه وادارته لم يتخذوا موقفا واضحا اتجاه اسرائيل الطفل المدلل ، حيث بات واضحا موقفه من خلال مجادلاته وايحائاته للمجتمع الدولي بأن العقدة من الطرفين مستندا إلى حالة الضياع التي تعيشها الدول العربية بعدم وجود خطة استراتيجية لاعادة الاراضي المحتلة إلى حضن الوطن العربي ، وتيقن الادارة الامريكية والحكومة الاسرائيلية بأن ليس هنالك حل او خيار أمام العرب إلا التفاوض ، واستدراكهم بعدم وجود أي دولة في العالم تستطيع أن تلعب الدور الذي تلعبه الادارة الامريكية في المنطقة ، حيث بات عبثا وبلا جدوى البحث عن بديل .
لقد كانت جولة ميتشل التاسعة مجرد جولة لاثبات الوجود وقطع الطريق امام الاتحاد الاوروبي بعدم اخذ زمام المبادرة للعب في المنطقة بدلا من الادارة الامريكية التي اصبحت لا تسطيع تحريك ساكن بسبب انحيازها الكامل للكيان الاسرائيلي ، كونه لم يكشف عن خطة سلام امريكية او اجندة لتحريك العملية التفاوضية ، ولم يكن يحمل ايضا في جعبته رسائل ضمانات من شأنها اقناع الرئيس محمود عباس بالعودة إلى المفاوضات ، نظرا لكون ورقة الضمانات في حال وجودها ستضمن اعتراف الاسرة الدولية بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ، وهذا ما لن تقبل به الحكومة الاسرائيلية وخاصة وانها تعتبر القدس هي عاصمة موحدة للكيان الصهيوني ، ومن جانب اخر يعتبر ميتشل وادارته أن ورقة الضمانات من شأنها أن تعزز موقف الرئيس محمود عباس مما تجعله يتشدد في موقفه وتمسكه بمرجعيات العملية التفاوضية اكثر من السابق .
لا شك بأن للولايات المتحدة الامريكية هدفا استراتيجيا في حل الصراع والنزاع الاسرائيلي الفلسطيني بل حل النزاع في منطقة الشرق الاوسط ولكن وفقا للاءات شارون ومن بعده نتنياهو ، كنتيجة لحالة الترهل العربي وابتعاد الانظمة العربية عن اشراك خيار التفاوض وتعزيزه بخيارات اخرى وخاصة وان استرداد الارض بحاجة إلى حلول عملية لاعادة ثقة الشعوب العربية بأنظمتها الحاكمة واخراجها من حالة اللامبالاة ، وهذا لن يكون إلا بالضغط على المجتمع الدولي بتبني المبادرة العربية كخيار وحيد للسلام في منطقة الشرق الاوسط  بتعزيز الضغط الدبلوماسي بضغط اقتصادي وسياسي وشعبي بإعتراف الانظمة العربية بخيار المقاومة المسلحة في حالة اخفق المجتمع الدولي بضغطه على الحكومة الاسرائيلية .
أن تحقيق السلام عبر مساعي جورج ميتشل صعبة المنال في ظل دعم الادارة الامريكية للحكومة الاسرائيلية و تمسك الاخيرة بالحفاظ على مكتسباتها العسكرية المتمثلة في سيطرتها على الاراضي المحتلة عام 1967م ، وتجاهلها لكل الاتفاقيات الموقعة ولقرارات الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي فيما يخص حل النزاع في منطقة الشرق الاوسط ، وتجاهلها لمرجعيات العملية التفاوضية وتمسكها وتعزيزها لسيطرتها على الاراضي المحتلة بإقامة المستوطنات وتوسيع القائم منها لفرض واقع جديد على الارض ، بل بالعكس عمدت على وجود شروط اخرى تجعل من تحقيق السلام في منطقة الشرق الاوسط شيئا محالا ، وخاصة وأن عملية السلام في المنطقة قائمة على اسس مباديء مؤتمر مدريد للسلام القائم على مبدأ الارض مقابل السلام ، والذي تسعى اسرائيل لوأده من خلال لائتها المتمثلة لا لتجميد المستوطنات ولا لتقاسم القدس ولا لحدود عام 1967 ولا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين ، مضافا إليهم شرطا جديداً وهو الاحتفاظ بوادي الاردن وسيطرة عسكرية اسرائيلية حول الدولة الفلسطينية في المستقبل .
ان ضغط الادارة الامريكية على الجانب الفلسطيني بهدف استئناف العملية التفاوضية دون أن تقدم الحكومة الاسرائيلية على اتخاذ خطوات محددة للبرهنة على حسن نواياها بإستئناف التفاوض على الاسس المطلوبة هو سبب اخر لفشل مساعي متيشل ، مضافا عليه تصريحات اوباما لمجلة تايم التي عبر بها عن فلسه ، بتحميله الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني فشل استئناف المفاوضات ، بعدم اتخاذهم خطوات جريئة لدفع علمية السلام ! ، هل يريد اوباما وادارته تنازلا اكبر من 78% من فلسطين التاريخية ، ان الرغبة الامريكية بتحقيق سلام في المنطقة لن يكون في ظل تحالف اسرائيلي امريكي على المنظومة العربية ضاغط في اتجاه تقديم تنازلات عربية مقابل اوهام و وعودات اسرائيلية بلا ضمانات امريكية او دولية وخاصة وان تحالفهم هذا يشكل العقبة الكبرى نحو تحقيق السلام في المنطقة برمتها .
أن مبالغة الرئيس اوباما في تقدير قدراته على احداث التسوية السياسية المتمثلة بإنهاء الصراع القائم في منطقة الشرق الاوسط في خطابه الشهير في جامعة القاهرة واخفاقه في تنفيذ الحد الادنى من وعوداته التي قطعها على نفسه وخذلانه للرئيس محمود عباس ، معلقا فشله على البيئة السياسية المتمثلة بطبيعة التحالفات الحزبية القائمة عليها الحكومة الاسرائلية ولحالة الانقسام داخل المجتمع الفلسطيني  لهو مؤشر اخر على فشله وادارته لتحقيق السلام في منطقة الشرق الاوسط .
أن منطقة الشرق في الاوسط في حاجة ماسة ليلعب الاتحاد الاوروبي دورا سياسيا هاما في العملية السياسية كشريك اساسي في صنع السلام في المنطقة بجانب الوسيط الامريكي لعدم قدرته في المرحلة القادمة من لعب دور اكثر ايجابية من سابقه وخاصة في ظل الكارثة السياسية التي بلي بها الرئيس اوباما وادارته كنتيجة لخسارة الديمقراطيون للاغلبية في مجلس الشيوخ بعد انتخابات ولاية مساشوستس التي فاز بها الحزب الجمهوري والذي يعتبر ضربة شديدة للديمقراطيين كونه حرمهم من اغلبية الثلثيين الكافية لمنع الجمهوريين من تعديل الاجندة التشريعية للديمقراطيين في مجلس الشيوخ .
وهذا برأي يشجع الانظمة العربية بإنتهاز الفرصة بطرح المبادرة العربية بقوة كخيار اوحد لحل النزاع القائم في منطقة الشرق الاوسط في ظل موقف اوروبي اكثر تأييدا لقرارات الشرعية الدولية واكثر دعماً للاتفاقيات الدولية الموقعة ، وخاصة وان هنالك رؤية في العواصم الاوروبية لشن حملة دبلوماسية كنتيجة لفشل ميتشل في جولته التاسعة من اجل الانتقال إلى المحافل الدولية ومجلس الامن الدولي لاستصدار قرار يؤكد على الثوابت وعلى أن غرض المفاوضات هو قيام الدولة الفلسطينية ، ودعم خطة رئيس الوزراء الفلسطيني دكتور سلام فياض الساعية إلى بناء مؤسسات الدولة بغض النظر عما يحصل في المسار السياسي لما لهذا القرار من تثبيت صورة الحل وهدف الشرعية الدولية وان كان تنفيذه في حاجة إلى مفاوضات ولكننا نرى فيه دعما لثوابتنا الفلسطينية التي بحاجة إلى دعم جالياتنا العربية والاسلامية في الاتحاد الاوروبي وامريكا  لما لهذه الجاليات من دور هام يمكن أن تلعبه ، وجله عدم ترك الساحة خالية  للوبي الصهيوني ليجول ويسعى لتحويل مسار المساعي الاوروبية بإستصدار قرار مجلس الامن لينصب لصالح الكيان الصهيوني في حالة اتخاذ الدول الاوروبية لحملتهم المذكورة .
كما لا شك بأن للاحزاب السياسية في الدول العربية والاسلامية من دور هام ممكن ان تلعبه لنصرة القضية الفلسطينية من خلال نشاطاتها الدبلوماسية وعلاقاتها الخارجية مع الاحزاب الاوروبية والامريكية الصديقة والمؤثرة في بلدانها الداعمة لنضالات امتنا العربية وقضيتنا الفلسطينية القضية الام لكل أحرار العالم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق