الاثنين، 22 فبراير 2010

إسرائيل وحماس وبينهما الخلفان

لا تزال قضية نجاح شرطة دبي في كشف ' عورة' جهاز الموساد الاسرائيلي تحتل حيزا واسعا في الاعلام العالمي ، لم تزحزها كمية كبيرة من الأخبار ذات الأهمية السياسية ، كما يجري في العراق وإنتخابات تشوبها شوائب بلا حصر ، خاصة ضد ' الفريق السني ' في قوائم الانتخابات ، كما حرب أمريكا وحلفائها في أفغانستان ، وقيام الوقح نتنياهو بوضع ' الحرم الابراهيمي' في الخليل و'قبر راحيل ' في بيت لحم كمواقع أثرية في إسرائيل ، فيما الانهيارات باتت تتزايد في مدينة القدس والصمت يلفها .. وأوروبا تبحث الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإن جاءت من طرف واحد .. أحداث تأتي من كل حدب وصوب ، لكن 'فضيحة الموساد' بأيد عربية لا تزال تتألق وتكشف كل يوم جديد يثير الدهشة والاعجاب ..

منذ إغتيال المبحوح بقرار إسرائيلي ، شارك به نتنياهو كما أشارت صحيفة ' صاندي تايمز' البريطانية ، وإسرائيل تعيش أزمة لم تشهدها منذ تأسيسها مع ' جهازها الأمني' رغم شهودها فضائح عديدة لعمل هذا الجهاز الذي شكل يوما ' مصدر فخر' للاسرائيلي ، فبات اليوم 'مؤشر عار' لدولة تباهت بما لديها .. ولن ينفع كل ' الكلام' الاسرائيلي عن مقتل المبحوح لستر عورة الموساد الذي سقط بالضربة القاضية بكاميرات الامارة العربية التي نفتخر بها ، دون أن تطلب ذلك ولا تسعى له ، فعملها يأتي في سياق ما يجب القيام به لحماية ' أمن الوطن والمواطن' حقا قولا وفعلا ، ولا تتحدث وسائل إعلامها عن 'بطولات خارقة' لحاكمها ومن يلتف حوله ، بل أنه لم يتحدث من أركان الحكم أحدا ، وفقط تحدث الرجل الذي بات محل فخر عربي دون إستذان أو توسل ..

دروس لا تنتهي مما فعلته الإمارة العربية ضد إسرائيل التي تحاول لملمة 'فضيحتها المدوية' دون جدوى ، كما هي دروس لدول أوروبا التي يبدو أنها ليست بريئة من تلك ' الفضيحة' بغض النظر عما يصدر عن بعض منهم ، لكن دلائل الإمارة ' أنصع بياضا' وأكثر إقناعا من أقوال رسميين أوروبيين لتبرير 'تعاون من الباطن' مع جهاز الموساد في إرتكاب عملياته الخاصة ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، وربما تحاول دول أوروبا 'التكفير' عن أفعالها بالمسارعة للحديث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية مبكرا وقبل نهاية التفاوض ..

ووسط الحضور الايجابي الطاغي لدلائل الامارة ضد الموساد وأعوانها ومنهم من أبناء جلدتنا ، كما يبدو من بعض الكلام الامارتي ، تحاول إسرائيل التهرب من المسؤولية تحت 'ذريعة مضحكة' أن الدلائل غير كافية وغير مقنعة على قيام إسرائيل بهذه العملية ، علما بأن كل إسرائيل تقريبا باتت تتبرأ من هذه العملية ليس لأنهم أبرياء من الفعلة ذاتها ، بل للعار الذي لحقهم جراء ما نشرته شرطة دبي من صور وشرائط غير مسبوقة في عالم ' الأمن' لمعرفة الجريمة .. ولذا فالتهرب الاسرائيلي كان 'مهزلة' إضافية لمهزلة التنفيذ ذاته ..

ولكن ما أثار الدهشة فعلا تصرفات حركة حماس تجاه أقوال السيد خلفان قائد الشرطة في دبي صاحبة ' الإنجاز' المفخرة ، عندما طالب حماس بالبحث عن ' القاتل الفعلي' في صفوفها ، وهو قول لم يأت مناكفة لحركة حماس ، وليس تجنيا بقدر ما جاء توضيحا لسير التحقيق الذي لا زال مستمرا ، وهو قول كان لا بد لحماس أن تتعامل معه بكل ' ثقة' سياسية و' أمنية' ليس لما مضى بل لما يمكن أن يأتي من داخلها لاحقا ضد قيادات أخرى ، فرد فعل حماس على قول الخلفان كشف هشاشة موقف دفاعي لا يستقيم مع ' وعود وقسم الانتقام لروح الشهيد' ، ومؤشر الخلفان كما اعتقال فلسطيين آخرين لا يعني تهمة عامة ، والكل يعرف أن الاحتلال الإسرائيلي نحج عبر عشرات سنين الاحتلال ، ولا زال، في إسقاط المئات من أبناء الشعب الفلسطيني ليعملوا جواسيسا له ، وهي ليست ظاهرة فلسطينية ، فالعالم يشهد دوما ظواهر الاسقاط والتجسس ..

كان الأجدر بحركة حماس (ليس كما سارع محمد نزال وأبو زهري بتصدير الاتهامات وهما يضعان رجلا فوق أخرى) ، أن تستمع بهدوء كامل لما قاله الخلفان ، وليس أن تجادل في صحة الرواية الامارتية، فتكذيب حماس لقول الخلفان سيمنح إسرائيل ذات الحق للنفي والتشكيك بالرواية كاملها .. وسواء أدركت حماس أم لا تدرك أن سلوكها هذا لا يخدم سوى إسرائيل فقط .. فأي تشكيك برواية الخلفان الآن مهما كانت ' الذريعة' هو خدمة مجانية لجهاز الموساد واسرائيل ...

على حماس وقادتها أن ينتبهوا جيدا لما يقولون ولعل الصمت أكثر حكمة وبلاغة في هذه الفترة ، طبعا لو كان المبحوح حقا يستحق منهم ذلك ..

ملاحظة : 'فعلة نتنياهو' يوم أمس تشكل أعلى درجات الاستهتار بالمشهد الفلسطيني ، وكأنها محاولة 'ثأر' لفضيحة الموساد .. المسألة لا تحتاج بيانا فحسب ..

تنويه خاص : وقع أسامه حمدان في كمين إعلامي عندما أنكر أن الزهار طالب بتسليم فلسطينيين لحماس .. الزهار قالها صوتا وصورة .. مسكين حمدان غلطة الشاطر بألف وخيرها في غيرها .. لاتحقد على ابو خالد

حسن عصفور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق